تعد منطقة الساحل الأفريقى واحدة من المناطق الأكثر التهابا فى العالم نتيجة تمركز عدد ليس بالقليل من الجماعات والحركات الإرهابية والمتطرفة، هذا إلى جانب عدد ليس بالقليل من العصابات الإجرامية والجريمة المنظمة، ما كان سببا فى إعلان قادة جيوش النيجر ومالى وبوركينا فاسو المنضوية فى إطار تحالف «دول الساحل»، فى نيامى عن تشكيل قوة مشتركة لمحاربة التنظيمات الإرهابية التى تشن هجمات فى الدول الثلاث.


وقال رئيس أركان القوات المسلحة النيجرية الجنرال موسى صلاح برمو فى بيان صدر بعد اجتماع مع نظيريه فى نيامي، إن القوة المشتركة لأعضاء تحالف دول الساحل ستبدأ النشاط فى أقرب وقت ممكن للتعامل مع التحديات الأمنية فى منطقتنا.
وفى بيان بثه التليفزيون ٦ مارس ٢٠٢٣، قال بارمو: إن «قوة العمل الجديدة ستعمل فى أقرب وقت ممكن لمواجهة التحديات الأمنية»، لكنه لم يقدم مزيدًا من التفاصيل حول حجم القوة أو صلاحياتها.
وأكد الجنرال برمو: «نحن مقتنعون بأنه من خلال الجهود المشتركة لبلداننا الثلاثة، سننجح فى تهيئة الظروف للأمن المشترك".
وشدد على أن «الجيوش الثلاثة تمكنت من تطوير مفهوم عملياتى سيجعل من الممكن تحقيق الأهداف فيما يتعلق بالدفاع والأمن فى الأراضى الشاسعة للدول الثلاث".
وتفاقم العنف فى المنطقة، الناجم عن القتال المستمر منذ ١٠ سنوات مع جماعات إرهابية مرتبطة بتنظيمى «القاعدة» و"داعش".
ووفقًا لتقارير أمريكية قتل فى العام الماضى أكثر من ٨٠٠٠ شخص فى بوركينا فاسو وحدها، ووصل العنف إلى أعلى مستوياته فى عام ٢٠٢٣، مع ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن الصراع فى منطقة الساحل الوسطى بنسبة ٣٨ بالمئة مقارنة بالعام السابق.
وكانت النيجر ومالى وبوركينا فاسو قد شكلت تحالف دول الساحل فى سبتمبر الماضي.
وأعلنت الدول الثلاث فى نهاية يناير الماضى أنها ستنسحب من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس".
وفى الأسبوع الماضي، قتل ١٧٠ شخصًا على الأقل فى سلسلة هجمات إرهابية فى شمال بوركينا فاسو، وفقًا للمدعى العام على بنجامين كوليبالي. 
وقال كوليبالي: إن «فريقًا من مكتب المدعى العام زار القرى المتأثرة، حيث شهدوا آثار سلسلة من الهجمات الضخمة فى إقليم ياتينجا".
وفى الأسبوع الماضى أيضًا، لقى ٢٩ مصليًا حتفهم فى هجومين منفصلين على كنيسة ومسجد. وتنشط العديد من الجماعات الإرهابية فى شمال بوركينا فاسو، ومن بينها جماعات موالية لتنظيمى «داعش» و«القاعدة".
المصالح المتبادلة
ويشكل هذا التحالف خروجا كبيرا عن الماضي، عندما كان يتم الاعتماد على الدول الأخرى لمحاربة الإرهاب. والآن تريد هذه الدول الأفريقية أن تأخذ زمام المبادرة فى مكافحة هذه المشكلة وأن تتمتع بقدر أكبر من الاستقلال فى هذا الصدد.
وقد شاركت دول مختلفة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا فى وحدات فى منطقة الساحل وفى بعثات، على سبيل المثال، من قبل الاتحاد الأوروبي، للحفاظ على النظام ومنع نشاط المنظمات الإرهابية والإجرامية فى المنطقة. 
خطوة مهمة
اتخذت هذه الدول خطوة مهمة بعدما هددت هذه الجماعات الإرهابية جميع أنحاء منطقة الساحل الوسطى التى تعانى من الهجمات الإرهابية والأنشطة الإجرامية التى تمارسها العصابات المنخرطة فى جميع أنواع العمليات غير المشروعة، بما فى ذلك الاتجار بالبشر.
وقطعت هذه الدول علاقاتها مع الشركاء الآخرين، مثل: فرنسا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) التى دعمتها فى هذه الحرب ضد الإرهاب من أجل تشكيل اتفاق خاص بها فيما بينها والبحث عن حلفاء آخرين.
ويكشف التحالف الجديد عن تغيير فى طريقة الاعتماد على القوى الخارجية لمواجهة الإرهابيين، والتحول من الاعتماد على فرنسا إلى الرهان على دور لاعبين جدد فى المنطقة مثل روسيا فى هزيمة المتطرفين من خلال مجموعة فاجنر، شركة عسكرية خاصة فى خدمة الكرملين مسئولة عن مساعدة الجيوش المحلية وتدريبها على أنشطة حرب العصابات، كما أشار العديد من المحللين.
يرى العديد من الخبراء أن روسيا ستشرف على تشكيل وتنظيم هذه القوة، مما سيضفى شرعية على وجودها فى هذه الدول ويوضح دور روسيا الذى كان غامضا إلى حد ما بسبب الوجود العسكرى المزعوم لمجموعة فاجنر فى القارة الأفريقية.
قد يكون لدى كل من روسيا والصين فرص تجارية كبيرة فى القارة الأفريقية، التى تتمتع بموارد طبيعية ومعدنية كبيرة تهم هذه الدول والتى يمكن أن تزود مختلف البلدان الأفريقية بموارد معينة.
وأشار كيستر كين كلوميجا، الباحث فى الشئون الأفريقية، فى تقرير نشرته مجلة Modern Policy إلى أنه "بالنظر إلى عدم الاستقرار المزمن فى معظم أنحاء أفريقيا والاهتمام القوى بالحصول على المعدات العسكرية لمعالجة المشاكل الأمنية المتزايدة، فقد تم تهيئة ظروف سوق قوية لروسيا". التى تسمح لها بتنويع صادراتها من الأسلحة إلى أفريقيا. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: منطقة الساحل الاعتماد على هذه الدول

إقرأ أيضاً:

الحل فى الصندوق «١»

نعم الوضع الإقتصادى فى كل العالم متعثر، لكن لا يمكن تجاهل أن أوضاع المواطنين بتلك الدول أفضل كثيرا من وضعنا وبالأرقام، فمصر فى مؤخرة الدول العربية بالنسبة لدخل الفرد ورقم ٩٥ عالميا فى تصنيف هذا العام العالمى، متوسط دخل المواطن المصرى الشهرى ١١٧ دولار مقابل ٤٠٤٧ دولار المتوسط الشهرى عالميا، وهذا فارق مهول مهما حسبنا قيمة الدولار بالجنيه المصرى، ويزداد الفارق تغولا مع معرفة الخدمات والتيسيرات والمساعدات التى تقدمها هذه الدول للفقراء ومحدودى الدخل لتخفف من حدة احتياجاتهم أمام إرتفاع أسعار السلع والخدمات.
لقد أصبح حال أغلب الأسر المصرية فى وضع يرثى له، وتآكلت الطبقة المتوسطة التى كانت رمانة الميزان فى المجتمع والجسر المجتمعى الصالح بين الأثرياء والفقراء، واكتظت الشوارع بالمتسولين وأصبح رب كل أسرة يتمنى لو تخلى عن الحياء والتعفف ونزل الشارع لينضم إلى صفوف المتسولين عسى أن يكمل نفقات بيته وقد صارت المعادلة بين راتبه ومتطلبات بيته مثل مسألة لوغاريتمات لشخص لم يدرس الحساب أبدا ومستحيل عليه حلها، بجانب أن الحكومة لا تستمع لأراء وأفكار خبراء الإقتصاد الوطنيين لحلحلة المشاكل الإقتصادية والمالية وإنقاذ قيمة الجنية الذى صارت فضيحته «بجلاجل» بين كل عملات العالم تقريبا، صارت نظرة الناس للمستقبل معتمة وأصبحت وجوههم مكفهرة لا يفارقها العبوس ولا يسرى عنهم خبرا مفرحا مرتقبا، أصبح الأثرياء يبعثرون الملايين من أموالهم فى الهباء والهواء على الحفلات والافراح واقتناء سيارات ومجوهرات وتحف بالملايين، دون رادع من ضميرهم ليستفزوا أكثر الفقراء البسطاء المعقدين، دون التفكير لحظة فى وقع ما يفعلون على أنفس هؤلاء، وتسببهم فى تأليب الحقد والكراهية الجمعية ضدهم، متجاهلين من قبل وبعد أن الله سيسألهم عن أموالهم من أين كسبوها وفيما أنفقوها، أما وكل هذه المعطيات التى أصبح مجتمعنا يضج بها ويئن بسببها فى صمت أو تصرخ بها خناقات الأزواج والزوجات ويثرثر بها الشباب العاطل على المقاهى وهو يجتر آلامه ويزدرد أحلامه مع رشفات الشاى المغشوش والقهوة المرة، أما وقد أصبحت الحكومة لا تحتملنا، وعاجزة أمام مشاكلنا واحتياجاتنا، وتتمنى لو هاجر الشعب على قوارب مطاطية إلى أى من دول العالم، أما وكل هذا يحدث الأن، لم يعد امامنا فى تصورى المتواضع حل سوى الصندوق.
لا تنزعج عزيزى القارئ حين أقول الحل فى الصندوق، لا والعياذ بالله لا أقصد صندوق -الهم- النقد الدولى، ولا أقصد الصناديق الخاصة التى يشوب أغلبها الشبهات ولم تقدم المأمول من المساعدات للمواطنين لأن جل أموالها يذهب إلى رواتب ومكافآت وحوافز للقائمين عليها، ولا أقصد كذلك صناديق الجمعيات الخيرية التى لا تخلو أيضا من الشبهات حول مسارات أموالها الواردة والصادرة، بالطبع لا أقصد تلك الصناديق، بل أقصد هنا الصندوق الأهلى والصندوق الأسرى.
وللتوضيح، فى الدول الغربية يتم إنشاء صناديق أهلية لتقديم المساعدات المالية والعينية للفئات المحتاجة والفقيرة، هذه الصناديق تشبه «الجمعية»، حيث يقوم الأثرياء وأصحاب الشركات والمؤسسات بالتبرع بمبالغ كبيرة فى هذا الصندوق، ومنهم من يقدم عقارا أو شيئا ثمينا ليباع ويدخل ضمن رأس مال الصندوق، هذا الصندوق تودع أمواله فى البنك للحصول على فائدة جيدة، ويمكن استثمار جانب من هذه الأموال لمضاعفتها، ويمكن أن يشارك المواطنون من متوسطى الحال بمبالغ بسيطة مقابل أسهم فى هذا الصندوق والذى يخضع لإجراءات ولوائح قانونية محددة حتى لا يتم نهب أمواله أو التلاعب بها بعيدا عن الشفافية.
هذا الصندوق يمكن إنشاءه فى كل قرية، مركز، حى، ويكون دوره تقديم المساعدات المالية والعينية لأهل الحى من المحتاجين، حيث يتم منحهم بطاقات عضوية لهذا الصندوق بعد معرفة أوضاعهم بدقة، من خلال هذه البطاقة يتحدد فى سجل خاص به المساعدات الشهرية التى يحصل عليها كل محتاج كما ونوعا، بجانب كراتين الطعام والأشياء العينية التى قد يحتاج إليها فى بيته، ولا يستثنى من ذلك بالطبع متوسطى الدخل من الموظفين والعمال.
هذا الصندوق يكون له مقرا صغيرا ولا يحتاج لأكثر من شقة بها مكتب وجهازى كمبيوتر على أقل تقدير، ويمكن مضاعفة ذلك بمرور الوقت أو فى الأحياء الكبيرة المزدحمة، يحصل المواطن بعد معرفة حالته على مبلغ مالى شهري، ملابس له ولأسرته. أزياء للمدارس وحقائب ومستلزمات دراسة، أطعمة وفواكه، بعض الأجهزة المنزلية والاحتياجات الأخرى التى قد يحتاجها لمنزله ولا يتوافر له ثمنها، يستقبل الصندوق تبرعات عينية من أهالى الحى الأثرياء، وتشمل التبرعات كل شيء، مال، أجهزة كهربائية، ملابس، أدوات منزلية، أدوات مدرسية أحذية، فواكه، منتجات غذائية، ألبان للأطفال.. وهكذا.
فى هولندا المعروفة بأنها من أثرى أصغر دول أوروبا، تطبق هذا النظام من الصناديق الإجتماعية، بجانب صناديق اخرى يطلقون عليها اسم «مؤسسة عائلية» وتختص بالعائلات.. وللحديث بقية.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • الخارجية: مصر والإمارات تبحثان تطورات غزة ولبنان والقرن الأفريقي
  • ‏«COP 29» آفاق جديدة لمواجهة تغير المناخ!!
  • القوى الوطنية اليمنية والتحالف ومتغيرات الأحداث بالشرق الأوسط
  • صراعات الساحل الإفريقي.. الهجوم الأوكراني على كورسك أسهم في تهدئة الأوضاع ببوركينا فاسو
  • رؤية نتنياهو للشرق الأوسط الجديد: التوسُّع الإسرائيلي وأجندة القوى الكبرى
  • مايكروسوفت تزود خدمة أمان AccountGuard للدول الأفريقية
  • خبير: علاقات مصر مع الدول الأفريقية تشهد طفرة كبيرة مؤخرا
  • مدبولي: الدول الأفريقية تواجه تحدي توافر التمويل المناسب لمواجهة تغير المناخ
  • عقار: لن نسمح بالإستعمار الجديد والاحزاب حرضت الدعم السريع على الحرب
  • الحل فى الصندوق «١»