الجديد برس:

بعد مرور أشهر على العمليات العسكرية في البحر الأحمر، في ظل فشل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في تقييد قدرات صنعاء العسكرية، يبدو أن هذا التحالف يدرس إمكانية فتح جبهات محلية لمواجهة القوات اليمنية.

وعلى رغم أن الأطراف المحلية المناوئة لصنعاء أبدت استعدادها لخوض الحرب مجدداً، سواء على طول الشريط الساحلي للبحر الأحمر، وصولاً إلى الحديدة غرب اليمن، أو في وسط اليمن وشرقه، حيث البيضاء وشبوة ومأرب، غير أن السعودية التي تعدّ الرافعة الأساسية لعمل كهذا، ترفض المشاركة في الحرب، أو العودة إليها مجدداً، وفق المخطط الأميركي – البريطاني.

إذ إن مثل تلك المشاركة ستضع المملكة في دائرة الغضب العربي والإسلامي، على اعتبار أن المعركة ما هي إلا دفاع عن إسرائيل، فيما وفق التوصيف الإيراني، كل دولة عربية تقف إلى جانب الولايات المتحدة ضد اليمن، تشارك في قتل الأطفال في فلسطين. ليس ذلك فحسب، بل إن مساعي السلام السعودية مع صنعاء وطهران، ستنهار على وقع الحرب الجديدة، الأمر الذي لا يخدم مصلحة الرياض، وخصوصاً أن الأخيرة في سباق مع الزمن من أجل إنجاز مشاريع التنوّع الاقتصادي ضمن بيئة آمنة ومستقرة.

لكن السعودية، على رغم مخاوفها من التورّط مجدداً في الحرب، إلا أنها لا تعارض شن الولايات المتحدة مثل تلك الحرب ضمن أحلاف جديدة لا تشارك هي ضمنها فعلياً، أي أن الرياض تقول لواشنطن إن عليها أن تبدأ حرباً من الصفر مع صنعاء.

ووفق المواقف التي عبّر عنها كتّاب سعوديون مقرّبون من دوائر القرار، فإن السعودية فشلت في اليمن نتيجة إيقاف الولايات المتحدة صفقات التسلّح وقطعها التعاون الأمني معها، فضلاً عن تحريكها الملفات الإنسانية في اليمن للضغط على حليفتها. وعلى رغم ذلك، تقول المملكة إنها حقّقت جزءاً من أهداف الحرب، وإنها سيطرت على ثلثَي اليمن خلالها، وخنقت قدرات “أنصار الله” بتشديد الحصار بحراً وجواً وبراً.

مفاجآت صنعاء بحسب التوقّعات ستجعل كل الممرّات البحرية في المنطقة تحت رحمة قدراتها العسكرية

تعرف واشنطن أن رفض الرياض الاضطلاع بدور في المعركة المرتقبة، يعني للأولى خسارة البوابة للولوج إلى الحرب على اليمن، الأمر الذي يفسّر لجوء الولايات المتحدة إلى إمكانات أبو ظبي في الملف اليمني، والتنسيق المتسارع مع القوى المحلية الموالية للإمارات.

وفي هذا السياق، دعمت لندن نائب رئيس «مجلس القيادة الرئاسي»، قائد «المقاومة الوطنية» طارق صالح، من أجل فتح معارك جديدة، في وقت تستضيف فيه الولايات المتحدة قيادات من «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الذي سبق أن طالب بالشراكة ضمن التحالف الذي تقوده واشنطن، بشرط الحصول على دعم عسكري وازن وتعاون استخباري.

هكذا تبدو ملامح المعركة الجديدة ضد اليمن: تكثيف للحضور العسكري الأميركي – البريطاني في البحر الأحمر، بالتزامن مع فتح القوات الموالية للإمارات الجبهات، مسنودة بغطاء جوي أميركي، ليس من أجل تغيير المعادلة وإسقاط النظام في صنعاء، ولكن فقط من أجل الضغط على الأخيرة لإيقاف معركة البحر الأحمر.

لكن السؤال هو: هل ستنجح تلك الضغوط، في ظل تهديد “أنصار الله” بشن حرب واسعة تحمل في طيّاتها مفاجآت لا يتوقّعها الأميركي، وفق تصريحات القيادة في صنعاء؟ المفاجآت، بحسب التوقعات، ستجعل من كل الممرات البحرية في المنطقة تحت رحمة القدرات العسكرية اليمنية، من مضيق هرمز مروراً بباب المندب وحتى جنوب قناة السويس، وخليج العقبة وإيلات، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، فيما ستواجه صنعاء العبور العسكري والتجاري لواشنطن ولندن وتل أبيب، في هذه المنطقة التي تشكل العمق الاستراتيجي للأطراف الثلاثة.

وانطلاقاً مما تقدّم، يمكن فهم استراتيجية صنعاء في التعاطي مع تكتيكات واشنطن في البرّ اليمني. إذ لن تبدّد الأولى مزيداً من الوقت لمواجهة القوى المحلية في المناطق اليمنية، على غرار مواجهة التحالف السعودي – الإماراتي في السابق، لكنها ستلقي بكل ثقلها في المواجهة البحرية، مستفيدةً من حالة الضعف الواضح لقدرات واشنطن في التعاطي مع الهجمات التصاعدية خلال الأشهر الماضية.

*أحمد الحسني – جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الولایات المتحدة من أجل

إقرأ أيضاً:

واشنطن ترسل رسالة لروسيا والصين وإيران في البحر الأحمر.. هل هي قوية بما فيه الكفاية؟ (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة "ذا ديفنس بوست"، إنه لتحقيق نتائج دائمة، يجب على الولايات المتحدة أن تبني على انطلاقتها الأولى بتكثيف الجهود لوقف إمدادات الحوثيين في البحر الأحمر وتوجيه ضربات مباشرة ضد الأصول الإيرانية، إذا استمر عدوانهم.

 

وأضافت الصحيفة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" أنه وبدون حملة مستدامة، فإن هجوم البحر الأحمر قد يصبح خطاً أحمر آخر غير مطبق.

 

وذكرت " أخيراً، بدأت أمريكا تتخلص من الحوثيين.. هذه أخبار سارة، ليس فقط لاستعادة حرية الملاحة عبر البحر الأحمر، بل أيضاً لإرسال رسالة إلى منافسي الولايات المتحدة - الصين وإيران وروسيا - الذين كانوا، قبل أيام قليلة من الضربات الأمريكية، يستعرضون قوتهم من خلال مناوراتهم البحرية السنوية الرابعة في المياه القريبة.

 

لعبة القوة الإقليمية

 

وقالت "كما في السنوات السابقة، أُجريت المناورة الصينية الإيرانية الروسية - الحزام الأمني ​​البحري 2025 - في خليج عمان، وهي منطقة تُطل على نقطتي اختناق حيويتين: مضيق هرمز ومضيق باب المندب.

 

"في حين أن المناورة تضمنت عروضاً عسكرية متواضعة، إلا أن أهميتها الأكبر كانت رمزية: إذ أشارت إلى قدرة الشراكة الصينية الإيرانية الروسية على تعويض غياب الولايات المتحدة كجهة ضامنة للأمن الإقليمي، وفق التقرير.

 

وتابعت "بالنسبة لإيران، كانت المناورات بمثابة بيان مفاده أنه على الرغم من تغيّر نفوذها في لبنان وسوريا، إلا أنها لا تزال لاعبًا إقليميًا مهمًا بحلفاء أقوياء. كما استعرضت موسكو وبكين نفوذهما العالمي، بنشر قواتهما في الشرق الأوسط".

 

ولتأكيد هذه الرسالة، نشرت الصين سفنًا حربية من قاعدتها البحرية الخارجية في جيبوتي - عبر المضيق من اليمن - وهي قادرة على جمع المعلومات الاستخبارية وتوفير الإمدادات اللوجستية للسفن البحرية الإيرانية والروسية.

 

بثّ التلفزيون الرسمي الإيراني لقطات من المناورات، بينما أشار أحد المعلقين إلى منطقة مستقبلية "بدون أي وجود أمريكي" - وهي رسالة قد تلقى صدى لدى بعض الشركاء العرب، الذين يتزايد قلقهم بشأن ثبات الموقف الأمريكي في المنطقة.

 

وأشارت إلى أن ثلاث من دول مجلس التعاون الخليجي الست شاركت بصفة مراقب في المناورات، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن السنوات السابقة. وقد انسحبت دولة الإمارات العربية المتحدة، إحدى الدول المراقبة، رسميًا من التحالف الأمني ​​البحري متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة بعد أن شعرت بالإحباط من التقاعس الأمريكي تجاه إيران.

 

وقال "لحسن الحظ، دحض الهجوم الأمريكي الأخير على الحوثيين المدعومين من إيران هذه الرواية".

 

"مع أكثر من 85 غارة جوية في ثلاثة أيام فقط، ونشر مجموعة حاملة طائرات هجومية ثانية في المنطقة، تُعزز الولايات المتحدة التزامها بأمن الشرق الأوسط، وتُظهر قدرتها المستمرة على إبراز قوتها" تقول الصحيفة.

 

للحفاظ على هذا الزخم، وفيق التقرير يجب على واشنطن مواصلة نهجها. إن وقف عدوان الحوثيين أمرٌ بالغ الأهمية، ليس فقط لضمان تدفق الشحن التجاري عبر البحر الأحمر، ولكن أيضًا لتعزيز مصداقية الولايات المتحدة والثقة الإقليمية.

 

وزادت "إن عدم متابعة هذه الجهود قد يُثير الشكوك حول عزم الولايات المتحدة، وقد يُشجع جهات فاعلة أخرى على تحدي المصالح الأمريكية في أجزاء أخرى من العالم".

 

استمرار الضغط

 

وحثت الصحيفة بالقول "يجب أن تركز الحملة الأمريكية على استهداف المجالات الرئيسية لعمليات الحوثيين، بما في ذلك القيادة والسيطرة، وشبكات الاتصالات، والخدمات اللوجستية، والقيادة".

 

وقالت "ينبغي على القادة الأمريكيين أيضًا توضيح أن الحملة ليست محددة بفترة زمنية، وستستمر ما دام ذلك ضروريًا، متجنبين التراخي حتى لو أوقف الحوثيون هجماتهم مؤقتًا".

 

"علاوة على ذلك، ينبغي على واشنطن تشجيع الشركاء الأوروبيين على تكثيف مساهماتهم، لا سيما في جهود الاعتراض البحري وتبادل المعلومات الاستخباراتية، للحد من إعادة تسليح الحوثيين وحماية الاستقرار الإقليمي" كما ورد في التقرير.

 

وشددت الصحيفة على أنه من الضروري أيضًا أن تُحاسب الولايات المتحدة إيران على دعمها لأعمال الحوثيين. فعلى الرغم من نفي طهران الأخير، هناك أدلة كافية تربط إيران بأنشطة الحوثيين.

 

وقالت "يجب على واشنطن ضمان استمرار هذا الدعم. ينبغي أن يؤدي استمرار هجمات الحوثيين على إسرائيل أو السفن البحرية إلى توجيه ضربات أمريكية مباشرة لأصول النظام الإيراني المرتبطة مباشرة بدعم الحوثيين. لا شيء أشد فتكًا بالمصداقية من عدم تطبيق خط أحمر".

 

وخلصت صحيفة "ذا ديفنس بوست"، بالقول إن إرسال إشارة إلى الخصوم والشركاء باستعدادها لاستخدام القوة للحفاظ على مصالحها الحيوية في الشرق الأوسط وما وراءه يتطلب من الولايات المتحدة الوفاء بوعدها بوقف عدوان الحوثيين. إن عدم القيام بذلك سيرسل إشارات خطيرة حول عزم الولايات المتحدة - أو افتقارها إليه - في جميع أنحاء العالم.


مقالات مشابهة

  • الصحافة الأمريكية تطرح تساؤلات حول استهداف السعودية والإمارات جراء استمرار الحرب الأمريكية على اليمن
  • ‏تسريب الهجوم البري الأمريكي في اليمن: قراءة استراتيجية في تكتيكات الحرب غير المعلنة
  • الإمارات تنفي مشاركتها في محادثات مع واشنطن بشأن هجوم بري في اليمن
  • الإمارات تنفي مشاركتها في محادثات بشأن هجوم بري في اليمن
  • واشنطن ترسل رسالة لروسيا والصين وإيران في البحر الأحمر.. هل هي قوية بما فيه الكفاية؟ (ترجمة خاصة)
  • السعودية تفصح عن موقفها من عملية عسكرية برية في اليمن.. تفاصيل
  • الولايات المتحدة تدعم أسطولها بغواصة نووية جديدة
  • الولايات المتحدة تضرب مواقع الحوثيين في جزيرة كمران
  • مجلة أمريكية: اليمن يتحدى هجمات الولايات المتحدة بمواصلة إطلاقه الصواريخ على “إسرائيل”
  • الولايات المتحدة تعلن عن إبرام اتفاق نووي مع السعودية