يرى خبراء ومحللون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى تدشين مرحلة جديدة في حربه على قطاع غزة تنطلق من عدم رغبته في إنهاء الحرب لاعتبارات شخصية، ويتوقعون أن تحظى تلك المرحلة بغطاء من الإدارة الأميركية حتى وإن ظهر في الأفق اتساع دائرة الخلاف بين الطرفين.

وكان نتنياهو قال لموقع بوليتيكو الإخباري إن إسرائيل على وشك إنهاء الجزء الأكبر من الحرب التي قال إنها قاب شهرين أو أقل حتى تطوى صفحتها نهائيا، مشددا على أنه لا وقف لإطلاق النار دون إطلاق سراح الأسرى لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وفي سياق حديثه عن الموقف الأميركي، يرى نتنياهو أن هناك توافقا بشأن الأهداف الأساسية وخلافات حول كيفية تحقيقها، وهي التي ظهرت بشكل أوضح في حديث الرئيس الأميركي جو بايدن بأن نتنياهو يضر بإسرائيل أكثر مما يساعدها، حيث يجعل بقية العالم تعارض ما تمثله إسرائيل.

هذا الخلاف يعتبره الدكتور خليل العناني أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية صوريا وليس حقيقيا، ويتعلق بأمور تكتيكية وليست جوهرية، فالإدارة الأميركية -حسب حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- شريكة شراكة كاملة للاحتلال في عدوانها على قطاع غزة وليست مجرد داعم خارجي.

وأضاف أن نتنياهو يرى أن الحرب مشروع سياسي وهدف في حد ذاته وليست وسيلة لتحقيق غايات أخرى، لما هو معلوم من ارتباط إيقاف الحرب بمحاسبته، سواء على ملفات فساد سابقة أو إخفاقه في التصدي لهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أو فشله في تحقيق أي منجز عسكري على الأرض.

ضوء أخضر أميركي

ويضيف العناني أن الضوء الأخضر والدعم اللامحدود من الإدارة الأميركية لا يجد معهما نتنياهو أي سبب لإيقاف حربه العبثية في غزة، معتبرا حديث بايدن المتصاعد عن الجانب الإنساني وإعلانه السعي لإنشاء ممر بحري ليسا إلا شكلا من أشكال حملة علاقات عامة لتبييض وجهه داخليا في ظل تراجع شعبيته الواضح.

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة أن نتنياهو مع إصراره على استمرار الحرب يسعى إلى تدشين مرحلة جديدة منها لها عنوانان أساسيان، الأول استمرار الضغط العسكري على المقاومة، والآخر وبخط مواز استغلال الكارثة الإنسانية بحيث تتحول إلى عنصر ضغط على المدنيين.

وفي هذا السياق، أشار الحيلة إلى ما تحدثت عنه تقارير من تواصل منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غسان عليان مع شخصيات داخل غزة في محاولة لتشكيل إدارة بديلة لحماس على الأرض، وهو ما أكد مفوض عام العشائر الفلسطينية في قطاع غزة عاكف المصري ‎رفض التعاطي معه بشكل قاطع.

وربط الحيلة بين حديث نتنياهو عن حاجة الحرب لشهرين حتى تحقق أهدافها وما ذكرته المصادر الأميركية من حاجة الممر البحري وإنشاء رصيف قبالة شواطئ غزة إلى شهرين، معتبرا أن ذلك يأتي في إطار تنسيق مخطط لم يتم الإفصاح عنه لاستغلال ملف الإغاثة لإيجاد سلطة بديلة لحركة حماس.

سياسة الأمر الواقع

واعتبر المحلل السياسي الفلسطيني نجاح هذا المخطط مرهونا بسياسة الأمر الواقع ومن ستكون له الغلبة في الميدان، مؤكدا في الوقت ذاته تورط واشنطن في تلك المساعي التي يعمل نتنياهو على تحقيقها.

من جهته، يرى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي أن إصرار نتنياهو على خيار الحرب يعتمد على أنه لا خيارات حقيقية أخرى له، وأن استمراره في تكرار ادعاءاته بالقدرة على تحقيق النصر وقربه منه يأتي في ذلك الإطار.

وفي هذا الصدد، يشير الشوبكي إلى قراءات سابقة قُدمت لسياسة نتنياهو -وبعضها من مصادر إسرائيلية- بميله إلى جر الحروب لمرحلة تمييع والوصول إلى مرحلة لا يمكن القول فيها بشكل مطلق إن هناك منتصرا ومهزوما، مما يمكنه من تقديم ادعاءات قابلة للتأويل كما حصل في حروب سابقة.

ويرى أن مساعي نتنياهو في حربه ضد حماس لم تعد عسكرية فقط، وأن الخطوة اللاحقة تتمثل في خلق ملفات تمكن من وجود مساحات لخلافات فلسطينية فلسطينية، معتبرا ذلك أمرا كارثيا في حال تحققه، ويستلزم يقظة وحراكا من الفصائل الوطنية الفلسطينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان حريات

إقرأ أيضاً:

بين الانقسام والانتقام.. سوريا تدخل مرحلة اضطرابات جديدة

تحدث الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع مراراً عن ضرورة دمج الجماعات المسلحة العديدة التي حاربت للإطاحة بالرئيس بشار الأسد في جيش وطني موحد.

لم تظهر أي أدلة مباشرة تربط هذه الفظائع بكبار المسؤولين في الحكومة الجديدة

إلا أن صحيفة "نيويورك تايمز" لفتت إلى أن موجة العنف التي اندلعت هذا الشهر في شمال غرب سوريا، والتي أودت بحياة مئات المدنيين، أوضحت مدى بُعد هذا الهدف، بل أظهرت افتقار الحكومة إلى السيطرة على القوات الخاضعة لقيادتها، وعجزها عن مراقبة الجماعات المسلحة الأخرى، وفقاً لخبراء.

وبدأت موجة العنف عندما هاجم متمردون من فلول الأسد القوات الحكومية في 6 مارس (آذار) في مواقع مختلفة عبر محافظتين ساحليتين تُعتبران معقل الأقلية العلوية في سوريا. وردّت الحكومة بتعبئة واسعة النطاق لقواتها الأمنية، انضمت إليها جماعات مسلحة أخرى ومدنيون مسلحون، وفقاً لشهود عيان ومنظمات حقوق إنسان ومحللين تابعوا أحداث العنف.

صورة الأحداث

وانتشر هؤلاء المقاتلين، في محافظتي طرطوس واللاذقية، حيث قاتلوا المتمردين المعارضين للسلطات الجديدة، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان. لكنهم قصفوا أيضاً أحياءً سكنية، وأحرقوا ونهبوا منازل، ونفذوا عمليات قتل طائفية، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان.  

Syria's new leadership faces Kurdish protests and growing unrest, UN demands accountability as sectarian violence kills hundreds@ShivanChanana brings you this report pic.twitter.com/mjcdWBLPab

— WION (@WIONews) March 16, 2025

وتقول الصحيفة إن الأمر سيستغرق بعض الوقت لتوضيح صورة الأحداث، نظراً لانتشارها الجغرافي، وعدد المقاتلين والضحايا المتورطين، وصعوبة تحديد هويتهم وانتماءاتهم، لكن العنف على الساحل مثّل الأيام الأكثر دموية في سوريا منذ الإطاحة بالأسد في ديسمبر (كانون الأول)، مما يُظهر الفوضى السائدة بين الجماعات المسلحة في البلاد.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي منظمة ترصد الصراعات، في تقرير لها الأسبوع الماضي إن الميليشيات والمقاتلين الأجانب التابعين للحكومة الجديدة، ولكن غير المندمجين فيها، هم المسؤولون الرئيسيون عن عمليات القتل الجماعي ذات الدوافع الطائفية والانتقامية هذا الشهر.
وذكر التقرير أن ضعف سيطرة الحكومة على قواتها والمقاتلين التابعين لها، وعدم التزام تلك القوات باللوائح القانونية، كانا "عاملين رئيسيين في تزايد نطاق الانتهاكات ضد المدنيين".

وأضاف أنه مع تصاعد العنف "سرعان ما تحولت بعض هذه العمليات إلى أعمال انتقام واسعة النطاق، مصحوبة بعمليات قتل جماعي ونهب نفذتها جماعات مسلحة غير منضبطة".

لجنة تقصي حقائق

ويوم السبت، رفعت الشبكة عدد عمليات القتل التي وثقتها منذ 6 مارس (آذار)  إلى أكثر من 1000 شخص، كثير منهم مدنيون.

وقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان، إجمالي عدد القتلى بـ 1500، معظمهم من المدنيين العلويين. 

Syria’s Struggle to Unify Military Was Evident in Outburst of Violence https://t.co/0TSZNIb76A

— Caleb McMurtrey (@CalebBMcMurtrey) March 17, 2025

ولم تظهر أي أدلة مباشرة تربط هذه الفظائع بكبار المسؤولين في الحكومة الجديدة، بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع.

وأعلنت الحكومة أنها شكلت لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في أعمال العنف، وتعهدت بمحاسبة كل من ارتكب انتهاكات ضد المدنيين.

وقال الشرع في مقابلة مع "رويترز" نُشرت الأسبوع الماضي: "سوريا دولة قانون. سيأخذ القانون مجراه على الجميع".

واتهم الشرع المتمردين المرتبطين بعائلة الأسد والمدعومين من قوة أجنبية لم يُسمَها، بإثارة العنف، لكنه أقرّ بأن "أطرافاً عديدة دخلت الساحل السوري، ووقعت انتهاكات عديدة". وقال إن القتال أصبح "فرصة للانتقام" بعد الحرب الأهلية الطويلة والمريرة.

مقالات مشابهة

  • مباحثات غزة.. وفد إسرائيلي بعد «حماس» في القاهرة لـ مفاوضات مرحلة جديدة
  • وزير الخارجية الأوكراني: تواجد قوة حفظ سلام في أراضينا تدخل مرحلة التنفيذ
  • بين الانقسام والانتقام.. سوريا تدخل مرحلة اضطرابات جديدة
  • محللان: هذا ما يسعى إليه نتنياهو من إقالة رئيس الشاباك
  • قاضٍ أميركي يمنع ترامب من استخدام صلاحيات قانون يعود لعام 1798
  • مسؤول أميركي: الشركات الأميركية مهتمة بالاستثمار في قطاع الطاقة الليبي
  • المختارة نحو مرحلة جديدة.. جنبلاط: متمسكون بهوية لبنان العربية
  • قاض أميركي يمنع ترامب من استخدام صلاحيات زمن الحرب لترحيل المهاجرين
  • الأمم المتحدة: السوريون يعيشون مرحلة جديدة بعد 14 عامًا من الصراع
  • الأمم المتحدة: سوريا تدخل مرحلة جديدة بعد 14 عامًا من الصراع