يمانيون:
2025-01-28@01:50:56 GMT

هل يوحّدنا شهر رمضان؟!

تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT

هل يوحّدنا شهر رمضان؟!

وديع العبسي

يأتي شهر رمضان المبارك بفضائله الجزيلة، ليختص فيه المسلمين بالأعمال المُقدّرة عند الله سبحانه إذا خلصت النوايا، إنما هل بإمكاننا دعوة المسلمين إلى التسامح وهي واحدة من فضائل هذا الشهر؟ ربما من المؤسف أن يبدو الأمر عبثياً ولا معنى له، فحالة الشتات التي يعيشها المسلمون لا تشجع أبدا على التفاؤل بإمكانية تحقق ذلك، أو حتى تقبله، فقد نجحت غرف المؤامرات، بإيصال حال المسلمين إلى مثل هذا الوضع المزري من الانكفاء على الذات والتنافس على إرضاء العدو وتسليمه القرار والمقدرات عن طيب خاطر.


النجاح الأول والأهم الذي حققه العدو – بعد عمل عقود طويلة، ومضى استنادا عليه، يغوص في العمق الإسلامي – كان من خلال تشويه ثقافة المسلمين، وترسيخ مفاهيم جديدة بديلة باتت تصور الثقافة الإسلامية كمظهر دال على التأخر عن الركب الحضاري، حتى صار أصغر مسلم يسخر من الحديث عن الدولة الإسلامية لأن فيها مصطلحات مثل الخلافة أمير المؤمنين وأشياء مشابهة لم تعد تتلاءم مع معطيات ومقتضيات العصر الحديث، دون النظر إلى المدلول الذي يعني وحدة المسلمين في السياسة والهدف، وأن تصير خيرات الدول الإسلامية للدول الإسلامية، فلا يكون لمستعمر، الحديث عن غزوات ينفذها في أراضي المسلمين من أجل نهب ثرواتهم.
وإذا أردنا الحديث عن الحداثة والتطور باعتبارهما من فروض تقادم الزمن، فما هي مقاييس ومعايير هذه الحداثة، ومن الذي حدد ورسم بيئة تضاريس هذا العصر؟ إنهم ليسوا المسلمين بطبيعة الحال، وإنما العالم الغربي الذي نجح في ترسيخ ثقافته وجعلها مقياس التقدم الحضاري للمجتمعات وحتى للأفراد، ثقافة تنكر على العربي والمسلم أن يتعامل معهم بنديّة وتكامل، وحدوده أن يكون تابعا ويتلقف فقط ما يُصدّر إليه من مظاهر التقدم.
إثر ذلك نجح العالم الآخر في السيطرة على قرار الشعوب، ففرض عليها أن تبقى تناضل من اجل تحقيق خطوات متقدمة أكثر وأكثر في مماثلة الحضارة الغربية، مع هجر تام للقيم الإسلامية، لأن في ذلك تميز وتطور -بزعمهم- يبعد المجتمع المسلم عن تلك البيئة الإسلامية المتخلفة التي تنادي بالحرية والكرامة، وهكذا حسب ما رسمته الماسونية الصهيونية أو العكس، وصارت الشعوب إلى أنظمة متنافرة لها رؤيتها الخاصة للنظام والعلاقة مع الآخر، وإن كانت الحقيقة أنها أنظمة تابعة برؤية بلا أبعاد استراتيجية، وها هي أكثر هذه الدول ترزح تحت طائلة الديون للغرب، وقد يكون من المثير أن نعلم أنه حتى الدول الثرية عليها ديون.
واليوم حرب الإبادة في غزة وسلبية الأنظمة عن التحرك العملي لإنقاذ إخوتنا هناك، يعكس نجاح المؤامرة في تقييد هذه الأنظمة ونخر إرادتها، فما عادت تقوى على شيء يتعارض مع توجهات العدو، بل والأسوأ أن بعضها يكاد يكون متواطئا، دون اعتبار لشراكة في الدين والتاريخ والثقافة، ودون اعتبار حتى لقيم إنسانية.
وبطبيعة الحال في هذا المناخ الثقافي العشوائي والمشوّه لم يعد بالإمكان توقع تحقيق وحدة إسلامية واحدة تحت راية واحدة تستفيد من كل مظاهر الحضارة الغربية وحتى الفضائية، المهم أن تظل محافظة على ثوابتها، هذا الأمر لا شك أنه بحاجة إلى مسار طويل من الجهد والعمل، فإرث حالة التكلس التي أدمنها المسلمون لعقود خلّفت قرونا من التأخر عن مواكبة حراك العدو ضدهم، مع ذلك بالإمكان البدء، على أن يكون الانطلاق من مستويين متوازيين، الأول: ترسيخ الثقافة المناهضة للفكر الغربي الذي ينزع عن المسلمين صفة القدرة على فرض خارطتهم على المريخ وعلى القمر بجهود ذاتية عن أهلية وجدارة، والتاريخ يشهد بعظمة عطائهم في العلوم والفضاء والرياضيات، والثاني: توحيد الجهود لتحرير بعض الأنظمة من قيود الغرب، فسلوك هذه الأنظمة جعلها مقيدة خوفا من المحاسبة، والتي لا ترى إلا الغرب قادرا على فتح وفضح سجلاتها.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض القاهرة الدولي للكتاب يناقش تطوير حركة الترجمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقد جناح مجلس حكماء المسلمين، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، سادس ندواته الثقافية بعنوان: “الدراسات الإسلامية وحركة الترجمة.. ضوابط وآفاق”، بمشاركة أ. د. إبراهيم عوض، أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة عين شمس، أدار الندوة د. محمد جمال، الباحث بمكتب إحياء التراث الإسلامي بمشيخة الازهر.

في بداية الندوة، قال الدكتور إبراهيم عوض، إن العرب بعد نزول الإسلام أصبحوا قادة الفكر والثقافة، وذلك في زمن الوقت الذي كانت فيه الأمم الأخرى تعاني من الجهل والظلام، فالمسلمون في بعض الأزمان كانت الأمم الأخرى تأخذ عنهم العلوم والثقافة، مما أثر إيجابًا على حركة الترجمة، مطالبًا المسلمين أن يستردوا هذه الريادة المعرفية والثقافية مرة أخرى.

ونبه أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين شمس إلى التحديات التي تواجه حركة ترجمة العلوم الإسلامية إلى اللغات الأخرى، لافتًا إلى أمرين؛ الأول: أن تتبنى الدول والحكومات حركات الترجمة العلمية لتأثيرها الكبير في فكر وثقافات الشعوب الأخرى. الأمر الثاني: أن تساهم الشركات والمؤسسات الخاصة في تعزيز حركة الترجمة، وذلك انطلاقًا من مسؤوليتها المعرفية والمجتمعية.

وطالب الأستاذ الدكتور إبراهيم عوض المترجمين المسلمين المتقنين لفنون الترجمة، وذلك في اللغتين: المصدر وهي العربية، واللغة الهدف (المترجم إليها)، ببذل الجهود الكبيرة في محاولات ترجمة "القرآن الكريم" للغات الأخرى؛ لما لتأثير ذلك في الآخر غير المسلم؛ حيث ينقل القرآن إليهم رسائل في العدل والرحمة والسلام والتعايش مع الآخرين.

ويشارك مجلس حكماء المسلمين بجناح خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير 2025؛ حيث يضم الجناح عددًا كبيرًا من الإصدارات المتميزة للمجلس، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الندوات والأنشطة والفعاليات التي تركِّز على نشر قيم الخير والمحبَّة والسَّلام والتعايش المشترك بين جميع البشر.

ويقع جناح مجلس حكماء المسلمين في معرض القاهرة الدولي للكتاب، بجوار جناح الأزهر الشريف، في قاعة التراث رقم (4)، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية، بالتجمع الخامس.

مقالات مشابهة

  • ما الحديث الذى دار بين الله والنبي ليلة الإسراء والمعراج؟.. أمين الفتوى يجيب
  • "من تجربتي في طلب العلم".. ندوة ثقافية بجناح حكماء المسلمين بمعرض الكتاب
  • زيارة تهنئة من حركة التوحيد الإسلامي والجماعة الإسلامية: انتصار كبير للبنان وفلسطين
  • جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض القاهرة الدولي للكتاب يناقش تطوير حركة الترجمة
  • الأردن: الحديث عن وطن بديل للفلسطينيين مرفوض
  • هل صيام يوم 27 رجب ثوابه يعادل 5 سنوات؟.. الإفتاء توضح صحة الحديث
  • نادي سموحة يكرم أبطال الخماسي الحديث
  • مفتي الجمهورية: الفتوى تُعزز من الإخاء الإنساني بين المسلمين وغيرهم
  • المفتي: التشريع الإسلامي يعزز الإخاء الإنساني بين المسلمين وغيرهم
  • سرايا القدس: قدمنا ما يلزم لسحب ذرائع العدو الذي يمنع العودة الى شمال القطاع