٢٦ سبتمبر نت:
2025-03-12@08:44:23 GMT

(نص) المحاضرة الرمضانية الأولى للسيد القائد

تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT

(نص) المحاضرة الرمضانية الأولى للسيد القائد

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

إدراك شهر رمضان من جديد يعتبر فرصة ثمينةً ومهمةً ومتجددةً للإنسان، شهر رمضان المبارك بما فيه من بركات، وبما فيه من أجواء، تساعد الإنسان للانتفاع بهدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" والتذكُّر، والخروج من حالة الغفلة، والانتباه إلى نفسه، إلى واقعه، إلى أعماله، يعتبر فرصةً عظيمةً للإنسان؛ لأنه يتهيأ فيه للإنسان من إصلاح نفسه، وتزكية نفسه، والسعي للرجوع إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" بالتوبة والإنابة، وكذلك الارتقاء في واقعه الإيماني، والأخلاقي، والنفسي، ما لا يتهيأ في غيره، بالبركات التي جعلها الله فيه، وبما يهيئه الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" للإنسان، من أثر الصيام، والقيام، والأعمال الصالحة، وبالعطاء الذي من الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ لذلك على الإنسان أن يدرك أهمية هذه الفرصة، وقيمة هذه الفرصة؛ حتى لا يهدر أيام شهر رمضان، ولياليه المباركة، من دون استفادةٍ منها واغتنامٍ لها.

الإنسان في هذه الحياة تطرأ عليه الكثير من المتغيرات، وهو في مسيرة الحياة من عامٍ إلى عام متغيرات في نفسه، وفي عمره، الصغير يكبر ويتحول إلى شاب، ويبدأ في مسيرة حياته على نحوٍ مختلف عمَّا كان عليه في طفولته، يتزوج، يصبح له عائلة، يتحمل مسؤوليات جديدة في هذه الحياة، يدخل في متغيرات كثيرة في واقعه النفسي وفي ظروف حياته، الشاب يتجه نحو الكهولة، ويخرج من مرحلة الشباب، بما كان فيها من طاقة، وقدرة، وقوة، وصحة، وبما كان فيها من نشاط، بما كان يمتلك فيها من طاقات، تتغير أحواله ويتجه نحو الكهولة، كذلك ما بعد الكهولة يخرج الإنسان إلى مرحلة الشيخوخة والهرم.

فالإنسان في مسيرته في هذه الحياة تطرأ عليه هذه التغيرات، على مستوى النفس، وعلى مستوى العمر، هذا إن استمر في مرحلة العمر إلى مرحلة الشباب، ثم إلى مرحلة الكهولة، ثم إلى مرحلة الشيخوخة، وإلَّا فالكثير من الناس يرحل من هذه الحياة ما قبل ذلك، الكثير من الناس يرحلون وهم في مقتبل العمر، البعض وهم في حالة الشباب، البعض في بداية الكهولة، كم من الناس يرحلون أفواجاً.

أيضاً فيما يتعلق بواقع الإنسان وأحواله، من اليسر والعسر، والصحة والمرض، تطرأ عليه الكثير من المتغيرات، والكثير من الناس قد ينتقل من حالة الصحة والنشاط والعافية، إلى المعاناة من أمراض مزمنة، تستمر معه في بقية حياته، ويصبح معانياً منها، من آثارها، من أضرارها، معاناة بأشكال متنوعة، بحسب نوعية تلك الأمراض والأعراض. أحوال الناس من فقرٍ وغنى تحصل فيها الكثير من المتغيرات، أحوال الناس من أمنٍ وخوف، تحصل فيها الكثير من المتغيرات.

وهكذا تطرأ على الإنسان الكثير في نفسه، في أحواله، في ظروف حياته، ثم في الواقع من حوله، الواقع من حول الإنسان كم تطرأ فيه من متغيرات كبيرة، ومتنوعة، ومتعددة، لها تأثيرها على الإنسان بشكلٍ أو بآخر.

لكن مهما كانت هذه المتغيرات، هي تأتي في إطار رحلة الإنسان ومسيرة حياته، والإنسان في مسيرة حياته وفي هذه الرحلة، بما يطرأ فيها من متغيرات، هو يسير إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، مصيره الحتمي إلى الله "جلَّ شأنه"، {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}، هكذا يقول الله في القرآن الكريم، الإنسان يرى أنه لا يبقى في وضعية واحدة، ولا في حالة واحدة، بل يرى نفسه فعلاً في رحلة هذه الحياة ومسيرة هذه الحياة يتجه إلى هذا المنتهى: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}[العلق: من الآية8]، إلى الله المنتهى، وإليه الرجعى، والمصير إليه "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، كما قال في القرآن الكريم: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ}[ق: الآية43]، الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" هو الذي أحياك، هو الذي وهبنا هذه الحياة، في مسيرة هذه الحياة هو "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" الذي يمنحنا ما يمنحنا، ويربينا، وينتقل بنا في أعمارنا، في أحوالنا، من الطفولة، وهكذا إلى الشباب، وثم وصولاً إلى نهاية هذه الرحلة في هذه الدنيا، للانتقال إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، وإلى عالم الآخرة.

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ}: الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" هو الذي يحيينا وهو الذي يميتنا، {وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ}: مصير الجميع إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، مصير كل إنسان، مصير كل هذه المخلوقات، يقول "جلَّ شأنه": {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[آل عمران: من الآية28]، يقول "جلَّ شأنه": {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ}[غافر: الآية3]، يقول "جلَّ شأنه": {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[فاطر: من الآية18].

فمصير كُلٌّ منَّا إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، ومسيرة حياته هي تتجه به إلى هذا المصير، والرحلة التي هي في هذه الحياة، يتنقل فيها الإنسان من حالٍ إلى حال، ومن مرحلةٍ إلى مرحلة، هي تتجه به إلى هذا المصير: إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى".

ولذلك فإن الإنسان مهما كان معانداً، وعاصياً، ومغروراً، وغافلاً، ومبتعداً عن نهج الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ أو كان مهملاً، وغافلاً، ومقصراً، ومتجاهلاً، ولا يلتفت بجديَّة إلى مستقبله المهم، إلى مصيره المهم، هذا لن يعفيه أبداً من هذا المصير، هو يتجه رغماً عنه إلى هذا المصير: إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، مهما استحكمت به الغفلة، ومهما وصل به العناد والغرور، فحتمية الرجوع إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" لا مناص منها؛ ولذلك عندما قال "جلَّ شأنه": {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}؛ ليذكِّرنا بهذه الحقيقة.

يقول "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى": {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا}[يونس: من الآية4]، هل أحد يستطيع أن يستثني نفسه عن هذا المصير، عن هذا المرجع إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"؟ هل هناك في هذه الدنيا أحدٌ من الناس، مهما كانت قدرته، مهما كانت إمكانياته، مهما كان موقعه، مهما كان يمتلك من وسائل الحماية لنفسه، هل يستطيع أن يستثني نفسه من هذا المرجع إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، الكل، الجميع مرجعهم إلى الله، مصيرهم إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، وجهتهم التي يتجهون إليها هي هذه الوجهة: إلى الله "جلَّ شأنه": {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}[يونس: الآية4]، فالمرجع الحتمي للإنسان في مسيرته من هذه الحياة إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، والمنتهى إليه، والمصير إليه؛ ليحاسب، ويجازي، ويثيب، ويعاقب؛ ولذلك فعلى الإنسان أن يدرك أنه لا مناص أبداً من هذا الرجوع إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، ورجوع للحساب، للجزاء على الأعمال، كما قال "جلَّ شأنه": {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[المائدة: من الآية105].

فالإنسان معنيٌ، إذا كان يريد الخير لنفسه، إذا كان يريد السلامة لنفسه، إذا كان يريد النجاة لنفسه، أن يتذكر مسؤوليته أمام الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" تجاه أعماله، وأن الله رقيبٌ عليه، وأنه سيحاسبه ويجازيه، هذا التذكر للرجوع إلى الله، والاستشعار للرجوع إلى الله؛ لأن الإنسان لا يعرف بالتحديد متى سينتقل من هذه الحياة، متى هو موعد رحيله من هذه الحياة، في هذه الرحلة الحتمية إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، في هذا المصير والمرجع إلى الله "جلَّ شأنه"، لا يعرف متى، فإذا كان يستشعر قرب لقاء الله "جلَّ شأنه"، ويتوقع هذا اللقاء، يتوقعه قريباً، هذا له أثره المهم على نفسية الإنسان، على إدراك أهمية ما يعمل، على الانتباه لما يعمل، على الحرص على أن يعمل الأعمال التي فيها نجاته، وفلاحه، وفوزه، وسلامته من عذاب الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ ولهذا يقول الله "جلَّ شأنه": {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ أَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.

فالاستشعار للرجوع إلى الله، والقرب للقاء الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، والتذكر لحتمية الرجوع والمصير إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، له أهميته الكبيرة على الإنسان؛ فيدرك قيمة مثل هذه الفرص، مثل شهر رمضان، عندما يكون في هذه الفرصة، بما فتح الله فيها للإنسان من آفاق واسعة، وهيَّأ له أيضاً من الفرص العظيمة، التي يرتقي فيها على مستوى تربية نفسه، وتزكية نفسه، وعلى مستوى أن يحظى برصيدٍ عظيمٍ من العمل الصالح، وعلى مستوى التوبة، والرجوع، والإنابة إلى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى".

من أهم ما ينبغي أن نركِّز عليه في شهر رمضان هو: الإقبال على هدى الله، وأن نفتح قلوبنا لهدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، من واقع الشعور بالحاجة إلى هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ لأن هدى الله في ما فيه من مضامين، في ما فيه من تذكير، إذا أقبلنا عليه، وفتحنا قلوبنا له، وأصغينا له، وشعرنا بحاجتنا إليه، فيه ما يفيدنا، فيه ما هو كما قال الله عنه: {شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ}[يونس: من الآية57]، في هدى الله ما يشفي صدورنا، ما يعالج الكثير من الترسبات السلبية المؤثرة علينا، فيه ما تلين له القلوب، مع الإقبال، مع الرجوع، مع الاهتمام، فيه أيضاً ما يرسم لنا في مسيرة حياتنا الأعمال الصالحة، ويرشدنا إلى الصراط المستقيم، الذي يصل بنا إلى الغايات العظيمة في هذه الرحلة نحو الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى".

الإنسان في ظروف حياته قد يغفل، الغفلة حالة تحصل للإنسان، وينسى، ولكن إذا كان ممن يتفاعل مع التذكير، وينتفع بالتذكير، كما هو حال الإنسان المؤمن؛ فهو يخرج من حالة الغفلة، وإن غفل؛ فهي حالة عارضة بالنسبة له، لا تستحكم إلى درجة السيطرة التامة عليه، والاستمرار في حالة التيه الدائم؛ ولذلك يقول الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[الذاريات: الآية55]، المؤمن ينتفع بالتذكير؛ للخروج من حالة الغفلة، للانتباه إلى ما لديه من تقصير، وكذلك لما عليه أن يعمل، لما يرشده الله إليه من الأعمال العظيمة والمهمة، التي فيها فلاحه، وفوزه، ونجاته، وصلاح حياته، ولها أهميتها بالنسبة إليه في الآخرة، ويستفيد أيضاً في الارتقاء الإيماني؛ ليرتقي في إيمانه أكثر وأكثر، وإلَّا فإذا كان الإنسان لا يتنبه، وبقيت علاقته بهدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" علاقة روتينية اعتيادية، أصبح مسألة روتينية اعتيادية، فهي حالة خطيرة على الإنسان، لم يعد ينتفع بما سمع من الهدى، وما ذكِّر به من الهدى، من آيات الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى".

ولهذا يحذِّر الله "جلَّ شأنه" من هذه الحالة، حينما قال سبحانه: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}[الحديد: من الآية16]، {أَلَمْ يَأْنِ}: إلى متى سيبقى الإنسان في حالة غفلة، في حالةٍ يتعامل فيها مع هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" تعاملاً روتينياً اعتيادياً، من دون تأثر، من دون انتفاع، من دون تفاعل، تفاعل بقلبه ومشاعره، يكون أثره في واقعه العملي، في اهتماماته العملية، {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}[الحديد: من الآية16].

في مقدِّمة ما يحرص الإنسان عليه من بداية شهر رمضان، هو: إصلاح علاقته مع هدى الله؛ ليكون ممن يتذكَّر، وينتفع، ويُقبِل بإصغاء على هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويسعى للانتفاع بهدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"؛ لأن هذا- كما قلنا- هو شأن المؤمنين، كما بيَّن الله في القرآن الكريم، المؤمن ينتفع بالذكرى، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[الذاريات: الآية55]، تترك الذكرى أثرها على نفسه، على وجدانه، على مشاعره؛ لأنه بإيمانه قريبٌ من الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، علاقته إيجابية مع هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، مع القرآن الكريم؛ ولذلك ينتفع، ويستفيد.

يقول الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى": {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى}[الأعلى: 9-13]، الحالة خطيرة على الإنسان، إذا أصبح في واقعه لم يعد يتفاعل مع هدى الله، لم يعد يتأثر بهدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، بل يصل الحال بالبعض إلى درجة أن ينفر من سماع هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، أن يفقد الرغبة لسماع الهدى بشكلٍ تام؛ ولذلك قد يصل به الحال إلى أن يمتنع عن أن يسمع هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، ويوبِّخ الله من يصلون إلى مثل هذه الحالة في قوله "جلَّ شأنه": {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}[المدثر: 49-51]، حالة خطيرة على الإنسان، الإنسان إذا وصل إلى هذه الحالة، معناه: أنه لم يعد يخشى الله، مات الإيمان في قلبه، ماتت الخشية من قلبه، أصبحت حالته الإيمانية تجاه الآخرة، تجاه وعد الله ووعيده، حالة ضعيفة جداً، أو حالة منتهية، تلاشت من قلبه، فالموضوع خطير.

ولذلك ينبغي على الإنسان أن يحرص هو على تهيئة نفسه ومشاعره، لتلقي هدى الله تعالى، والانتفاع به، الانتفاع بالتذكير في إصلاح ما لديه من خلل، في الانتباه لما هناك من أعمال ذات أهمية كبيرة، وأن يحذر من أن يصل إلى حالة الإعراض عن الهدى، التي تبدأ بعلاقة باردة مع هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، تتلاشى فيها حالة التفاعل، حالة الإقبال، حالة الانتفاع، ثم تبدأ حالة النفور والوحشة، وانعدام الرغبة لسماع هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، وعدم الرغبة حتى إلى سماع القرآن، أو تلاوة القرآن الكريم، ثم يتَّجه الإنسان اتجاهاً آخر في حياته والعياذ بالله.

يقول الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}[الكهف: من الآية57]، حالة الإعراض هي الحالة التي يتَّجه الإنسان إليها بعد أن يفقد العلاقة الإيجابية مع هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، بعد أن يقسو قلبه، بعد أن يفقد التأثر بهدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، والانتفاع من الذكرى، يتَّجه إلى حالة الإعراض عن هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، فلم يعد ينتفع به، ولا يتفاعل معه، ولا يتأثر به، ولا يكون له أي نتيجة في واقعه العملي، كأنه لم يسمع، كأن في أذنيه وقراً، كما يشبِّه الله هذه الحالة في القرآن الكريم، فيصل الإنسان إلى حالة خطيرة جداً على نفسه، يظلم نفسه بذلك، ويتجه إلى إنسان ظلوم في هذه الحياة، منحرف عن تعليمات الله، عن توجيهات الله؛ لأن الإنسان إذا فقد ارتباطه بهدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، وفك هذه الصلة، وابتعد عن هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، لم يعد يسمعه، لم يعد يتفاعل معه، لم يعد يتأثر به؛ فهو على المستوى العملي أيضاً على مستوى أعماله، التزاماته العملية، سلوكياته، تصرفاته، سيبتعد كما ابتعد عن السماع للهدى، عن التفاعل مع الهدى، عن الإقبال على الهدى، ففي الواقع العملي كذلك.

يبدأ الإنسان مع قسوة القلب، ومع البعد عن الهدى، والغفلة عن الهدى، يتَّجه في مسيرته العملية اتجاه المعرض عن هدى الله، عن آيات الله، عن تعليمات الله، عن توجيهات الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، فيتصرف بعيداً عن ذلك، لم يعد لديه إحساس بالمسؤولية تجاه ما يعمل، وأنَّه سيحاسب، وأنه سيجازى، وأنَّ عليه أن يعمل الأعمال الصالحة، وأن يرتبط في عمله ومسيرة حياته بهدى الله وتعليماته.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}، والحالة فعلاً أيضاً حالة سيئة بالنسبة للإنسان؛ لأنه يسيء إلى الله حينما يتجاهل آيات الله ربه، الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" هو ربنا، الخالق لنا، المنعم علينا، الرازق لنا، والذي إليه مصيرنا، لا مناص لنا من ذلك، إليه مرجعنا جميعاً، فالإنسان حينما يصل به الحال أنه لم يعد يتفاعل مع هدي الله، مع آيات الله، مع تعليمات الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، والله ربك المنعم عليك، فهذه حالة خطير جداً.

{وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}، ينسى الإنسان المسؤولية تجاه ما يعمل، كأنَّ الحياة فوضى، كأنه لا حساب، ولا جزاء، ولا ثواب، ولا عقاب، كأنه ليس لأعماله آثارها ونتائجها عليه هو، جزءٌ من تلك الآثار والنتائج في هذه الدنيا، وجزءٌ منها وهو الكبير والأوفى في عالم الآخرة، التي هي عالم جزاء للأبد، عالم جزاءٍ للأبد، وجزاء كبير.

هذه الحالة إذا وصل فيها الإنسان، وتلاشت علاقته مع هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" على المستوى الإيجابي، وقسى قلبه، وأصبح معرضاً؛ يخذل والعياذ بالله، يخذل، ويسلب بالتوفيق؛ ولهذا يقول الله: {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف: من الآية57]، مع الإعراض، مع التجاهل لهدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، مع الغفلة التي يتجه إليها الإنسان، ثم هو ذلك الذي ينفر، ولم يعد يرغب في أن يسمع هدى الله، ولا أن يذكَّر بآيات الله "جلَّ شأنه"، يخذل بشكلٍ تلقائي، أوتوماتيكي، قلبه يقسو، ثم يصل الحال في واقعه، في قلبه، في مشاعره، في سماعه أو موقفه من هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، وكأن على قلبه أكنَّة، كأن على قلبه غطاء، مختومٌ على قلبه، يتحول الحال إلى مستوى خطير للغاية، فلا يصل إليه شيءٌ من نور الله، ولا من هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، أصبح عليه غطاء، وأصبح مختوماً عليه والعياذ بالله.

حالة الصمم عن هدى الله، يتحوَّل الإنسان وكأنه أصم، يسمع وكأنه لم يسمع، لا يتفاعل، لا يتأثر نهائياً، فتكون النتيجة هي: {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى}[الكهف: من الآية57]، الهدى الذي هو هدى للإنسان، نجاةٌ للإنسان، فوزٌ وفلاحٌ للإنسان، هدايةٌ له تصل به إلى الغايات العظمى، إلى الفوز العظيم، إلى السعادة الأبدية، إلى النجاة من عذاب الله، {فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف: من الآية57]، إصرار على العمى، إصرار على الضياع، على الضلال، على الاتجاه في الطريق المودي إلى الهلاك، إلى العاقبة السيئة، إلى نار جهنم والعياذ بالله، وهي حالة خطيرة جداً.

هذا النوع من العناد، من الغرور، من التمادي، من الإصرار على الإعراض، يستمر فيه الإنسان إلى أن يأتيه الموت، عندما يأتي موعد الرحيل من هذه الحياة، يستفيق لكن بعد فوات الأوان، بعد فوات الأوان، لم يعد لديه من فرصة ليصحح وضعيته من جديد، ليتذكر، لينتفع بالذكرى، ليُقبل على هدى الله وتعليماته، يدرك في اللحظة الأخيرة من هذه الحياة أنَّ الفرصة قد انتهت، يحاول أن يحصل على فرصة إضافية، فلا يمكنه ذلك، لا يتحقق له ذلك، {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}[المؤمنون: 99-100]، فاتت الفرصة، لم يعد بالإمكان أن يحظى بفرصةٍ إضافية.

ثم في الآخرة، في الآخرة يتذكر الإنسان، بعد ذلك الغرور، بعد ذلك التمادي، بعد ذلك الإصرار على الإعراض، بعد تلك الحالة التي قد تصل به إلى درجة التكبر والعناد الشديد في ساحة الحشر، في مقام الحساب والسؤال، بعد القيامة، بعد قيام القيامة، يصل الإنسان إلى التذكر، ولكن يتذكر متأخراً جداً، بعد فوات الأوان، وبعد انعدام أي فرصة جديدة؛ ولذلك يقول الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى": {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}[الفجر: 21-23]، {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}، تذكَّر اليوم، اليوم تذكَّر، تذكَّر في هذه الحياة، تذكَّر وأنت في هذه الفرص العظيمة، التي تستفيد من التذكر فيها، الآن يمكنك أن تنتفع بالذكرى، وأن تستفيد بالتذكر، وأن تصحح وضعيتك العملية، وأن تسعى للارتقاء الإيماني.

لكن عندما تعاند الآن، عندما لا تصغي في هذه الفرص، في هذه الحياة التي وهبك الله إيَّاها، في هذه المواسم العظيمة البركات، وتصر وتعاند وتعرض؛ آنذاك لن تنتفع بالذكرى، لن تفيدك بشيء، لن تغيِّر شيئاً من تلك النتيجة الحتمية التي ستتجه إليها رغماً عنك، لا يمكنك أن تخالص نفسك منها، وأن تنقذ نفسك منها.

{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}، كان في الدنيا هناك التذكير الذي يذكِّرك بجهنم، ولديك الفرصة لأن تعمل ما يقيك من الوصول إلى جهنم، من عذاب الله الأكبر: جهنم، كنت تذكَّر في هذه الدنيا بآيات الله، فيها الحديث عن جهنم، عن أوصاف العذاب في جهنم، تُذكَّر بما يقيك من جهنم، ومن ذلك العذاب، بما تفوز من خلاله وتحظى برضوان الله، والنعيم العظيم في جنته، لكنك لم تتذكر، لم تلتفت، كان اتجاهك هو اتجاه الإعراض والغفلة، فآنذاك عندما يؤتى بجهنم، {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ}، تراها وتسمعها وتتذكر آنذاك، احتجت إلى أن تراها رأي العين، رأي اليقين، من قريب، حينئذٍ لم تعد تنتفع بالذكرى.

{وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}[الفجر: 23-24]، ها هي الفرصة أمامك الآن في هذه الحياة لتقدِّم لحياتك الأبدية، لمستقبلك الأبدي، لمصيرك في الآخرة.

أمَّا التذكر آنذاك، والتحسر، والندم؛ فلن يفيدك بشيء، التمني في ساحة الحساب، في ساحة المحشر، {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}، لم يعد ينفعك بشيء، {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ}[الفجر: 25-26]، حينما يصلون إلى جهنم، يحترقون بين نيرانها، يعذَّبون بأنواع العذاب فيها، {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}[فاطر: من الآية37]، أتت لك الفرصة الكافية في هذه الحياة، ولكنك أنت لم تنتفع؛ وحينذاك لم يعد يفيدك بشيء أن تتذكر، ولا أن تنتبه، ولا أن تتحسر، ولا أن تندم.

ولذلك نحن في هذه الفرصة الثمينة (في فرصة الشهر رمضان) علينا أن ندرك قيمتها وأهميتها، وأن نُقبِل على هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى" بقلوبنا، وأن نصغي لهدى الله، وأن نتفهم هدى الله، أن نُقبِل على القرآن الكريم، أن ننتفع بالتذكير من خلال القرآن الكريم، أن نستفيد من البرنامج، الذي نسمع فيه هدى الله، وثقافة القرآن الكريم، وأن نحرص على أن نتأثر بذلك، أن نفتح قلوبنا لذلك، وأن نلتفت إلى واقعنا العملي من خلال ذلك؛ لأن الثمرة تأتي إلى الواقع العملي.

مشوارنا- إن شاء الله- في المحاضرات الرمضانية لهذا العام، سيكون ابتداءً بالحديث عن أهمية التقوى في محاضرتين، نتحدث فيها أيضاً عن الآخرة، ونقدِّم نماذج مما ذكره الله في القرآن الكريم عن ذلك، ثم سيكون المشوار بعد ذلك مع القصص القرآني، القصص في القرآن الكريم موردٌ عظيمٌ وغنيٌ بالهدى، وبالعبر، وبالدروس التي نحتاج إليها، ونستفيد منها، وهو مما قدَّم الله فيه الكثير من الهدى، الذي يفيدنا في هذه الحياة تجاه مسؤولياتنا، وما نواجهه في هذه الحياة من تحديات وأخطار، وأيضاً نستفيد معرفة الكثير من الحقائق المهمة، التي علينا أن نعرفها، مما يزيد في بصيرتنا، وفي وعينا، وفي توجهنا على أساس هدى الله "سُبحَانَهُ وَتَعَالَى"، وفي حلِّ الكثير من مشاكلنا في هذه الحياة، القصص القرآني غنيٌ بالهدى، وبالعبر، وبالدروس العظيمة والمهمة.

إن شاء الله، بإذن الله، بتوفيق الله، بما يلهمنا الله، سنقدِّم الدروس القرآنية في المحاضرات في هذا الموسم المبارك، في هذا الشهر المبارك، من خلال القصص القرآني.

نَسْألُ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: فی القرآن الکریم من هذه الحیاة فی هذه الدنیا فی هذه الحیاة فی هذه الفرص على هدى الله على الإنسان الإنسان إلى مسیرة حیاته هذا المصیر الإنسان فی هذه الرحلة هذه الفرصة هذه الحالة حالة خطیرة ل الإنسان یقول الله ى الإنسان إلى مرحلة یتفاعل مع على مستوى فی الآخرة شهر رمضان آیات الله ت ع ال ى ما فیه من فی مسیرة مهما کان إ ل ى الل من الناس ما یعمل إ ل ى ال هو الذی من حالة الله فی بعد ذلک فی حالة إلى هذا إذا کان فیها من ولا أن الله ف ن الله لم یعد ه الله من دون أنه لم

إقرأ أيضاً:

نص المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1446هـ

الثورة نت/..

نص المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 9 رمضان  1446هـ :

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:

السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

قبل أن ندخل في موضوع المحاضرة، لنا وقفةٌ تجاه ما يجري هذه الأيام في سوريا.

حيث تقوم الجماعات التكفيرية بارتكاب جرائم إبادةٍ جماعية، للمئات من المواطنين السوريين المدنيين، المسالمين، العُزَّل من السلاح، وتوثِّق تلك الجماعات التكفيرية- هي بنفسها- جرائمها بالفيديوهات، وتقوم بنشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتباهى بذلك، ويظهر في نفس الفيديوهات، التي تقوم تلك الجماعات بنشرها، كيف أنها تقوم بكل وحشية وإجرام بقتل المواطنين- كما قلنا- المسالمين، العُزَّل من السلاح، البعض يخرجونهم من منازلهم ويقومون بإعدامهم، والبعض في الشوارع (في المدن، وفي الريف).

ما يرتكبونه من إجرامٍ هو مدان، ويجب أن يستنكره الجميع، وأن يسعى كل من بقي له ضميرٌ إنسانيٌ لوقف تلك الجرائم.

هو يكشف أيضاً إصرارهم على الاستمرار في المسلك الإجرامي الوحشي، بقتل الأبرياء، والمدنيين، والمسالمين، بأفظع أشكال القتل والإبادة.

ويشاركهم في المسؤولية عن تلك الجرائم رُعاتهم، الداعمون لهُمْ بالمال، والدعم السياسي، والدعم العسكري، ولـذلك عواقبه السيئة عليهم جميعاً؛ لأنهم يعتبرون أنهم قد أمَّنُوا نفسهم لدى أمريكا ولدى أوروبا، وبالتالي يطلقون لهم اليد ليفعلوا ما يشاءون ويريدون، نسوا الله، نسوا الله، نسوا أنه يعاقب، وأنه يؤاخذ، وأنه يجازي، وأن للإسراف في دماء الأبرياء عواقب وخيمة ومؤكدة.

هم يقدِّمون بجرائمهم تلك، وعدوانيتهم، تجاه فئة واسعة من أبناء الشعب السوري، واستهدافهم للمسالمين، العُزَّل من السلاح، المواطنين العاديين، هم يقدِّمون خدمةً كبيرةً للعدو الإسرائيلي، وللأمريكي؛ بتمزيق النسيج الاجتماعي السوري، وبالتوحش والإجرام تجاه أبناء الشعب السوري؛ لأن ما يسعى له الأمريكي والإسرائيلي، أن يُقدِّم كلٌ منهما نفسه كمنقذ وحامٍ للشعب السوري، في مقابل الاحتلال.

فالإسرائيلي أعلن حمايته للدروز في (السويداء)، وفعلاً لأنه قد أعلن ذلك؛ لم تجرؤ تلك الجماعات التكفيرية على أن تَمَسَّهُم بسوء، بل هي تحترمهم، وتتفاهم معهم، وتتعامل بتواضع كبير معهم، لماذا؟ لأن الإسرائيلي قد أعلن حمايته لهم، وهدد إن مَسُّوهُم بسوء.

والأمريكي كذلك يُقدِّم نفسه كحامٍ للأكراد، في المناطق التي هم فيها، وَيُسَلِّحهم، ويُجنِّدهم؛ وبالتالي عندما يتعرضون لأي هجوم يقاتلون بشراسة، وفي موقع الاستناد والاحتماء بالأمريكي.

ولذلك يرى البقية أنفسهم- من أبناء الشعب السوري- مستهدفين؛ لأنهم ليسوا في حماية الأمريكي كحال الأكراد، ولا في حماية الإسرائيلي كحال الدروز، فيرون أنفسهم يُستباحون ويُقتلون بكل دمٍ بارد، بكل بساطة، وليس هناك من حتى يعترض، أو ينتقد في العالم العربي والإسلامي، الكل يتفرج، وليس هناك موقف تجاه ذلك، يرون أنفسهم في حالةٍ من الاستباحة التامة، لماذا؟ لأنهم ليسوا في حماية الأمريكي، ولا في حماية الإسرائيلي.

ولـذلك يتضح أن تلك الوحشية، وذلك الإجرام، لتلك الجماعات التكفيرية، هي هندسة أمريكية إسرائيلية صهيونية يهودية، هم من فرَّخوهم، وأنشأوهم، وأعدُّوهم لذلك الدور، قاموا بإعدادهم ليكونوا بذلك المستوى من الوحشية والإجرام والعدوانية تجاه المسالمين، تجاه العُزَّل من السلاح، تجاه الذين لا يقاتلون، من ليس لديهم أي تحرك عسكري، مع ذلك يقومون بإبادتهم، وقتل الأطفال، والنساء، والكبار، والصغار، والإبادة الجماعية، لماذا؟ هي هندسة أمريكية إسرائيلية تخدم الأهداف اليهودية الصهيونية:

أولاً: في تشويه الإسلام، تلك الجماعات تُقدِّم نفسها على أنها جماعات متدينة وجهادية، ثم تتَّجه بكل وحشية وإجرام لقتل الأبرياء المسالمين، العُزَّل من السلاح.وتفكيك الشعوب من الداخل، وتمزيق نسيجها الاجتماعي.وكذلك تقديم الأعداء كحماة ومنقذين؛ لأجل القبول باحتلالهم، لأجل القبول باحتلالهم.

ولذلك نرى– بشكلٍ واضح- أن تلك الجماعات التكفيرية، من بعد سيطرتها على سوريا، لم تُطلق ولا رصاصةً واحدة ضد العدو الإسرائيلي، ولا رصاصة واحدة، بالرغم من اجتياحه لجنوب سوريا، في ثلاث محافظات سورية، وبالرغم من احتلاله لمناطق شاسعة، وغاراته المستمرة التي يُدَمِّر بها مقدرات سوريا، التي هي للشعب السوري؛ ومع ذلك هي لا تقوم بأي ردة فعل، بل إنها عَمَّمَت على وسائلها الإعلامية وناشطيها الإعلاميين، بألَّا يستخدموا مفردة (العدو) في توصيف العدو الإسرائيلي، ألَّا يقولوا: (العدو الإسرائيلي)، إلى هذه الدرجة حتى تسميته بالعدو، ما بالك بأي موقف عملي! بينما هي تتعامل بكل وحشية، وعدوانية، وإجرام، ضد المدنيين المسالمين، العُزَّل من السلاح، وتقوم بإبادتهم إبادة جماعية، وتعرض جرائمها وكأنها بطولات، بطولات، ويتفاخرون بها، ويتباهون بها!

ولـذلك ما يحصل هو مؤسفٌ جدًّا، والعرب ساكتون، والعالم الإسلامي ساكت، لماذا؟ ليكون من يتحدث فقط هو الإسرائيلي والأمريكي، كما قلنا: من أجل أن يُقَدَّم الأمريكي والأوروبي، وتُقدِّم إسرائيل نفسها، العدو الإسرائيلي يُقدِّم نفسه، أنهم هم الحماة للشعوب.

ما يحدث فيه درسٌ كبيرٌ- أيضاً- لكل شعوب أمتنا، عن حقيقة تلك الجماعات، عن إجرامها، والإسلام بريءٌ من إجرامها ووحشيتها، الإسلام بريء، الجهاد في سبيل الله هو عنوانٌ مقدّس، بريءٌ من جرائمها، ليست لا مجاهدة، لو كانت تجاهد لواجهت العدو الإسرائيلي، وليست متدينة، بل هي مجرمة، تدين بالباطل وليس بالهدى والحق، وعدوانيتها واضحة.

من يشك أو يشكك في كلامنا، فليشاهد بنفسه تلك الجرائم، التي وثَّقتها تلك الجماعات بنفسها، وتنشرها بنفسها، وتتباهى بها، وتتفاخر بها، بالرغم من أن رعاتها الإقليميين، الذين يُقدِّمون لها الدعم المادي، يحاولون أن يُقدِّموا في وسائلهم الإعلامية صورة مغايرة، ويحاولون أن يصوروا تلك الجماعات أنها دولة، وأنها أمن، وأنها جيش… وغير ذلك، ولكن الأمور واضحة تماماً، وما يحدث في هذه الأيام فظيعٌ جدًّا، السكوت عنه جريمة، السكوت عنه يتنافى مع المسؤوليات الدينية والإنسانية، وما يحدث خطير، وعواقبه خطيرة على تلك الجماعات، وعلى رُعَاتِهم، في العقوبة من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ودرسٌ مهمٌ جدًّا لشعوبنا.

ندخل إلى موضوع المحاضرة.

كُنَّا تحدثنا بالأمس على ضوء قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في قصة نبيه، ورسوله، وخليله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}[الأنعام:80].

في الآية المبارَكة تحدثنا عن جملةٍ من العناوين، كان من ضمنها: أهمية أن يكون المستند للإنسان في دينه ومعتقده هو هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأن يكون حريصاً، يتأكد من أنه يتَّجه في طريق الهدى، يعرف كيف هي سنة الله في الهداية، وطريق الهدى، وهل هو يسير في طريق الهدى، وهذه مسألة مهمة للإنسان.

ثم أيضاً عندما يتوفق للسير في طريق الهداية، أن يكون مُعتزّاً بانتمائه إلى هدى الله، بسيره في طريق هدى الله، أن يدرك أن ذلك نعمة عظيمة عليه، وشيءٌ عظيمٌ جدًّا يعتز به، يحافظ عليه، يحرص عليه، يسعى ويحرص للاستقامة عليه، أن يكون مستقيماً على هدى الله، وهذه مسألة مهمة جدًّا؛ فالإنسان الذي لا يُقدِّر نعمة الهدى قد يستبدل به: إمَّا شيئاً من الدنيا، فيكون ممن يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، أو شيئاً من دعاوى الضلال، التي ينخدع بها، يغْتَرُّ بها، ويَتَّجِهُ إليها، وهذه مسألة خطيرة؛ لأن الإنسان حينما يضِلُّ بعد الهدى، ويزيغ قلبه بعد أن كان في طريق الحق، هذا هو من أخطر أنواع الضلال، وأشد أنواع الضلال على الإنسان؛ قد يُخْذل، الإنسان عندما يزيغ قلبه عن الحق، بعد أن وُفِّق للسير في طريق الحق، ويضلّ عن طريق الهدى، فالضلال بعد الهدى خطيرٌ جدًّا على الإنسان، قد يؤدي إلى أن يُخذل، ثم لا يتوفق أبداً للعودة إلى طريق الهداية.

تحدثنا فيما يتعلق بمسألة الخوف، فيما ورد في الآية المباركة، في قوله: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنعام:81]، تحدثنا عن أهمية هذه المقارنة، وعن حاجتنا إليها في هذا الزمن بشكلٍ كبير جدًّا، حيث معظم المسلمين مُكَبَّلون بالخوف من غير الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، مكبَّلون بالخوف من أمريكا، من إسرائيل، من طغاتهم وجبابرتهم الذين يوالون أمريكا وإسرائيل، هذه المقارنة هي مهمة في تحرير الإنسان من المخاوف الأخرى، أن يعرف ما يجب أن يكون خائفاً منه، حينما يكون في ما هو عليه، حينما يكون مذنباً، متحملاً للوزر الكبير، في محل المؤاخذة، بالعقوبة الإلهية التي هي أشد مما بيد الناس كلهم، حينما يكون خصمه هو الله، حينما يكون في مشكلة مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

ونبَّهنا في سياق ذلك على ضوء قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، كذلك من خلال هذه المقارنة، وأنك عندما تخاف من عذاب الله، فتتَّجه فيما يرضيه لتأمن من عذابه، قد يقيك هو “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” من ضُرِّ الآخرين ومن شرهم؛ أمَّا الله فلا أحد يستطيع أن ينقذك منه، أو أن يَقِيَك من عذابه وبأسه، لا يستطيع أحد، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ}، {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ}[يس:23]، فليس هناك من يستطيع أن يُخلِّصك، أو يُنقذك، أو أن يدفع عنك بأس الله، وعذاب الله.

طريق الأمن وطريق الهداية، كما قال عنها نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:82]، هذا هو طريق الأمن للإنسان وطريق الهداية: الذي يؤمن إيماناً صحيحاً صادقًا، الإيمان بعناوينه الكاملة بمصداقية، وعناوينه الكاملة هي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والاستقامة على أساس ذلك، فالإنسان إذا اتَّجه هذا الاتِّجاه، بالإيمان الصادق الكامل، اتَّجه في طريق الهدى ولم يلبس إيمانه بظلم، بل كان إيماناً صافياً من الشوائب، يتَّجه ليصفِّي مسيرته العملية والتزامه العملي من الشوائب، شوائب الظلم، والظلم هو عنوانٌ واسع، هو عنوانٌ يشمل كل أنواع التعدي لحدود الله، كل أنواع التعدي لحدود الله:

في معاملتك مع الناس، لا تظلمهم، لا تتجاوز الحق في تعاملك معهم، أي تجاوز للحق في تعاملك معهم، في أي نوعٍ من أنواع المعاملة، هو ظلم، التجاوز للحق هو ظلم، فيما تأخذه عليهم من حقوقهم، فيما تسيء به إليهم بغير حق، فيما تعتدي به عليهم… في أي شكلٍ من أشكال تجاوز الحق، والتعدي لحدود الله التي رسمها في التعامل مع الناس.وهكذا في علاقتك بالله، فيما يتعلق ببقية الالتزامات الإيمانية، ألَّا تتجاوز فيها حدود الله، لا تتعدى فيها حدود الله، التعدي هو ظلمٌ، يعتبر من الظلم.

هذه المسألة هي مهمة أيضاً، مهمةٌ جدًّا للإنسان في انطلاقته الإيمانية والجهادية في سبيل الله تعالى: أن يحرص على أن يكون بعيداً من الظلم في كل أشكاله، في تعامله مع الناس، في كل أنواع التعامل، أن يكون حريصاً جدًّا- هذا من الإيمان- حريصاً جدًّا ألَّا يقع في الظلم، ألَّا يتورط في الظلم؛ لأن هذا يُحبط عملك، وفي نفس الوقت تفقد القيمة الإيمانية، لا يبقى لانتمائك الإيماني قيمة، ولا يبقى سبباً لنجاتك، ولا يبقى قُربةً لك إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، لماذا؟ لأنك أحبطته بالظلم، بالتعدي لحدود الله، والإنسان في انطلاقته الإيمانية الجهادية، إذا لم يكن مرسِّخاً في نفسه لذلك، فقد يستهتر بهذه المسألة، البعض من الناس يستهترون، وفي المسيرة الإيمانية لأُمَّةٍ مؤمنةٍ مجاهدة يُمكِّنها الله، تعتبر المسؤولية كبيرة جدًّا، ويجب ترسيخ هذا المفهوم بشكلٍ كبير: ضرورة الحذر من الظلم، من أن تشوب إيمانك، تشوب جهادك، بالظلم للآخرين؛ لأن هذا- فعلاً- يفقدك القيمة الإيمانية لانتمائك الإيماني، لا يبقى له أي إيجابية، ولا قيمة، ولا يبقى يمثِّل قربةً إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

الحالة الخطيرة على الناس هي في: الأطماع، والطغيان، كل أشكال الطغيان، لاسيَّما في مراحل التمكين؛ ولـذلك نجد أن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يخاطب نبيه محمداً “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” بقوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا}[هود:112]، يكون الناس مُعَرَّضون للطغيان في مراحل التمكين، البعض- فعلاً- حينما يتمكن يطغى، حينما يصبح له نفوذ، قدرة، قوة، إمكانية، يرى أنه يستند فيما يفعل إلى قدرة عسكرية، أو إمكانية، أو نفوذ، أو وجاهة اجتماعية… أو غير ذلك، يطغى فيظلم، يتجرأ على الظلم، ينسى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبذلك يُبْطِل أعماله، جهاده، إيمانه، فهو في حال ما هو عليه من ظُلم هو مُعَرَّض للمؤاخذة الإلهية، هو مهددٌ من الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ينطبق عليه الوعيد الإلهي، والله سيعذبه، لا أمان له من عذاب الله، لا أمان له من عذاب الله، وعلى الإنسان المؤمن أن يراجع نفسه، أن يُقيِّم نفسه؛ لأن البعض من الناس إمَّا بدافع الأطماع- وهي خطيرةٌ جدًّا على الناس- قد يطمع في أراضي الناس، في أملاكهم، فبدافع الطمع يستند إلى نفوذه، إلى قدرته، إلى إمكانياته؛ فيطغى ويظلم، يظلم الآخرين، ويتكبر، يجمع بين التكبر، يكون متكبراً، ظالماً، طاغية، ولو أنه يبقى في انتسابه انتساباً إيمانياً وجهادياً، لكن لا يمكن للإنسان أن يخادع الله؛ فبالتالي هو مُعَرَّض لأنواع من المؤاخذة الإلهية: قد يُخْذَل، فلا يتوفق أبداً في بقية حياته، تأتيه عقوبات متنوعة، والله يعاقب ويؤاخذ، مهما اغتر المتكبرون والطغاة، الذين ينحرفون إلى طريق الطغيان عن طريق الإيمان.

لـذلك على الإنسان أن يحرص على أن يحافظ على إيمانه من الشوائب، شوائب التعدي لحدود الله، ثمرة الإيمان هي: الاستقامة، والعمل الصالح، وأهمية أن يسعى الإنسان لتنقية إيمانه باستمرار من الشوائب مسألةٌ مهمةُ جدًّا.

الإنسان حتى في اطمئنانه فيما هو عليه، فيما بينه وبين الله، هذا مهمٌ له، يشعر بالأمن، بالاطمئنان؛ لأن الإنسان محتاجٌ إلى الله، محتاجٌ إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، البعض قد ينسى هذه الحقيقة في فترة التمكين، ولكن عندما تأتيه المؤاخذة الإلهية يقهره الله، ويُذِلُّه الله، كما أَذَلَّ غيره من الجبابرة؛ لأن البعض ينسى حتى أخذ الدروس من حال الآخرين، من حال الآخرين.

ولـذلك كثيراً ما نقول لإخوتنا في مسيرتنا القرآنية: لا ترثوا الظلم من الظالمين، لا تقتدوا بهم، يحذر الإنسان لا يتحول إلى بلطجي، يسطو على أراضي الناس، على أملاكهم؛ لأنه يريد أن يقتدي بضابطٍ كان مجرماً من المجرمين، كان طاغيةً من الطغاة، هذه مسألة خطيرة على الإنسان، الله سَيُذِلُّك كما أذلَّهُ، مهما اغتررت بنفسك، ليس لك حصانة عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

الأسماء، والعناوين، والأنساب… وكل شيءٍ مما قد يَغْتَرُّ به الإنسان، لا يعطي الإنسان حصانةً بينه وبين الله، حينما يظلم هو معرَّضٌ للمؤاخذة والعقوبة الإلهية، ولا أمان له من عذاب الله؛ لـذلك الإنسان هو بحاجة إلى الله، بحاجة إلى أن يُنَقِّي إيمانه من الظلم، فلا يتحول إلى ظالم، غشوم، معتدٍ، متكبر، وأن يسعى لحماية إيمانه، أنت بحاجة إلى الله، وإلَّا إذا أصررت على غرورك وتكبرك سترى، سترى كيف يؤاخذك الله، ويأخذك أخذ عزيزٍ مقتدر، كما أخذ غيرك، ممن يَغْتَرُّوا كما أنت مغتر، وتجاهلوا كما أنت متجاهل.

يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ}[الأنعام:83]، (وَتِلْكَ): هذه البراهين التي عرضها نبي الله إبراهيم “عَلَيْهِ السَّلَامُ” على قومه، عرضها عليهم، وهي حجج دامغة، تُزهق باطلهم، تُفَنِّد ما يحاولون أن يستندوا إليه من الشُّبَه والزخارف، زخارف القول، وهذا الهدى، هذه الحجة المقنعة، القوية، التي يقدِّم من خلالها لهم الحق بطريقة مقنعة، مُزهقةٍ للباطل، هذا هو من هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، الله “جَلَّ شَأنُهُ” حينما قال: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}[الأنعام:75]، كان مما أراه الله من الآيات، ما يزيده نوراً، ويعطيه حُجَّةً، ويَدُلُّه أيضاً على وسائل مقنعة ومفيدة ومؤثِّرة: وسيلة لمحاججة قومه، وسيلة لهدايتهم، وسيلة للوصول بهم إلى الحقيقة، براهين ليعرضها عليهم، هذا هو من عطاء الله، من هدايته، جزءٌ مهمٌ من هداية الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: أن يمنحك مع الحقِّ الحُجَّة الدامغة، التي تستند إليها في تقديمك لهذا الحق إلى الآخرين، هو جزءٌ من رعاية الله وهدايته.

أيضاً من ثمرة اليقين، والوعي الراسخ: أن يمتلك الإنسان المؤمن المهتدي بهدى الله الحُجَّة النيِّرة، والمُفحمة، والمقنعة، وأن يمتلك قوة التقديم للحق، مع الحرص على هداية الآخرين، والثبات على الثوابت بنفسها؛ لأن المسألة ليست مسألة أنه يسعى لقهرهم، أو لتحطيمهم؛ بل يسعى لتحطيم فكرة الباطل، فكرة الشرك، في أنفسهم، وإنقاذهم منها، وإيصال الحقيقة النيِّرة إليهم؛ لتكون واضحةً لهم، وهذه مسألة مهمة جدًّا.

قوله تعالى: {وَتِلْكَ}، تشير إلى أن المقام من أوله هو مقام عرض براهين وسعي لهدايتهم؛ ولهـذا نجد أنه انتقل ما بعد العرض نفسه، العرض التأملي في مسألة (الكوكب، والقمر، والشمس)، انتقل معهم في النقاش إلى الحديث عن الله بشكل مباشر، بشكل مباشر، يعني: ليس إنساناً جاهلاً بالله، ومتخبطاً يبحث له عن إله، لا، هو قدَّم ذلك العرض التأملي في صورة البحث عن الحقيقة، وعلى الفور انتقل هو وأياهم في الحديث عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ}[الأنعام:80]، والحديث عن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، عن أن طريق الأمن هي في الإيمان به، وغير ذلك.

{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}[الأنعام:83]، من هدى الله: أن تملك أنت عندما تسير على هدى الله قُدرةً في الاحتجاج على الآخرين، في الحديث مع الآخرين وتبيين الحق لهم، في الدعوة للآخرين إلى هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

الحجة، والبرهان، والدليل، هذا ما يعتبر مستنداً للحق، ودليلاً عليه، وأن ذلك الذي تُقدِّمه هو حقٌّ من الله، هذه قضية أساسية تحدثنا عنها، فأن تمتلك الحجة، أن تمتلك أيضاً الوعي والمعرفة، والقدرة على تقديم الحق بما يزهق الباطل، هذا هو سلاحٌ مهمٌ في مواجهة الضلال والباطل، ووسيلةٌ أساسية في السعي لهداية الناس، وإنقاذهم من الضلال والباطل.

ولـذلك فالإنسان المؤمن، المهتدي بهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ينبغي أن يكون حريصاً في معرفته بالحق، أن يمتلك الحُجَّة، الدليل، البرهان، وأن يمتلك القدرة أيضاً على تقديم الحق، ولاسيَّما من يتحرك في إطار مسؤوليات في هداية الناس، كأنشطة تعليمية، تثقيفية، إعلامية، إرشادية، هذا يتطلب أن يكون لدى الإنسان وعيٌ راسخ، وإيمانٌ صادق، يستوعب في هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” الحُجَّة، الدليل، البرهان، ويستوعب الحق بنفسه، ويمتلك القدرة على التقديم الواضح، البيِّن، الذي يُزهق الباطل من نفوس الناس؛ لأن بإزهاق الباطل من نفوس الناس، الإزهاق له من واقع الحياة.

والباطل– كما قلنا- له امتداد في حياة الناس بشكل جرائم، مظالم، مفاسد، ليس مسألة تبقى في أفكار الناس محبوسةً في أذهانهم، أو حبيساً في دفاترهم وكتبهم، أو يبقى في نطاق محدود كطقوس معيَّنة؛ ينزل إلى واقع الحياة، انظروا إلى تلك الجماعات التكفيرية، بوحشيتها وإجرامها تجاه الشعب السوري، بِذُلِّها وخنوعها المخزي جدًّا، المعيب، تجاه الإسرائيلي، هذا شكل من أشكال الضلال، يتجلى في الواقع، في السلوك، يتحول الإنسان إلى بطل، شجاع، إذا كان أمامه إنسان أعزل من السلاح، مواطن عادي، لا يتَّجه لقتاله، لا يمتلك إرادةً في القتال؛ فيقتله بكل وحشية، ويتباهى بذلك، ويتفننون في قتل الناس بشكل بشع جدًّا؛ أمام العدو الحقيقي الفعلي للإسلام والمسلمين، والكافر الحقيقي الإسرائيلي، يظهرون أذلاء، متواضعين، خانعين، لا يجرؤون حتى على وصفه بالعدو، هذا شكلٌ من أشكال الضلال والباطل.

في هذا الزمن هناك حملات رهيبة جدًّا من أعداء الإسلام والمسلمين، يُنظِّم اليهود حملة، بكل الفئات التي تخدمهم، بكل التشكيلات الموالية لهم، من كل فئات أهل الضلال والباطل؛ لأن اليهود هكذا يشتغلون، يعني: لهم أعوانٌ كثر، هم أكثر نفيراً في هذا العصر، نَفِيراً: معهم موالون كُثر، وأصوات كثيرة، وكثيرٌ من الفئات التي تخدمهم تتحرك بأسماء وعناوين متنوعة: البعض منها باسم الإسلام، البعض منها في اتجاهات أخرى، وتحت عناوين أخرى؛ لكنها تتحرك في حملات رهيبة؛ للإضلال، للإضلال، كما حذَّر الله منهم في القرآن الكريم: أنهم يعملون على إضلال الناس، ويودُّون لو يُضِلُّونكم، وأنهم يريدون أن تَضِلُّوا السبيل، كم في القرآن الكريم من تحذير وتنبيه: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}[النساء:44]، {وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ}[آل عمران:69]، {إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران:100]، هناك حملات رهيبة ووسائل، وسائل في هذا العصر:

الإنترنت وسيلة تصل إلى الكثير من الناس وتؤثِّر عليهم.القنوات الفضائية وسيلة تصل إلى الكثير من الناس وتؤثِّر عليهم.

ولـذلك من واجب المنتمين إلى الحق بصدق، والمهتدين بهدى الله، أن يدركوا أن جزءاً مهماً وأساسياً من جهادهم، هو: في تقديم هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأن يستوعبوا هدى الله، يستوعبوا فيه الحُجَّة، الدليل، البرهان، الذي يُفَنِّد الباطل، يكشف زيف الضلال، الذي يُزهق الباطل من نفوس الناس، وأن يمتلكوا القدرة على التقديم لهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، هذه مسألة مهمة جدًّا.

وفي نفس الوقت، من لا يمتلك القدرة على تقديم هدى الله، ولا يمتلك الحُجَّة، ولا يستوعبها، عليه أن يكون حذراً من التَّطَفُّل في مقامات لا ينبغي أن يَتَطَفَّل فيها.

مثلاً: البعض قد يشارك في نقاشات في الإنترنت، لكنه هو- في نفسه- ليس بالمستوى الذي قد استوعب هدى الله، استوعب الحُجَّة، استوعب الدليل، البرهان، فتكون أطروحاته ضعيفة وركيكة، ويتأثر من شُبه الآخرين؛ لأنها شُبه أقوى مما يقدمه هو؛ لضعفه، لضعف وعيه، لنقص وعيه، لنقص معرفته، هذا هو أسلوبٌ خاطئ، عندما يتطفل الإنسان، وهو لا يمتلك الحُجَّة، وهو ضعيف، عنده قناعة مبدئية، جيد، لكن لا يتفضول، لا يتطفَّل، يترك المسألة إلى الآخرين، من يقدرون على أن يقوموا بهذا الدور بشكل صحيح.

البعض قد يشارك في برامج تلفزيونية، أو يتصل ببرنامج حواري، ويشارك فيه بضعف، وكذلك هذا أسلوب خاطئ، من لا يمتلك الخلفية اللازمة، فالمفترض به أن يكتفي بمقاطعة وسائل الضلال، ومنابر الضلال، دعاة الضلال، كما نبَّهنا على ذلك في المحاضرات الماضية، على ضوء قول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}[الأنعام:68].

يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}[الأنعام: 83].

نكتفي بهذا المقدار، ونكمل- إن شاء الله- ما بقي في المحاضرة القادمة.

نَسْألُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.

وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

مقالات مشابهة

  • نص المحاضرة الرمضانية الـ 11 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 1446هـ
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (11) للسيد القائد 1446
  • من (وعي) المحاضرة الرمضانية الثامنة للسيد القائد 1446هـ
  • نص المحاضرة الرمضانية العاشرة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1446هـ
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (10) للسيد القائد 1446
  • من (وعي) المحاضرة الرمضانية السابعة للسيد القائد 1446هـ
  • المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (نص + فيديو)
  • (نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد القائد 1446هـ
  • نص المحاضرة الرمضانية التاسعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1446هـ
  • مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (9) للسيد القائد 1446