العلاقات الهندية الإسرائيلية.. آلاف الوثائق ترسم مسارها من التوتر إلى التطور
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالا مطولا عن تاريخ العلاقات بين الهند وإسرائيل، انطلاقا مما كشفته آلاف الوثائق الإسرائيلية التي أصبحت متاحة للجمهور.
وتكشف هذه الوثائق كيف أقامت إسرائيل، منذ منتصف الستينيات فصاعدا، علاقات مع الأحزاب القومية الهندوسية في الهند، حيث كان الدبلوماسيون الإسرائيليون يعرفون أنهم يتعاملون مع متطرفين مدفوعين بكراهية المسلمين.
ورأت الصحيفة -في المقال الذي كتبه إيتاي ماك- أن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في يوليو/تموز 2017 إلى إسرائيل، أصبحت ترمز إلى التحول في العلاقات بين البلدين، التي كانت حتى التسعينيات باردة ومتوترة، في حين تشمل اليوم تجارة واسعة النطاق، وصفقات أسلحة ضخمة، والتدريب العسكري والشرطي ومكافحة الإرهاب، والتعاون السياحي والدبلوماسي، كما يدعم مودي إسرائيل في المحافل الدولية.
ويمكن تفسير العلاقات الممتازة -وفقا للصحيفة- منذ تولى مودي منصبه في مايو/أيار 2014 في الأساس بالمصالح المشتركة بين البلدين، وحقيقة مفادها أن كلا الزعيمين قوميين يمينيين ذوي ميول استبدادية.
ويرأس مودي حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي الحاكم، وكان أيضا نشطا سابقا في المجموعة شبه العسكرية التابعة له "راشتريا سوايامسيفاك سانغ"، وتم منعه من دخول الولايات المتحدة لمدة عقد تقريبا بعد اعتباره مسؤولا عن مذبحة ضد المسلمين في ولاية جوغارات عام 2002.
ويقول المراقبون إنه تحت قيادته، تم تقليص المساحة الديمقراطية في الهند بشكل كبير، وتم تجريم الصحفيين ونشطاء المعارضة واعتقالهم وقتلهم في بعض الأحيان، واضطهاد الأقلية المسلمة والتمييز ضدها وتجريدهم من إنسانيتهم.
وتخوض الصحيفة في تاريخ العلاقات بين الهند وإسرائيل، إذ تظهر وثائق وزارة الخارجية التي تم نشرها للجمهور في أرشيف إسرائيل على مدى العامين الماضيين أن علاقة إسرائيل مع اليمين المتطرف في الهند، خاصة حزب بهاراتيا جاناتا (في تجسيداته السابقة)، ليست جديدة ولكنها بدأت في منتصف الستينيات.
ورغم أن الدبلوماسيين الإسرائيليين كانوا يعرفون جيدا أن هذه العناصر متطرفة وترتكز أيديولوجيتها على كراهية المسلمين، فإن هذه العلاقات تضررت في المقام الأول بسبب صعوبة قيام إسرائيل ببناء علاقات طبيعية مع حزب المؤتمر الوطني الهندي، الذي تولى السلطة بشكل شبه مستمر منذ الانتخابات الأولى في البلاد عام 1952 وحتى عام 1989.
الخوف والكراهيةفي المراجعة التي أعدتها وزارة الخارجية في ديسمبر/كانون الأول 1985، تم توضيح أنه منذ الخمسينيات، عندما اعترفت الهند بإسرائيل، رفضت الحكومة الهندية إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، ولم تكن إسرائيل ممثلة في الهند إلا على مستوى قنصلية مقرها في بومباي (تم تغيير اسمها إلى مومباي في عام 1995)، ومنذ عام 1969 اقتصر اختصاص القنصلية على ولاية ماهاراشترا (التي شملت بومباي)، في حين ظلت الهند تعرب في الأمم المتحدة وفي غيرها من المنظمات الدولية وبشكل مستمر عن دعمها لمقترحات القرار العربي، وتحدثت بصوت شديد اللهجة ضد إسرائيل، وأحيانا بطريقة أكثر قسوة من الدول العربية.
وابتداء من يونيو/حزيران 1982، حدث تدهور خطير عندما أعلن أن القنصل الإسرائيلي في بومباي يوسف حسين شخص غير مرغوب فيه، وذلك ردا على مقابلته مع إحدى الصحف المحلية التي هاجم فيها الحكومة الهندية بسبب نشاطها الداعم للعرب، وحينها أُجبر على مغادرة البلاد ورفضت الهند الموافقة على وصول قنصل جديد.
بالإضافة إلى ذلك، خلقت الحكومة الهندية عديدا من الصعوبات للسياح الإسرائيليين ورفضت حتى منح تأشيرات دخول للإسرائيليين للمشاركة في المؤتمرات الدولية التي تعقد في البلاد.
وفي المجال الاقتصادي والتجاري، فُرضت قيود كثيرة على الشركات الهندية التي تتاجر مع إسرائيل.
خلفيات موقف المؤتمر الوطني
ووفقا لعشرات البرقيات التي أعدها دبلوماسيون إسرائيليون، يُعتقد أن السياسة السلبية التي ينتهجها حزب المؤتمر الوطني الحاكم تجاه إسرائيل ترجع أساسا إلى "تصوره للصهيونية من حيث الإمبريالية والاحتلال وليس بالضرورة التجديد الوطني". وشملت العوامل الأخرى الاعتماد على النفط والمال من الدول العربية، والخوف من أن تستغل باكستان تعزيز العلاقات مع إسرائيل في دعايتها ضد الهند، وكذلك حاجة حزب المؤتمر الوطني للفوز بالانتخابات في الولايات الرئيسية في الهند حيث تمثل أصوات المسلمين عاملا حاسما.
وقبل ما يقرب من 20 عاما، في برقية مؤرخة في 21 يونيو/حزيران 1965، أوضح القنصل الإسرائيلي آنذاك في بومباي بيرتس جوردون لمدير دائرة آسيا في وزارة الخارجية دانييل ليفين أنه "حتى يومنا هذا وفي المستقبل، الهندوسي يخاف ويكره المسلم بنفس الطريقة". وأوضح جوردون أنه في حزب بهاراتيا جانا سانغ (التجسيد السابق لحزب بهاراتيا جاناتا، والمعروف غالبا باسم جان سانغ) الذي جلس في المعارضة، وحتى في الدوائر اليمينية في المؤتمر الوطني، "يجد هذا تعبيرا بأشكال مختلفة وحتى علانية".
وفي برقية أخرى إلى ليفين بتاريخ 23 يونيو/حزيران 1966، كتب جوردون أن اليمين في الهند يزداد قوة، ويمكن لكل هندي في العالم أن يلاحظ بسهولة حقيقة أن وجود دولة إسرائيل بحد ذاته يشكل إسفينا بين المتطرفين.
وفي برقية بتاريخ 26 أبريل/نيسان 1966، أرسلها مايكل إليتزور، نائب مدير إدارة آسيا، إلى مدير مكتب وزير الخارجية، فصل فيها توصيات وزارته لتعزيز العلاقات مع الهند. وشملت "اتصالات سرية مع عناصر معارضة بغرض تنظيم مظاهرات معادية للحكومة".
وفي ملخص المناقشات التي جرت في وزارة الخارجية بتاريخ 15 أغسطس/آب 1966، لوحظ أن رئيس دائرة التخطيط السياسي والاقتصادي إيلان أرييه اقترح "اتصالات حذرة مع حزب جان سانغ (ربما من خلال الموساد)".
وادعى مدير إدارة آسيا ليفين أن القنصل في بومباي آنذاك روفين دافني كان على اتصال بالفعل بالحزب، "ومن المشكوك فيه إذا ما كان هناك أي مجال لتوثيق العلاقات مع حزب قومي متطرف ليست لديه أي فرصة للوصول إلى السلطة".
في 14 مارس/آذار 1967، أرسل دافني برقية إلى إدارة آسيا مفادها أن جان سانغ أدرج في برنامجه الانتخابي بندا يطالب بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل.
وفي برقية مؤرخة في 22 مايو/أيار 1967، أبلغ السفير الإسرائيلي لدى نيبال، موشيه أريل، وزارة آسيا أنه التقى في كتماندو مع عضو البرلمان جان سانغ، مانوهار لال سوندي، الذي زار عام 1964 مقر رئيس الوزراء السابق ديفيد بن غوريون.
واقترح سوندي أن تحل إسرائيل محل وسيطها في الهند، لأنه كان أيضا وسيطا لتايوان، وبالإضافة إلى ذلك، أوضح سوندي أن الحكومة المحلية في منطقة دلهي انتقلت إلى أيدي جان سانغ، الذي كان "مستعدا للتعاون معنا. ومن الممكن الآن وضع الحكومة الهندية أمام اختبارات مختلفة في السياق الإسرائيلي".
أموال إسرائيلية ومتطرفون هندوسوفي ظل العلاقة التي نشأت مع حزب المهاسابها الهندوسي، بعد شهر، في 31 ديسمبر/كانون الأول 1973، وصل ضيف مفاجئ إلى باب القنصلية الإسرائيلية: جوبال جودسي (شقيق قاتل غاندي) والذي أُدين هو نفسه وحكم عليه بالسجن المؤبد لتورطه في مؤامرة الاغتيال. وقد أطلق سراحه عام 1965.
وفي البرقية التي أرسلها الممثل جدعون بن عامي من القنصلية إلى إدارة آسيا في ذلك اليوم، ذكر أنه لم يكن على علم بزيارة جودسي مسبقا، لكن "بما أن الوقت قد فات بالفعل لإلغائه، فقد استمعت إلى كلماته بأدب.. لقد تحدث بشغف عن كراهيته للمسلمين وكان مهتما بمعرفة إذا ما كانت القنصلية مستعدة لتقديم مساعدتها في طباعة خطاب الدفاع عن زوجته".
وكتب بن عامي أنه رفض الاقتراح بشدة وتجنب الدخول في جدل أيديولوجي مع جودسي. وكان سبب إحراجه هو أن شقيق قاتل غاندي زار القنصلية، وليس بسبب ارتباط القنصلية باليمين المتطرف.
وفي برقية أرسلها بن عامي إلى مدير دائرة الإعلام في 19 ديسمبر/كانون الأول، كتب أن الدعم الأساسي لإسرائيل في الهند يأتي من الدوائر التقليدية مثل "المتطرفين الهندوس". وأشار كذلك إلى أن جان سانغ عقد حوالي 15 إلى 20 اجتماعا في نيودلهي وفي ولايتي البنجاب وأوتار براديش، انتقد فيها رئيس الحزب وزعماء الحزب الآخرون "بشدة موقف الحكومة المؤيد للعرب وإداناتها لنا".
ولأغراض تنظيم اجتماعاتها والتنسيق مع أحزاب اليمين المتطرف، استعانت القنصلية بوسيط محلي "كان يتلقى منا مبالغ كبيرة"، كما ورد في برقية من القنصلية إلى وزارة الخارجية في أكتوبر/تشرين الأول 1985.
"خط أقل عدائية"في السبعينيات، عقد الدبلوماسيون الإسرائيليون سلسلة من الاجتماعات مع أعضاء البرلمان وقيادة حزب بهاراتيا جانا سانغ (التجسيد السابق لحزب بهاراتيا جاناتا).
وعلى سبيل المثال، وفي برقية أرسلها تريجور إلى شيموني بتاريخ العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 1974، كتب أن قادة الحزب أكدوا له ولممثلين إسرائيليين آخرين أن "حزبهم لا يوافق تماما على خط الحكومة، وأن تعاطفهم كامل معنا، سمعت هذا شخصيا من رئيس الحزب إل كيه أدفاني في اجتماعنا في دلهي عام 1973".
وكتب تريجور أنه التقى كذلك رئيس الحزب في ولاية ماهاراشترا، فاسانت كومار بانديت، الذي قال له إن "التعاون مع إسرائيل هو مصلحة هندية وطنية، ويجب تمهيد الأرض للمستقبل عندما يقوم حزب قومي".
بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال الوسيط نفسه، قامت القنصلية بتنسيق الاستفسارات مع المشرعين من جان سانغ بهدف انتقاد وإحراج حكومة نيودلهي بشأن مسألة علاقاتها غير الطبيعية مع إسرائيل.
وخلال الفترة ما بين عامي 1975 و1977 -السنوات التي أعلنت فيها رئيسة الوزراء الهندية أنديرا غاندي حالة الطوارئ- واجهت إسرائيل صعوبة في الحفاظ على اتصالات مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في المعارضة منذ تعرضها للاضطهاد واعتقال العديد من قادتها، ولكن في انتخابات مارس/آذار 1977، كان حزب جان سانغ جزءا من ائتلاف يسمى جاناتا نجح في الإطاحة بالمؤتمر الوطني بعد أن حكم البلاد لعقود.
أعداء مشتركونوفي مايو/أيار 1980، اندلعت عاصفة سياسية في الهند بعد أن كشف الصحفي أوري دان -في صحيفة معاريف الإسرائيلية اليومية- عن أن وزير الخارجية آنذاك موشيه ديان قام بزيارة سرية إلى نيودلهي والتقى رئيس الوزراء آنذاك ديساي صيف عام 1977.
وقد أثار هذا الكشف صراعا سياسيا بين مختلف الأحزاب في الهند، حيث أصدر حزب بهاراتيا جاناتا الجديد بيانا مفاده أن "إسرائيل هي حقيقة من حقائق الحياة. إنها دولة صغيرة، ولكنها متقدمة وكانت دائما صديقة للهند. ليس سرا أن إسرائيل عرضت الأسلحة على الهند عام 1965 خلال الأزمة الباكستانية وصوتت مع الهند في الأمم المتحدة، وكانت الهند من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل، ومن مصلحة الهند أن تكون هناك علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين. أهنئه على لقائه مع ديان".
وفي التاسع من يوليو/تموز 1981، أخبر القنصل حسين مدير إدارة آسيا نافون أن رام جثمالاني، نائب رئيس حزب بهاراتيا جاناتا، كان "أحد أصدقائنا القلائل والمخلصين في دلهي، ومن وقت لآخر يرفع صوته لصالح إسرائيل في دلهي، في البرلمان وخارجه".
ويوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1981، كتب حسين في برقية أخرى إلى نافون أن حزب بهاراتيا جاناتا هو "حزب قومي هندوسي يتميز موقفه السياسي بموقف متطرف مناهض للمسلمين. ويأتي معظم أنصار وأصدقاء إسرائيل في الهند من بين أتباعه".
وأضاف أن الحزب أرسل له رسالة تعزية في وفاة موشيه ديان في أكتوبر/تشرين الأول 1981، بالإضافة إلى نص بعض قرارات المؤتمر الأخير للحزب بشأن إسرائيل ومما جاء فيها: "تحتاج الهند إلى تحسين قوتها العسكرية وتعلم التمييز بين أصدقاء وأعداء محتملين. في الوضع الراهن، إسرائيل والهند هدفان مشتركان للعالم الإسلامي. القنبلة الإسلامية مخصصة لهذين البلدين فقط. لذلك، من الأهمية بمكان أن تعزز الهند علاقاتها مع إسرائيل".
كما تم وصف التاريخ المضطرب لعلاقات إسرائيل مع الهند منذ الخمسينيات في تقرير صدر في يونيو/حزيران 1982 وأشرف عليه مدير إدارة آسيا نافون. وتضمن أن من "العوامل التي تعمل لصالحنا وجود الصراع الهندوسي الإسلامي الذي كان صدعا عميقا وحادا، وتشكيل حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المناهض للمسلمين".
وفي الشهر نفسه، أُعلن أن حسين شخص غير مرغوب فيه واضطر إلى مغادرة الهند.
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول 1984، اغتيلت رئيسة الوزراء أنديرا غاندي على يد حراسها الشخصيين من السيخ، وفي الانتخابات التي جرت بعد شهرين، فاز حزب بهاراتيا جاناتا بمقعدين فقط بينما حصل المؤتمر الوطني على 404 مقاعد من أصل 514 مقعدا. وبعد 8 سنوات، أي عام 1992، أقامت إسرائيل والهند علاقات دبلوماسية كاملة.
وفي الاضطرابات التي شهدتها انتخابات عام 2014، فاز الائتلاف اليميني واليمين المتطرف بقيادة مودي بـ336 مقعدا، بينما انهار المؤتمر الوطني إلى 44 مقعدا فقط. وفي سبتمبر/أيلول ذلك العام، التقى مودي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الأولى في الأمم المتحدة في نيويورك. وقال نتنياهو خلال الاجتماع: "أعتقد أنه إذا عملنا معا، فيمكننا أن نفعل ذلك بما يعود بالنفع على شعبينا".
وخلال زيارة مودي لإسرائيل في يوليو/تموز 2017، أخبره نتنياهو أن "الهند وإسرائيل ديمقراطيتان شقيقتان"، ويزعم البعض أن مودي ونتنياهو نجحا في تحقيق تدهور للتجربة الديمقراطية في بلديهما وحولاها إلى نظامين شقيقين، وإن لم يكونا متطابقين، ويسيطر عليهما اليمين المتطرف.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان حريات حزب بهاراتیا جاناتا أکتوبر تشرین الأول الحکومة الهندیة مدیر إدارة آسیا وزارة الخارجیة الیمین المتطرف المؤتمر الوطنی یونیو حزیران رئیس الوزراء مع إسرائیل إسرائیل فی علاقات مع فی الهند فی برقیة مع حزب
إقرأ أيضاً:
زيارة عون ترسم ملامح عهد جديد بين بيروت والرياض
بيان مشترك سعودي-لبناني بعد اختتام زيارة الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى الرياض، يؤكد التزام البلدين بتطبيق اتفاق الطائف، وترسيخ سيادة الدولة اللبنانية، ودعم الجيش، مع التشديد على انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية التي تحتلها، لاتفاقيات مستقبلية في مجالات الاقتصاد والأمن.
وعقب اختتام الزيارة، صدر اليوم الثلاثاء بيان مشترك بين لبنان والسعودية، شدد فيه الجانبان على أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، والالتزام بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وترسيخ سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، مع حصر السلاح بيد مؤسساتها الشرعية. كما أكد البيان الدور المحوري للجيش اللبناني وأهمية دعمه، إلى جانب التشديد على ضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية التي يحتلها، في خطوة تعكس التوافق على ثوابت الاستقرار والسيادة.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استقبل في قصر اليمامة الرئيس اللبناني جوزاف عون، حيث شهدت اللقاء تأكيدًا لرغبة البلدين في تجاوز التوترات السابقة وفتح فصل جديد من التعاون الاستراتيجي.
وفي إطار تعزيز هذا المسار، عُقدت جلسة المباحثات الرسمية بين الرئيس عون وولي العهد بن سلمان، بحضور وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، تمهيدًا لزيارة لاحقة يُتوقع خلالها توقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات الاقتصاد والأمن.
وأكد بيان الرئاسة اللبنانية أن المحادثات "تأتي في إطار تطوير العلاقات الثنائية"، فيما أشارت السعودية عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس" إلى أن اللقاء يهدف إلى "تعزيز أواصر التعاون بين البلدين الشقيقين".
من جهته، عبّر الرئيس عون عن أمله في أن "تُصوّب العلاقة لمصلحة البلدين"، معتبرًا الزيارة فرصةً لشكر السعودية على دورها في إنهاء الشغور الرئاسي الذي استمر عامين، ودعمها لاستقرار لبنان. كما شدد على "العلاقة العريقة" بين البلدين، داعيًا إلى "إزالة العوائق" التي ظهرت خلال السنوات الماضية، خاصةً في ظل الأزمات الإقليمية المتلاحقة.
حفاوة اللقاء بين بن سلمان وعونخلفية التوترات بين بيروت والرياضوتأتي هذه الزيارة بعد قطيعة دبلوماسية جزئية استمرت ثماني سنوات، حيث شهدت العلاقات توترًا حادًا وصل في عام 2021 حد استدعاء السعودية ودول خليجية أخرى دبلوماسييها من بيروت. ويرى محللون أن التحسن الحالي يعود إلى تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، بالإضافة إلى تبني عون، الذي حظي بدعم دول غربية وعربية، سياسة "الحياد الإيجابي"، بعيدًا عن الاصطفافات الإقليمية.
وجاءت هذه المباحثات في ظل ظروف إقليمية دقيقة، تشمل التصعيدات على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، والأزمة السورية المستمرة. كما تُعتبر الزيارة جزءًا من توجه سعودي لإعادة الانخراط في الملف اللبناني بعد سنوات من التراجع.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تعوّل بيروت على جذب استثمارات سعودية لدعم اقتصادها المتعثر منذ 2019، وتمويل إعادة إعمار المناطق المتضررة من التصعيدات مع إسرائيل. من جانبها، أكدت الرياض خلال زيارة وزير خارجيتها فيصل بن فرحان إلى بيروت في يناير 2025 ثقتها في "القيادة الجديدة" وقدرتها على تنفيذ إصلاحات حقيقية، ما يفتح الباب أمام مساعدات مالية مشروطة بتغييرات حكومية ملموسة.
Relatedجوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية بـ99 صوتاً.. فماذا نعرف عنه؟لبنان يطوي صفحة الفراغ.. انتخاب جوزيف عون رئيسًا للجمهوريةترحيب عالمي وعربي بعد انتخاب جوزيف عون رئيساً للبنان.. ووزير خارجية إسرائيل أول المهنئين!في إطار التحضيرات للمرحلة المقبلة، أعلن الجانبان عن ترتيبات لزيارة ثانية مرتقبة للرئيس عون إلى الرياض، حيث من المقرر أن تشهد التوقيع على اتفاقيات تعاون ملموسة تعزز العلاقات الثنائية. وفي حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، أعرب عون عن تطلعه إلى عودة السعوديين إلى "بلدهم الثاني، لبنان"، في إشارة إلى استعادة الزخم السياحي والاستثماري السعودي في البلاد.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية روبيو يزور السعودية لبحث إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وزيلينسكي في الإمارات لكنه غير مدعو للتفاوض؟ السعودية والإمارات ضمن الخيارات لاستضافة قمة بوتين وترامب الشرع يغادر المملكة العربية السعودية.. ماذا دار في حديثه مع بن سلمان؟ تعاون اقتصاديالسعوديةاتفاقية تبادل تجاريعلاقات دبلوماسيةعلاقات دوليةلبنان