رمضان ركن عظيم من أركان الإسلام الخمسة وصيامه فرصة للمسلمين لمضاعفة الطاعات واحتساب الأجر، والصلوات وقراءة القرآن، والصدقات، وزيارة الأرحام، وهو وسيلة للتقرّب من الله سبحانه وتعالى وطلب المغفرة من الذنوب والرحمة، ورمضان من الأوقات الفاضلة التي ينبغي على المسلم أن يستثمرها، ويكثر فيها من الدعاء، وخصّه عزّ وجل بمضاعفة الأجر ومحبة الناس وترقبهم للشهر الفضيل، قال صلى الله عليه وسلم: «مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ».
ورغم الفوائد العظيمة التي يتميّز بها شهر رمضان المبارك عن بقية الشهور؛ إلا أن في هذا الشهر يحدث إيذاءٌ للجيوب وتهاونٌ بالحفاظ على صحة الجسد والبدن بسبب بعض السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها الأشخاص للاستعداد للشهر الفضيل وتناول الأطعمة بشراهة وقت الفطور، مما يؤثر على صحة الأشخاص خاصة إذا كانت تحوي على سعرات حرارية مرتفعة كون أن الجسم كان فارغا من الطعام لساعات طويلة. ومن الأمور المزعجة أن تمتلئ الموائد بمختلف أصناف الأطعمة والمشروبات التي للأسف تنتهي في حاويات القمامة، وذلك لأن الصائم يقوم بتحضير كميات كبيرة من الأطعمة في فترة شعوره بالجوع والعطش، مما يشعره بأنه بحاجة إلى كمية كبيرة من الطعام والشراب أثناء تناول الفطور.
وبالعودة إلى مقاصد الإسلام، فإن التسوّق بشراهة وشراء الأطعمة غير الضرورية يعد إسرافا وتبذيرا وهو مخالف لتعاليم الدين الحنيف خاصة عند شراء الأطعمة الزائدة عن الحاجة أو شراء المنتج الضروري وبدائله في نفس الوقت. ومن خلال الملاحظات المرصودة سنويا فإن كثيرا من السلع الغذائية تصبح غير صالحة للاستهلاك الآدمي بعد عدة أشهر من انتهاء شهر رمضان بسبب انتهاء صلاحيتها وعدم استخدامها. وهنا ينبغي على المستهلك أن يعي بأنه تسبب في إيذاء جيبه عبر إنفاق الأموال على سلع لم يستفد منها، وربما تفاجأ بأنها غير ضرورية لكن اشتراها في فترة كان صائما ورغبته في شراء الأطعمة كانت مرتفعة.
إن من واقع المتابعة المستمرة لبعض السلوكيات غير الحميدة في المجتمع والمنتشرة منذ فترة؛ فإن شراهة الاستهلاك وعدم تحديد احتياجات السلع من كمالياتها هي أحد العوامل الرئيسية في عدم ضبط الاستهلاك لدى كثير من الأشخاص، إضافة إلى انشغال الصائم بتحضير الموائد في شهر رمضان بدلا من التفرّغ للإكثار من الطاعات وتأدية العبادات وتلمّس احتياجات الأشخاص الذي يعانون من صعوبات مادية في توفير موائد الطعام خلال الشهر الفضيل. وفي ظني أن استمرار مثل هذه السلوكيات ينبغي الوقوف عليها بدءًا من الأسرة والمجتمع مرورا بالتعليم المدرسي والجامعي وصولا إلى وجود برامج توعوية مكثّفة لتغيير ثقافة الاستهلاك غير الصحية المنتشرة في المجتمع؛ فمن الجيّد أن يكتسب الشخص ثقافة الاستهلاك الصحيحة من الوالدين وهنا يأتي دور التنشئة الاجتماعية للفرد، وهي أن ينشأ الفرد على ثقافة استهلاكية توازن بين الاستهلاك والقدرة المالية والجسم السليم صحيا. كذلك لابد من الابتعاد عن مظاهر المباهاة والتنافس المجتمعي في إعداد موائد الإفطار؛ ففي بعض المجتمعات يوجد داء يسمى التباهي والتفاخر والتنافس بين الأسر في إعداد الأطباق والتفنن فيها، والتقاط الصور والمقاطع المرئية للأطباق لنشرها في منصات التواصل الاجتماعي. وفي رأيي هذا السلوك مزعج جدا خاصة أن بعض مرتادي هذه المنصات من أصحاب الدخول المنخفضة لا تستطيع أن تعد مثل هذه الأطباق بل تثير في نفوسهم شعور القصور لتحضير مائدة الإفطار، وفي ظل وجود الإعلانات والدعاية التجارية للمواد الاستهلاكية في مختلف منصات التواصل الاجتماعي ودور الفاعلين في انتشارها والترويج عن بعض المطاعم والسلع الاستهلاكية زاد من شراهة التسوق قبل شهر رمضان؛ إلا أن البعد النفسي للصائم أيضا له دور في اتباع ثقافة معينة للاستهلاك وهو «أن إحساس المرء بالجوع خلال الصيام يجعله يُقبل كثيرا على الاستهلاك»، ورغم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والفاعلين فيها على ثقافة الاستهلاك؛ إلا أن الدور الأكبر يقع على عاتق أولياء الأمور في التنشئة الاجتماعية القائمة على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف المتمثلة بعدم الإسراف والتبذير والشراء بقدر الحاجة وتلمّس احتياجات الناس من حوله لتعزيز مبدأ التكافل الاجتماعي ولترسيخ قيم المجتمع الأصيلة.
من الجيد أن تتبنى الجهات ذات العلاقة تعزيز البرامج التوعوية والإرشادية لغرس ثقافة الاستهلاك التي توازن بين دخل الفرد واحتياجاته الأساسية، مع دراسة الأبعاد النفسية والصحية والاقتصادية المعززة لثقافة الاستهلاك التي يجب على الفرد اتباعها خاصة قبل دخول شهر رمضان المبارك والمناسبات الأخرى مثل الأعياد التي ترتفع فيها شراهة التسوّق دون الالتفات للنتائج المترتبة على ذلك.
راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ثقافة الاستهلاک شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
"نص الشعب اسمه محمد".. كوميديا خاصة ترسم البهجة في رمضان 2025
يُعرض المسلسل الكوميدي "نص الشعب اسمه محمد" في رمضان 2025، الذي يعد أحد أبرز الأعمال التي تسعى لإضفاء البهجة على قلوب المشاهدين، حيث يروي العمل قصة مهندس يواجه تحديات متعددة تقلب حياته اليومية في إطار كوميدي اجتماعي.
ويشارك في المسلسل نخبة من الفنانين، منهم: شيرين، رانيا يوسف، مايان السيد، محمد محمود، محمد عبد، العظيم، هاجر سراب وغادة إبراهيم. وهو من تأليف محمد رجاء، وإخراج عبد العزيز النجار.
ويقدم عصام شخصية مهندس تكييف يعمل في المطار، وتمر حياته بالعديد من الأزمات، فيما تجسد رانيا يوسف شخصية موظفة في الشهر العقاري ضمن الأحداث.
وتبدأ أحداث المسلسل بزواجه المبكر من هاجر السراج، لكنه يقع في حب مايان السيد، وتتصاعد الأحداث في إطار اجتماعي كوميدي يعكس التحديات العاطفية التي يواجهها البطل بين اختياراته في الحب والزواج.
A post shared by Essam Omar عصام عمر (@essam__omar)
وكشف عصام عن شخصيته مؤكداً أن ما جذب انتباهه هو تميز كتابة المسلسل ودوره المختلف الذي لم يُعرض من قبل. وتمنى أن يتقبل الجمهور العمل بشكل إيجابي ويفهم تصرفات الشخصيات واختلافاتها.
وظهر في البرومو الذي طرحته منصة "شاهد" عصام عمر وهو يتقدم لطلب الزواج من مايان السيد، حيث يظهر مشهد بينه وبين رانيا يوسف، التي تجسد دور والدة مايان. في المشهد، تطلب رانيا يوسف شروطها للموافقة على الزواج، حيث تقول: "المهر 700 ألف جنيه ميقلوش مليم"، مما يسبب صدمة لعصام. ثم تتابع مستعرضة الشبكة وتضيف: "والخاتم والمحبس والحلق لازم يبقوا ألماظ".
ظهر في البرومو العديد من اللقطات الطريفة والكوميدية، ومنها مشهد يظهر فيه عصام عمر وهو يستمع إلى حلقة ياسمين عز عبر التلفزيون، حيث قالت في الحلقة: "لو جوزك اسمه محمد قوليله يا أستاذ محمد".
A post shared by Shahid (@shahid.vod)
وأوضح عصام أن المسلسل يعكس شخصيات إنسانية عميقة تتناول مواقف حياتية طبيعية، مع التركيز على التنوع في الشخصيات التي تتفاعل وتساهم في تطور القصة.
كما أكد أن العمل الجماعي هو سر نجاح المسلسل، حيث يتيح لكل شخصية دوراً محورياً في الأحداث. كشف أيضاً عن تعاون فريق العمل والمخرج عبد العزيز النجار لضمان تقديم الشخصيات بحرفية لتفاعل الجمهور معها.
كما أشار إلى أن المسلسل يتضمن مواقف كوميدية تهدف إلى رسم الابتسامة على وجوه الجمهور، مع تضمين الكثير من المفاجآت التي سترتقي بمستوى الدراما. كما أكد حرصه على الانتهاء من كتابة السيناريو قبل بدء التصوير لضمان تناغم الأحداث وإعطاء الممثلين فرصة للتحضير بشكل جيد. عصام عبر عن ثقته في أن المسلسل سيحقق نجاحًا كبيرًا في رمضان 2025 بفضل قصته الإنسانية والكوميدية.
من جانبها، وجهت مايان السيد الدعوة للجمهور من أجل مشاهدة المسلسل، مؤكدة أن العمل سيكون شيقاً، كما أن الدور مثّل تحدياً بالنسبة إليها.
وأكدت مايان أنها محظوظة بعد أن عملت منذ بداياتها مع كبار النجوم وتعلمت منهم الكثير، ورأت أن ما يميز هذا المسلسل هو الجمع بين الشباب والكبار
فيما يرى عبد العزيز النجار، مخرج المسلسل، أن العمل اجتماعي ترفيهي يهدف إلى رسم ابتسامة لطيفة على وجوه المتابعين، مشيراً إلى أنه عند اختيار فريق العمل راعى التوازن بين الكبار والشباب من أجل الوصول لتوليفة تقدم تنوعاً.