الجنيه المصرى هو العملة الأقدم فى المنطقة، وصدر مصحوبًا بقيمة كبيرة تصل إلى ما كان يوازى وقتها ما قيمته 20 ألف جنيه فى الوقت الحالى وسُمى بالجنيه لأن مصر كانت تحت الاحتلال البريطانى وكانت عملة إنجلترا هى الجنيه الذى سُمى فيما بعد بالجنيه الإسترلينى.
تم تقسيم الجنيه إلى قروش حيث يساوى 10 قروش وتم تقسيم القرش إلى عشرة مليمات، ومفردها مليم، وفى عهد الوالى محمد سعيد باشا تم إصدار العشرة قروش، وأطلق عليها المصريون اسم «الباريزة» نسبة إلى أنها ضربت ودمغت فى باريس عاصمة فرنسا.
وفى 3 أبريل عام 1899، أصدر البنك الأهلى المصرى الأوراق النقدية لأول مرة وصدر الجنيه الورقى وكانت قيمته تساوى 7٫4 جرام من الذهب، واستُخدم هذا المعيار ما بين عام 1885، حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، حيث تم ربط الجنيه المصرى بالجنيه الإسترلينى يساوى 0٫9 جنيه مصرى.
تطورت طباعة الجنيه طوال القرن العشرين، حيث كان يُطبع فى الخارج وفى عام 1968، أنشأ البنك المركزى المصرى داراً لطباعة النقد وبدأ فى طباعة الفئات المختلفة من العملات الورقية فئة الجنيه والعشرة قروش والـ25 قرشاً وغيرها فى الأول من ديسمبر عام 1968. كما قام البنك أيضاً بطباعة بعض العملات العربية لصالح بنوكها المركزية.
فى عهد الملك أحمد فؤاد، لاحظ المصريون صورة خادم يدعى «إدريس» على الجنيه، وعندما بحثوا عن السبب اكتشفوا أن وراء ذلك قصة مثيرة، فقد كان «إدريس» هذا خادماً فى القصر وشاهد فى رؤيا فى منامه، فذهب للأمير أحمد فؤاد وقصها عليه، وقال له إنه رأى أن الأمير أحمد فؤاد أصبح ملكاً على مصر، فابتسم الأمير وقال له إنه من الصعب ذلك، لأن أخاه السلطان حسين له ولى عهداً، وهو ابنه الأمير كمال الدين حسين، وهو الذى سيتولى بعده، لكن الخادم أكد له أنه شاهده فى الحلم يجلس على عرش مصر، وفى قصر عابدين، فضحك الأمير وقال له مازحاً إنه إذا حكم مصر سنضع صورة «إدريس» على الجنيه.
تحقق بالفعل حلم «إدريس» وتنازل الأمير كمال الدين حسين عن عرش مصر وتوفى السلطان والده، وفجأة وجد الأمير فؤاد نفسه سلطاناً لمصر فذهب للقصر ليجد «إدريس» جالسا يصلى فجلس بجواره حتى أنهى صلاته، ثم قال له: لقد تحقق حلمك وأصبحت سلطانا على مصر وستكون صورتك على أول جنيه تصدره حكومتى، ونفذ الملك فؤاد الأول وعده وصدر جنيه «إدريس» الفلاح فى يوليو 1928.
فى عام 1898، أصدر أول بنك تجارى يمارس العملات المصرفية فى مصر وهو البنك الأهلى ومنحته الحكومة امتياز إصدار النقد لمدة 50 عاماً، وفى أول يناير عام 1899، صدر أول جنيه ورقى وظلت النقود المتداولة فى مصر من عام 1899 إلى 1914 متأرجحة بين الذهب والجنيهات الإسترلينية، بالإضافة إلى أوراق النقد المصرى القابل للصرف بالذهب.
وفى عام 1930، بدأ ولأول مرة استخدام العلامة المائية على أوراق النقد لحمايتها من التزوير، وفى عام 1944، ظهرت صورة الملوك على العملين، حيث ظهرت صورة لملك مصر «فاروق» على الجنيه، بجانب بعض الصور الأثرية كجامع محمد على وعلى العملات الأخرى كفئة الـ25 قرشاً والـ50 قرشاً والخمسة قروش والعشرة قروش، ووضعت صورة زعماء وملوك مصر السابقين، مثل الملك توت عنخ آمون والملكة نفرتيتى وبعد ثورة يوليو وضعا على عملات العشرة قروش صوراً لفئات الشعب مثل الجندى والعامل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب الجنيه المصري البنك المركزي المصري
إقرأ أيضاً:
حقيقة مصر
بمعايير التاريخ والجغرافيا والفائض البشرى فإن مصر دولة قوية، رغم ما تواجهه من مشاكل اقتصادية خانقة، وما يحيط بها من ظروف إقليمية ودولية يبدو بعضها عنيفا، وأحيانا مخيفا للبعض. قوة مصر يجب أن تترجمها سياسات تتسم بالحكمة والمسئولية وتنطلق جميعها من فكر استراتيجى حقيقى، على درجة عالية من الوعى بالتاريخ وبالعصر. الدول تتحدد قوتها ليس فقط بما تملكه من عناصر هذه القوة، ولكن الأهم من ذلك أن تكون على بينة استراتيجية بحلفائها وأعدائها. فى السياسة ليس هناك تطابق تام فى المصالح بين الحلفاء، ولا عداء تام بين المتصارعين على النفوذ. إسرائيل تظل تمثل خطرا استراتيجيا على مصر والمنطقة منذ بدأت فكرة نهايات القرن التاسع عشر، إلى أن أصبحت دولة قبل منتصف القرن العشرين، وصولا إلى حالة الانكشاف الكامل لمطامعها وللتحالف العضوى الذى يربطها بالغرب وبالمقدمة الولايات المتحدة الأمريكية.
طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر 2023، كشف الغطاء عن كل القدور الاستعمارية حديثها وقديمها، وأطلق الأسرار من غرفها المظلمة لشاشات مضيئة.
ونحن نودع عاما من القلق والعبث بمقادير الأوطان، ونقترب من عبور عتبة عام جديد، لا يجب أبدا أن نسمح لأنفسنا فى مصر مواطنين ونظاما سياسيا أن نضع أنفسنا فى سلة الدول الصغيرة التى لا حول لها ولا قوة، أو نتصور أننا من الذين ألقت بهم الأقدار على أرصفة الخوف.. نحن يا سادة دولة عتيقة، تاريخها تاريخ الدنيا.. دولة تعدادها تجاوز المائة مليون. وبرغم أنى من الداعين لكبح الزيادة السكانية غير المسئولة، إلا أننى أعلم أن الشعوب الكبيرة – حتى وإن كانت كبيرة بفقرها مع عددها – إلا أنها تظل تمثل شوكة فى حلق أى قوى استعمارية تفكر فى المساس بهذا البلد أو ذاك.. مصر اليوم يا سادة أقوى ألف مرة من مصر عام 1973 – إذا كان عامل الحساب ماذا نملك من القوة الصلبة.. أما رصيد مصر من القوة الناعمة ورصيدها من العافية المجتمعية – فهذا موضوع آخر. التعليم والإعلام والثقافة ولغة الضاد والوعى بمفهوم الحق الطبيعى والعقد الاجتماعى. كل هذه الأمور تحتاج لجهد كبير وجاد لاستعادتها قبل فوات الأوان.. ألحت على الآن رسالة المفكر الفرنسى البارز فولتير (1694 – 1778) لفريدريك الأكبر ملك بروسيا (إن الطائفة المسيحية لم تفعل سوى الشر منذ سبعة عشر قرنا، وفى كل مكان منذ تأسيس المسيحية نجد الفوضى نفسها فى الأحزاب والثورات والجرائم).. وإذا كانت رسالة فولتير سارية المفعول حتى اللحظة، فمن الأهمية بمكان أن ندرك أننا على ساحتنا الدينية فى العالم الإسلامى، نحن أيضا بحاجة إلى صرخة «فولتيرية» توجه هذه المرة لإمام أكبر وليس فريدريك الأكبر حاملة نفس الحقيقة الدامية مع فارق قرنين.
[email protected]