هل هناك ربط بين ارتفاع السكر والضغط بالسرطان؟.. دراسة علمية تجيب عن هذا التساؤل| شارك بها 40 ألفا لمدة 3 سنوات
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
كيف يمكن أن يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم وارتفاع ضغط الدم والسمنة إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان، هذا التساؤل، دائما ما يشغل بال من يعاني من كلا المرضين، والخوف من أن يكونا سببا في إصابتهم بمرض السرطان المميت، والأكثر بحثا عن إجابة، هم أصحاب السمنة في جسدهم، والذين في الأغلب يعانون من الضغط والسكر، وسعيا للإجابة عن هذا التساؤل، فقد أجابت دراسة علمية حديثة الإجابة عن تلك التساؤلات.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية، فقد توصلت دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة التمثيل الغذائي، والتي يمكن أن تشمل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول وارتفاع نسبة السكر في الدم والعديد من الحالات الأخرى، هم أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.
ثلث الأمريكيين يعانون من التمثيل الغذائي
وفقا للصحيفة الأمريكية، فإنه حوالي ثلث الأمريكيين يعاني من متلازمة التمثيل الغذائي، وهي مجموعة من الحالات التي يمكن أن تشمل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم ومحيط الخصر الكبير، وتزيد معًا من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني، ويؤكد البحث الجديد على نتيجة محتملة أخرى بدخول السرطان، كمرض محتمل لديهم، فالعلاقة بين السرطان وزيادة الدهون في الجسم راسخة .
ولكن هذه الدراسة الأخيرة، التي نشرت في مجلة السرطان، تلقي نظرة أوسع على هذه العلاقة، مع التركيز على كيفية زيادة متلازمة التمثيل الغذائي بشكل عام من خطر الإصابة بمجموعة متنوعة من السرطانات، ويقول جيرالد دينيس، عالم الأورام الجزيئية في جامعة بوسطن: "هناك الكثير من القلق من أن هذا الأمر قد أصبح تحت الرادار، على الأقل في مجال الصحة العامة الأمريكية، لأننا لا ندرك المخاطر بشكل كامل".
فريق بحث صيني ومشاركة 40 ألف شخص .. وتلك النتائج
وقد قام فريق البحث، ومقره الصين، بدراسة أكثر من 40 ألف شخص يعانون من بعض أو كل العوامل الخمسة لمتلازمة التمثيل الغذائي: ارتفاع ضغط الدم؛ انخفاض مستويات HDL، أي "الكوليسترول الجيد"، وارتفاع مستوى الدهون الثلاثية، وارتفاع نسبة السكر في الدم، وخط الخصر الكبير، ويتم تعريف المتلازمة الأيضية على أنها تحتوي على ثلاثة على الأقل من هذه الحالات، وبعد قياس صحتهم الأيضية على مدى أربع سنوات، قام الباحثون بتتبع الأشخاص الذين أصيبوا بالسرطان على مدى حوالي عقد من الزمن، وكان المشاركون في المتوسط يبلغون من العمر حوالي 50 عامًا.
وأظهرت الدراسة أن أولئك الذين يعانون من متلازمة التمثيل الغذائي لديهم خطر متزايد بنسبة 30% للإصابة بأي سرطان في السنوات اللاحقة، كما قام الباحثون بتتبع بروتين سي التفاعلي، والذي يستخدم لقياس الالتهاب المزمن، وخلص الباحثون إلى أن متلازمة التمثيل الغذائي والمستويات الأعلى من هذا البروتين ارتبطت بشكل كبير بسرطان الثدي وبطانة الرحم والقولون والمستقيم والكبد.
نتائج الدراسة أمر مقنع
ويقول دينيس، الذي لم يشارك في الدراسة: "إنه أمر مقنع للغاية، إنهم يرون أنه كلما جمعت هذه العوامل، ترتفع المخاطر وهو أمر منطقي تمامًا بالنسبة لي"،، ويوضح أن هذا يرتبط بقاعدة الأدلة الأوسع التي تشير إلى الالتهاب المزمن المشتعل، كعامل رئيسي مرتبط بهذه السرطانات، وتعكس النتائج الإجمالية ما يراه الآخرون في هذا المجال عندما يتعمقون في العلاقة بين السرطان ومتلازمة التمثيل الغذائي.
فيما يقول ماسي وين طالب دكتوراه في الطب في معهد هانتسمان للسرطان بجامعة يوتا، والذي أكمل مؤخرًا مراجعة للأدلة الموجودة، والتي لم يتم نشرها بعد: "لقد لاحظنا زيادة مماثلة جدًا في المخاطر بنسبة 30٪"، بينما تقول شيتال هارديكار، الباحث في معهد هانتسمان للسرطان الذي لم يشارك في البحث، إن العدد الكبير من الأشخاص المسجلين، والتصميم المحتمل والتقييم القوي للمعلمات الأيضية، كلها نقاط قوة في الدراسة الجديدة، ولكنها تقول إنه من المهم فصل جميع عوامل الخطر الأيضية.
الدراسة و السمنة المركزية
واستخدمت الدراسة تعريفا لمتلازمة التمثيل الغذائي التي تتطلب أن يكون لدى الشخص محيط خصر كبير - وهو ما أسماه الباحثون "السمنة المركزية" - بالإضافة إلى شرطين آخرين. لذلك، لا يمكن الإجابة على مدى ارتباط خطر الإصابة بالسرطان بالحالات الأخرى التي تشكل جزءًا من متلازمة التمثيل الغذائي، بغض النظر عن السمنة، ويدرس مختبر هارديكار هذا الموضوع، وتقول: "في بحثنا، وجدنا أن هذا غير صحي من الناحية الأيضية، ولكن المرضى ذوي الوزن الطبيعي لديهم أيضًا خطر متزايد للإصابة بالسرطان".
وتقول إن هناك أدلة على أن هذه المجموعة لديها بالفعل خطر الإصابة بالسرطان أعلى من أولئك الذين يعتبرون يعانون من السمنة، ولكن لديهم صحة أيضية جيدة بناءً على اختبارات الدم الخاصة بهم، وتضيف: "هنا لا تكون الآليات مفهومة جيدًا، فلا يتعلق الأمر بمؤشر كتلة الجسم فحسب، بل أين يتم توزيع الدهون لديك ومدى نشاطها الأيضي".
ما المنتظر من الأبحاث المستقبلية؟
وعن المنتظر من الأبحاث المستقبلية، يقول وين إن الأمل هو تحديد أكثر دقة للظروف التي تزيد من خطر إصابة شخص ما، وبأي مدى، عندما يكون لديه مجموعة من المشاكل الأيضية، وتقول: "نحن نعلم أن هناك ما لا يقل عن 13 نوعًا من السرطان مرتبطة بالسمنة، ولكن هناك أشياء أخرى مثل ارتفاع نسبة السكر في الدم، وارتفاع ضغط الدم التي قد تساهم أيضًا"، فيما يوضح دينيس أن الباحثين ابتعدوا عن الاعتماد على مؤشر كتلة الجسم لأنه مقياس "رهيب" للمخاطر، ويشير إلى أن السكان الصينيين في هذه الدراسة يميلون إلى أن يكون لديهم مؤشر كتلة الجسم أقل بشكل عام مما تراه بين المرضى في الولايات المتحدة.
وتابع: "هؤلاء أشخاص نحيفون إلى حد ما، ومؤشر كتلة الجسم لديهم ليس مرتفعًا إلى هذا الحد، لكنهم يعانون من اضطراب التمثيل الغذائي للغاية ومخاطر الإصابة بالسرطان لديهم في الواقع أعلى"، وهذا يثير المخاوف بشأن "السرطانات الناجمة عن عملية التمثيل الغذائي في آسيا وجنوب آسيا، حيث ينتشر مرض السكري بشكل كبير، ولكن ليس بالضرورة بالتزامن مع السمنة المرضية"، وربما تم إجراء البحث في الصين، لكن هارديكار يقول إنه يحتوي على دروس واضحة للولايات المتحدة، حيث يحتاج الأطباء إلى الاهتمام بجميع عوامل الخطر بشكل كلي، والنظر إليها جنبًا إلى جنب وليس بمعزل عن غيرها.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف عن السلاح السري لفيروس الروتا
في خطوة علمية هامة، كشف فريق من الباحثين في كلية بايلور للطب ومؤسسات متعاونة عن نتائج جديدة حول كيفية تأثير فيروس الروتا في الجسم، وذلك من خلال دراسة مفصلة نشرت في مجلة “ساينس أدفانسيس”، وتعد هذه الدراسة من بين الأبحاث الأولى التي تركز على دور بروتين “NSP4” في عملية العدوى والتسبب في شدة المرض.
يُعتبر فيروس الروتا السبب الأكثر شيوعًا لالتهاب المعدة والأمعاء الحاد لدى الأطفال، ويسبب إسهالًا مائيًا، تقيؤًا، حمى، وآلامًا في البطن. على الرغم من أن العلاجات الحالية مثل الإماهة الفموية واللقاحات الحية المضعفة قد أسهمت في تقليل العبء المرضي، إلا أن الفيروس لا يزال يشكل تهديدًا كبيرًا، حيث يُسجل نحو 500,000 حالة وفاة سنويًا بين الأطفال بسبب الإصابة بالفيروس.
التحقيق في دور البروتين “NSP4” كان جزءًا أساسيًا من هذه الدراسة. ووفقًا للنتائج التي تم التوصل إليها، يعتبر بروتين “NSP4” العامل الأساسي الذي يُحدث اضطرابات في إشارات الكالسيوم داخل الخلايا المصابة وأيضًا في الخلايا المجاورة غير المصابة. وهذه الاضطرابات تؤثر على شدة المرض، مما يفتح المجال لفهم أعمق حول تأثير البروتين في ضراوة الفيروس.
في تعليق له حول نتائج الدراسة، قال الدكتور جوزيف هايزر، أستاذ علم الفيروسات الجزيئي والميكروبيولوجيا بكلية بايلور والباحث الرئيسي في الدراسة: “فيروس الروتا وحده يمثل ربع حالات التهاب المعدة والأمعاء الحاد لدى الأطفال، وعلى الرغم من الجهود المبذولة في مجال العلاج والوقاية، إلا أن هناك حاجة ماسة لتطوير علاجات أكثر فعالية.”
قامت مجموعة البحث بإجراء تجارب موسعة على نماذج حيوانية وخلايا مزروعة في المختبر باستخدام سلالات فيروسية بشرية وخنازير مُضعفة وشديدة الضراوة، أظهرت هذه التجارب أن قدرة فيروس الروتا على توليد موجات الكالسيوم بين الخلايا تنجم عن البروتين “NSP4”، حيث أن التعبير عن هذا البروتين وحده في الخلايا يؤدي إلى توليد موجات كالسيوم مشابهة لتلك الناتجة عن العدوى.
كما أظهرت التجارب أن السلالات الضعيفة للفيروس تنتج موجات كالسيوم أقل من السلالات الشديدة الضراوة. وعند إدخال البروتين “NSP4” المُضعف في السلالات الضارية، لوحظ أن عدد موجات الكالسيوم قد انخفض، مما أسهم في تقليل شدة المرض، خاصة الإسهال الحاد في النموذج الحيواني.
تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة في مجال علاج فيروس الروتا. إذا تم استهداف بروتين “NSP4” بشكل فعال، قد تتاح فرص جديدة للوقاية والعلاج من العدوى، مما يسهم في تقليل العبء الصحي العالمي الناتج عن هذا الفيروس.
وبجانب أهمية النتائج التي تتعلق بفيروس الروتا، يعتقد الباحثون أن هذه الدراسة قد تساهم في دراسة فيروسات أخرى تحتوي على بروتينات مشابهة لبروتين “NSP4”، مما قد يؤدي إلى تطوير استراتيجيات جديدة لمكافحة هذه الفيروسات عن طريق تعطيل إشارات الكالسيوم.
تعد هذه الدراسة خطوة مهمة نحو فهم كيفية تأثير بروتين “NSP4” على شدة الإصابة بفيروس الروتا، مما يفتح المجال لتطوير طرق علاجية جديدة تستهدف تعطيل إشارات الكالسيوم. ومع استمرار البحث في هذا المجال، قد نكون على أعتاب اكتشافات جديدة تعزز من قدراتنا في مواجهة هذا الفيروس القاتل.