ضربات أمريكية في اليمن والحوثيون يتوعدون
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
الحوثيون: سنواصل العميلات ضد السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال خلال شهر رمضان
أعلنت القوات الأمريكية فجر الثلاثاء، أنها دمرت مسيّرة تحت الماء وصواريخ بالستية مضادة للسفن، في سلسلة من الضربات ضد مواقع لجماعة أنصار الله الحوثيين.
اقرأ أيضاً : نتنياهو يرد على تصريحات بايدن: "أنت مخطئ"
في السياق توعد الحوثيون بتصعيد عملياتهم في البحر الأحمر خلال شهر رمضان دعما لأهل قطاع غزة، الذين يواجهون عدوانا شنيعا بالقصف والتجويع منذ السابع من أكتوبر / تشرين أول الماضي.
وذكرت القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط في بيان أنها نفذت ست ضربات "دمرت" مسيّرة تحت الماء و"18 صاروخا بالستيا مضادا للسفن" في المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وذلك بعد حصول إطلاق للنار باتجاه سفينة في البحر الأحمر.
وكانت وكالة السلامة البحرية البريطانية "يو كيه إم تي أو" أشارت في وقت سابق إلى أن السفينة "بينوكيو" المسجلة في سنغافورة والتي "ترفع علم ليبيريا" قد أبلغت عن "ضجيج انفجار قريب منها" أثناء وجودها في جنوب غرب ميناء الصليف اليمني وفق ماذكرت وسائل إعلام أمريكية.
وبدأ الحوثيون منذ تشرين الثاني/نوفمبر استهداف سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون في أنها مرتبطة في كيان الاحتلال الإسرائيلي أو متجهة إلى موانئه، مؤكدين أن ذلك يأتي دعما لقطاع غزة.
يشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أنشأت في كانون الأول/ ديسمبر، تحالفا بحريا متعدد الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر في مواجهة هجمات الحوثيين التي أجبرت السفن التجارية على تحويل مسارها وتجنب الممر البحري الذي تعبره 12 بالمئة من التجارة العالمية.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: الحوثيون البحر الأحمر أمريكا الحرب في غزة فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
عبدالوهاب حفكوف
من بين أكثر جبهات الصراع حساسيةً في الراهن الإقليمي، تبرز جبهةُ البحر الأحمر؛ بوصفها مرآةً حادةً لتعرِّي العقيدة العسكرية الأمريكية أمام خصم غير تقليدي. فاليمنيون، دونَ مظلة جوية، ولا منظومات دفاع متقدمة، ولا حماية نووية، نجحوا في إعادة صياغة مفهوم الردع، بل وفي تحطيم رمزيته في وعي القوة الأمريكية نفسها.
منذ اللحظة الأولى لتدخُّلِها في البحر الأحمر بذريعةِ حماية الملاحة، اعتقدت واشنطن أن بضعَ ضربات محسوبة ستُعيدُ التوازن وتفرض الهيبة. لكن الوقائع أثبتت عكسَ ذلك تمامًا. وقعت في فخٍّ مُحكم بُنِيَ بعناية تكتيكية فائقة، حَيثُ تقابلت العقيدة اليمنية القائمة على “رفع الكلفة بأقل الإمْكَانيات” مع منظومة أمريكية مأخوذة بالسرعة والضجيج.
كل عملية هجومية نفذها اليمنيون كانت تهدم جدارًا نظريًّا:
• فإسقاطُ مسيّرة أمريكية متقدمة لا يُضعِفُ الأدَاة فقط، بل ينسِفُ الثقةَ في أدوات الردع نفسها.
• وضرب سفينة تجارية لا يعطِّلُ الممرَّ فحسب، بل يربك مركز القرار في وزارة الدفاع الأمريكية.
• والأسوأ: أن الدفاعاتِ الأمريكية الذكية استُنزفت حتى أصبحت أضعف من الهجوم ذاته.
وفي العمق، تحولت معادلةُ الكلفة إلى كابوس استراتيجي: صاروخ بسيط لا تتجاوز تكلفته بضعة آلاف، يُقابل بمنظومة اعتراض بملايين الدولارات.
لكن الأمر لا يتوقف عند اليمن. كُـلّ ضربة يمنية ضد المصالح الأمريكية كانت تُترجَمُ إلى نقطة تفاوضية لصالح إيران؛ ليس لأَنَّ اليمنيين في سلطة صنعاء يتحَرّكون بأمر من أحد -فهم أسيادٌ تتضاءلُ أمامهم السيادة الزيتية العربية-؛ بل لأَنَّهم جزء من منظومة ردع إقليمية واسعة، نجحت في تقاسم الأدوار وتوزيع الجبهات، دون إعلان أَو ضجيج.
ومن هنا، بدأ التحول الأمريكي الحقيقي. الإدراك المتأخر أن التصعيد ضد اليمن كشف حجم الكارثة فجعل البيت الأبيض يُعيدُ الحسابات من جديد. فما كان يُخطط له كعملية تأديب محدودة، تحول إلى أزمة استراتيجية دفعت واشنطن للتراجع خطوة، والبحث عن مسار تفاوضي مع طهران.
في المحصلة، الحوثي لم يعد مُجَـرّدَ طرف محلي يحمي سواحله. لقد أثبت، من خلال أداء منضبط وحسابات دقيقة، أنه قادرٌ على تعديل هندسة القوة في الإقليم، وفرض نفسه كطرف لا يمكن تجاهله في أي معادلة تهدئة وَخُصُوصًا في المعادلة الفلسطينية.
هكذا، تحولت جبهة البحر الأحمر إلى مختبرٍ علني لفشل الردع الأمريكي، وصعود منطق جديد في إدارة الصراع.
أُولئك الذين ظنوا بأن العدوانَ الأمريكي سيقضي على اليمنِ في ظل حكم أنصار الله وحلفائهم، سيخيبُ أملُهم وَسيتعين عليهم الاستعدادُ للتعامل مع قوة إقليمية خرجت مرفوعة الرأس بعد منازلة أقوى دولة في العالم!
* كاتب وصحفي سوداني.. بتصرُّف يسير