لجريدة عمان:
2025-02-23@12:29:48 GMT

يومٌ مع الفرح الغريب

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

- إلى اليوم الناجح لبيتر هاندكه.

يبدأ اليوم عندما أستيقظ مع شعور بأن للعالم طعم معدني في فمي، أخافُ تلقائيًا من الذهاب والعودة بين المناطق المعتمة والأقل إظلامًا للحياة اليومية، ومع ذلك أطرد الفكرة من رأسي سريعًا، وأقول بأن الأمور ستكون على خير ما يرام أو أنها ستمضي في أسوأ الأحوال، أنتقل من السرير إلى الكنبة، أتمددُ هناك بكسل، مصير جسدي الوجوم التام خصوصا في ظل ما يحدث في غزة هذه الأيام، أراقب كل الحركات الميكانيكية التي أفرضها عليه لكي يتحفز قليلا لبداية اليوم، لكن وعلى طريقة أغنية قديمة لا أعرفها لمن «الصباح يصبح مساءً تحت جسدي».

تحيط بي المكتبة التي أستمر في مراكمة الكتب فيها، والتي رتبتها مؤخرا وفقا لدار النشر، طريقة عجلى تشبه اليأس الذي يحول بيني وبين الأشياء بنعومة واسعة، أفكرُ في تصفح الكتب الجديدة التي ما زالت بأغلفتها على الأرض، أن أبدأ بتصنيفها، ثم توزيعها على الرفوف أو نقلها إلى مكتبي في غرفة النوم إلى جوار الفراش، لأهمية قراءتها سريعا. ربما تكون فعالية مناسبة للبدء باليوم عندما فشلت كل الطرق الأخرى. هاندكه يكتب: «بمجرد أن تلوح لي فكرة اليوم الناجح، لا تستمر لمجرد ساعة، وإنما تمتد لتصبح حقبة كاملة من اليأس والحيرة؟ (أم هل يجب أن أقول بدلا من تلوح لي (تظهر كالشبح) أو (تضللني)» يبدو بأنني أريد أن تكون القراءة وعلى طريقة هاندكه عندما يصف نغمة قفل أزرار القميص في الصباح الباكر بأنها بمثابة صوت الشوكة الرنانة الصباحية. تناسبني القراءة دوما، إذ لا تتطلب مغادرة الكنبة أو السرير.

هو يوم عادي إذن. كان ذلك حتى قرأتُ كتابا عن فلسفة كل من دولوز وغوتاري حول التحليل النفسي، يحدقان في فرويد طويلا، في العلاقة المستقيمة التي كرسها بين كل ما نحن عليه، ما نفعله، ما سنكون عليه في المستقبل وعلاقتنا بالأب والأم والطفولة المبكرة، ينكران هذه الصلة، ويريان تأثيرها لا على حياتنا الشخصية فحسب، بل في المنطق الذي ترسخه من كون للأشياء مراجع مصمتة وصلبة، من كون العالم يغرف ويهرف عودة إلى نقطة يبدأ منها كل شيء، ويمكن بالتالي أن نفسر منها أي شيء. ماذا لو كان العالم أكثر تعقيدا؟ ماذا لو أنه لا وجود للخطوط المستقيمة على الإطلاق؟ والعالم هذا العالم شبكات فوضوية وشائكة بلا توقف، فجأة ومع هذه الفكرة تشرق الدنيا في عيني أو كما يقول هاندكه: «بدا الأمر كما لو أن حبات الفراولة الموجودة على حافة الطريق احمرّت أثناء النظر إليها».

يمكن إذن النظر إلى الوحشية التي تقوم بها إسرائيل في قراءة أخرى، قراءة أتمكن من خلالها من أن أفهم، الفهم الذي سيجعلني أتفاءل بنهاية هذا الاحتلال. بدت لي فكرة العدم ساذجة للمرة الأولى، عليّ أن أستمر وعلى طريقة دولوز وغوتاري في التفكير في ما تنتجه الرغبة، في التعقيد وفي إمكانية أن يكون هنالك قصة أخرى. لأدفئ قدميّ إذن، فأنا أحب الجوارب الطويلة، أكافئ نفسي بارتدائها، وبعدها يمكن أن أدوس بخطواتي على البلاط وربما سأتمكن من الخروج من الشقة إلى العمل. لا على طريقة الشاعرة التركية التي أخبرني عنها عبدالله حبيب، التي كتبت قبل انتحارها «أقطع العالم كله في خطوتين» هنالك أقدام دافئة ستقطع عشرات الخطوات مدفوعة بأن للواقع تفسيرات أخرى ما زالت محجوبة عني، أقدام قد تحملني للقيام بكل الأشغال المؤجلة.

تذكرتُ شيئا بينما أفكر في تدفئة قدميّ الآن، لم يكن مجازا عندما قالت لي صديقتي نوف: «أتعجب من ساقيك، كيف تحملناك» يبدو أن هذه الفكرة تأخذني إلى القدر المنبسط نفسه لهذا اليوم، فرغم نحافة ساقيّ إلا أنهما تحملاني فعلا، الأشياء مرة أخرى لا تبدأ من نقطة مركزية أساسية مسلمٌ بها، من قاعدة ما، أو من منطق مختلق، يمكن للأقدام الرفيعة أن تحملا أحدهم، وأن تأخذانه هنا أو هناك. طرأ على بالي فورا ذلك السؤال في رواية للكاتبة الأمريكية اوتيسا موشفيج عندما قالت لها طبيبتها النفسية: هل تعرفين بأن البقرة تستطيع إما أن تنام واقفة أو مستلقية على الأرض، ترى لو كنتِ كذلك فكيف ستفضلين النوم؟

آه أيها العالم غير الصغير فجأة في عينيّ. يا من يكون فيه النوم أو المشي، أو الذعر أو الإبادة كلها أشياء يمكن إعادة التفكير فيها أخيرا؟! آه أيتها الفكرة التي لمستني كما هاندكه «لمسه شيء آخر.. مثل اللعق الودود من قبل الحيوان الأليف»، سأكتفي أيضا بهذا اليوم العادي، بأقل قدر من الفشل «الفشل غير التام» يكفي بأنه يحدس بأنه أمام هذا الكوكب الغريب قد يتملكه فرحٌ غريب.

أمل السعيدي كاتبة وقاصة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على طریقة

إقرأ أيضاً:

فيديو | محمد بن راشد يكرم اليوم أوائل «صناع الأمل» في الوطن العربي

دبي: «الخليج»

يكرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، اليوم، أوائل صناع الأمل في العالم العربي، خلال الحفل الختامي للنسخة الخامسة من المبادرة الأكبر من نوعها عربياً لتكريم أصحاب البذل والعطاء، الذي يجري في «كوكا كولا أرينا» في دبي، حيث ينال الفائز مكافأة مالية بقيمة مليون درهم.

إضافة إلى التغطية الواسعة للحفل الختامي للنسخة الخامسة، عبر مختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية، ستكون متابعة الحفل متاحة أيضاً على منصات التواصل الاجتماعي لمبادرة «صناع الأمل».
ويقدم الحفل الختامي للنسخة الخامسة، التي استقبلت أكثر من 26 ألف طلب ترشيح خلال شهر واحد، الإعلاميان نيشان ديرهاروتيونيان، وأسمهان النقبي.
يتابع الحضور في «كوكا كولا أرينا»، قبل تتويج صانع الأمل الأول في الوطن العربي، أوبريتاً غنائياً تشارك فيه مجموعة من أشهر نجوم الغناء العرب وهم: حمود الخضر، ووليد الشامي، وبلقيس، وعمر العبد اللات.
كما يشارك في الحفل الختامي، المغني والموسيقي العالمي «رد ون RedOne» الذي يعتبر من أشهر المؤلفين والمنتجين الموسيقيين في العالم.

الصورة


قصص ملهمة 
يستعرض الحفل الختامي قصصاً إنسانية ملهمة لعدد من صناع الأمل في العالم العربي، الذين سخروا جهودهم ومواردهم لخدمة مجتمعاتهم، من خلال تنفيذ مبادرات ومشاريع مبتكرة أسهمت في الارتقاء بحياة الناس وترسيخ ثقافة البذل والتكافل الاجتماعي، وذلك بحضور عدد كبير من النجوم والفنانين والمثقفين والإعلاميين ومشاهير التواصل الاجتماعي في الوطن العربي، إضافة إلى نخبة من الشخصيات المشهود لها في العمل الخيري والإنساني في دولة الإمارات.
معايير دقيقة
اختارت لجنة تحكيم مبادرة «صناع الأمل»، والتي تضم نخبة من أصحاب التخصصات والكفاءات، المتأهلين إلى المرحلة النهائية استناداً إلى التأثير الإيجابي الذي حققه أصحاب هذه المبادرات في مجتمعاتهم، حيث عملت اللجنة على تقييم كل ترشيح بحسب معايير محددة تشمل موضوع المبادرة والتحديات المرتبطة بها، ودورها في صنع تغيير حقيقي وملموس، وقابليتها للوصول للشريحة المستهدفة.
320 ألف ترشيح
استقطـبت مـبادرة «صـناع الأمل» منذ إطلاقها في عام 2017، أكثر من 320 ألف ترشيح، وتهـدف المبادرة التي تنضـوي تحت مظلـة مؤسسـة «مـبادرات محمد بن راشد آل مكـتوم العـالمية» إلى تسليط الضوء على صنّاع الأمل فـي العالـــم العربي، من النساء والرجال، الذين يكرِّسون وقتهم وجهدهم ومواردهم لخدمة الآخرين ومساعدة الفقراء والمحتاجين وإغاثة المنكوبين والمساهمة في تحسين الحياة من حولهم، والتعريف بمبادرات ومشاريع وبرامج صناع الأمل عبر مختلف وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، وعبر منصات الإعلام الجـــديد، وتعزيز شهرتهم في مجتمعاتهم وفي الوطن العربي.
مكافأة أصحاب المبادرات
تهدف مـبادرة «صـناع الأمل» إلى مكافأة صناع الأمل المتميزين من أصحاب المبادرات الأكثر تأثيراً عبر تقديم الدعم المادي لهم لمساعدتهم في مواصلة مبادراتهم وتكثيف جهودهم الإنسانية والتطوعية في مجتمعاتهم، وتوسيع نطاق مبادراتهم ومشاريعهم لتشمل عدداً أكبر من المستفيدين.
وتسهم المبادرة في غرس ثقافة الأمل والإيجابية في مختلف أنحاء الوطن العربي وتشجيع العطاء أياً كانت الظروف، ومهما بلغ حجم التحديات، كما تسهم في خلق نماذج إيجابية ملهِمة من الشباب في العالم العربي يكونون أمثلة تحتذى لغيرهم في العمل من أجل التغيير البنّاء وتطوير مجتمعاتهم.
 

مقالات مشابهة

  • محمد بن راشد يكرم أوائل «صناع الأمل» في الوطن العربي اليوم
  • فيديو | محمد بن راشد يكرم اليوم أوائل «صناع الأمل» في الوطن العربي
  • غزة تستعد لاستقبال دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين وسط أجواء من الفرح
  • غزة تستعد لاستقبال دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين وسط أجواء من الفرح والترقب
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم
  • بالأسماء.. من هم الرهائن المزمع إطلاق سراحهم في غزة اليوم؟
  • الاسدي يكشف ابرز المبادرات التي نفذتها الوزارة بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية
  • فيديو ماسك و"المنشار الكهربائي".. ما قصة التصرف الغريب؟
  • دراسة: كمية المياه التي تفقدها الأنهار الجليدية تعادل ما يستهلكه سكان العالم في 3 عقود
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)