غرائب القضايا.. قتل صديق عمره بسبب الحب الحرام
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
قضايا غريبة وقعت وأثارت الجدل تحول فيها القاتل إلى برىء، والجاني إلى مجني عليه، ألغاز كشفتها التحقيقات، وأزال عنها الستار دفوع المحامين في ساحات القضاء، اليوم السابع يقدم على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه القضايا ووقائعها المُثيرة.
"الخيانة قتلت في الفجر"
يروى هذه الحلقة المستشار بهاء الدين أبو شقة فى كتابه "أغرب القضايا
جمعت بينهما صداقة طويلة منذ الطفولة فهما في عمر واحد وأبناء قرية صغيرة في صعيد مصر.
لم يكن الشاب الثرى في حاجة إلى الوظيفة، ففي أملاك أبيه وأراضيه ما يكفيه، إذ أن ما يحصل عليه "الخولى" في مزارعه يربو عشرات المرات على ما يحصل عليه "الخوالى" فى مزارعه يربو عشرات المرات على ما يحصل عليه خريج الزراعة في أول عهده بالوظيفة.. ولكن سرعان ما ترك الشاب الفقير الوظيفة تلبية لرغبة صديقه الثرى ليعمل بجانبه في إدارة مزارعه ويشاركه في مشاريعه في تربية العجول والدواجن والخراف ومعمل الألبان، واستطاع بإخلاصه وجهوده وتفانيه في العمل أن يضاعف ثروة صديقه.
ومضت بهما الأيام من نجاح إلى نجاح.. ومن تقدم إلى تقدم.. وتشعبت أنشطتهما الزراعية والصناعية حتى أصبحت مثار إعجاب واحترام وتقدير الجميع.. كان أشد ما يبهر القريب والبعيد عنهما ذلك الحب الذى جمع بينهما والإخلاص والتفانى.. كان كل منما كظل الأخر يقرأ أفكاره من أول نظرة في عينيه.. ويقف على مكنون نفسه من ملامح وجهه.. كانا روحاً واحدة وفكراً واحداً وأملاً متصلاً اجتمعت جميعاً في جسدين.
ذات يوم قرر الصديق الثرى أن يكمل نصف دينه.. احتضن صديق عمره وزف إليه النبأ السعيد، كان أول من زف إليه هذه البشرى.
وأخذ صديقه من يديه وقدمه إلى عروسه وهو يقول له..إنها تعرف عنك كل شيء، فقد تحادث معها عن كافة تفاصيل حياتهما صغيرها وكبيرها حتى خيل إليه من فرط حديثه عنه أنه يتحدث عن نفسه.. فقد كان حبه له وإعجابه بنشاطه وعمله وثقته في إخلاصه ووفائه له مالكأ عليه فكره مستحوذاً على كل مشاعره.. ومن كثرة ومداومة حديثه عنه الذى لا ينقطع رمقته بنظرة قطعت عليه حديث الثناء.. أنا ابتديت أغير منه..أنا باحبك وعاوزة اسمع كل صغيرة وكبيرة عنك أنت وبس.
وفى حفل عرس الشاب الثرى كانت الفرحة قسمة بينهما.. ومضت بهما الحياة سعيدة هانئة يكسوها الحب والإخلاص والتفانى في العمل..كان الزوج حتى بعد زواجه لا يفارق صديق عمره يظل معه طيلة اليوم.. في عمل دائب ومستمر.. وفى المساء ظل كما كان من قبل – حتى في وقت الراحة- يلازمه في البيت.. كانت الزوجة تشاركهما في تناول الطعام.. أما في جلسات السمر فقد كانت تبدى ارتياحها وسعادتها بوجود الصديق معهما.. ولم تشعره بالغيرة من صديقه.. بل شجعته على ذلك.. كانت هي التي تداوم على دعوته لقضاء السهرة معاً بعد إعدادها واختيارها أشهى أنواع الأطعمة.
في البداية لم يفسر الزوج اهتمام الزوجة بالصديق، كان يرى فيه أخاً وفياً قبل أن يكونا صديقاً.. لم يتسرب الشك إطلاقأ إلى قلبه.. حتى كانت تلك الأمسية التي كانت تجمع بينهم كالمعتاد وفى غمرة البهجة والسرور الذى كان يرفرف عليهم طلب الزوج من زوجته أن تبحث له عن "بنت الحلال" التي تؤنس وحدة صديقه، وأن عليه أن يفكر في هذا الأمر جدياً قبل أن تسرق الأيام شبابه ويفوته قطار الشباب..
عرض عليه بعض الأسماء فتيات في القرية إلا أن زوجته قاطعته في عصبية غير معهودة منها وهى تحتبس كلماتها التي لم تستطع أن تكتم معها عدم رضاها عن الفكرة قائلة : "سيبه في حاله.. أنت مالك وماله.. خليه شايف شغله.. الجواز هيعطله ومصلحة الشغل تقتضى غنه يتفرغ لشغله تماماً في هذه الفترة".
بدأ الشك يلقى بظلاله على قلب الزوج لأول مرة والريبة تجد طريقها إلى فكره.. ولعبت الظنون بمخيلته والتي قذفت بالعديد من التساؤلات وهو يسترجع اللقاءات العديدة التي كانت تجمعهم.. حاول أن يجد لها إجابة واجتهد في أن يطرد الوساوس والهواجس التي بدأت في ملاحقته.. ولكن تفكيره المتواصل في أن يجد تفسيراً معقولاً ومقبولاً لما حدث عجز عن ذلك.
مضت الأيام وكأنها الدهر على فكره الذى احتله شبح الخيانة، فقد كان يرى في كل يوم من تصرفات زوجته ما يحمله بل يؤكد له هذا الاعتقاد.
رأى في صديق عمره الحميم غريماً منافساً في حب زوجته له.
ولكن ما حجم هذه العلاقة؟ وكيف بدأت؟ من الذى كان بادئاً؟ وما الذى تواصلت إليه؟؟
راقب زوجته كثيرًا.. وأيقن تجاذبه الحديث بعد أن منعه من الحضور إلى مسكنه سواء في غيبته أو في حضوره.
أدرك الصديق ذلك بحسه المرهف نحو صديقه.. ابتعد تدريجياً عن لقائه في مسكنه.. واقتصرت أحاديثهما في أضيق الحدود في العمل فقط.. وشاع ذلك في القرية وأحس الجميع بالفجوة التي اتسعت وازدادت عمقاً بين الصديقين وتسرب إليهما سر هذه الفجوة ولاكتها الألسنة كل حسب ما هداه إليه تخيله.. ولكنهم استقروا جميعاً عند نقطة واحدة..الصديق هو الذى يطارد الزوجة.. يحبها.. يريدها أن تتخلص من هذا الرباط الذى يربطها بزوجها.. لا يطيق العيش أو الحياة بدونها.. أصبحت كل حياته وأمله في الوجود.
لم يصدق أحد ذلك الخبر الذى انتشر في البلدة وسرى مسرى النار المشتعلة في الهشيم.. الصديق الثرى أطلق الرصاص على صديقه الفقير.. استبدت الحيرة بالجميع وأطلقوا العنان لتخيلاتهم وتصوراتهم التي أجمعت على أن الصديق الثرى عندما تأكد من مطاردة صديقه لزوجته ومحاولاته المتعددة العبث بأفكارها.. والتلاعب بمشاعرها.. أطلق الرصاص عليه ثأرًا للصداقة التي خانها وداس عليها ولم يرع حرمتها.
كانت تلك هي بداية الأحداث.. عندما بدأت تحقيق وقائع هذه القضية.. وأنا أعمل وكيلا للنيابة العامة في صعيد مصر..
المصدر: اليوم السابع
كلمات دلالية: اغرب القضايا اخبار الحوادث صدیق عمره
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
المناطق_واس
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال فضيلته “إن الإسلام أرسى أسس وقواعد الأخوة والمحبة، والتواصل والمودة، وفي غِمار الحياة ونوائبها، ومَشاقِّ الدُّنيا ومَبَاهِضها، وفي عالم مُصْطَخبٍ بالمشكلات والخُصُومات، والمُتَغيرات والنزاعات، وفي عصر غلبت فيه الماديات وفَشَت فيه المصالح والأنانيات، حيثُ إن الإنسان مَدَنِيٌّ بِطَبْعِه، واجتماعِيٌ بفطرته، تَبْرُزُ قَضِيَّةٌ سَنِيَّةٌ، مِنْ لوازم وضرُورَاتِ الحياة الإنسانية، تلكم -يا رعاكم الله- العلاقات الاجتماعية ومَا تقتضِيه مِن الركائز والروابط البشرية، والتفاعل البنَّاء لِتَرْقِية الخُلُق والسلوك، وتزكية النفس والروح؛ كي تسْمو بها إلى لُبَاب المشاعر الرَّقيقة، وصفوة التفاهم الهَتَّان، وقُنَّة الاحترام الفَيْنان، الذي يُحَقِّقُ أسمى معاني العلاقات الإيجابية، المُتكافلة المتراحِمة، وأنبل وشائجها المُتعَاطِفة المُتَلاحِمة، التي تَتَرَاءى في الكُرَب بِلَحْظ الفؤاد، وتَتَنَاجَى في النُّوَبِ بِلَفْظِ السُلُوِّ والوِدَاد “.
وأضاف أن الأيام لا تزال تتقلب ببني الإنسان حتى ساقته إلى عَصْرٍ سَحقته المَادّة، وأفنته الكَزَازة الهَادَّة. ونَدر في العالم التراحم والإشفاق، والتَّبَارُرَ والإرفاق، وفَقَدَ تَبَعًا لِذَلك أَمْنَه واسْتِقْرَاره، ومَعْنَى الحياة فيه، وفَحْوى الإحسان الذي يُنْجِيه، ولا يخفى على شريف علمكم أَنَّ مُخالَطة النَّاس تُعَرِّض المَرْء لا مَحَالة لخطأ سَوْرَتِهم، وخَطل جهالتهم، لذا كان ولا بد من وقفة جادَّة ؛ لتَعْزيز الروابط الاجتماعية، فالشعارات البرَّاقة، لا تكشف كُرَبًا، ولا تبدِّدُ صَعْبًا، ولا تُغيثُ أمَّة مَرْزُوءة ولا شعْبًا، ما لم تُتَوَّج بالمواقف والأفعال، يَتَسَنَّمُ ذِرْوَةَ سَنَام ذلك: الاحترام المتبادل؛ فهو أساس العلاقات الاجتماعية الناجحة، ويشمل ذلك؛ التقدير الشخصي، وتقدير واحترام المشاعر والآراء، والتفهم لمواقف الآخرين، فإن ذلك يؤصِّل ويسهم في تقوية الروابط، وتعزيز الأواصر.
وأبان إمام وخطيب المسجد الحرام أنه إذا ساغ عقلاً قبول القناعات، واستمراء الآراء والحريات، فغير سائغٍ على الإطلاق أن تتحول القناعات إلى صراعات، والحريات إلى فتنٍ وأزمات، لاسيما والأمة تعيش منعطفًا تاريخيًا خطيرًا، ومرحلة حرجة من أشد مراحل تاريخها، فمن أهم موجبات الوحدة، ومقتضيات التضامن والاعتصام، التغاضي والتغافل، والصبر والتسامح، وحُسْنُ الظن والتماس الأعذار، قال تعالى : ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾، وقال سبحانه: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾، ويتبع ذلك من جميل الوُدِّ والتعامل الحسن عدم الإكثار من اللَّوْمِ والعِتَاب، والتَّشَكِّي في الحديثِ والخِطَاب، فإنها تَقْطَع الأواصر بغير حِجَاب. وليست تدوم مودة وعتاب ، فقلوب أهل الإيمان دمَّاحة، ونفوسهم لِلْوُدِّ لَمَّاحة.
وأكد الدكتور السديس أنَّ النّسيج الاجتماعي المُتراص الفريد يحتاج إلى صَقْل العلاقات الاجتماعية ، والتحلي بمحاسن الآداب المرعية، ومعالي القيم الخُلقية، والمُدارة الإنسانية، وجبر الخواطر، ومراعاة المشاعر، وعِفَّة اللسان، وسلامة الصدور، ولقد تميز الإسلام بنظـام اجتماعي وإنساني فريد ، وسبـق بذلك نُظُم البَشَر كلها؛ ذلك لأن العلاقات الاجتماعية في هذا الدين، مُنبثقـة من جوهر العقيدة الصافية، مبينًا أن مما تتميز به المجتمعات المسلمة أن للدين أهمية مركزية في توجيه السلوك الفردي والعلاقات الاجتماعية، وهو مصدر قِيَمِهَا الإنسانية والاجتماعية ومقياس مُثلها العُليا. والإسلام ليس قاصرًا على الشؤون الاعتقادية والتعبدية، بل هو نظام شامل للحياة، يمدها بمبادئه وأصوله التشريعية في مختلف المجالات.
وأشار فضيلته إلى أن ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي العجب العُجَاب، مِمَّا يُفسد العلاقات، ويقطع حِبَال الوُدِّ في المجتمعات، من الطَّعْنِ في دين الناس وأعراضهم وعقولهم وأموالهم، فيتلقفها الدَّهْمَاءُ، وتَلُوكُهَا الرُّوَيْبِضَةُ، في نَشْر للشائعات وترويجٍ للأراجيف والافتراءات، مما يجب معه الحذر في التعامل مع هذه المنصات المنتحلة، والمواقع المزيفة، التي تكثر فيها الغثائية، ومحتوى الغوغائية.
وأوضح فضيلته أن الإسلام جاء رائدًا للتَّراحم والتعاطف بل هو الذي أنْمى ذيَّاك الخُلُق في الخافِقَين وأصَّله، وحضّ عليه وفَصَّلَه، قال تعالى:﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وتلكم الخلال الرَّحيمة، والشِّيَم النبيلة الكريمة، التي عَنَّت العالم إدْراكَها، لَهِيَ الأمل الذي تَرْمُقه الأمم الجهيدة والشُّعوب، وتَهْفُوا لها أبَرُّ القلوب، لذا يجب تَعْزيز قِيَمنَا الرَّبانية الومَّاضة؛ كالرحمة والعَدْل والصِّدق والوفاء، والبِر والرِّفق والصَّفاء، والأمَانة والإحسان والإخاء، وسِوَاها مِن كرائم الشِّيم الغرَّاء والشمائل الفيحاء، التي تُعد مصابيح للإنسان تضيء دربه، وهي صِمَام أمن وأمان لصاحبها من الانحلال الأخلاقي، وحياة الفوضى والعبث والسقوط في مهاوي الضلال وجلب التعاسة والشقاء لنفسه وأهله، خاصة بين الرُّعاة والرعية، والعلماء والعامة، وفي حلائب العلم وساحات المعرفة في مراعاة لأدبِ الخِلافِ والبُّعد عن التراشق بالكلمات والتلاسن بالعبارات، وتضخيم الهِنَات، فضلًا عن اتهام النِّيَّات وكَيْلِ الاتهامات، والتصنيفات. ومع الوالدين والأقارب والجيران، وكذا الزملاء في بيئة العمل ، وفي مجال العلاقات الزوجية، أعلى الإسلام قيم الاحترام والاهتمام، ومتى علم الزوجان الحقوق والواجبات زانت العلاقات، ونعما سويًا بالسعادة الزوجية، والهناءة القلبية، لذا أوصى الله جل وعلا الأزواج بقوله: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾،. حيث أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الزوجات بقوله:” فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ” ، فكيف تُقَام حياة أو يؤسس بيت وسط الخلافات الحادة، والمناقشات والمُحَادَّة؟، وأنَّى يهنأ أبناء الأسرة بالمحبة وينعمون بالوُدِّ في جو يغلب عليه التنازع والشِّقَاق والتناحر وعدم الوِفَاق. وهل تستقيم حياة بغير المَوَدَّة والرَّحمة ؟، وكلها معارك الخاسر فيها الإنسان، والرابح فيها الشيطان ، ألا ما أحوج الأمة الإسلامية إلى تفعيل فن التعاملات الاجتماعية، والعلاقات الإنسانية، ليتحقق لها الخير في الدنيا والآخرة. والله عز وجل يقول : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾.
وذكر الشيخ السديس أن وقوع الاختلاف بين الناس أمر لا بد منه؛ لتفاوت إراداتهم وأفهامهم، وقُوى إدراكهم. ولكن المذموم بَغْيُ بعضهم على بعض، فالاختلاف أمر فطري، أما الخِلاف والشِّقاق، والتخاصم والفِراق، فهو المنهي عنه بنصوص الشريعة الغرَّاء. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾