يقول الرافعى لو أننى سئلت أن أجمل فلسفة الدين الإسلامى كلها فى لفظين لقلت: أنها:
(ثبات الأخلاق) ومن هنا نفهم كيف أن الإسلام حرص فى مدرسة الصوم وهو العبادة البدنية أن تكون وسيلة من وسائل الرقى الخلقى فقال- (صلى الله عليه وسلم)- فى الحديث القدسى:
(قال الله– عز وجل– كل عمل بان آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به والصيام (جنة) فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى صائم والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقى ربه فرح بصومه يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلى الصيام لى وأنا أجزى به والحسنة بعشر أمثالها) (رواه البخارى)
وقال- (صلى الله عليه وسلم): (إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى صائم)، (البخارى ومسلم)
وقال- (صلى الله عليه وسلم)-: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه)، (البخارى)
فعلى المؤمن أن لا يكون كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً فمتى قام فى رمضان بأداء عبادة الصوم فليستجمع همته بكف جوارحه عن كل معصية وليتنزه عن سائر الشرور والآثام فالكرامة التى اختص الله بها عباده فى هذا الشهر المبارك لست تراها أيها المؤمن فى غيره من الشهور.
وقد ذكرتا بعض الأحاديث النبوية الشريفة التى تنير السبيل للمؤمن لأن يتزود من الخيرات فى هذا الشهر المبارك وأن يتخلص فى رمضان من سائر ما علق به من أوضار الذنوب والمعاصى فقد ورد فى الحديث الشريف قال رسول الله- (صلى الله عليه وسلم): (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، (رواه أحمد وأصحاب السنن).
قال النبى- (صلى الله عليه وسلم): (من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما كان ينبغى أن يتحفظ منه كفر ما قبله) (رواه أحمد والبيهقى بسند جيد).
قال النبى- (صلى الله عليه وسلم): (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)، (رواه مسلم).
قال النبى- (صلى الله عليه وسلم): (لما حضر– رمضان– قد جاءكم شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم)، (رواه أحمد والنسائى والبيهقى).
كل ذلك بيان شافٍ لما فى هذا الشهر المبارك من المزايا التى اختص الله بها عباده المؤمنين لم تكن فى غيره من الشهور والنبى- (صلى الله عليه وسلم)- بعمله الشريف كان أوضح معلم لنا فى هذا المضمار فقد كان- (صلى الله عليه وسلم)- أجود الناس وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فهو حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة. (رواه البخارى).
الدكتور أحمد محمود كريمة
أستاذ الشريعة الإسلامية والعربية للبنين
جامعة الأزهر- القاهرة
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
حكم قراءة القرآن قبل صلاة الفجر في المسجد
قالت دار الإفتاء المصرية إن قراءة القرآن والاستماع إليه قَبلَ أذان الفجر أمرٌ مشروعٌ بعُمُومِ الأدلة الشرعية التي جاءت في الحَثِّ على قراءة كتاب الله والاستماع له والإنصات إليه مُطْلَقًا؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، وقوله تعالى: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ﴾ [الكهف: 27].
وأوضحت الإفتاء أنه لَم يأتِ ما يَمْنَعُ قراءةَ القرآن قَبلَ الأذان؛ ولذلك فإنَّ مَنْعَهُ هو المُخالِفُ للشرع، كما أنَّ الاجتماعَ لها مشروعٌ بعموم الأدلة التي جاءت في الحَثِّ على الاجتماع على الذِّكْرِ والقرآن؛ كما في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رواه مسلمٌ مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولَم يأتِ أيضًا ما يُخَصِّصُ الوقتَ لذلك.
ومِن المُقَرَّرِ أنَّ الأمرَ المُطْلَقَ يَقتَضِي عُمُومَ الأمكِنَةِ والأزمِنَةِ والأشخاص والأحوال، فلا يجوز تخصيصُ شيءٍ مِن ذلك إلَّا بدليلٍ، وإلَّا عُدَّ ذلك ابتِداعًا في الدِّين بِتَضْيِيقِ ما وَسَّعَهُ اللهُ ورسولُهُ صلى الله عليه وآله وسلم.
دعاء أذان الفجر المنقول عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ونقلت إلينا الأحاديث النبوية الشريفة، دعاء يردد عند سماع أذان الفجر، وهو ما روى عنْ سَعْدِ بْن أَبي وَقّاصٍ عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ حينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَه إِلاّ الله وحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنّ محمدًا عبده ورسولهُ، رَضِيتُ بِالله رَبّا وَبمُحَمّدٍ رَسُولًا وَبالاْسْلاَم دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ»، رواه الترمذى، حَدِيثٌ حسَنٌ صَحيحٌ.
وقال الإمام صفى الرحمن المباركفوري فى شرحه لجامع الترمذي، أن قوله –صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ قَالَ حينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذّنَ»، أي أذانه أو صوته أو قوله وهو الأظهر، وقد يحتمل أن يكون المراد به حين يسمع الأول أو الأخير وهو قوله آخر الأذان "لا إله إلا الله" وهذا القول أنسب، ويمكن أن يكون معنى حين يسمع ويجيب فيكون هذا المعنى صريحًا في المقصود.وتابع: «إن الثواب المذكور مرتب على الإجابة بكمالها مع هذه الزيادة، ولأن قوله بهذه الشهادة في أثناء الأذان ربما يفوته الإجابة في بعض الكلمات الاَتية».
وأضاف المباركفوري فى شرح الحديث، أن المقصود من قول النبى: «رَضِيتُ بِالله رَبّا» أي بربوبيته وبجميع قضائه وقدره فإن الرضا بالقضاء باب الله الأعظم، وقيل: حال أي مربيًا ومالكًا وسيدًا ومصلحًا، وقوله –صلى الله عليه وسلم-: «وَبمُحَمّدٍ رَسُولًا» أي بجميع ما أرسل به وبلغه إلينا من الأمور الاعتقادية وغيرها.وأوضح الإمام أن المراد من قوله -صلى الله عليه وسلم-: « وَبالاْسْلاَم» أي بجميع أحكام من الإسلام الأوامر والنواهي، و«دِينًا» أي اعتقادًا أو انقيادًا، والمراد من قوله « غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ»، أي من الصغائر جزاء لقوله من قال حين يسمع المؤذن.