وإذا سألك عبادى عنى فإننى قريب
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
لا وجود للاغتراب الزائف أو الخوف الدامس والقلق القاتل، فلست غريباً وحيداً كما قد تظن. وكيف يكون ذلك وقد سألت عن ربك فأجابك بما يطمئن نفسك ويثلج قلبك ويشرح صدرك، ويؤمن دربك: (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ).
جاء البيان الإلهى فى الآية شلالاً دافقاً من نورين وعطاءين وفيضين ربانيتين:
أولهما: القرب الإلهى الذى جاء الإعلان عنه بقوله: (فإنى قريب) وليس كالمعتاد فى الإجابة بقل لهم؛ وذلك كى تزول الواسطة فى القرب بين العبد وربه ولو كانت فى مجرد أسلوب الخطاب، ناهيك عن واسطة الزمان أو المكان، فهو سبحانه الأقرب لعبده على الدوام: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)، فلم يتعين هذا القرب بموقع جغرافى مقدس مثل البيت الحرام والمسجد النبوى والمسجد الأقصى ولا بميقات زمنى كيوم عرفة أو الجمعة.
وهذا القرب الربانى قرب عام بمعنى المعية العامة: (وهو معكم أينما كنتم)
مطلع عليكم عالم بكم سميع بصير بأحوالكم.
وقرب خاص يقتضى المحبة والنصرة والإجابة والقبول.
والثانى: استجابة الدعاء
هذه الاستجابة التى جاء الوعد بها قبل أن يقع شرط الدعاء: (أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ).
لذلك كان قبول الدعاء مطلقا
غير مشمول بقيدٍ أوعائق.
وذلك لكون الدعاء فى ذاته عبادة بل كما أخبر النبى (صلى الله عليه وسلم) (مخ العبادة) يعاقب المرء على تركه، فليس شيئ أكرم على الله من الدعاء.
ولأن الدعاء تاج العبادة، فإنه طريق للارتقاء فى مقام القرب من الله كما أخبر فى الحديث القدسى (وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلىَّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدى يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ويده التى يبطش بها، ورجله التى يمشى بها، وإن سألنى لأعطينه، ولئن استعاذنى لأعيذنه).
ومن لطائف المنن الإلهية فى مقام القرب الإلهى كما جاء فى الصحيحين أن الله يزيده لعباده قدراً ونوعاً: (وإن تقرب إلى بشبر تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتانى يمشى أتيته هرولةً).
د. عبدالراضى عبدالمحسن
عميد دار العلوم بالقاهرة الأسبق
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
مصطفى عامر: ما هي الإرادة الشعبية؟
كيف تم قياسها؟ ومن قال لكم بأن الشعب السوري يؤيد “ثواركم” بالإجماع؟ أو حتى بأغلبيته؟ وإذا كنتم تعرفون: فهلّا وافيتمونا بالنّسب التقديرية؟!
إذن فنحن نتحدث- في الحقيقة- عن تزييف العناوين، ومصادرة الإرادة الشعبية لأيّ بلدةٍ تريدون تدميرها، وبالمال الخليجيّ القذر.
وإذا كان الديكتاتور المحلّي يزوّر الإنتخابات لصالحه، ويصنع إرادةً شعبية مؤيدة بنسبة ١٠٠٪، فأنتم تصنعون في استديوهات الجزيرة إرادةً شعبيّة مزيفة موازية، وبنسبة ١٠٠٪ أيضًا!
فيما تموت الإرادة الشعبية الحقيقية في المنتصف!
على أن الديكتاتور المحليّ يبقى من أبناء الشعب، فيما أنتم- يا أيها الغرباء- تعبثون بإرادات الشعوب، وفقط لأنكم تملكون مالًا لم يكن قط نتاج جهدكم، ولا حصيلة عرقكم، يا رعاة الشاء الذين يتطاولون حاليًّا في البنيان، ويعتقدون أنّهم بالمال سيمسحون خرائط، ويصنعون أنظمة، ويقولبون إرادات الشعوب وفقًا لأهواء غلمان الغاز الطبيعيّ المُسال، ورخوات البترول العربيّ الخفيف!
وإذا كان للشعوب أن تختار حاكمها، فالأحقر في التزوير الأخير هو تمرير التطبيع، كما لو كان إرادةً شعبية!
وهنا ينبغي رفع إشارة: قف!
للتأكيد على أن إرادات الشعوب العربية ترفض التطبيع، قولًا واحدًا باستثناء أراذلها المنتفعين سفلة القوم ورخاص الأمة!
ترفض اعتلالكم المنكود يا مشيخات الذل، ويا حكّام العار، فلا تحاولوا تمرير سفالاتكم تحت هذا العنوان!
وإذا كان للشعوب العربية اختيار حاكمها،
فلا يحقّ لها تحويل البوصلة عن عدو الأمة، وليس من حقنا احترام أي إرادةٍ تعترف بالعدو كدولة، أو تخاطبه من غير زواية الإستعداء، وتحت أي عنوان!
لأنها، في هذه اللحظة بالذات، تعتدي على كل الأمة، وفي صدارتهم الشعب الفلسطيني الذي من حقه بسط سيادته على كلّ فلسطين!
وإذا لم يكن من حقنا الإعتداء على أرضكم، فليس من حقكم الاعتداء على أرض فلسطين.
ومجرد اعترافكم بعدو فلسطين اعتداءٌ عليها، يجعلكم بنفس درجته أعداءً لكلّ الأمة!
حتى بالنسبة لأرضكم، في سوريا كما غيرها.
ليس من حقكم التفريط بشبرٍ منها!
وحتى لو أنجبت الأمة- جدلًا- جيلًا كاملًا من الوضعاء المنحطين، الذين يسقطون يهود من رأس قائمة الأعداء.
حتى لو فرضنا هذا، فليس من حقهم أن يتنازلوا عن حقوق وثوابت الأجيال القادمة!
ولتمرير التطبيع تحت عنوان الإرادة الشعبية،
فينبغي أن تحشدوا كل الأمة، بكل أجيالها حتى قيام الساعة، وتستفتوها بهذا الشأن!
وحتى استكمال الإجراءات التنظيمية لمثل هكذا إستفتاء، فعليكم الإنتظار حتى قيام الساعة، لأن آخر أجيال الأمة لن يصل إلى السن القانونية للإعتداد بصوته، قبل قيام الساعة بالطبع.