رمضان “الحرب” في السودان.. معاناة مضاعفة ونداء دولي
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
وسط تصاعد المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفي ظل أوضاع اقتصادية وصفها مختصون بالقاسية، استقبلت قطاعات واسعة من السودانيين، شهر رمضان، إذ توزعت المعاناة بين معسكرات النزوح ومواقع النزاعات، بينما لم تسلم المناطق الآمنة من تأثيرات الوضع الاقتصادي المتدهور.
ولم تتمكن آلاف الأسر السودانية من توفير السلع الأساسية الخاصة بشهر رمضان، وفق تقديرات خبراء اقتصاديين، في حين أشار ناشطون بالعمل الطوعي إلى أن “ملايين النازحين في دور الإيواء يحصلون على وجبة واحدة يوميا في أفضل الأحوال”.
وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تزامنا مع أول أيام رمضان نداءً جديداً “لوقف الأعمال العدائية في السودان”.
وقال غوتيريش إن “النداء الأهم الذي أوجهه هو لاحترام قيم شهر رمضان، وإسكات البنادق، ولإزالة كافة العقبات لضمان تسليم المساعدات المنقذة للحياة بالسرعة المطلوبة”.
واستمرت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعدد من المحاور القتالية، في وقت تمسك فيه الجيش بعدم الدخول في أي هدنة، ما لم تخرج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والأعيان المدنية، بحسب بيان لمساعد القائد العام للجيش، الفريق أول ياسر العطا.
ويشير عضو غرفة طوارئ أم درمان، طارق عمر، إلى أن “معظم مواطني المدينة التي يفصلها النيل عن العاصمة السودانية الخرطوم، يواجهون ضائقة اقتصادية وصعوبة في توفير احتياجات رمضان”.
وقال عمر، عبر خدمة “ستار لينك”، لموقع الحرة، إن “المواطنين يعانون من ندرة شديدة في السلع الأساسية ومن ارتفاع كبير في أسعارها، بجانب مشكلة أخرى متعلقة بعدم توفر السيولة النقدية، بسبب توقف معظم البنوك بعد الحرب”.
ولفت إلى أن “المعاناة تضاعفت بعد أن تعذر استخدام التطبيقات المصرفية، التي كان السكان يعتمدون عليها في المعاملات التجارية اليومية، بسبب قطع خدمة الاتصالات منذ 7 فبراير الماضي”.
وفي مدينة القضارف التي تستضيف آلاف السودانيين الذين فروا من القتال في ولايتي الجزيرة والخرطوم، لا يبدو الحال مختلفا، إذ يواجه الناشطون المجتمعيون صعوبة في الحصول على الدعم اللازم “لتوفير الوجبات إلى النازحين في دور الإيواء بالمدينة”.
وبحسب عضو غرفة الطوارئ بمدينة القضارف بشرق السودان، الطيب إسماعيل، فإن “كثيرا من النازحين الذين تكتظ بهم مدارس وجامعات المدينة، لا يجدون القدر الكافي من الطعام، مما يضعهم أمام مشكلة حقيقية خلال رمضان”.
وقال إسماعيل لموقع الحرة إن “التبرعات التي كانت تصل إلى لجان الخدمات من مواطني المدينة تناقصت بصورة كبيرة، خلال الشهرين الماضيين، على عكس الشهور الأولى للحرب، وذلك بسبب الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها سكان المدينة”.
وكشف عضو غرفة الطوارئ عن عراقيل، قال إن “بعض منسوبي الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني يضعونها أمام الناشطين، بتهمة التعاون مع الدعم السريع، مما أثر على عمليات توفير الخدمات إلى المحتاجين”.
ولفت إلى أن “التضييق على الناشطين يتكرر بدرجة أكبر في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع، بذات الدوافع المتعلقة باتهام الناشطين بالتخابر والتجسس لصالح الطرف الآخر”.
وتشكلت غرف الطوارئ من مجموعات من الناشطين، بهدف تقديم العون للنازحين والمواطنين بعد توقف معظم الوزارات والمؤسسات الخدمية عن العمل، بداعي الحرب التي اندلعت في 15 أبريل الماضي.
ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن أقل من “5 في المئة من السودانيين يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة” في الوقت الراهن.
وقالت مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، الثلاثاء، إن الحرب في السودان “قد تخلف أكبر أزمة جوع في العالم” في بلد يشهد أساسا أكبر أزمة نزوح على المستوى الدولي.
ولايات آمنة
تأثيرات الأزمة الاقتصادية لم تتوقف على النازحين، أو على المناطق التي تشهد مواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، ووصلت إلى كثير من الأسر في مناطق خارج جغرافية القتال.
وسرد أحد مواطني مدينة عطبرة، بشمال السودان، عبد الكريم الحاج، معاناته في توفير السلع الأساسية خلال شهر رمضان، مشيرا إلى أن “الأسعار باتت فوق طاقة معظم المواطنين”.
وقال الحاج لموقع الحرة، إن “مدينة عطبرة بولاية نهر النيل لا تعاني أي ندرة في السلع، لكونها استفادت من موقعها القريب من مصر، في عمليات التبادل التجاري، لكن المشكلة تكمن في الأسعار”.
وأشار عبد الكريم، وهو أب لثلاث بنات وولد، إلى أن “هناك ما يشبه الركود في أسواق ولاية نهر النيل بسبب ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن الولاية لا تقع ضمن مناطق النزاع”.
وأوضح أن “معظم الولايات السودانية تعاني عدم استقرار بخدمات الكهرباء والمياه، بجانب انعدام تام لسلعة غاز الطهي”.
ويعاني 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، إذ صار 5 ملايين منهم على شفا المجاعة، بينما تواجه المنظمات صعوبات في إيصال المساعدات إلى المتضررين، بحسب وكالات الأمم المتحدة.
أرجع مختصون الضائقة الاقتصادية التي يعانيها معظم السودانيين إلى تراجع الإيرادات العامة للدولة، ولتدهور قيمة الجنيه السوداني أمام النقد الأجنبي، إذ سجل الدولار الأميركي 1400 جنيه في السوق الموازية.
وأشار الخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير، إلى أن “الحرب أفقدت ملايين السودانيين وظائفهم ومصادر دخلهم، بينما تعثرت الحكومة في سداد مرتبات العاملين في القطاع العام”.
وقال الناير لموقع الحرة، إن “آلاف السودانيين فقدوا سلة رمضان التي كان توفرها الحكومة للعاملين، مقابل أن يتم استقطاع قيمتها بالتجزئة من المرتبات، مما أثر على قدرة كثيرين على توفير احتياجات الشهر”.
ولفت إلى أن “انقطاع خدمات الاتصالات في عدد من الولايات السودانية أدى إلى لتوقّف مبالغ ضخمة كانت تصل من السودانيين العاملين بالخارج إلى ذويهم في السودان، مما ترتب عليه ضوائق في ميزانيات الأسر”.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن “زيادة نسبة التضخم في السودان ضاعفت معاناة المواطنين للحصول على احتياجاتهم الأساسية والضرورية، بما في ذلك احتياجات رمضان”.
وفي فبراير الماضي، أعلن الجهاز المركزي للإحصاء، أن معدل التضخم في السودان سجل 83 بالمئة، بينما أكد وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، انخفاض إيرادات البلاد بأكثر من 80 في المئة.
وأودت الحرب في السودان بحياة 13 ألف شخص على الأقل، وفق تقديرات “مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها” (أكليد).
كما تسببت في نزوح ولجوء حوالي 8 ملايين شخص، وهي “أكبر أزمة نازحين في العالم”، وفق الأمم المتحدة.
وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة دعا، الجمعة، إلى وقف إطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، مع تدهور الأوضاع في البلاد.
وأيدت 14 دولة نصا اقترحته بريطانيا، امتنعت روسيا عن التصويت عليه،
وانعقدت جلسة مجلس الأمن عقب يوم واحد من دعوات أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، لطرفي النزاع في السودان إلى “وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان”، بينما تتخذ الأزمة الإنسانية “أبعادا هائلة”.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع لموقع الحرة فی السودان شهر رمضان إلى أن
إقرأ أيضاً:
لبنان يطلق “الدخان الأبيض” ورسائل جوزيف مهمة للسودانيين
محمد المكي أحمد
نجح مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس جديد، في 9 يناير 2025 ، وصنع حدثاً تاريخياً متميزاً، وبهذا أطلق اللبنانيون ” الدخان الأبيض” في ختام الجولة الثانية بالإنتخابات الرئاسية ، التي أسفرت عن فوز العماد جوزيف عون قائد الجيش بمنصب رئيس الجمهورية.
تفاعلات الحدث البرلماني شكلت تطورا لافتا، و عكست مضامين أول خطاب للرئيس اللبناني المنتخب في البرلمان فور انتخابه خارطة طريق، وبرنامج عمل طموح، يُعبر عن نبض لبناني تواق للاستقرار والابداع والاصلاح الشامل ، وقد اتسم الخطاب بالشفافية ووضوح المواقف، في سبيل بناء دولة مؤسسات عصرية و قوية .
خطاب الرئيس اللبناني الجديد تضمن رؤى وأفكارا وتعهدات مهمة تحتاج القيادات العسكرية والمدنية التي تخوض الحرب في السودان إلى تأملها والاستماع إلى نص الخطاب الرصين والوقوف على مرتكزاته، ومقارنته بخطاب العنف والكراهية والعنصرية السائد في السودان.
جوزيف عون أعلن أن لبنان بدأ مرحلة جديدة، وقال بلغة محترمة وموقف سياسي ناضج أنه” مهما اختلفنا ، عند الشدة نحضن بعضنا بعضا ، لأنه إذا انكسر أحدنا انكسرنا جميعا”.
وشدد على تعهدات عدة وأطلق لاءات تخاطب الوجدان اللبناني والانساني، إذ قال لا حصانات للمافيات ، ولا للتدخل في استقلال القضاء، ولا للسلاح خارج إطار الدولة، ولا لسوء الادارة والفساد وتبييض الأموال، ولا لتجارة المخدرات، ولا للتهريب.
وتعهد بوضع قانون جديد يضمن استقلال القضاء، و” نحن جميعا تحت سقف القانون والقضاء” و تعهد حماية الحريات الفردية والجماعية، ومكافحة الفساد، واحترام الفصل بين السلطات، والمساواة بين المواطنين، وأن ” رئيس الحكومة سيكون شريكي وليس خصمي”مشددا على ان انتخابه “يفتح باب الاصلاح”وأكد ان لبنان يعيش أزمة حكم وحكام.
وشملت اللاءات لا للبؤر الأمنية ، ولا تدخل في استقلال القضاء ، ولا رهان على الخارج للاستقواء على بعضنا البعض، وأكد – وهو قائد للمؤسسة العسكرية- أن من أدوار الجيش المؤسسة حفظ وحدة الأراضي اللبنانية .
رسائل الرئيس اللبناني الجديد الذي أكد التزامه بسياسة ” الحياد الايجابي” تناولت العلاقات مع دول الخليج والدول العربية فشدد على سعيه إلى ” شراكة مع دول الخليج” و”أفضل العلاقات مع الدول العربية” و”انفتاح على الشرق والغرب”، وهذا خطاب سيجد حتما ترحيبا وتقديرا واحتراما خليجيا وعربيا ودوليا.
مسارعة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتهنئة الرئيس بانتخابه تعكس ارتياح دولة تتمتع بثقل مهم ودور فاعل في اطار الدعم للبنان الذي يحتاج إلى دعم سياسي واقتصادي سعودي وخليجي ودولي، كما أكد الترحيب الدولي بهذه الخطوة بدء لبنان مرحلة تفاعل جديدة مع العالم.
من أهم رسائل جوزيف أنه أكد ” حق الدولة باحتكار السلاح”، وهذا الجانب مهم للبنان، ويهم السودانيين الذين يعانون من انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، حيث تلعب أطراف عدة أدوارا في انتشار و تفاقم هذا الظاهرة الخطيرة والمدمرة.
وبشأن الاحتلال الاسرائيلي لأراض لبنانية قال في رسالة ذات دلالات أن ” مهمة الدولة اللبنانية وحدها إزالة الاحتلال” ، كما أطلق موقفا ايجابيا بشأن العلاقة مع الدولة السورية تقوم على سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتركز على خل قضايا عالقة ، أما بشأن الفلسطينيين فشدد على الحرص على كرامتهم، مع رفض التوطين.
يُشار إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أعلن بعد فرز الأصوات انتخاب جوزيف رئيسا للجمهورية اللبنانية بحصوله على 99 صوتا من 128 صوتا في جلسة انتخابية ثانية.
يُذكر أن جوزيف لم يحصل في جلسة التصويت الأولى للبرلمان على ثلثي أصوات النواب، اذ نال 71 صوتا وكان يحتاج إلى 86 صوتا على الأقل، وفي ضوء ذلك قرر رئيس البرلمان نبيه بري تعليق الجلسة الأولى واستئنافها بعد ساعتين، حيث تم اعلان الفوز .
وعكست نتيجة الاقتراع في الجلسة الأولى فشل القوى والتكتلات السياسية مجددا في تحقيق توافق بأكثرية على انتخاب الرئيس، وساد هذا الفشل في 12 جلسة برلمانية خلال عامين.
وترى أوساط لبنانية أن ” حزب الله” وحركة أمل ” وقوى أخرى لعبت دورا في افشال جلسات انتخاب الرئيس في الفترة الماضية ، ما أدى إلى استمرار الشغور الرئاسي ( فراغ موقع الرئيس ) لعامين ونصف العام.
ويرى محللون لبنانيون أن حالة الضعف التي يعاني منها ” حزب الله” في لبنان في هذه الفترة قد ساهمت في تيسييرانتخاب الرئيس، وأن التطورات السورية المتمثلة في اسقاط نظام بشار الأسد وضرب الوجود الايراني في دمشق قد انعكس ايجابا على اللبنانيين، وهيأ الأجواء لانجاح جلسة انتخاب الرئيس اللبناني.
وكان النظام السوري الذي اسقطته المعارضة يمارس تدخلات سافرة في الشأن اللبناني وخصوصا في اختيار الرئيس ، من خلال التدخل المباشر، والتحكم في مواقف أحزاب وتكتلات لبنانية .
ورغم أن التطورات الأخيرة في لبنان وسوريا ساهمت قبل انتخاب الرئيس في رفع سقف التوقعات بشأن امكان انتخاب رئيس جديد، فان الدعم العربي والدولي للبنان لعب دورا مؤثرا وحاسما في دفع وانجاح عملية انتخاب رئيس للبنان، وفي هذا الاطار لعبت فرنسا و الولايات المتحدة والسعودية دورا بارزا في هذا السياق.
وبمقارنة الأوضاع في لبنان والسودان حاليا، فان أبرز القواسم المشتركة تكمن في وجود سلاح خارج سيطرة الدولة وحالة التشظي وسط الأحزاب والتكتلات السياسية ، وانتشار الفساد ، والتدهور الاقتصادي الذي أحال حياة الناس إلى جحيم في البلدين، والانفلات الأمني .
ورغم التنديد الشديد في أوساط لبنانية بـ” إفلاس وفساد الطبقة السياسية”، والتذمر من فشل البرلمان مرات عدة في انتخاب رئيس، إلا أن قيادة الجيش ظلت محل احترام ، وهي لم تتورط في ظل أزمات شديدة بارتكاب جريمة الانقلاب العسكري، وفي مرات عدة تم انتخاب قائد الجيش رئيسا، لكن من أكبر أزمات السودانيين تدخل العسكر في ميادين العمل السياسي وترك مهمات الجيش المهمة المتمثلة في حماية الشعب والأرض والحدود والسيادة والنظام الديمقراطي .
المشهد الأروع في لبنان يكمن في وجود برلمان ينتخب الرئيس، ويتيح أوسع فرص التعبير عن الرأي والرأي الآخر، وهذا ما يفتقده السودانيون إذ يلجأ الانقلابيون إلى مصادرة الحريات السياسية والاعلامية وينتهكون كل الحقوق الانسانية.
واذا كانت هناك أوساط لبنانية عدة تنتقد ما تصفه بالتدخلات الأجنبية في شؤون البلد، فان واقع الحال يؤكد أن دولاً وخصوصا في الخليج والعالم العربي تدعم استقرار لبنان، وتعمل على إبعاد التأثير الخارجي السلبي في مجريات الأحداث في بيروت.
سودانيا، فان الأزمة الانسانية الحادة وخطرالجوع الذي يهدد حياة ملايين السودانيين وفقا للأمم المتحدة ودول كبرى قد شكل رأيا عاما دوليا يشدد على ضرورة وقف الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمشاركة أطراف أخرى.
هذا معناه أن القرار العربي والدولي الداعم لانتخاب رئيس لبناني جديد يرسل رسالة ساخنة للقابضين على بندقية الحرب والدمار في السودان، ومضمونها يقول إن دول الإقليم والعالم لن تقف متفرجة أو مكتوفة الأيدي وهي ترى شلال الدم ومشاهد الموت بالجوع والمرض والخوف في السودان.
التوقعات أن يشهد هذا الشهر الحالي أوالشهر المقبل اتفاقا بشأن وقف الحرب البشعة على الفلسطينيين في غزة وإطلاق الرهائن الاسرائليين.
تطورات الأحداث تؤشر إلى أن التفاعل الأميركي والأوروبي سيتواصل مع سوريا الجديدة ، و يبدو واضحا حتى الآن أن الإدارة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع قد نجحت بخطابها السياسي المعتدل وأرسلت رسائل طمأنة مهمة وايجابية بشأن سياساتها ، ويشمل ذلك السعي لبناء نظام سياسي يوفر أجواء المشاركة والحرية والعدالة والأمن والطمأنينة للسوريين باختلاف رؤاهم وتعدديتهم السياسية والاجتماعية والدينية..
لكن رسائل قيادة سوريا الجديدة إلى المنطقة والعالم تحتاج إلى اقتران الأقوال بالأفعال كما تطالب بذلك دول مجاورة وفي الإقليم والعالم، لتعزيز التعاون والتنسيق في عالم تحكمه المنافع ويشكل الأمن أولوية في صدارة أولوياته ، لتحقيق المصالح المشتركة، أمنيا، واقتصاديا، وسياسيا.
كل هذه التفاعلات اللبنانية وفي المنطقة تعني أن أمام مشعلي الحرب في السودان وحاملي معاولها طريق واحد لفتح أوسع أبواب التعاون مع دول مؤثرة وفاعلة في المنطقة الخليجية والعربية والعالم ، وهو طريق السلام بايقاف الحرب، و احترام حقائق الواقع السوداني التعددي، وحقوق الانسان ، ومن دون ارتياد هذا الدرب فان قادة الحرب في السودان مقبلون على انتحار جماعي، وحصار دولي شديد، وأن شعب السودان سيواجه أوضاعا أكثر بؤسا وقسوة.
أي لا مستقبل في السودان لمن يسفك الدماء، ويدمر حياة الناس بالقتل والجوع والمرض والنزوح واللجوء، فالمستقبل لإرادة الشعب، ولمناخ يحترم ويصون حقوق الانسان السوداني، ويوفر أجواء الحرية، والعدالة، والعيش الكريم.
mohamedelmaki.com