مسؤولو وخبراء الطيران في الشرق الأوسط يؤيدون “إعلان أبوظبي” لتحسين خدمات الملاحة الجوية
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
أعلن مسؤولو وخبراء قطاع الطيران في الشرق الأوسط تأييدهم لـ “إعلان أبوظبي” الذي يضع إطار عمل مشترك للتحسين المستمر لخدمات الملاحة الجوية في المنطقة، وذلك خلال أعمال الاجتماع الـ21 للمجموعة الإقليمية لتخطيط وتنفيذ الملاحة الجوية، الذي استضافته دولة الإمارات الأسبوع الماضي في إمارة أبوظبي.
ويمثل هذا الإعلان، الذي تقدم به فريق عمل الهيئة العامة للطيران المدني بدولة الإمارات، التزامًا إقليميًا بتعزيز التعاون المستمر، وتحسين إجراءات السلامة، وزيادة كفاءة العمليات، وتعزيز ممارسات الاستدامة في مجال الملاحة الجوية.
ويكتسب هذا الإعلان أهمية خاصة في الوقت الحالي نظرا للاحتياجات الملحة للتحديث والتحسينات المرنة في خدمات الملاحة الجوية في الإقليم، والطلب المتزايد على تعزيز القدرة والكفاءة والسلامة في هذه الخدمات، نتيجة زيادة حجم حركة الطيران العالمية.
ويأتي تأييد “إعلان أبوظبي” ليمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق نظام ملاحة جوية متناغم وعالي الأداء في الشرق الأوسط، ما يضع مثالا عالميا للتعاون والابتكار في صناعة الطيران.
وشملت المبادئ الرئيسية لإعلان أبوظبي، إنشاء بيئة لتنظيم جهود التعاون المشترك للتواصل الفعال والتنسيق بين أعضاء إقليم الشرق الأوسط، مع تعزيز الموارد والخبرات المشتركة، والتأكيد على التحسين المستمر لأنظمة الملاحة الجوية للحفاظ على أعلى معايير السلامة للركاب وأصحاب المصلحة في الطيران، والاستفادة من التقدم التكنولوجي لاستخدام المجال الجوي بشكل استراتيجي، بهدف تحسين الكفاءة، وزيادة القدرة، وتقليل التعقيد داخل المجال الجوي لإقليم الشرق الأوسط.
كما تضمنت المبادئ دمج الممارسات الصديقة للبيئة في تخطيط خدمات الملاحة الجوية، بهدف تقليل الانبعاثات التشغيلية لثاني أكسيد الكربون بنسبة 3% على مدى خمس سنوات، والتركيز على المبادرات المشتركة لتعزيز مرونة أنظمة الملاحة الجوية، بما يضمن قدرتها على التكيف مع التحديات المتطورة والطلب المتزايد على السفر الجوي، وتشجيع التفاعل النشط على نطاق واسع من الشركاء الإستراتيجيين، بما في ذلك الحكومات، وسلطات الطيران، وممثلي الصناعة، والمجتمعات المحلية، للتعاون في تشكيل وصياغة مستقبل نظام الملاحة الجوية في الإقليم.
وقال سعادة سيف محمد السويدي، مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني، إن التأييد الواسع الذي حظي به “إعلان أبوظبي” يعكس حرص مسؤولي الطيران في منطقة الشرق الأوسط على تعزيز التنسيق والتعاون في إدارة وتطوير حركة الملاحة الجوية، وذلك وفقًا لمبادئ مشتركة تخدم الأجندات التنموية للدول الأعضاء وتعزز جودة وكفاءة حركة الطيران على مستوى المنطقة.
وأضاف السويدي: “نتطلع إلى أن يُقدم “إعلان أبو ظبي'”نموذجا للتعاون الإقليمي في تطوير وتحسين كفاءة الملاحة الجوية.”
من جانبه، أشاد المهندس محمد أبو بكر فارع، مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) في الشرق الأوسط، بمبادئ “إعلان أبوظبي” وجهود الهيئة العامة للطيران المدني بدولة الإمارات في تعزيز التعاون الإقليمي لتحسين خدمات الملاحة الجوية في المنطقة.
وأضاف أن هذا الإعلان يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز السلامة والكفاءة والاستدامة في قطاع الطيران بالشرق الأوسط، معربا عن تطلعه إلى المزيد من التعاون والتنسيق على صعيد المنطقة لتحقيق الأهداف المشتركة في تحسين مستوى الخدمات وتطوير الملاحة الجوية.
وأكد أحمد ابراهيم الجلاف، المدير العام المساعد لقطاع الملاحة الجوية في الهيئة العامة للطيران المدني، ورئيس المجموعة الإقليمية للتخطيط وتنفيذ الملاحة الجوية، أن “إعلان أبوظبي” يحدد إطارا إستراتيجيا يركز على التخطيط المشترك للملاحة الجوية وتنفيذه من خلال التنسيق الفعال بين أعضاء مجموعة التخطيط والتنفيذ في الشرق الأوسط، وذلك بهدف ضمان التحسينات المستمرة والمرنة في توفير خدمات الملاحة الجوية في المنطقة، وتحقيق سفر جوي أكثر أمانًا وكفاءة واستدامة.
يذكر أن الاجتماعات الـ21 للمجموعة الإقليمية لتخطيط وتنفيذ الملاحة الجوية، والـ11 للمجموعة الإقليمية لسلامة الطيران في إقليم الشرق الأوسط، شهدت حضورا إقليميا واسعا على مدار خمسة أيام عمل، حيث بلغ إجمالي عدد المشاركين أكثر من 240 مسؤولا ومتخصصا في قطاع الطيران، وإجمالي أوراق العمل المقدمة أكثر من 100 ورقة عمل من الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية ذات الصلة، بالإضافة إلى مبادرة شهر المعرفة لمستقبل خدمات الملاحة الجوية التي أسستها الهيئة العامة للطيران المدني بدولة الإمارات، بالتعاون مع المنظمة الدولية للطيران المدني، والمنظمة العربية للطيران المدني، و التي جذبت مشاركات متميزة.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
“مركز الأطراف الصناعية” السعودي.. أمل جديد في حياة الطفلة “ماتيلدا”
المناطق_واس
على كرسي متحرك دخلت الطفلة الأوكرانية “ماتيلدا”، ذات الأعوام الثمانية، إلى مركز الأطراف الصناعية التابع لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في بولندا، في عينيها امتزجت نظرات الحزن والأمل؛ حُزن على طفولة سلبت منها القدرة على اللعب والحركة، وأمل في أن تجد علاجًا يعيد لها جزءًا مما فقدته.
لم تكن “ماتيلدا” تختلف عن أي طفلة أخرى، تلهو وتلعب بين أزقّة قريتها الأوكرانية، قبل أن تتغير حياتها إلى الأبد. في لحظة واحدة فقدت ساقيها أسفل الركبتين جراء الحرب في أوكرانيا، وتحولت من طفلة مليئة بالحركة والنشاط إلى أخرى تواجه مستقبلًا مجهولًا.
كان وقع الصدمة على والديها لا يوصف، فهما لا يُدركان كيف يمكن لطفلتهما الصغيرة أن تستوعب هذا التحول الجذري، أو كيف ستعيش حياتها دون القدرة على المشي.
ما حدث لـ”ماتيلدا” تسبب بأزمة نفسية وصحية كبيرة، فهي لم تعد قادرة على الحركة أو المشي أو اللعب كما اعتادت، ولا تستطيع الجلوس بشكل طبيعي؛ مما أحدث صدمة كبيرة على طفلة في مثل سنها مليئة بالنشاط والحيوية، ومقبلة على الحياة.
وأمام واقع أليم ومستقبل غامض ينتظر الطفلة “ماتيلدا”، وجد والداها أنفسهما أمام تكاليف مالية باهظة، فأصبحا لا يعرفان كيف يتصرفان أو إلى أين يتوجهان، وسط هذه المعاناة، انبثق الأمل من مملكة الإنسانية المملكة العربية السعودية، ممثلةً بـ”مركز الملك سلمان للإغاثة”، الذي أطلق “برنامج الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل” لمصابي الحروب والكوارث.
وصلت إلى والديّ “ماتيلدا”، أخبار “برنامج الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل” الذي يقدم خدمات نوعية مجانية لمرضى البتر، المخصص لمتضرري الحرب الأوكرانية في جمهورية بولندا، وبعد إدراج وزارة الصحة في بولندا -الدولة التي يُنفِّذ فيها المشروع- اسم ابنتهما في قوائم مرضى البتر، أدركا أن هناك من يمكنه مساعدتهم، وأن طفلتهما قد تحصل على فرصة جديدة للحياة.
خطوة أولى في رحلة استعادة الحياة
بعملية لوجستية مُعقدة، نُقلت “ماتيلدا” إلى مركز الأطراف الصناعية في بولندا، حيث استُقبلت بابتسامة من الفريق الطبي، وهي رسالة بأن الألم سيبدأ بالتلاشي. بدأت رحلتها العلاجية بخضوعها لتقييم طبي دقيق، وأُنشئ لها ملفٌ طبي شاملٌ، ووُضعت خطة علاجية تأخذ بعين الاعتبار حالتها الجسدية والنفسية.
راعت الخطة العلاجية مستوى ونوع البتر عند “ماتيلدا”، وخصائص الجزء المتبقي من أطراف ساقيها، إضافة إلى الأهداف والتوقعات والرغبات واحتياجاتها الفردية؛ للحصول على الخدمة المأمولة.
عمل الفريق الطبي السعودي على طمأنة “ماتيلدا”، وتعريفها بالرحلة التي تنتظرها، وأن هذا المكان ليس مجرد مركز طبي، بل محطة لاستعادة الحياة، قبل تركيب الأطراف.
خضعت “ماتيلدا” لبرنامج تأهيلي؛ بهدف تقوية عضلاتها، وتحسين توازنها، وتخفيف آلام البتر. في هذه المرحلة لم يكن الهدف تجهيز جسدها لاستقبال الطرفين الصناعيين فحسب، بل أيضًا تحضيرها نفسيًا لتقبّل التغيير.
ومن هذا اليوم بدأت علاقتها بمركز الأطراف الصناعية الذي يقوم عليه متخصصون سعوديون يحرصون على تحسين جودة حياة المستفيدين عبر تقديم أفضل رعاية طبية وتأهيلية.
ويضم البرنامج أطباء في (جراحة العظام، والتأهيل الطبي) ومتخصصين في الأطراف الصناعية (مهندسي تصميم وصناعة الأطراف الصناعية، وفنيين مختصين في تركيب الأطراف وتعديلها)، وأخصائيي العلاج الطبيعي والتأهيل، ويخضع المستفيد إلى جلسات إعادة التأهيل بعد تركيب الأطراف، ليتمكن من استعادة قدرته الحركية، ويضم الفريق كذلك متطوعين لتقديم الخدمات المساندة (دعم اللوجستيات، وتنظيم الأنشطة داخل مراكز التأهيل).
وعودًا إلى الطفلة “ماتيلدا”، فقد حدد الفريق المختص القياسات النهائية للطرفين والمواد اللازمة وفق حالتها واحتياجاتها، للبدء بعمليات تصنيع وتجهيز الطرفين، لتدخل بعدها “ماتيلدا” مرحلة إعادة تأهيل ما قبل التركيب؛ وذلك لتحسين حالتها الصحية والنفسية والتخفيف من الآلام، وتساعدها هذه المرحلة على تقوية العضلات وزيادة المرونة والتحمل، وتحسين التوازن والقدرة على الحركة والتنقل، كما حرص الفريق على تعليمها كيفية التعامل مع البتر والتكيف مع التغيرات في جسدها وحياتها.
اللحظة المنتظرة.. الوقوف من جديد
بعد أسابيع من التقييم والتأهيل، حان اليوم الذي انتظرته “ماتيلدا” بشغف وخوف في آن واحد، وبعد تركيب الطرفين، وقفت للمرة الأولى بمساعدة الفريق، وكانت ابتسامتها تملأ وجهها، وعيون والديها غزيرة بالدموع، خطوة تلو أخرى، بدأت تتعلم كيف تستعيد توازنها، كيف تمشي من جديد، وكيف تعود للحياة التي اعتقدت أنها فقدتها.
لم يقتصر الدعم على الجانب الجسدي، بل قدَّم لها الفريق المختص دعمًا نفسيًا؛ لمساعدتها على تقبّل جسدها الجديد، وتعزيز ثقتها بنفسها، وبدأوا تدريبها على استخدام الطرفين الصناعيين في حياتها اليومية، من المشي إلى الجري، واللعب من جديد، وعلى كيفية ارتدائه وخلعه بشكل صحيح.
خضعت “ماتيلدا” لجلسات متابعة دورية لضمان تكيّفها مع طرفيها الصناعيين، ولم تعد بحاجة إلى الاعتماد الكامل على الآخرين، بل استعادت استقلاليتها، وتمكنت من العودة إلى حياتها الطبيعية.
وخرجت ماتيلدا بصحبة والديها، تسير إلى جانبهما للمرة الأولى بعد إصابتها، تغمرها سعادة غامرة باستعادة نشاطها وحيويتها. كانت فخورة بإصرارها على الالتزام بالتدريب والتأهيل الذي وفره لها المركز. ركبت السيارة وحدها، وجلست في كرسيها المخصص، تلاحقها نظرات والديها الفَرِحين بها.
مراكز الأطراف الصناعية.. إنهاء ألم وإحياء أمل
تأتي “مراكز الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل” استمرارًا لدور المملكة الرائد في مجال العمل الإنساني على الصعيد الدولي، استشعارًا منها بأهمية رفع المعاناة عن الإنسان ليعيش حياة كريمة، من خلال امتداد المشاريع الإنسانية والإغاثية التي تنفذها عبر ذراعها الإنساني “مركز الملك سلمان للإغاثة”، وحرصًا على توطين وتجويد خدمات الأطراف الصناعية والتأهيل، وبناء قدرات المؤسسات الصحية؛ لضمان توطين الخدمات والاستدامة.
ويعتمد “مركز الملك سلمان للإغاثة” معايير لاختيار المستفيدين وتصنيفهم في برنامج الأطراف الصناعية، وإعادة التأهيل على قوائم مرضى البتر المقدمة من وزارة الصحة في الدولة التي يُنفِّذ فيها المشروع، وتُعطى الأولوية للفئات التالية: (مرضى البتر الناتج عن الإصابات الحربية المباشرة أو الألغام أو المخلفات الحربية من جميع الفئات العمرية، والأطفال دون سن 18 عامًا الذين يعانون من إعاقات حركية ناجمة عن البتر أو التشوهات الخلقية، والفئات الأخرى، مثل: المصابين بحوادث السير، أو الأمراض المختلفة).
ويمنح البرنامج الفئات المستهدفة فرصة إعادة الاندماج في المجتمع وممارسة النشاطات المختلفة بشكل مستقل؛ مما يعزز من قدراتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، كما يقدم عبر مراكزه الأربعة، خدمات نوعية مجانية، وتتوزع مشاريعه في عدد من الدول ذات الاحتياج (اليمن – سوريا – إلى جانب متضرري الزلزال في تركيا، ومتضرري الحرب الأوكرانية في جمهورية بولندا).
برنامج الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل لم يساعد “ماتيلدا” وحدها، بل استفاد منه آلاف المصابين، ومنذ انطلاقه في 2020 حتى 2024، قدَّم البرنامج خدماته لأكثر من (109,000) مستفيد حصلوا على خدمات نوعية مجانية بلغت (298,999) خدمة، وصنع وركّب (10,851) طرفًا صناعيًا و تقويميًا حديثًا، بينما وصل عدد المستفيدين من خدمات إعادة التأهيل لمرضى البتر من صيانة وتأهيل فني ونفسي وعلاج طبيعي واستشارات فنية وطبية إلى (98,612) مستفيدًا، ووفق إحصائيات البرنامج وصلت نسبة المستفيدين الإناث 33% والذكور 67%، فيما وصلت نسبة الإصابات المرضية إلى ما يقارب 24% بينما شكَّلت نسبة الإصابات الحربية (الألغام والمخلفات الحربية والذخائر..) ما يقارب 76% من إجمالي مرضى البتر المستفيدين من كافة خدمات البرنامج.
اليوم “ماتيلدا” لم تعد الطفلة التي دخلت المركز على كرسي متحرك، بل أصبحت فتاة تسير على قدميها بثقة، ممتلئة بالأمل، متطلعة إلى المستقبل، تبتسم وهي تخطو خطواتها الأولى في عالم جديد، عالم لم تكن تتخيل أنها ستتمكن من السير فيه مجددًا.
قصة “ماتيلدا” واحدة من قصص عديدة جسّد فيها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية رسالة المملكة في دعم الإنسان أينما كان، ومدّ يد العون لمن فقد الأمل في الحياة، ليمنحه فرصة جديدة للوقوف، والمضي قدمًا نحو غدٍ أكثر إشراقًا.