كتبت سابين عويس في" النهار": يبدو واضحاً ان الولايات المتحدة باتت عازمة على معالجة السلبيات أو المخاطر الناجمة عن استمرار تفلت الأوضاع في لبنان، سياسياً وأمنياً ومالياً، وباتت مستعدة للدخول على خط رفع وتيرة الضغط من خلال استعمال عصا العقوبات، إذ لا تمر زيارة أي مسؤول في الخزانة الأميركية من دون أن تعقبها رزمة عقوبات.

هذه المرة، يبدو أن الفئة المستهدفة ستكون الشركات المالية التي تكاثرت في الآونة الأخيرة بعد انهيار القطاع المصرفي وخروجه عملياً من السوق، بحيث بات خارج دائرة الخطر من التعرّض لمخاطر الوقوع تحت القبضة الأميركية. والاستياء من الشركات المالية المتكاثرة شكّل حيّزاً هاماً من محادثات نائب مساعد وزير الخزانة لمنطقة آسيا والشرق الأوسط جيسي بيكر في بيروت ولا سيما في لقائه مع حاكم مصرف لبنان منصوري، حيث كانت الدعوة واضحة إلى ضبط هذه الشركات وتنظيم عملها ولا سيما تلك غير المرخصة منها. 

في المعلومات، أن منصوري أكد للمسؤول الأميركي العمل على تنظيم هذه الشركات، والالتزام بالقوانين الدولية المرعيّة. بالنسبة إليه، من المهم جداً الحفاظ على العلاقات مع المصارف المراسلة لتفادي خروج لبنان من النظام المالي العالمي. وهذا في رأيه يتم عبر الالتزام بالقوانين والتجارب مع المعايير الموضوعة، آخذاً في الاعتبار مخاطر التعرّض للعقوبات أو إدراج لبنان في اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالية الدولية. هو أكد للمسؤول الأميركي أن عدد الشركات غير المرخصة ليس كبيراً، لامساً القلق الأميركي منها ومن عملها ضمن اقتصاد الكاش الذي بات يشكل نحو ٤٦ في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما يقدره البنك الدولي. 

مع النواب الذين التقاهم، أثار بيكر مسألة تأخر لبنان في القيام بالإصلاحات محذراً من أن الاستمرار في تعطيل هذا المسار سيؤدّي إلى إدراج لبنان على اللائحة الرمادية. لكن النواب لمسوا أن تحذير بيكر لا يعني الذهاب الى اللائحة السوداء ووقف التعامل مع لبنان بسرعة وإنما هو حافز لإجراء الإصلاحات المطلوبة في سياق الضغط الذي تمارسه واشنطن. 

وكما مع النواب، كذلك مع وفد من جمعية المصارف التقاه في مقر السفارة الأميركية، كان الكلام الجديد الوحيد الذي حمله بيكر يتصل بالمخاوف من استعمال حركة حماس لبنان ممراً لتمويلها في ظل معلومات موثقة لدى الخزانة عن هذا الموضوع. القلق انسحب أيضاً على مسألة تضخم حجم التعامل النقدي بالدولار، من خارج القطاع المصرفي. وكان هذا الموضوع مدخلاً لاستيضاح المصرفيين عن الوضع المالي وما آلت إليه أوضاع المصارف في ظل استمرار تعثر إقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة لمعالجة الأزمة المصرفية. كذلك أثار المسؤول الأميركي العلاقة مع صندوق النقد الدولي، متسائلاً هل سيؤدي إقرار البرنامج معه إلى تحسين الوضع المالي والمصرفي وإلزام السلطات اللبنانية بالسير بالإصلاحات المطلوبة. 

تستغرب الأوساط المالية الربط الأميركي بين اقتصاد الكاش في لبنان وتمويل "حماس"، والاستفاقة المتأخرة على هذا الموضوع وإن كان المسؤول الأميركي ربطها بتوافر معطيات لدى إدارته في هذا الشأن. وهذا يثير خشية الأوساط من أن يكون الربط مقدمة لإجراءات عقابية سيتعرّض لها لبنان بفعل سياسة وحدة الساحات التي يعتمدها عسكرياً ومالياً. وترى أن زيارة بيكر يجب أن تشكل جرس إنذار لما يمكن أن تستتبعه من تدابير تزيد الأمر تعقيداً في ظل استمرار التفلت المالي والعجز الرسمي عن إعادة الانتظام إلى العمل المصرفي بحيث تعود المصارف إلى تولي دورها وملء الفراغ الذي خلفته خلال فترة تعثرها، على نحو أفسح المجال أمام تفلت السوق من أي ضوابط. 

لكن مصادر نيابية شاركت في لقاء بيكر خالفت هذه القراءة لنتائج الزيارة، مقللة من أهميتها ، واضعة إياها في اطار العمل الروتيني، ما فسر عدم الإعلان عنها في الإعلام، سيما وان لقاءات المسؤول الاميركي لم تلحظ زيارة اي مسؤول رسمي واقتصرت على حاكمية المصرف المركزي والدائرة القانونية فيه وعدد من النواب والمصرفيين، مشيرة إلى انها لن تصل إلى حد فرض عقوبات، بل تكتفي بالضغط.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يوجّه بمواصلة المفاوضات وفقا لرد الوسطاء على المقترح الأميركي

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت مبكر اليوم الأحد أن بنيامين نتنياهو وجّه فريق التفاوض بالاستعداد لمواصلة المحادثات وفقا لرد الوسطاء على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بشأن المضي في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وجاء هذا الإعلان بعيد انتهاء جلسة تشاور أجراها نتنياهو بشأن المفاوضات.

وقال المكتب -في بيان- إن رئيس الوزراء أجرى مناقشة معمقة بشأن موضوع المحتجزين بمشاركة الوزراء وفريق التفاوض ورؤساء الأجهزة الأمنية.

ونص مقترح ويتكوف على الإفراج الفوري عن 11 من المحتجزين الإسرائيليين في غزة ونصف القتلى المتبقين عند استئناف تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.

ووفقا لوكالة رويترز، فإن ما ورد في بيان مكتب نتنياهو يعني رفض عرض من حركة حماس يقضي بالإفراج عن الأسير الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر وإعادة جثث 4 آخرين.

وكانت القناة الـ12 الإسرائيلية نقلت عن مصادر قولها إن المستوى السياسي برئاسة نتنياهو قد يقرر خلال جلسة المشاروات التي عقدت مساء أمس السبت شن عمليات عسكرية محدودة في قطاع غزة للضغط على حركة حماس.

مقترح الوسطاء

وفي وقت سابق، كشفت مصادر للجزيرة أن مقترح الوسطاء الأخير سُلّم إلى حركة حماس وإسرائيل الخميس الماضي في الدوحة، وتضمّن 4 بنود شكلت إطار عمل للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.

إعلان

ويشمل مقترح الوسطاء إفراج حماس في اليوم الأول عن 5 محتجزين إسرائيليين أحياء -بينهم عيدان ألكسندر- مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ويتبع ذلك الشروع في مفاوضات غير مباشرة خلال 50 يوما للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وتبادل الأسرى.

وأكد المقترح على استمرار الإجراءات المتفق عليها في المرحلة الأولى بشأن دخول المساعدات الإنسانية ووقف العمليات العسكرية.

وقد أعلنت حماس أول أمس الجمعة أنها سلمت ردها على مقترح الوسطاء، وأنها تعاملت معه بمسؤولية وإيجابية، كما قالت إن وفدها التفاوضي توجه إلى القاهرة للقاء المسؤولين المصريين ومتابعة تطورات المفاوضات.

وأكدت الحركة استعدادها التام لبدء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق شامل بشأن قضايا المرحلة الثانية، داعية إلى إلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته كاملة.

وقالت مصادر للجزيرة إن حركة حماس طالبت بإجراء تعديلات على المقترح، أبرزها أن يكون جزءا لا يتجزأ من اتفاق 17 يناير/كانون الثاني، وأن يُلزَم الاحتلال بتطبيق ما تبقى من المرحلة الأولى، واستئناف فتح المعابر ودخول المساعدات، وإعادة الإعمار، والانسحاب من محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين).

المتظاهرون في تل أبيب طالبوا بصفقة تعيد من تبقوا من المحتجزين في غزة (الفرنسية) مظاهرات بإسرائيل

في غضون ذلك، خرجت مساء أمس السبت في إسرائيل عشرات المظاهرات المطالبة بإتمام صفة التبادل وإعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.

وشهدت تل أبيب مظاهرة شارك فيها نحو 10 آلاف شخص بدعوة من هيئة عائلات المحتجزين في غزة تحت شعار "نريد الرهائن دفعة واحدة".

وقال أعضاء الهيئة إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحاول جر دولة كاملة إلى الحرب وجعلها تدفع ثمنا إضافيا.

وأضافوا أن نتنياهو يستطيع إعادة المحتجزين، لكنه يتعمد عرقلة المرحلة الثانية من الصفقة، مطالبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمواصلة الضغط على نتنياهو حتى إعادة كل المحتجزين في غزة.

إعلان

وقد شهدت مدينة حيفا مسيرة احتجاجية مماثلة رفع خلالها المحتجون لافتة كتب عليها "بإمكانهم إنقاذهم، لكنهم فضلا الانتقام"، في إشارة إلى نتنياهو وحكومته.

وتزامنت المظاهرات مع اعتداءات إسرائيلية على قطاع غزة أوقعت ما لا يقل عن 12 شهيدا، بينهم 9 في بيت لاهيا.

وقالت حركة حماس إن المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال في بيت لاهيا تصعيد خطير يعكس استهتاره بالقانون الدولي.

وأضافت الحركة -في بيان- أن تصعيد الاحتلال يكشف نيته الانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، وهدر أي فرصة لاستكمال تنفيذه وتبادل الأسرى، وطالبت الوسطاء بالتحرك العاجل والضغط على نتنياهو لإلزامه بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وشهدت المرحلة الأولى منه 7 عمليات تبادل للأسرى، وكان يفترض الانتقال آليا إلى المرحلة الثانية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي وضع شروطا لم تكن ضمن الاتفاق، كما منع دخول المساعدات إلى غزة وأوقف إمدادات الكهرباء.

مقالات مشابهة

  • وزير المالية: لا شطب للودائع والإصلاح المالي خيار لا بديل عنه
  • تدريب وتأهيل 1500 شاب على ريادة الأعمال والشمول المالي ببني سويف
  • تدريب وتأهيل 1500 متدرباً على ريادة الأعمال والشمول المالي بتعليم بني سويف
  • مسؤول أميركي: الشركات الأميركية مهتمة بالاستثمار في قطاع الطاقة الليبي
  • نتنياهو يوجّه بمواصلة المفاوضات وفقا لرد الوسطاء على المقترح الأميركي
  • حركة حماس تدين العدوان الأميركي البريطاني السافر على اليمن
  • “حماس” تدين العدوان الأميركي البريطاني على اليمن
  • تحذير إسرائيلي من تنامي قدرات حماس بفضل وقف إطلاق النار
  • تقرير أمريكي: إدارة ترامب تواجه نفس الخيار الذي أربك بايدن بشأن إنهاء تهديد الحوثيين بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • مسؤول أميركي ينفي إقالة ترامب لـ "مفاوض حماس"