غزة في أول أيام رمضان .. لا طعام ولا ماء ولا مساجد للصلاة
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
سرايا - يخيّم الحزن والبؤس على خيام النازحين في قطاع غزة، لا سيما في مدينة رفح التي يتكدّس فيها أكثر من 1.5 مليون فلسطيني ممن نزحوا بسبب القصف الإسرائيلي، ليجدوا أنفسهم فريسة الجوع والعطش حتى في شهر رمضان.
وقفت ميساء البلبيسي (39 عاما)، من مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة، باكية تضرب كفًا بكف وطفلتها الرضيعة بين ذراعيها، أمام خيمة بسيطة محتوياتها بالية تقيم فيها مع زوجها وطفليها في ملعب برقة وسط سوق الشابورة في مخيم رفح.
وبدت المرأة المنقّبة المتشحة بالسواد حدادًا على أقاربها والدمار الذي لحق ببيوتهم، حائرة ماذا ستعدّ للإفطار في أول أيام رمضان، وتقول "حسبي الله ونعم الوكيل، لا يوجد في الخيمة سوى حبة طماطم واحدة مع علبة جبن صغيرة دون أي قطعة خبز".
وتضيف: "كل شيء غالٍ، لا نستطيع شراء الخضراوات، حتى الفاكهة غير موجودة... على السحور تناولنا بضع قطع من لحم المعلبات، فنحن غير قادرين على شراء أي شيء. حتى أبسط الحاجات وأتفهها ارتفعت بشكل خيالي".
وتابعت: "هذه ليست حياة، لا ماء للشرب أو لغسل أيدينا أو طهي الطعام... حتى الآن لا نعلم ماذا سنفطر. كنا في السابق نشتري حاجات رمضان قبل أيام. أما الآن فحتى الجبنة سعرها خيالي".
ويروي زوجها زكي حسين أبو منصور (63 عاما) كيف "اقتحمت إسرائيل خان يونس" القريبة من رفح وحيث كانا نازحين في فترة أولى: "دون إنذار. راحت الدبابات تقصف المنازل واستمر القصف فوق رؤوسنا سبع ساعات. بعدها خرجنا بما علينا من ملابس... الحياة هنا صعبة جدا. حتى إنني فقدت 20 كيلوغراما من وزني، وأنا أعاني السكري والضغط والقلب. نحن غير قادرين على شراء كيلو بندورة".
ويضيف بحسرة: "مللنا الطعام والحياة، والاستشهاد أفضل. أتمنى أن تقصفني الطائرات وأموت، فهذا أحسن من هذه العيشة".
ويعيش قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل برا وبحرا وجوا، ظروفا إنسانية غاية في الصعوبة، تصل إلى حد المجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود.
وتواصل سلطات الاحتلال منع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، خاصة إلى مناطق الشمال، فيما لا تكفي المساعدات التي تصل إلى جنوب القطاع حاجة الفلسطينيين، خاصة في رفح التي تُعتبر آخر ملاذ للنازحين، والتي تستضيف رغم ضيق مساحتها المقدرة بنحو 65 كيلومترا مربعا، أكثر من 1.4 مليون فلسطيني.
مساء الأحد، تمكّن نحو 500 مصلٍّ من أداء صلاة التراويح في مسجد العودة، وهو الأكبر في رفح، فيما صلّى نحو مئة آخرين قرب مسجد الهدى المدمر في الشابورة، لكن لم يتمّ توزيع الماء والتمور عليهم كما جرت العادة، ولم تتمّ إضاءة فانوس رمضان لانقطاع الكهرباء، واعتمد المصلون على هواتفهم وسط الظلام.
إلى جانب ركام مسجد الفاروق في مخيم رفح الذي استهدفته طائرات الاحتلال قبل أسبوعين، مدّ متطوعون اليوم الاثنين حصائر تمهيدا لصلاة التراويح.
لكن مئات آلاف المصلين لن يتمكنوا من أداء هذه الصلاة في مساجد القطاع، بعد أن صارت المئات منها ركاما وأكوام دمار أو لحقت بها أضرار جراء قصف الاحتلال.
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 31112، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، والإصابات إلى 72760 منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ويخيّم شبح المجاعة على القطاع المحاصر الذي يعاني معظم سكانه نقصا في الماء والطعام والأدوية والوقود، وفق الأمم المتحدة وشهادات السكان.
وأعلنت مصادر طبية استشهاد ثلاثة أطفال نتيجة سوء التغذية والجفاف، مما يرفع عدد ضحايا المجاعة في قطاع غزة إلى 27 فلسطينيا.
وخلت سوق رفح من مظاهر الزينة الخاصة برمضان مع فقدان معظم أصناف الطعام والخضراوات والحلوى، ما عدا بسطات قليلة تعرض بعض القطايف المحشوة بالمكسّرات أو الجبن بسعر يصل إلى 80 شيكلًا (22 دولارًا) للكيلوغرام، وهو ما يفوق قدرة معظم الناس.
وفي ميدان العودة وسط رفح، تعرض بعض البسطات فوانيس صغيرة، ويعرض شبّان معلبات التونة والفول والحمص والجبن وزبدة الفستق وتمورا مصرية اشتروها من نازحين حصلوا عليها كمساعدات، ويعرض آخرون بضعة أرغفة من خبز الصاج المخبوز على موقد حطب.
ويتحدث النازحون بلسان واحد معبّرين عن ألمهم وحزنهم. ويقول جمال الخطيب: "لا يوجد أصلا طعام، فكيف سنفطر في رمضان؟ كيف سنفرح، ولا مأوى ولا كهرباء ولا ماء؟".
ويقول أحمد خميس (40 عامًا): "لا طعم لرمضان في هذه الحرب القذرة والدموية، حرب إبادة، ولا طعام ولا شراب".
ويصف عوني الكيال (50 عامًا) رمضان بأنه "بدأ حزينا ومتشحاً بالسواد وطعم الموت والدم وأصوات الانفجارات والقصف. سمعت صوت المسحراتي... استيقظت في خيمتي البسيطة وصرت أبكي على حالنا".
ويضيف الكيال: "الاحتلال لا يريد لنا أن نفرح برمضان. لا نملك أي طعام للفطور. زوجتي قدّمت إلى الأولاد على السحور بعض الجبن والفول من المساعدات التي تصل إلينا وهي قليلة، وخبزا قديما. لم نجد حتى شاي لنعدّه لهم".
وتستذكر آية أبو توهة (16 عاماً) "الحياة الحلوة في رمضان وأجواءه الجميلة... كان كل شيء متوفرًا، الطعام والسلطة والخضراوات والفاكهة... اليوم لا يوجد سوى دمار... لقد سرقوا منا الحياة".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
بنك الطعام يختتم سلسلة إفطارات رمضان بإفطار جماعي لأهالي شمال سيناء
نظم بنك الطعام المصري إفطارًا جماعيًا بالتعاون مع جمعية الفيروز للخدمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لأهالي محافظة شمال سيناء، وذلك ضمن سلسلة من الفعاليات التي ينظمها البنك خلال شهر رمضان المبارك، في إطار جهوده المستمرة لتوفير الدعم الغذائي وتعزيز قيم التكافل الاجتماعي.
حضر الإفطار كل من السيد أحمد لبيب، رئيس قطاع العمليات الميدانية في بنك الطعام المصري، والسيد ياسر عبد العليم، مدير أول منصة الحماية، وعبد الرحمن محمود، مسؤول القوافل الإغاثية، والدكتور رياض إسماعيل، رئيس مجلس إدارة جمعية الفيروز، والدكتور مروان مصطفى حسن، عضو مجلس الإدارة، والدكتورة أماني غريب، المدير التنفيذي للجمعية.
وعلى هامش الإفطار، استقبل السيد اللواء دكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، وفد بنك الطعام المصري بمقر ديوان عام المحافظة، لمناقشة أنشطة وبرامج بنك الطعام المصري التنموية في شمال سيناء، بهدف دعم الفئات الأكثر احتياجاً بالمحافظة.
وشارك عدد من المتطوعين من مختلف الأعمار فريق بنك الطعام المصري في تحضير الوجبات داخل المطبخ وتجهيز وجبات المائدة. وتعكس هذه المشاركة الفعالة روح التعاون والتكافل الاجتماعي، كما تم التركيز على ضمان الجودة والسلامة في جميع مراحل العمل لتقديم أفضل خدمة للمستفيدين.
يأتي إفطار بنك الطعام المصري في محافظة شمال سيناء ضمن سلسلة الإفطارات التي ينظمها بنك الطعام المصري من القاهرة إلى أسوان خلال شهر رمضان، وذلك تأكيداً على استراتيجيته لأنشطة رمضان هذا العام، والتي تعتمد على التعاون مع شبكة من الجمعيات الشريكة التي تضم 4 آلاف جمعية مسجلة في قوائم وزارة التضامن الاجتماعي، وتنتشر في المحافظات الحدودية في شمال وجنوب سيناء، بالإضافة إلى محافظات جنوب الصعيد، مرسى مطروح، والوادي الجديد. ويحرص بنك الطعام المصري على تدريب الشركاء وتعزيز قدراتهم لتنفيذ البرامج والأنشطة الغذائية وفقاً لمعايير محددة، مما يسهم في تحسين كفاءة التوزيع وضمان وصول المساعدات إلى المستفيدين بالشكل الأمثل.
استهدف بنك الطعام المصري، بالتعاون مع الجمعيات الشريكة، تنظيم عدد من الموائد الرمضانية في مناطق متنوعة على مدار شهر رمضان، لتوفير وجبات إفطار وسحور للفئات الأكثر احتياجًا، مما يساعد في تخفيف العبء عنهم خلال الشهر المبارك. وقد استهدف بنك الطعام المصري دعم حوالي 700 ألف أسرة، بإجمالي 4 ملايين مستفيد من الفئات الأكثر احتياجًا خلال شهر رمضان الكريم.
جدير بالذكر أن أنشطة بنك الطعام المصري خلال شهر رمضان تنوعت لتشمل برامج "سهم في مائدة إفطار"، و"وجبة إفطار صائم"، وتنظيم موائد الرحمن، بالإضافة إلى برنامج الإطعام الشهري لتوزيع كراتين "فرحة رمضان". كما شملت الأنشطة مبادرة "تكية المحروسة"، التي تعتمد على مطابخ متنقلة لتوزيع وجبات ساخنة في ميادين مختلفة من مصر، مما يضمن وصول وجبات غذائية صحية مباشرة للمستحقين في جميع المحافظات.