لا أتفاعلُ كثيرًا مع أيِّ رسالةٍ تصلنِي تدعُو إلى عدمِ تناولِ أيِّ غذاءٍ أو طعامٍ بحجَّة أنَّه يضرُّ الجسمَ، ويسبِّب المرضَ إذا كانَ ذلكَ الطعامُ ممَّا أباحه اللهُ -سبحانه وتعالى- ولمْ يحرِّمه؛ لأنَّ الله -سبحانه وتعالى- يقول: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) سورة الأعراف.
صحيحٌ علينَا أنْ نفرِّقَ من الناحيةِ الشرعيَّةِ والطبيَّةِ والبيولوجيَّةِ بين الاستمتاعِ بالطَّعامِ والغذاءِ والطيِّبِ من الرزقِ، وبينَ الإسرافِ في تناولهِ؛ لأنَّ توجيهَ القرآنِ الكريمِ، وتوصيةَ الطبِّ والصحَّةِ النَّهي عن الإسرافِ في الأكلِ والشُّربِ كمَا قالَ تعالَى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، ومن هنَا فإنَّ صيامَ شهرِ رمضانَ لمْ يكنْ للمنعِ عن الغذاءِ أبدًا، والتنعُّم بالطَّعامِ، وأكل ما لذَّ وطابَ، إنَّما هو دورةٌ تصحيحيَّةٌ لضبطِ تناولِ الأكلِ والحدِّ من الإسرافِ في تناولهِ فقطْ، وليسَ منعًا عن تناولِ ما لذَّ وطابَ من الطَّعامِ وإمدادِ الجسمِ بهِ كغذاءٍ واختيارِ الغذاءِ الصحيِّ له، فالصيامُ فِي رمضانَ في حقيقتِهِ ليسَ إلَّا دورةً إرشاديَّةً وانضباطيَّةً لحركةِ الطَّعامِ في جسمِ الإنسانِ لمدَّة شهرٍ عبر امتناعهِ عن الطَّعامِ نهارًا بعدَ تزويدِهِ بما يحتاجهُ في السحورِ ليلًا والبدءِ في تفعيلِ احتياجهِ بالفطورِ عندَ الغروبِ والتأكيدِ فيهمَا على الالتزامِ بالوقتِ فطورًا وسحورًا،
فلا يجوزُ تأخير الفطورِ كمَا قالَ -عليه الصَّلاة والسَّلام- في صحيحِ البخاريِّ ومسلم: «لَا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عجَّلُوا الفطرَ»، بعكسِ السحورِ الذي يجبُ أنْ يكونَ متأخِّرًا؛ ليكونَ طعامهُ زادًا غذائيًّا يمدُّ الجسمَ بالطَّاقةِ والحيويَّةِ، ومن هنا جاءَ حثُّ النبيِّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- بتأخيرِ السحورِ، فالغذاءُ والأكلُ مهمٌّ للصَّائمِ لتغذيةِ خلاياه عبرَ ضبطِ الوقتِ فطورًا وسحورًا، وعدم الإسرافِ في الأكلِ؛ لأنَّ اللهَ -سبحانه وتعالى- فرضَ الصَّومَ صحَّةً للجسمِ عبرَ الغذاءِ لا حرمانه منه، أمَّا كونُ الصيامِ في رمضانَ دواءً فقدْ ثبتَ ذلكَ عبرَ العديدِ من البحوثِ التي تثبتُ أنَّه وقايةٌ للجسمِ من الأمراضِ من خلالِ تقويتهِ للجهازِ المناعيِّ وتجديدهِ للخلايَا وتقليل نسبةِ الدهونِ وزيادة الطَّاقةِ، كمَا أنَّه علاجٌ للعديدِ من الأمراضِ بطردهِ للسمومِ كمَا أنَّه يبطِّيءُ زحفَ الشيخوخةِ والتخلُّص من الوزنِ الزائدِ،
وهو علاجٌ للتخلُّص من الضغوطِ النفسيَّةِ والتوترِ كما أنَّه يحدُّ من الشهوةِ الجنسيَّةِ، وأثبتت البحوثُ الطبيَّة والبيولوجيَّة أنَّه سببٌ في علاجِ بعضِ الأمراضِ، خاصَّةً أمراض الجهازِ الهضميِّ، حيثُ يتم ذلكَ عبرَ بيولوجيا الجسمِ من خلالِ الصيامِ، كيف يكونُ ذلكَ؟ الإجابةُ عليهِ في المقالِ المقبل -بإذن اللهِ-.
أ.د صالح عبدالعزيز الكريم – صحيفة المدينة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
عميد طب قصر العيني يفتتح مؤتمر قسم الفسيولوجيا الثالث
شهد الدكتور حسام صلاح، عميد كلية طب قصر العيني ورئيس مجلس إدارة المستشفيات، الجلسه الافتتاحية لمؤتمر قسم الفسيولوجيا الثالث بعنوان decoding of brain body crosstalk.
رئيس جامعة القاهرة ينفي بيع قصر العيني الفرنساويجاء ذلك بحضور الدكتور عبد المجيد قاسم، ووكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور عمر عزام وكيل الكلية لتنمية البيئة وخدمة المجتمع، والدكتورة حنان مبارك وكيل الكلية لشؤون الطلاب ورئيس قسم الفسيولوجي، والدكتور ثناء تادر الاستاذ المتفرغ بقسم الفسيولوجي.
ويهدف مؤتمر قسم الفسيولوجيا الثالث استكشاف العلاقة بين الدماغ والجسم من المستوى البحثي إلى التطبيقات السريرية.
عميد طب قصر العيني: لن نتحرك دون تعزيز البحث العلميوأشار عميد طب قصر العيني إلى أهمية المؤتمر إذ يعد علم الفسيولوجيا من العلوم الأساسية التي تحدد العلاقه بين أعضاء الجسم والمخ بما تقره من عمل المخ كمايسترو متحكم في اعضاء وأنظمة الجسم.
وأكد عميد طب قصر العيني أهمية البحث العلمي في قطاع الصحة ودوره في صناعة اقتصاد وطني، لافتا إلى أن الدولة لن تتحرك للأمام دون تعزيز البحث العلمي الهادف وليس البحوث التقليدية حيث تشهد مصر اليوم رابطًا وثيقا بين منظومة البحث العلمي في الجامعات وقطاعات الصناعه الطبية.
وأشار عميد طب قصر العيني إلى أن الجامعة أطلقت بالعهد القريب الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، وأصبح ملحا علينا حوكمة وميكنة العمل داخل الكلية والمستشفيات باستخدام الذكاء الاصطناعي" AI".
وتابع عميد طب قصر العيني قائلا: "لذا يجب أن نسعى سويا لتذليل المعوقات وتجييش الجيوش لإصلاح الفجوات لتوطين الذكاء الاصطناعي داخل الكلية طبقا لخطه الدوله لتنميه 2030" .
وأضاف عميد طب قصر العيني أن العلاقه المتبادلة بين الاقسام أصبحت ضمن العمل الأساسي لكل قسم حيث أنها تساعد على اكتساب الخبرات وسرعه العلاج، مشيرا إلى أن قسم الفسيولوجيا أولى الأقسام التي يجب أن تكون معنية بالعمل الجماعي مع الأقسام الأخرى.
وأوضح عميد طب قصر العيني أن الفسيولوجيا يعد من العلوم الأساسية المرتبطة بتحديد الأمراض وكيفية علاجها لفهم آليات التفاعل بين أعضاء الجسم ومعرفة تأثير العوامل البيئية على الجسم وطرق توصيل الأدوية للمريض إذ يعد علاج المرضي الهدف الأساسي الذي نضعه نصب أعيننا ليكتمل من خلاله نجاح منظومة الرعاية الطبية واستدامتها نحو تحقيق التكامل التنموي المرجو للدولة المصرية في خططتها المقبلة.
ونوه عميد طب قصر العيني بالدور الجديد لأساتذة كلية الطب الذي فرضته عليهم عجلة التطوير والتنمية المستدامة ليصبح دوره غير مقتصر على عملية التدريس والعلاج للمرضى ليسعي في مواكبة مراحل البحث العلمي الاعتيادي والانتقال إلى البحث المؤثر في المجتمع والمشاركة في البحث العلمي للجامعات مستهدفا به حوكمه الذكاء الاصطناعي على المنظومة الطبية إذ يعد البحث العلمي الأمل في تطوير النهج العلاجي والذي يساهم بدوره في تطوير الرعاية الصحية للمريض.
وقالت الدكتورة حنان مبارك وكيلة الكلية لشؤون الطلاب ورئيس قسم الفسيولوجيا، إن أجندة المؤتمر تحتوي على أربع جلسات تهدف إلى استعراض أحدث التطورات في الأبحاث الدماغية والعلاقة بين المخ وأجهزة الجسم من خلال التطبيقات السريرية وما قبلها.
وأشارت إلى أنه إيماء إلى حرص الكلية وقسم علم وظائف الأعضاء على تعزيز التفكير العلمي لدى الطلاب وتشجيعهم على تقديم افكارهم العلميه بطريقه سليمة سيتم تطبيق مسابقة لاختيار أفضل العروض الشفوية والملصقات البحثيه في نهاية المؤتمر.
ونبهت الدكتورة ثناء تادرس إلى الدور الفعال لعميد الكلية وإصراره على تحقيق النجاح والتقدم للقصر العيني، لافتة إلى دور المؤتمر في توضيح العلاقه بين الجسم والمخ.
وأشارت إلى آراء بعض الفلاسفة مستعينة في ذلك بفلسفه "جين جتك روسو" إذ لخصت العلاقة بين الجسم والمخ في عبارة "عقلي يعمل فقط مع ارجلي" طبقا لرؤية الفيلسوف الألماني "جين" معبرة في ذلك عن مدى تأثر الجهاز العضلي بالجهاز العصبي للجسم.