وديع العبسي
يأتي شهر رمضان المبارك بفضائله الجزيلة، ليختص فيه المسلمين بالأعمال المُقدّرة عند الله سبحانه إذا خلصت النوايا، إنما هل بإمكاننا دعوة المسلمين إلى التسامح وهي واحدة من فضائل هذا الشهر؟ ربما من المؤسف أن يبدو الأمر عبثياً ولا معنى له، فحالة الشتات التي يعيشها المسلمون لا تشجع أبدا على التفاؤل بإمكانية تحقق ذلك، أو حتى تقبله، فقد نجحت غرف المؤامرات، بإيصال حال المسلمين إلى مثل هذا الوضع المزري من الانكفاء على الذات والتنافس على إرضاء العدو وتسليمه القرار والمقدرات عن طيب خاطر.
النجاح الأول والأهم الذي حققه العدو – بعد عمل عقود طويلة، ومضى استنادا عليه، يغوص في العمق الإسلامي – كان من خلال تشويه ثقافة المسلمين، وترسيخ مفاهيم جديدة بديلة باتت تصور الثقافة الإسلامية كمظهر دال على التأخر عن الركب الحضاري، حتى صار أصغر مسلم يسخر من الحديث عن الدولة الإسلامية لأن فيها مصطلحات مثل الخلافة أمير المؤمنين وأشياء مشابهة لم تعد تتلاءم مع معطيات ومقتضيات العصر الحديث، دون النظر إلى المدلول الذي يعني وحدة المسلمين في السياسة والهدف، وأن تصير خيرات الدول الإسلامية للدول الإسلامية، فلا يكون لمستعمر، الحديث عن غزوات ينفذها في أراضي المسلمين من أجل نهب ثرواتهم.
وإذا أردنا الحديث عن الحداثة والتطور باعتبارهما من فروض تقادم الزمن، فما هي مقاييس ومعايير هذه الحداثة، ومن الذي حدد ورسم بيئة تضاريس هذا العصر؟ إنهم ليسوا المسلمين بطبيعة الحال، وإنما العالم الغربي الذي نجح في ترسيخ ثقافته وجعلها مقياس التقدم الحضاري للمجتمعات وحتى للأفراد، ثقافة تنكر على العربي والمسلم أن يتعامل معهم بنديّة وتكامل، وحدوده أن يكون تابعا ويتلقف فقط ما يُصدّر إليه من مظاهر التقدم.
إثر ذلك نجح العالم الآخر في السيطرة على قرار الشعوب، ففرض عليها أن تبقى تناضل من اجل تحقيق خطوات متقدمة أكثر وأكثر في مماثلة الحضارة الغربية، مع هجر تام للقيم الإسلامية، لأن في ذلك تميز وتطور -بزعمهم- يبعد المجتمع المسلم عن تلك البيئة الإسلامية المتخلفة التي تنادي بالحرية والكرامة، وهكذا حسب ما رسمته الماسونية الصهيونية أو العكس، وصارت الشعوب إلى أنظمة متنافرة لها رؤيتها الخاصة للنظام والعلاقة مع الآخر، وإن كانت الحقيقة أنها أنظمة تابعة برؤية بلا أبعاد استراتيجية، وها هي أكثر هذه الدول ترزح تحت طائلة الديون للغرب، وقد يكون من المثير أن نعلم أنه حتى الدول الثرية عليها ديون.
واليوم حرب الإبادة في غزة وسلبية الأنظمة عن التحرك العملي لإنقاذ إخوتنا هناك، يعكس نجاح المؤامرة في تقييد هذه الأنظمة ونخر إرادتها، فما عادت تقوى على شيء يتعارض مع توجهات العدو، بل والأسوأ أن بعضها يكاد يكون متواطئا، دون اعتبار لشراكة في الدين والتاريخ والثقافة، ودون اعتبار حتى لقيم إنسانية.
وبطبيعة الحال في هذا المناخ الثقافي العشوائي والمشوّه لم يعد بالإمكان توقع تحقيق وحدة إسلامية واحدة تحت راية واحدة تستفيد من كل مظاهر الحضارة الغربية وحتى الفضائية، المهم أن تظل محافظة على ثوابتها، هذا الأمر لا شك أنه بحاجة إلى مسار طويل من الجهد والعمل، فإرث حالة التكلس التي أدمنها المسلمون لعقود خلّفت قرونا من التأخر عن مواكبة حراك العدو ضدهم، مع ذلك بالإمكان البدء، على أن يكون الانطلاق من مستويين متوازيين، الأول: ترسيخ الثقافة المناهضة للفكر الغربي الذي ينزع عن المسلمين صفة القدرة على فرض خارطتهم على المريخ وعلى القمر بجهود ذاتية عن أهلية وجدارة، والتاريخ يشهد بعظمة عطائهم في العلوم والفضاء والرياضيات، والثاني: توحيد الجهود لتحرير بعض الأنظمة من قيود الغرب، فسلوك هذه الأنظمة جعلها مقيدة خوفا من المحاسبة، والتي لا ترى إلا الغرب قادرا على فتح وفضح سجلاتها.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
إيران: الحديث عن قرب فتح السفارة في دمشق تم تفسيره بشكل خاطئ
بغداد اليوم- متابعة
قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، اليوم الأربعاء، (25 كانون الأول 2024)، أن نقل تصريح لها يوم أمس عن قرب فتح السفارة الإيرانية في سوريا تم تفسيره بشكل خاطئ".
وذكرت في تصريح صحفي تابعته "بغداد اليوم"، رداً على بعض التفسيرات الخاطئة لكلامه حول إمكانية إعادة فتح السفارة الإيرانية في سوريا، "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستتخذ قرارا بهذا الشأن وفقا لسلوك وأداء حكام سوريا الجدد".
وأضافت مهاجراني "الوضع الحالي في سوريا غير واضح كما تعلمون ونحن سوف نبني علاقتنا مع سوريا وفق لأداء وسياسات التيارات الحاكمة في سوريا".
وذكرت المتحدث باسم الحكومة الإيرانية أنه ليس من الواضح كيف ولأي غرض ومبرر غيرت بعض الدول نهجها فجأة فيما يتعلق بسوريا.
وبحسب موقع "المدن" اللبناني نقلاً عن مصدر مقرب من الحكومة السورية الجديدة، فإن هذا البلد يعتزم تقديم شكوى ضد الجمهورية الإسلامية لدى السلطات القضائية الدولية ومقاضاة طهران بسبب تصرفات الحرس الثوري والجماعات المتحالفة معها، والتي تسببت بضرر لا يمكن إصلاحه لحق بالشعب السوري والبنية التحتية" وعليها دفع 300 مليار دولار كتعويضات.
وقالت مهاجراني أمس خلال مؤتمر صحفي "بأن المفاوضات جارية مع الحكومة السورية الجديدة لإعادة فتح سفارات الجمهورية الإسلامية في هذا البلد"، مشيرة في الوقت ذاته أنه "يوجد تواصل مع بعض التيارات السورية".
كما قال إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين الماضي، إنه لا يوجد "ارتباط مباشر" بين طهران و"الحكم الحالي في سوريا"، لكن هناك بالفعل اتصالات مع "تيارات معارضة".
وقبل ثلاثة أيام استأنفت السفارة القطرية في دمشق عملها بعد 13 عاما.
وكانت قطر قد أغلقت سفارتها مع بداية الحرب الأهلية في سوريا.
وقال حسين بور فرزانه، رئيس منظمة الطيران المدني في إيران، أمس، عن وقف الرحلات الجوية إلى سوريا حتى 22 كانون الثاني/يناير.
وقال عباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني، "ستكون هناك تطورات كثيرة في سوريا في المستقبل، ومن السابق لأوانه الحكم على هذا الأمر الآن".
وأضاف "هناك العديد من العوامل المؤثرة في سوريا والتي تؤثر على مستقبل هذا البلد، وأعتقد أنه من السابق لأوانه الحكم الآن، سواء بالنسبة لنا أو بالنسبة للآخرين الذين يعتقدون أنه كانت هناك انتصارات هناك على أي حال."
ويعتبر السقوط "غير المتوقع" لبشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر فشلا كبيرا في مجال السياسة الخارجية الإيرانية، كما تعتبر تركيا، الداعم الرئيسي لمعارضي نظام الأسد، إحدى الدول الداعمة لمعارضي نظام الأسد الفائز الأكبر في المنافسة بين القوى الإقليمية.