أبناء غزة يستقبلون شهر رمضان بوجوه متعبة وقلوب مكلومة: عائلات تبحث عن كسرة خبز وشربة ماء للإفطار.. وأخرى تواصل الصوم
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
الثورة / افتكار أحمد
استقبل الفلسطينيون وخصوصا أبناء غزة شهر رمضان هذا العام بوجوه حزينة، ومتعبة، وقلوب مكلومة يعتصرها الأسى، حيث يخيم شبح الحرب والجوع، في القطاع المدمر الذي يحيط به الموت من كل مكان .
وسط أنقاض غزة، يتجمع نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في مدينة رفح في الجنوب، يعيش كثير منهم في خيام بلاستيكية، وبعضهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويواجهون نقصاً حاداً في الغذاء، بينما العائدون إلى الشمال أو من بقي ورفض النزوح يبحثون عن كسرة خبز وشربة ماء في أول أيام رمضان، وغالبيتهم لا يجدون شيئا يسد رمق جوعهم وعطشهم بعد صيام طويل، لم يبدأ مع حلول شهر رمضان وانما بدأ منذ خمسة اشهر، يصارعون الموت، الذي بات الأقرب لهم، والذي أخذ يفتك بالعشرات منهم وخصوصا الأطفال، وكبار السن أمهات وآباء يصفون حياتهم بالعصيبة مع حلول شهر رمضان ويروون قصصا مروعة لمآسيهم وآلامهم اليومية في ظل القصف والجوع والحصار المطبق عليهم.
حياة عصيبة
محمد، الذي أصيب في قدمه جراء قصف إسرائيلي خلال نزوح عائلته من حي الأمل غرب خان يونس، يصف حياته بالعصيبة جداً مع حلول شهر رمضان .. يقول لـ«رويترز» إن أيّام رمضان ستكون أكثر قسوة إذا لم نحصل على مساعدات غذائية
ويتساءل: «في الأوضاع المعتادة، نُرضي أبناءنا بتناول أي شيء، فماذا سنقدم لهم عند الإفطار والسحور في رمضان؟ وكيف سيصوم النازحون رمضان وهم صيام عن كثير من الطعام خلال أشهر الحرب؟ وهل ستقوى أجساد كبار السنّ أو الأطفال التي ضعفت على تحمّل الصيام دون تناول طعام كافٍ خصوصاً الصحي منه؟».
يسيطر القلق والحرن على ملامح المسن وهو يتحدّث عن دخول شهر رمضان هذا العام بحزن عميق وأوضاع معيشية أقرب إلى الموت منها للحياة، في ظل حرمان من الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة الآدمية، يتلعثم المسنّ في حديثه، بعد أن بكى حزناً على أحواله وأحوال كل الفلسطينيين، موارياً وجهه ليُخفي دموعه، وطالباً من ابنه الأكبر تغيير وجهة مقعده المتحرّك حتى يهدأ قليلاً، قبل أن يستأنف حديثه عن الجوع الذي يضرب أطنابه بين العائلات النازحة، فضلاً عن العوَز والفاقة والحرمان من معظم الاحتياجات وقسوة الحياة إلى حد لا يتحمّله بشر.
ويسترسل حديثه بالم يفطر القلوب : «عذاب النزوح لا يتصوّره عقل، ولا يحتمله أي إنسان؛ لكنّه يتضاعف مع دخول شهر رمضان وحالة الحرمان غير المسبوقة من الطعام والاحتياجات الأساسيّة المفقودة كلها تقريباً».
ويضيف : «لا أعلم ما الطعام الممكن تقديمه لأبنائي عند الإفطار أو السحور؛ وأنا لا أمتلك منه سوى معلبات قليلة لا تُسمن ولا تُغني من جوع؛ فنحن نوفّر الطعام يوماً بيوم، وتمر بعض الليالي التي لا نمتلك فيها ما نتناوله في اليوم التالي لولا ستر الله علينا».
مها، وهي أم لـ5 أطفال، بدورها تقول : «لم نقم بأي استعدادات لاستقبال شهر رمضان لأننا صيام منذ 5 أشهر»، وأضافت من رفح حيث تقيم مع عائلتها: «لا يوجد طعام، ليس لدينا سوى بعض المعلبات وقليل من الأرز.
صيام ودعاء
وقالت نهاد الجد التي نزحت مع عائلتها في غزة: «رمضان شهر مبارك رغم أن هذا العام ليس مثل كل عام، ولكننا صامدون وصابرون، نستقبل رمضان بالدعاء والصيام»، وأضافت: «في رمضان المقبل، نتمنى أن تعود غزة، ونأمل أن يتغير كل الدمار والحصار في غزة، ويعود الجميع في حال أفضل».
يجلس محمد الهسي (64 عاماً) على كرسيّ متحرك أمام خيمته في خان يونس محتضناً حفيده علاء (15 شهراً) وهو يفكّر في كيفيّة تدبير شؤون حياته مع دخول شهر رمضان، لعدم قدرته على شراء أي من الاحتياجات الغذائيّة الأساسيّة لأبنائه وأحفاده، عبثاً يُحاوِل المسن البحث عن وسائل أو بدائل تمكّنه من توفير ما يسدّ رمق عائلته المكونة من 15 فرداً خلال شهر الصوم، خصوصاً أن ما يحصل عليه من مساعدات محدودة كل عدة أسابيع لا يكفيهم بضعة أيام.
وفي رفح جنوباً، المدينة الأكثر اكتظاظاً بالنازحين في قطاع غزة، تتكرّر مشاهد البؤس والعوَز والقلق الشديد ذاتها من عدم قدرة العائلات النازحة على توفير أقل القليل من متطلّبات شهر رمضان لأبنائها.
أم طارق (46 عاماً)، النازحة من شمال القطاع قبل 4 أشهر، أوضحت أن زوجها وابنها الأكبر لم يتركا باباً إلا طرقاه طلباً لبعض المساعدات الغذائية، ولم يحصلا إلّا على وعود بالمساعدة فقط، وتؤكد انها وغيرها من الأمّهات لم يغمض لهن جفن خلال هذه الأيام وهن يفكّرن في كيفيّة تدبير أيام الصيام.
وتقول : إنّ ما يُقدّم عبارة عن معلّبات تفتقر، للاحتياجات الغذائيّة الأساسية، خصوصاً للأطفال الذين هم بحاجة ماسة للحفاظ على أجسادهم من الهزل، وتصف الأم حال أسرتها مع قدوم شهر رمضان بالأكثر بؤساً وحرماناً من أي وقت مضي
رغيف الخبر وفي في ظل سياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال بحق أهل غزة، أضحى الحصول على قليل من الخبز أمنية غالية، وسببا لإدخال الفرحة على قلوب الجائعين إن وجدوا لذلك سبيلا، ووثّقت العديد من الفيديوهات مشاهد تظهر فرح بعض العائلات والأطفال الغزيين بتلقيهم كسرات من الخبر تسد جوعهم ولو لساعات.
ونشر الصحفي الفلسطيني حسام شبات فيديو عبر حسابه على منصة إكس، يوثّق الفرحة الشديدة التي بدت على مسنة فلسطينية حين قدم لها الخبز الأبيض.
وعلّق على الفيديو بالقول «لم أجد أصعب من هذا المشهد كنت أتجول وأوزع الخبز الجاهز غير المتوفر أبدا بين المواطنين».
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أستاذ اقتصاد: الدولة تواصل جهودها لتحسين معيشة المواطنين
قال الدكتور محمود عنبر، أستاذ الاقتصاد، إنّ الدولة المصرية تتخذ مجموعة من القرارات اللازمة لضبط الأداء المالي، موضحا أنّها تتوسع أيضا في برامج الحماية الاجتماعية لبناء الإنسان.
مصر تتوسع في برامج الحماية الاجتماعية لبناء الإنسانوأضاف «عنبر»، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية «إكسترا نيوز»، أنّ كثيرًا من برامج الحماية الاجتماعية مرتبطة بشكل كبير ببناء الكادر البشري مثل مبادرة «حياة كريمة» و«بداية»، إذ أنها مبادرات لا تركز على الخدمات التي لها علاقة بمستوى رفاهية المواطنين فقط، لكن لها علاقة ببناء الكادر البشري سواء تأهيله من الناحية الصحية أو من الناحية التقنية والعلمية من خلال دعم البرامج التعليمية وإنشاء حاضنات الأعمال التي تتبنى فرص استثمارية.
التحول من العوز إلى منتج في العملية الاقتصاديةوتابع: «الدولة المصرية تواصل جهودها في تحسين مستوى معيشة المواطنين، ومن هنا يأتي التحول من فكرة الحماية الاجتماعية إلى العدالة الاجتماعية، بمعنى ألا يستمر الشخص في حالة العوز على المدى الطويل ولكن يتحول من خلال دعم الدولة إلى كونه يمثل قيمة مضافة للإنتاج المحلي ومنتجا في العملية الاقتصادية».