نيو دلهي : البلاد

 تظهر الهند كدولة رائدة في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة فهي لا تستجيب فقط للضغط الدولي فقط ولكنها تعمل بحماس على صياغة مستقبل بتماشى مع التزامها برعاية البيئة فإنها فضلاً من استثمارات ومبادرات الطاقة الشمسية مثل التحالف الدولي للطاقة الشمسية ( ISA )، تظل الهند مصدراً لحلول الطاقة العالمية حيث تظهر تفانيها في مجال الطاقة الخضراء والإستدامة .

وجاء ذلك في تقرير اصدرته الحكومة الهندية مؤخراً ” تتقدم الهند بشكل رائد نحو تحقيق التوازن الدقيق بين النمو الإقتصادي واعتماد الطاقة النظيفة حيث تضع الهند نفسها بشكل استراتيجي كلاعب رئيسي في مجال التقنيات الخضراء مما يرفع من مكانتها كقائد في مجال الإستدامة ” . كما تبين ذلك في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ ( COP28 ) أن الهند تتبع النهج الدقيق مع اولوياتها المحلية مع الضرورات العالمية ضمن اتفاقية باريس حيث تشمل الإنجازات الملحوظة توليد 40% من الكهرباء من مصادر الوقود غير الأحفوري وهو ما يتجاوز هدف عام 2030م بتسع سنوات ملفتة للإنتباه .

بالنسبة دور الهند خارج الحدود ، تمتد قيادة الهند من خلال التحالفات الدولية مما يظهر التزامها بالمساعي التعاونية مثل التحالف الدولي للطاقة الشمسية  والتحالف من اجل البنية التحتية القادرة على مواجهة الكوارث، LeadIT في مجال التكنولوجيا ، والبنية التحتية للدول الجزرية القادرة على الصمود والتحالف الكبير للحيوانات الكبيرة في حين أن الهند باعتبارها صوتاً للجنوب العالمي، وهي تجسد الإستدامة تتوافق بسلاسة مع المصالح الوطنية واحتياجات المواطنين . وفي هذا السياق ، أن الدور المحوري الذي تلعبه الهند في انشاء التحالف الدولي للطاقة الشمسية يمثل نقطة تحول في النضال العالمي ضد تغير المناخ حيث تم تأسيس التحالف الدولي للطاقة الشمسية في نوفمبر من عام 2016م والذي حصل على دعم من أكثر من 20 دولة من خلال اتفاقيتها الإطارية .

كما يمتلك التحالف الدولي للطاقة الشمسية استراتيجية طموحة تحت عنوان ” نحو 1000″ حيث تهدف هذه الإستراتيجية إلى جذب استثمارات بقيمة تريليون دولار أمريكي في مجال الطاقة الشمسية بحلول عام 2030م. بالإضافة إلى ذلك وهي تسعى جاهدة الى توفير الطاقة النظيفة لمليار شخص وتركيب 1000 جيجاوات من الطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم والتي ستساعد على تقليل انبعاثات الكربون العالمية بشكل كبير . ويعتبر التحالف الدولي للطاقة الشمسية مقره الرئيسي في الهند وهو أول منظمة حكومية دولية من نوعها قائمة على المعاهدات مما يبرز قيادة الهند في التصدي لتغير المناخ .

علماً أن الهند بدأت مسارها نحو الطاقة الشمسية في عام 2009م من خلال المهمة الوطنية للطاقة الشمسية حيث تلقى هذا المسار على دفعة أخرى عندما وضع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي هدفاً طموحاً جديداً يتمثل في انتاج 100 جيجاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2022م وبالفعل ، وقد حققت قصة الطاقة الشمسية في الهند نجاحاً كبيراً حيث وصلت القدرة الشمسية إلى اكثر من 29 جيجاواط ومن خلالها اجتذبت 42 مليار دولار أمريكي من الإستثمارات بين عامي 2015 و 2019م . وعلى الرغم من أنه يمثل فقط 2% من اجمالي توليد الكهرباء في الهند ، فقد تجاوزت الطاقات المتجددة بأكملها بحلول يناير 2024م نسبة 31.4% مع 17.3% من الطاقة الشمسية حتى أنها تجاوزت الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي دولة أكثر ثراءً في العالم .

وقد استهدف التحالف الدولي للطاقة الشمسية (ISA) الذي اقترحته الهند في عام 2015م، البلدان الواقعة في المناطق الأستوائية التي تتلقى وفرة من أشعة الشمس وهي من المتوقع أن تشهد نمواً كبيراً في الطلب على الطاقة في السنوات المقبلة . لذا، يهدف التحالف إلى تشجيع تلك البلدان على اعتماد الطاقة الشمسية كمصدر أساسي للطاقة من خلال خفض التكاليف حيث يستخدم التحالف الدولي للطاقة الشمسية استراتيجياً بما في ذلك ثلاثة تدابير رئيسية من اجل تقليل تكاليف الطاقة الشمسية على مستوى العالم .

ومن خلال استضافة الهند الأمانة العامة للتحالف الدولي للطاقة الشمسية والمساهمة مالياً في عملياته، تضع الهند نفسها في طليعة الجهود الدولية للدفاع عن الطاقة النظيفة والجدير بالذكر أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي سارعا إلى الدخول في شراكة مع التحالف الدولي للطاقة الشمسية مما يظهر تأثير التحالف على المستوى العالمي علماً أنه في عام 2021م ، انضمت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال المبعوث الرئاسي الخاص للمناخ جون كيري الى التحالف الدولي للطاقة  بإعتبارها العضو رقم الـ 101  .

وفي الجمعية السنوية السادسة في نيودلهي التي انعقدت في شهر نوفمبر من عام 2023م، حيث أعلنت التحالف الدولي للطاقة الشمسية عن زيادة التمويل لمشاريع الطاقة الشمسية في البلدان النامية علماً أن البرنامج العالمي لتيسير الطاقة الشمسية ( GSF) الذي يعالج القضايا الحاسمة في أفريقيا وهي دولة لها وصول منخفض للكهرباء مع الإستثمار المحدود في مجال الطاقة الشمسية على الرغم من الحقيقة أنها تمتلك 60% من موارد الطاقة الشمسية الرئيسية في العالم في حين انها تساهم بنسبة 1.3% فقط من الطاقة الشمسية العالمية مما يترك الملايين بدون كهرباء . ويهدف البرنامج العالمي لتيسير الطاقة الشمسية بقيادة الهند وهي أيضاً رئيس التحالف الدولي للطاقة الشمسية،  إلى جمع مبلغ قدره 100 مليون دولار أمريكي ليكون بمثابة حافز لجذب 10 مليارات دولار اضافية في استثمارات خاصة .

ومن المتوقع أن يوفر هذا الدعم المالي إمكانية الوصول إلى الطاقة النظيفة تجاه 35 إلى 40 مليون أسرة أفريقية مما يؤثر على نحو 200 مليون فرد بينما يلتزم أكثر من 110 دولة بمضاعفة قدراتها العالمية في مجال الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030م، فإن الهند بقيادة رئيس الوزراء مودي، تقف كقوة دافعة في تنفيذ هذه الأجندة العالمية التحويلية ويلاحظ أن الإتفاق الذي تم التوصل إليه خلال مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ يعكس التفاني الجماعي في تقييد ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتمثل رئاسة الهند لمجموعة العشرين علامة بارزة في هذه الرحلة .

وفي الختام ، يمكن القول فإن التأثير العميق للهند من خلال التحالف الدولي للطاقة الشمسية ليس مجرد انجاز وطني، بل هو منارة للأمل والتعاون تجاه العالم علماً أن التحالف الدولي للطاقة الشمسية بجانب النهج الديناميكي للهند في مجال الطاقة المتجددة ، يعمل بمثابة نموذج قوي للدول الأخرى مؤكدأ أن الإستدامة يمكن أن تكون حجر الزوايا للنمو الإقتصادي والتقدم البيئي العالمي .

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الهند

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء يلقي الضوء على سلاسل القيمة للمعادن الحرجة وأثرها في دعم التحول للطاقة النظيفة

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول «سلاسل القيمة للمعادن الحرجة»، حيث أشار التحليل إلى أن التحولات الاقتصادية والتكنولوجية السريعة، جعلت المعادن الحرجة عنصرًا لا غنى عنه في دعم البنية التحتية للتكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة، وتشمل المعادن الحرجة (الليثيوم والكوبالت والنيكل والعناصر الأرضية النادرة)، وتُشكل أساسًا لتقنيات حديثة تلبي احتياجات التحول العالمي نحو خفض الانبعاثات الكربونية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وأوضح التحليل أن تسارع الجهود الدولية لتحقيق الانتقال إلى أنظمة طاقة مستدامة، قد أسهم في تسليط الضوء على دور المعادن الحرجة، ليس فقط في تحسين أداء البطاريات وتطوير المركبات الكهربائية، ولكن أيضًا في تشغيل شبكات الكهرباء وتعزيز كفاءة تقنيات الطاقة المتجددة، مثل: الرياح والشمس، ومع تزايد الاعتماد على هذه التقنيات، بات الطلب على هذه المعادن ينمو بوتيرة غير مسبوقة، وهو ما يعكس تحولًا نوعيًّا في هيكل الطلب العالمي على الموارد الطبيعية.

أشار التحليل إلى أن المعادن الحرجة تُعد من العناصر الأساسية في تطوير تقنيات الطاقة النظيفة، حيث تُستخدم معادن، مثل: الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنجنيز والجرافيت في تحسين أداء البطاريات، وزيادة عمرها وكثافة طاقتها، ما يجعلها حجر الزاوية في تشغيل السيارات الكهربائية، وتخزين الطاقة المتجددة. كما تُعد العناصر الأرضية النادرة، مثل: النيوديميوم عنصرًا أساسيًّا في صناعة المغناطيسات الدائمة المستخدمة في توربينات الرياح، ومحركات السيارات الكهربائية، كما تعتمد شبكات الكهرباء على النحاس والألومنيوم، حيث يؤدي النحاس دورًا محوريًّا في التقنيات المتعلقة بالكهرباء جميعًا.

كما تستخدم معادن، مثل: الغاليوم والجرمانيوم بشكل أساسي في تصنيع أشباه الموصلات المتقدمة والخلايا الشمسية وتكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء، ويدخل الأنتيمون في تصنيع الذخائر والأسلحة، بينما يُعد الجرافيت مكونًا رئيسًا في بطاريات السيارات الكهربائية. هذه الصناعات تُعد أساسية في التحولات التكنولوجية الحالية، مما يُبرز أهمية هذه المواد في الاقتصاد العالمي.

واستعرض التحليل أهم القطاعات الدافعة إلى الطلب على المعادن الحرجة وهي:

-قطاع الطاقة المتجددة: حيث أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية تلعب دورًا محوريًّا في زيادة الطلب على المعادن الحرجة، فتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح يتطلب كميات من المعادن تفوق تلك المستخدمة في تكنولوجيا الوقود الأحفوري، إذ يتطلب إنتاج تيراوات ساعة من الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية 200%، و300% من المعادن مقارنة بمحطات الغاز الطبيعي. ومع التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، ازدادت كمية المعادن المستخدمة بنسبة 50% لكل وحدة طاقة منتجة.

-قطاع النقل البري: أشار التحليل إلى أن المركبات الكهربائية تستهلك كميات كبيرة من المعادن الحرجة، سواء كانت تعمل هذه المركبات بخلايا الوقود، أو البطاريات، حيث يتطلب إنتاجها مواد أكثر مقارنة بالمركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي Internal combustion Engines، التي تعتمد على تقنية يعود تاريخها إلى أكثر من قرن.

وأضاف التحليل أنه مع التوجه العالمي نحو الحد من تغير المناخ، يُتوقع أن يرتفع الطلب على المعادن المستخدمة في قطاع المركبات الكهربائية والبطاريات بما يزيد على 30 ضعفًا بحلول عام 2040، ومن المتوقع أن يتضاعف الطلب على الليثيوم بأكثر من 40 مرة، بينما سيزداد الطلب على الجرافيت والكوبالت والنيكل بمعدلات تتراوح بين 20، و25 ضعفًا. ومع تزايد الاعتماد على الكهرباء لتشغيل المركبات، سيزداد الطلب على النحاس بشكل ملحوظ. وفي الوقت نفسه، سيؤدي الانتشار المتزايد للمركبات الكهربائية إلى زيادة الضغط على مصادر الطاقة المتجددة، مما يعزز استخدام المعادن الحرجة في هذا القطاع أيضًا.

أفاد التحليل أن أسواق المعادن الحرجة شهدت تقلبات حادة في الأسعار في عام 2023، حيث انخفضت أسعار العديد من المعادن المستخدمة في بطاريات الطاقة النظيفة بشكل كبير، وهبطت أسعار الليثيوم بنسبة 75%، بينما تراجعت أسعار الكوبالت والنيكل والجرافيت بنسبة تراوحت بين 30%، و45%. وقد تزامن هذا الانخفاض في الأسعار مع زيادة كبيرة في العرض والمخزونات، حيث تجاوز العرض الطلب المتنامي في العديد من المناطق، مثل: أفريقيا وإندونيسيا والصين.

ومع ذلك، حافظ النحاس على مستوياته المرتفعة نسبيًّا، ولا يزال الطلب على المعادن الأساسية للطاقة النظيفة يشهد نموًّا قويًّا، فقد ارتفع الطلب على الليثيوم بنسبة 30% في عام 2023، بينما سجلت معادن أخرى، مثل: النيكل، الكوبالت، والجرافيت زيادات تتراوح بين 8%، و15%. وتعد السيارات الكهربائية أحد المحركات الرئيسة لهذا الطلب، حيث عززت مكانتها كأكبر مستهلك لليثيوم وزادت حصتها في الطلب على النيكل والكوبالت.

وأشار التحليل إلى أن إعادة التدوير والابتكار في تقنيات التعدين يُعدان حلًّا واعدًا لتخفيف الضغط على الإمدادات، حيث يمكن أن تقلل جهود إعادة التدوير من الطلب على المعادن الحرجة بنسبة تصل إلى 25% بحلول عام 2030، كما يمكن أن تخفِّض الكميات المعاد تدويرها من النحاس والكوبالت متطلبات الإمداد الأولية بنسبة 30%، المطلوبة بحلول 2040، مما يُبرز أهمية تحسين معدلات جمع المواد وإعادة معالجتها.

وأكد التحليل أنه رغم تقلبات السوق الحالية، تُشير التوقعات إلى استمرار نمو الطلب على المعادن الحرجة بفضل توسع مشروعات الطاقة النظيفة، وزيادة مبيعات السيارات الكهربائية، ومن المتوقع أن تتضاعف القيمة السوقية للمعادن الحرجة المرتبطة بعملية التحول من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، إلى 770 مليار دولار بحلول عام 2040، مع توقعات بأن يصل الطلب على الليثيوم إلى تسعة أضعاف مستواه الحالي، ويرتبط ذلك بشكل وثيق بتطورات صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، وهو ما يجعل تأمين الإمدادات لهذه المعادن من أهم القضايا الاقتصادية الاستراتيجية.

وأوضح التحليل أن الصين تُهيمن على إنتاج العديد من المعادن الحرجة، حيث تُسهم بأكبر حصة إنتاجية عالميًّا في معادن أساسية، مثل: الجاليوم (98%)، السيليكون (78.9%)، والمغنيسيوم (88.3%)، إضافة إلى الريادة في إنتاج المعادن الأرضية النادرة والجرانيت، ويوضح ذلك اعتماد السوق العالمية على الإمدادات الصينية بشكل كبير.

أشار التحليل إلى أن أفريقيا تمتلك احتياطات ضخمة من المعادن الحيوية التي تعد أساسية للتحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، مثل: الكوبالت والمنجنيز والجرافيت، حيث تستحوذ على نحو 48% من الاحتياطي العالمي من الكوبالت والمنجنيز، و22% من الجرافيت، في حين أن مساهمتها في إنتاج الليثيوم والحديد محدودة للغاية (1% فقط من الاحتياطي العالمي لكل منهما).

ومع ذلك، تُعاني القارة ضعف الاستفادة الاقتصادية، بسبب الاعتماد الكبير على تصدير المواد الخام بدلًا من تطوير صناعات محلية ذات قيمة مضافة، مثل: تصنيع البطاريات والمكونات الإلكترونية. وتحقق القارة 40% فقط من الإيرادات التي من الممكن أن تجمعها من المعادن الحرجة، مما يعكس عدم توازن في سلسلة القيمة العالمية، حيث تستفيد الدول المتقدمة بشكل أكبر من هذه الموارد، ويعكس هذا الوضع قصورًا في استغلال الثروات، بسبب ضعف البنية التحتية الصناعية، وغياب التكنولوجيا المتقدمة، وضعف الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويحد هذا القصور من قدرة القارة على الاستفادة الكاملة من الفرص التي يوفرها الطلب العالمي المتزايد على المعادن الحرجة في الصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.

وأضاف التحليل أنه مع تحول العالم نحو الطاقة النظيفة، وزيادة الطلب على المعادن، مثل: الجرافيت المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية، فإن عدم تطوير الصناعات المعتمدة على هذه المعادن يُفوِّت فرصة تعزيز دول قارة أفريقيا اقتصاداتها وتحقيق التنمية المستدامة، وهناك حاجة ملحة إلى تعزيز البنية التحتية الصناعية، وجذب الاستثمارات، وتطوير شراكات استراتيجية تمكنها من الانتقال من مرحلة تصدير المواد الخام إلى تطوير سلاسل القيمة المضافة.

وأوضح التحليل قيام الصين بإعادة تشكيل خريطة تصدير المعادن الحرجة، مضيفاً أنه في تصعيد جديد للصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة، أعلنت بكين حظر تصدير مجموعة من المعادن الحيوية التي تُستخدم بشكل أساسي في صناعة التكنولوجيا وأشباه الموصلات، مثل: الغاليوم، الجرمانيوم، والأنتيمون، إضافة إلى فرض قيود مشددة على تصدير الجرافيت، جاءت هذه الخطوة بعد يوم واحد فقط من إعلان واشنطن قيودًا جديدة تستهدف 140 شركة صينية تعمل في قطاع تصنيع الرقائق المتقدمة.

ولأن الصين تُعد المُنتج الأكبر عالميًّا لهذه المعادن، فإن هذه السيطرة تمنحها نفوذًا كبيرًا في السوق العالمية، وتتسبب القيود التي تفرضها في تأثيرات فورية على سلاسل التوريد، فعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار ثالث أكسيد الأنتيمون في أوروبا بنسبة 228% منذ بداية 2024، لتصل إلى 39 ألف دولار للطن المتري، وتظهر هذه الارتفاعات هشاشة اعتماد الأسواق العالمية على الصين، وتبرر الصين ذلك بمخاوف تتعلق بـ "الأمن القومي"، وحماية المصالح الوطنية.

أشار التحليل إلى أن قرار حظر الصين تصدير المعادن الحرجة أثار مخاوف من اضطرابات جديدة في سلاسل التوريد العالمية، حيث تُعد الولايات المتحدة إحدى أكبر الأسواق المستهلكة لهذه المعادن، ولم تُسجل الجمارك الصينية أية صادرات من الغاليوم أو الجرمانيوم المكرر إلى الولايات المتحدة حتى أكتوبر 2024، كما انخفضت شحنات الأنتيمون من الصين بنسبة 97% خلال أكتوبر 2024، ما يعكس تأثير القيود المفروضة.

أكد التحليل أن القيود الجديدة التي فرضتها الصين تُعد تحذيرًا عالميًّا حول أهمية تنويع سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الموردين الصينيين، حيث قد تشمل التداعيات طويلة الأجل زيادة الضغوط التضخمية العالمية، وتباطؤ الإنتاج في القطاعات التكنولوجية، وبالفعل، أُثيرت دعوات إلى تعزيز إنتاج المعادن محليًّا، وتقليل الاعتماد على الصين، فعلى سبيل المثال، تعمل الولايات المتحدة على تطوير مناجم الأنتيمون في ولاية أيداهو بدعم حكومي، بينما يؤكد الخبراء أن تطوير البدائل المحلية يحتاج إلى سنوات.

في سياق آخر، دعت الجمعيات الصناعية الصينية الشركات المحلية إلى زيادة اعتمادها على الرقائق المصنعة محليًّا، وتعزيز التعاون مع شركاء دوليين، وتبرز هذه التحركات استراتيجية الصين طويلة الأمد إلى تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية، وتوسيع نفوذها في السوق العالمية، ويصف الخبراء هذه الخطوة بأنها تصعيد خطير في "حرب تجارية بلا رابحين"، حيث أكدوا أن القيود المتبادلة قد تُعمق التوترات الجيوسياسية، وتُضعف التعاون العالمي في القطاعات التكنولوجية، ومع ذلك، تُظهر هذه الأزمة مدى أهمية المعادن الحرجة في تحديد موازين القوى الاقتصادية، مما يضع سلاسل التوريد العالمية تحت تهديد مستمر.

وأشار التحليل إلى عدد من الرؤى والتوصيات لأجل مستقبل مستدام للمعادن الحرجة منها:

-الاستثمار بشكل كبير في البنية التحتية الصناعية، والتركيز على تطوير تقنيات التصنيع المحلي التي تضيف قيمة إلى المعادن المستخرجة، مشيراً إلى أنه يمكن لمصر تطوير صناعات محلية لمعالجة المعادن، مثل: النيكل والكوبالت لتعزيز الإيرادات، كما فعلت جمهورية الكونغو الديمقراطية في سبيل تحقيق الاستفادة القصوى من المعادن الحيوية.

-بالإضافة إلى استحداث نظام تجاري عالمي أكثر انفتاحًا وإنصافًا لتحقيق العدالة في سلاسل القيمة العالمية خاصة في ظل الاتجاهات الحمائية السائدة، وتحديث الاتفاقيات التجارية لتوفير فرص أكبر للمشاركة في الصناعات الخضراء العالمية، مثل: السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، ومن خلال تحسين المناخ التجاري، يمكن لمصر أن تصبح مركزًا إقليميًّا لصناعة المعادن ذات القيمة المضافة.

-كذلك التحول نحو الاقتصاد الدائري، وهو نهج يتيح استخدام الطاقة المتجددة، ويمكن لمصر إعادة تدوير المعادن والنفايات الإلكترونية بإطلاق مشروعات متخصصة في هذه المجالات.

-وأيضاً دعم الابتكار في تقنيات التعدين النظيفة والمتقدمة، مثل: تطوير تقنيات لاستخراج المعادن بأسلوب يتوافق مع المعايير البيئية وزيادة كفاءة إعادة تدوير المعادن المهمة، مثل: الليثيوم والكوبالت، لتلبية الطلب العالمي المتزايد مع الحفاظ على الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى تعزيز البيئة التشريعية الداعمة للاستثمارات في قطاعي التعدين والطاقة المتجددة في مصر، مع تقديم حوافز حكومية فعّالة لتحفيز الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في مشروعات التعدين المستدامة، واعتماد أحدث تقنيات التكنولوجيا المتطورة.

-وتكثيف الجهود للاستثمار في تدريب العمالة المتخصصة في الصناعات المستدامة المصرية، مع تطوير برامج تعليمية متقدمة تركز على مفاهيم الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، بهدف إعداد جيل جديد من الكفاءات والخبراء يكون قادرًا على قيادة هذه القطاعات الحيوية في المستقبل.

اقرأ أيضاً«معلومات الوزراء»: البودكاست طفرة أخرى تستحوذ على اهتمام العالم الرقمي

معلومات الوزراء يستعرض تقريرا جديدا حول تداعيات «تغير المناخ على مستقبل الطاقة»

معلومات الوزراء يرصد جهود مصر في دعم غزة بآلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية

مقالات مشابهة

  • وزير الإعلام اللبناني: نعمل على إيجاد حلول للأزمات وتطوير الوزارات
  • محمد الخياط: مصر تنتج أكثر من 7500 ميجا وات من الطاقة المتجددة
  • معلومات الوزراء يلقي الضوء على سلاسل القيمة للمعادن الحرجة وأثرها في دعم التحول للطاقة النظيفة
  • وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي ممثلي شركة "فورتيسيكو" للطاقة لبحث تطورات استثمارات الشركة في مصر
  • الهند تخصص 2.3 مليار دولار للبحث والتطوير في مجال المفاعلات النووية
  • المشاط تلتقي ممثلي شركة "فورتيسيكو" للطاقة لبحث تطورات استثمارات الشركة في مصر
  • بأكبر مشروع في العالم.. الإمارات تعيد صياغة مفهوم الطاقة الموثوقة (فيديو)
  • عضو حزب حماة الوطن: مصر كانت وستظل داعمًا رئيسيًا للقضية الفلسطينية
  • العراق يلجأ للطاقة الشمسية في مواجهة أزمة الكهرباء
  • مشاورات جديدة بين وكالة الطاقة الذرية وروسيا