وبدأ شهر رمضان، شهر الصيام، شهر الله، شهر الرحمة والمغفرة، حيث البداية الجديدة والروح المتجددة، لبدء حملة تطهير شاملة للنفس، لتصفية الرواسب خلال أحد عشر شهرًا.
جاء شهر البركات ليكون فرصة استثنائية تُنقذ الإنسان من استغراقه بتفاصيل الأمور الحياتية اليومية، التى تكون سببًا لانشغاله عن ربه ودينه وصلة رحمه، لذا فإن هذا الشهر يختلف تمامًا عن كل الشهور، على صعيد العادات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية.
مع شهر الاستغفار، يمكننا القول إنه الطريق الصحيح لكبح النفس عن مشتهياتها، لأن النفوس تُقاس بدرجة تحملها النوائب وصبرها على المكاره، كما أنه فرصة تتجدد لوضع برنامج جديد، يكسر الروتين التقليدى، والاندفاع باتجاه سامٍ يكفل السلوك السوى.. يتواضع فيه الغنى إلى مستوى الفقير، ويترفع فيه الفقير إلى مستوى الغنى.
إن شهر رمضان ليس للصيام فحسب، بل هو شهر البناء والتربية على أكثر من صعيد، وهو ليس للتعبدوالاعتكاف وتلاوة القرآن فحسب، بل يتعدى صلة الأرحام، والعطاء الكريم بالصدقات، بالانفتاح الاجتماعى على الفقراء، وتحسين الأخلاق، والتوبة من الذنوب، والالتجاء إلى الله سبحانه بالدعاء، والابتعاد عن الموبقات.
إذا كان من فوائد الصوم خلال الشهر الفضيل، الإحساس بجوع الفقراء، فإن المغزى يكمن فى الاقتراب الشعورى من الطبقة الفقيرة فى المجتمع، ليتحول إلى عُرف إيجابى بين الناس.
لكن ما يؤسف له، أن فلسفة الصوم، التى يجب أن يكون عليها الشهر الفضيل، تحولت مع الممارسات الخاطئة، إلى أن يكون «رمضان» شهرًا لكثير من الموبقات والأمور المستفزة، خصوصًا مع الأيام الأولى للشهر الكريم.
ومع معاناة الناس خلال الفترة الأخيرة، والغلاء الذى طال كل شيء، ولم يعد المواطن قادرًا على تحمل أعباء الحياة، نرجو أن نغير كثيرًا من العادات السيئة، التى ترهق الأعصاب، وتدعو إلى الغضب.
نرجو أن يكون رمضان 2024، مختلفًا، خصوصًا على صعيد إظهار حالة التناقض المجتمعى، فى الإعلانات التى يتم بثها على مدار اليوم، خصوصًا إعلانات «التسول» والتبرع بالصدقات والزكاة، وإعلانات القصور الفارهة والمصايف والشاليهات والعطور والمجوهرات، التى يكون محتواها صادم للمتلقي!
يجب مراعاة مشاعر الشريحة الكبرى من المجتمع، من البسطاء الكادحين المطحونين، وأن نحافظ على صيامهم، ووقايتهم من الاستفزاز الطبقى، الذى يعرض على الشاشات، وفى مختلف وسائل الإعلام، لأن الناس لم تعد تحتمل.
كما نرجو من جميع خطباء المساجد الأفاضل، بأنه لا داعى لتكرار الحديث عن أهمية الشهر الفضيل، فالكل يعرف ذلك جيدًا، ولذلك لا تكرروا على الصائمين الحديث عن مقدار زكاة الفطر، وهل يجب إخراجها طعامًا أو نقدًا؟
أخبروا الناس أن الدين معاملة.. ذكروهم بواجباتهم ومسؤولياتهم نحو الوالدين والزوج والأبناء وصلة الأرحام وحقوق الجار، والابتعاد عن المال الحرام، وأداء العمل بضمير، والتأكيد على تقوى الله، لعل المولى سبحانه يتقبل صيامنا وصلاتنا ودعاءنا.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أهل ا رمضان رضا سلامة شهر رمضان شهر الصيام
إقرأ أيضاً:
المطران عون: عسى ان يكون العيد هذا العام مغايراً عن السنوات الماضية
ترأس راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون قداس ليلة الميلاد في كاتدرائية مار بطرس في جبيل عاونه فيه خادم الرعية امين سر المطرانية الخوري جوزف زيادة، والخوري باتريسيو بو عكر، والشماس ايلي مراد وخدمته جوقة الرعية في حضور حشد من المؤمنين. المطران عون تحدث في عظته عن حدث الميلاد والثمار التي اراد الرب ان يعلنها والتي من دونها لا فرح عميق، لافتا الى اهمية التأمل بالدعوة الى الفرح من اجل الخلاص الذي كان ينتظره الشعب. وقال: "حدث ولادة الرب يسوع من السماء لم يمر مرور الكرام لانه كان ينتظر مخلصا من نوع آخر بسبب ما كان يعيشه من قمع بسبب سيطرة الرومان وفرضهم الضرائب عليهم، وكان منتظرا مخلصا قويا يحقق لهم العدالة على الارض والسلام ويطرد الاعداء وعودة الملك الى اسرائيل". واردف: "كم هي شبيهة انتظارات الشعب يومها بإنتظارات شعبنا اليوم في لبنان ، الشعب ينتظر الخلاص مع انتخاب رئيس للجمهورية وجيش واحد قوي وانتظام عمل المؤسسات، ولذلك علينا ان نصلي لكي يلهم الرب يسوع المسؤولين عندنا لتحقيق هذا الامر، فلكي ينهض الوطن ويكون كما نحلم به لكل واحد منا دور فيه ليس فقط السياسيين، فبإستقامتنا وتضحياتنا من اجله نستطيع ان نصل الى وطن العدالة والمساواة". وقال: "الخلاص الحقيقي في حياتنا يتحقق كما اراده الرب يسوع وجاء من اجله، عندما نبتعد عن الخطيئة، ونختبر السماء على الارض بعيش المحبة والاخوة والغفران المتبادل، والمشاكل التي نشهدها احيانا في مجتمعاتنا ورعايانا تظهر اكثر واكثر ان المسيح ما زال بعيدا عنا ولم نعرف استقبال روحه في حياتنا". وختم: "نتمنى ان يكون العيد هذا العام مغايرا عن السنوات الماضية في حياتنا ووطننا، فيكون قيامة حقيقية لبلدنا من خلال انتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من كانون الثاني المقبل، فينتظم عمل المؤسسات كما يجب فنعطي جميعا الشهادة التي نحلم بها في وطننا وشرقنا وكل المجتمعات".