فى معركة الحياة التى نعيشها نجد التناقض والتضارب، وتتحقق السنة الربانية من وجود الثنائيات المتضادة: الحياة والموت، والصحة والمرض، والأمل والألم العدل والظلم، الغنى والفقر... إلخ، وفى خضم هذه المعادلات المختلفة تظهر قوة الإنسان وضعفه، ويظهر مدى إيمانه ويقينه ومدى ضعف هذا اليقين، ولا ينجح فى هذه المعارك الطاحنة إلا أصحاب النفوس القوية، المتصالحة مع ربها وذاتها ومع من حولها.
إن السلام النفسى هو الطريق الأمثل لاكتشاف عيوب الذات ومعرفة طرق علاجها وهو الطريق لاكتشاف مواهب النفس والوقوف على قدراتها، وهو البداية لتحقيق السلام فى العلاقات مع الآخرين، لإن السلام مع النفس يصل صاحبه إلى السلام مع المبادئ والقيم، وهنا يجد الإنسان نفسه على الطريق الحقيقى فى السلام مع من حوله فى علاقاته، فلا تناحر ولا تباغض ولا حسد ولا تتبع لسقطات الناس ومحاصرتهم بها يعد خللاً فى النفس، فكل إنسان منا ملىء بالعيوب والهنات ولا توجد نفس على ظهر البسيطة ليس فيها عيب سوى الأنبياء، فقد انتهت العصمة.
علينا بدلاً من أن نصرف أذهاننا فى تتبع سقطات الناس، ولا نعطيهم فرصة الدفاع عن أنفسهم، أن نعيش حالة التصالح مع الذات، فنعترف بأننا أيضاً نخطئ ونصيب وأننا لسنا معصومين، ولسنا ملائكة فمن أنا ومن أنت حتى نجعل من أنفسنا أوصياء على عباد الله، نصنفهم حسب هوانا، ونجعل من أنفسنا ملائكة ومنهم شياطين.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
نصيحة أمين الفتوى لشاب كلما أقلع عن الذنب عاد إليه من جديد
التوبة ليست مجرد شعور بالندم، بل هي قرار حقيقي بالإقلاع عن الذنب، وعهد صادق بين العبد وربه على عدم العودة إليه مرة أخرى، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتوبة النصوح، التي ينبع فيها الندم من القلب، ويكون مصحوبًا بعزم جاد على عدم تكرار المعصية.
وفي هذا الإطار، تلقى الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، سؤالًا من أحد الشباب عبر برنامج "فتاوى الناس" المذاع على فضائية "الناس"، قال فيه: "أنا في سن المراهقة، وأرتكب ذنبًا ثم أعود للتوبة، لكني لا ألبث أن أقع فيه مرة أخرى.. فماذا أفعل؟"
أجاب الشيخ وسام بأن من يقع في الذنب ثم يتوب ويعود إليه مجددًا، عليه أن يبحث عن الأسباب التي تدفعه لذلك، ويسعى جاهدًا إلى غلق الأبواب التي توصله إلى المعصية، سواء كانت مواقع إلكترونية أو أماكن بعينها أو رفقة سيئة.
وأوضح أن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة إذا كانت صادقة، وكان في القلب نية حقيقية على عدم العودة، مستدلًا بقوله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعًا" (الزمر: 53). فالله عز وجل رحيم بعباده، ويقبل توبة من أقبل عليه بقلب مخلص مهما كثرت ذنوبه.
وأشار إلى أن مرحلة المراهقة قد تكون مليئة بالتقلبات النفسية وضعف الإرادة رغم صفاء النية، لكن مجرد الإحساس بالذنب هو علامة خير وبداية طريق التوبة، ودعا إلى التحلي بالصبر ومجاهدة النفس قدر الإمكان.
وختم حديثه بالاستشهاد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، فلما سأله الصحابة: "وما الجهاد الأكبر؟"، قال: "مجاهدة النفس".
أي أن المعركة الحقيقية هي بين الإنسان ونفسه، ومن جاهدها بصدق وثبات، كان في طريقه إلى رضا الله وغفرانه.