عربي21:
2024-07-01@06:32:22 GMT

لن يسرقوا رمضان من سكان غزة

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

هل ضاعت غزة فعلا؟ وهل من حقنا أن نتساءل حول ما إذا كان صبر المدنيين هناك قد نفد؟ تكشف الفيديوهات المنشورة حول وضع السكان هناك أن الغزاويين لم يعد باستطاعتهم تحمل سياسة التنكيل الإسرائيلية بمختلف الوسائل؛ من القنابل التي تتساقط على رؤوسهم ليلا نهارا وصول الجوع الذي يحاصرهم. وهذا أمر مفهوم ومنطقي، فالذين يعيشون هناك والمحاصرون برا وبحرا وجوا بشر وليسوا آلهة، هم ضحايا الحرب ووقودها، يحترقون في كل ساعة دون أن تكون لهم القدرة على الدفاع عن أنفسهم.



فالمقاومة لا تزال نشيطة وفاعلة ومتمركزة في مواقعها، لكنها غير قادرة عمليا على حماية مواطنيها الذين وجدوا أنفسهم يجوبون الشوارع ويلتحفون السماء ينتظرون قدوم الموت في كل لحظة عبر قذيفة أو صاروخ. فالعدو يبتز المقاومة عن طريق استهداف المدنيين بدون رحمة، ويعتقد بأنه من خلال ذلك يحقق أحد الهدفين؛ استسلام المقاتلين والقضاء على أسلحتهم ومن ثم تصفيتهم وسجنهم ،أو دفع المدنيين نحو الهجرة قسرا.

الحرب رغم ضراوتها لم تفصح بعد عن نتائجها السياسية، صحيح أن معالم المدينة تغيرت تماما، وأن مئات الآلاف من المدنيين يحاصَرون في كل زاوية توجهوا إليها أو دُفعوا نحوها، مع ذلك لا يزال هناك صمود المقاومة الذي يحد من هيجان العدو ويفسد حساباته التكتيكية والاستراتيجية، ويعمق تناقضاته ويكشف طبيعته العدوانية وروحه الشريرة. حتى الذين انحازوا بالكامل إلى إسرائيل، يعيشون عزلة دبلوماسية حادة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا
صعب على كاتب مثلي أن يزايد على الفلسطينيين ويطلب من الأطفال والنساء والشيوخ أن يواجهوا الطائرة والدبابة والقناصة بصدور عارية، فالكلمات التي تقال هذه الأيام أو تكتب تحولت في هذا الظرف بالذات إلى مسؤولية ثقيلة ومكلفة. حتى مع دخول رمضان يستمر القتل والتشريد، رغم النداءات ومحاولات التوصل إلى هدنة خلال هذا الشهر الفضيل. الإسرائيليون لا يعترفون بأي مقدس من مقدسات المسلمين؛ يحاصرون المسجد الأقصى، ويمنعون المصلين بعد أن أطلقوا أيدي المستوطنين لضرب الفلسطينيين والاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم.. لا شيء يمنعهم من استمرار هيجانهم.

القول بأن غزة ضاعت كما ردد البعض هو كلام مردود على قائليه، حتى لو صدر على ألسنة بعض الفلسطينيين الذين هالهم ما يحصل في مدينتهم. الحرب رغم ضراوتها لم تفصح بعد عن نتائجها السياسية، صحيح أن معالم المدينة تغيرت تماما، وأن مئات الآلاف من المدنيين يحاصَرون في كل زاوية توجهوا إليها أو دُفعوا نحوها، مع ذلك لا يزال هناك صمود المقاومة الذي يحد من هيجان العدو ويفسد حساباته التكتيكية والاستراتيجية، ويعمق تناقضاته ويكشف طبيعته العدوانية وروحه الشريرة. حتى الذين انحازوا بالكامل إلى إسرائيل، يعيشون عزلة دبلوماسية حادة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.

لقد تحركت الشعوب ضد حكوماتها بعد أن أدرك جزء واسع من الرأي العام الغربي أن الإسرائيليين يوظفون المحرقة النازية من أجل تبرير مشروعهم الاستعماري البغيض. فحسب مقال بصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فالحرب على غزة "تقسم أوروبا". وفي المقال إشارة إلى استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي كشف عن أن الناخبين الشبان الذين أعمارهم دون 29 عاما هم أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين، على عكس الأكبر سنا (لا سيما ممن تتجاوز أعمارهم 45 عاما) الذين يميلون إلى تأييد إسرائيل.

عندما يردد الفلسطينيون اليوم "لن يسرقوا منا رمضان" رغم هذا المشهد القاتم، فقد أثبتوا بذلك أنهم تجازوا حدود الألم وبيّنوا أنهم قادرون على تحدي الطغيان العسكري لعدوهم الذي يريد طردهم من أرضهم أو إبادتهم. وما دامت معنوياتهم مرتفعة إلى هذا الحد، فلن يتمكن الصهاينة من تحقيق أهدافهم
والقضايا التي تكسب تعاطف الشباب هي التي تكون عادلة، وسينصفها التاريخ إن آجلا أو عاجلا، وقد سبق لأجيال من النخب الفلسطينية والعربية حاولت أن تقنع العالم الغربي بعدالة القضية الفلسطينية دون جدوى إلى أن اندلعت معركة طوفان الأقصى فكشفت المستور.

عندما يردد الفلسطينيون اليوم "لن يسرقوا منا رمضان" رغم هذا المشهد القاتم، فقد أثبتوا بذلك أنهم تجازوا حدود الألم وبيّنوا أنهم قادرون على تحدي الطغيان العسكري لعدوهم الذي يريد طردهم من أرضهم أو إبادتهم. وما دامت معنوياتهم مرتفعة إلى هذا الحد، فلن يتمكن الصهاينة من تحقيق أهدافهم مهما بلغ عدد الشهداء ومهما هدموا من منازل. وسواء حصل الهجوم على رفح أو لم يتم فإن القضية باقية، والحق قائم. ومهما أصر نتنياهو وحلفاؤه من المتطرفين اليهود على الاستمرار في تنفيذ مشروعهم الدموي حتى حساب علاقاتهم الاستراتيجية بالرئيس بايدن، فإنهم يحفرون بذلك القبر الذي سيُدفن فيه المشروع الصهيوني إلى الأبد.

فالجرائم لا تُنسى، قد تطول وتتأخر ويعمل مرتكبوها كل ما في وسعهم من أجل دفنها لكن التاريخ لا يرحم؛ المهم أن يستمر الصمود حتى ينجلي غبار المعركة. غزة ستبقى فلسطينية مهما دمروها، وكم من مدن هامة حولها الغزاة إلى خرائب، ثم نجح أبناؤها في إعادة بنائها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإسرائيلية رمضان صمود إسرائيل غزة جرائم صمود رمضان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الإمبريالية المتوحشة.. أمريكا أنموذجاً..!

 

تبدو الإمبريالية في ذروة توحشها، بعد أن تجاوزة مرحلة الليبرالية والنيوليبرالية، واسقطت بالتالي كل القيم والمفاهيم الليبرالية وداست عليها إعمالا لقانون التوحش الذي انتهجته أمريكا منذ اللحظة الأولى لانهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفيتي واختفاء حلف وارسو، لتنتهي بعدها التداعيات الدرامية ومرحلة التوازن القطبي والحرب الباردة.
كان انهيار الاتحاد السوفييتي قد أيقظ بعض المفكرين الغربيين من فلاسفة الليبرالية الذين أدركوا أن انهيار الاتحاد السوفييتي والنظام الاشتراكي يتطلب إحداث ثورة فكرية تجديدية للقيم الليبرالية وتجنب الانزلاق نحو قوانين التطور والتحولات العلمية وثورة المعلومات دون تطوير قيم الثقافة الليبرالية وتحديث أفكارها بما يتسق والتحولات الحضارية الجديدة، وكان أبرز من دق جرس الانذار في هذا الاتجاه هو المفكر الأمريكي نعوم تشونسكي- الذي توفي قبل أيام، لتفقد الإنسانية برحيله أعظم وانبل المفكرين الغربيين الرافضين لكل قيم التوحش الإمبريالي الذي تبنته أمريكا – وآخرون من المفكرين الليبرالين في أمريكا والغرب، غير أن ثمة ترويكا ثقافية وفكرية في أوروبا وخاصة في ألمانيا الذين سايروا أمريكا بفكرة انتصارها وتفوقها على النظام الاشتراكي الذي انهار بعد أن عجز عن مجاراة الليبرالية ودفع الرئيس الأمريكي جورج بوش ( الأب)  أن يلقي خطابا تاريخيا في البيت الأبيض وحوله يلتف زعماء أوروبا أبرزهم السيدة مارجريت تاتشر أو -المرأة الحديدية – وأكد في خطابه (أن القيم  الليبرالية انتصرت على النظام الاشتراكي وأثبتت أنها طريق  الخلاص للبشرية، لما تحمل من قيم أخلاقية وإنسانية وإيمان بحرية الفرد وحقوق الإنسان، وفرص لتفجير الطاقات الفردية وتحقيق الرفاهية للبشرية)، معلنا (أن أمريكا أصبحت عاصمة وقبلة العالم الحر ويشرفها قيادة هذا العالم نحو أحلامه ورفاهيته وديمقراطيته وان الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أهداف نبيلة يجب على العالم أن يؤمن بها)، مشيرا إلى أن زمن الديكتاتورية قد انتهى بانهيار النظام الاشتراكي الذي وقف عائقا أمام تقدم البشرية)..!
كان أول من انتقد خطاب بوش الأب  هو المفكر الأمريكي نعوم تشونسكي، غير أن ثمة نخبة من مفكري ومثقفي ألمانيا الذين  كانوا يصفون أنفسهم (التروتسكيين) نسبة للمفكر السوفييتي (تروتسكي) الذي اختلف مع لينين في مفهوم الثورة وقيمها، وقاد عام 1905م ثورة ضد القيصر ولكنه فشل، فهرب مع بعض جماعته ومنهم من أعدمهم القيصر واعتبر لينين هزيمة (تروتسكي) فعلاً طبيعياً ( لفقدان تروتسكي واتباعه  الروح الإيمانية بالثورة ليصنف من قبل لينين وأتباعه بالانتهازي)، هذه النخبة التروتسكية تبنت لاحقا القيم الليبرالية الغربية وكانت خلف ثقافة التوحش الإمبريالي التي يشهدها العالم اليوم.
عام 1989م وفيما كانت (البروسترويكا تنهش في الذاكرة السوفيتية) بقيادة جورباتشوف، كان نخبة من التروتسكيين المتحولين يقدمون رؤيتهم لتطوير الليبرالية وتحديثها تحت مسمى (النيو ليبرالية) أي -الليبرالية الجديدة -التي تسعى للسيطرة على العالم وقيادته، كانت السيدة مارجربت تاتشر ومستشاروها من ابرز المتحمسين لهذه الرؤية، التي استكثرها مفكرو أمريكا الذين اقتبسوا الفكرة ومفاهيمها من النخبة الألمانية، فقدموها بمسمى آخر هو (المحافظين الجدد) مازجين بين فكرة التروتسكيين وتعاليم تلمودية، عززوا من خلالها تحالف (المسيحية -الصهيونية) كثنائي بهما يمكن السيطرة على العالم، لتبدأ هذه المرحلة مع وصول بوش -الأبن -للبيت الأبيض، فقدم بوش الابن لنجله نصيحة بالجلوس مع هنري كيسنجر- ثعلب السياسية الأمريكية وأحد رموز الصهيونية العالمية، وفعلا حدث وتأثر بوش الابن بأفكار كيسنجر وانطلق في تجسيد الأفكار الجديدة برفقة وول ولفوز، وديك تشيني ورموز من أباطرة الشركات النفطية والمجمع الصناعي العسكري ورجال “وول ستريت”، وابرزهم عائلة روتشيلد، وروكفلر، الذين التفوا حول بوش الأبن  وتسلموا مفاصل الدولة الأمريكية..!
كانت المهمة الأولى تعزيز علاقة البيت الأبيض مع الكيان الصهيوني، فيما الخطوة الثانية كانت نقل سطوة وهيمنة واشنطن كقائد للعالم الحر، وبما أن أمريكا كانت ترتبط بعلاقات تقليدية رتيبة مع حلفائها في العالم، كانت ثورة المعلومات تشهد تطورا مذهلا في (وادي السيلكون) الأمريكي، ولاستثمار ثورة المعلومات والتقنية كان لا بد أن تقدم أمريكا نفسها بقيادة المحافظين الجدد بصورة أخرى لم يعتدها العالم بما في ذلك حلفاؤها التقليديون..!
ولإحداث هذا الفعل كان خبراء البنتاحون قد توصلوا لنظريتين الأولى اطلق عليها بـ(نظرية الصدمة والرعب) والثانية اطلق عليها بـ (الفوضى الخلاقة)، وهما النظريتان التي ابتكرهما خبراء البنتاجون الأمريكي عام 1993م، وقد اعتمدهما تيار المحافظين الجدد، حكام أمريكا الجدد بمجرد وصولهم للبيت الأبيض، وكانت أولى خطوات تكريس هاتين النظريتين وتدشينهما واقعيا قد تمثلت بغزو وتقسيم جمهورية يوغسلافيا، ثم بأحداث 11 سبتمبر 2001م التي تم الإعداد لها بدقة وعناية لدرجة ان المتهمين فيها وابرزهم “تنظيم القاعدة” وزعيمه وكوادره توهموا أو صدقوا أنهم فعلا هم من قام بهذا الفعل، مع أنهم لم يكونوا أكثر من ضيوف شرف في فيلم من بطولة آخرين..!

مقالات مشابهة

  • الحج و.. "الطرق الخلفية"
  • عادل عسوم: إلى الذين أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ
  • ناتشو: هذا حلمي.. ونجم برشلونة مدهش
  • أنصر جيشك ظالماً أو مظلوماً
  • "اليونيسيف": أكثر من 96% من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي
  • صحيفة تتحدث عن أوضاع الفلسطينيين الذين عبروا إلى مصر خلال العدوان
  • الإمبريالية المتوحشة.. أمريكا أنموذجاً..!
  • لاجئ أوكراني: قوات نظام كييف تعمدت إطلاق النار على المواطنين أثناء عمليات الإجلاء
  • "الشعبية": الاحتلال يكثف حربه ضد المدنيين تعويضا عن فشله أمام المقاومة
  • كندا تفرض عقوبات على أفراد وكيانات إسرائيلية تدعم العنف ضد المدنيين الفلسطينيين