حمد الناصري

 

ضَجّت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بفيديو صَوّره عُنصر في سلاح الجو الأمريكي تضامنًا مع غزة، اسمه آرون بوشنل، والبالغ من العُمر 25 عامًا وهو يقوم بإضْرام النار في نفسه، ويَرتدي الزي العسكري، واحْترق جسده أمام مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن، احتجاجًا على جرائم الحرب الإسرائيلية على غزة.

. كما بثّ تسجيل مُصور عبر الإنترنت " لن أكون مُتواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية".

وظهر في المقطع المُصور أحد أفراد الشرطة مُحاولًا مَنعه.. هل يُمكنني مساعدتك؟ لكنه استمر في عمله الاحتجاجي وأضْرم النار في نفسه وهو يصرخ "الحرية لفلسطين" مُكررًا العبارة حتى توقف نَفَسَه.

لقد شهد العالم مَواقف ومُبادرات مُشرِّفة من شُعوب العالم من الحرب على غزة وأعادت للإنسانية إنْسانيتها وكشفت الزَيف والخداع الذي كان يَغشى عُقول وأعين الناس لعقود من الزمن حول كون إسرائيل دولة ديمقراطية ومُتحضرة وفَهِم العالم أخيرًا أنها دولة إرْهابية مُغتصبة، فقد شهدت عِدة مُدن حول العالم تحركًا جماهيريًا ومُظاهرات احتدمت بقوة شارك فيها آلاف المُحتجين استنكارًا للأعمال الوحشية التي تقوم بها إسرائيل ضِد الشعب الفلسطيني.

وخرجت مُظاهرات عَمّت عواصم دول غربية مثل بريطانيا وإيطاليا وأمريكا وكندا وفي أفريقيا وآسيا شارك فيها زُعماء ورؤساء دُول ونُشطاء دعمًا للفلسطينيين مُطالبين بوقف الحرب على غزة فورًا.

ففي بلجيكا مثلًا والتي قطعت إحدى مُدنها علاقاتها مع إسرائيل، كما دعتْ نائبة رئيس الوزراء البلجيكي، بيترا دي سوتر حكومة بلادها إلى فرض عُقوبات على إسرائيل بسبب قصفها العَشوائي المُستمر على غزة. وقالت لصحيفة محلية في بلجيكا "حان وقت فرض عقوبات على إسرائيل، فإلْقاء القنابل مثل المطر أمر خارج عن الإنسانية"، وقالت أيضًا: "لا يُمكننا أنْ نغضّ الطرف بينما يموت الأطفال كل يوم في غزة"، مضيفة أن القصف الإسرائيلي للمُستشفيات ومُخَيّمات اللاجئين عشوائية غير مسؤولة وهو أمر لا يُمكن القبول به، ويُشكل جريمة حرب، وعلى الاتحاد الأوروبي تعليق اتفاق الشراكة مع إسرائيل فورًا، والذي يهدف لتحسين التعاون الاقتصادي والسياسي بين الطرفين. وأضافت أنه يجب فرض حظر على استيراد المُنتجات من الأراضي الفلسطينية المحتلة ومنع المستوطنين الذين يَنتهجون العنف، وكذلك السياسيين والجنود المسؤولين عن جرائم الحرب، من دخول الاتحاد الأوروبي.. وأنه يتعيّن على بلجيكا زيادة التمويل للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للتحقيق في عمليات القصف.

وفي مدينة غرنيكا الواقعة في إقليم الباسك والتي تعرّضت لقصف جوي مُدَمّر أثر الحرب الاهلية الاسبانية؛ حيث قامت طائرات حربية ألمانية وإيطالية بقصف المدينة في 26 ابريل 1937م روّعت خلالها ساكني المدينة الاسبانية وتلك الذكرى الاليمة ألْهَمت عبقرية الرسام العالمي بيكاسو لرسم لوحة "غرنيكا" وكانت اللوحة صادمة ونجحت بتسليط الضوء على الحدث المُؤلم فقَصْف مدينة غرنيكا في ذلك الوقت يُعَدّ مِن أشدّ أعمال العُنف وحشيّة في الحرب الاهلية الإسبانية. في تلك المدينة اصْطَفّ نحو 3 آلاف مُواطن إسْباني وسط المدينة ورسَموا فُسَيفساء ضخمة مَثّلت عَلَم فلسطين نُصرة لأهل غزة الذي يتعرّض لقصف إسرائيلي عنيف على أثر عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 تحت شعار "لا العالم ولا التاريخ يجب أن يقبلا بغرنيكا جديدة".

وفي مدينة لندن شَهدنا مُظاهرات حاشِدة اسبوعيًا تقريبًا مُناهضة للحرب وشارك فيها يَهود مِن المُناهضين للحركة الصهيونية ودولة اسرائيل.

ورفع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، عَلَم فلسطين في أحَد لقاءاته الجماهيرية كما خطب الكثير من الرؤساء الأفارقة في تجمّعات جماهيرية مُسْتنكرين ومُنَدّدين بإسرائيل وعُدوانها الغاشم.

خُلاصة القول.. كنت أتمَنّى أنْ أرى مُبادرة كتلك المُبادرات مِن دولة عربية أو اسْلامية لنصرة أهْلنا في فلسطين رغم أنّ السلطنة ودول أخرى أرسلت العديد من المُساعدات برًا وجوًا إلى غزة، ولكنني بقيتُ انتظر مُبادرات شعبية وإعلامية مُؤثرة تُعلن للعالم تضامننا القوي كعرب ومُسْلمين مع قضيتنا العربية والإسلامية الأولى القُدس الشريف وغزّة وفلسطين، ولم أجد حتى الآن.

إنَّ التأريخ يُكتب ونَسْتحي أنْ نَجد أنْفسنا في ذيل صفحاته؛ بَل نبقى كعهدنا طوال تاريخنا التليد أول مَن يُبادر وأول مَن يَتَقدّم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

برعاية الرئيس السيسي.. دار الإفتاء تستعدُّ لمؤتمرها العالمي التاسع


بدأت دار الإفتاء المصرية، استعداداتها لعقد مؤتمرها العالمي التاسع للإفتاء الذي تنظِّمه الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم سنويًّا، والذي يُعقد هذا العام في الفترة من 29 - 30 يوليو الجاري في القاهرة، برعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وبحضور كبار المفتين والوزراء والعلماء من أكثر من مائة دولة حول العالم ومشاركة أممية عالية المستوى من عدد من الهيئات الدولية؛ وذلك لمناقشة موضوع «الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع».
من جانبه، صرح الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بأن موضوع المؤتمر هذا العام يأتي إيمانًا من دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بأهمية تعزيز الوعي والتفاهم العالمي بأهمية الفتوى الرشيدة في إرساء منظومة المبادئ والأفكار لتكون قائمة على الأخلاق والقيم الإنسانية المشتركة.
وأضاف د. نجم أننا نسعى من خلال مؤتمر هذا العام إلى تعزيز دَور المنظمات الدولية والإقليمية في تمكين الأخلاق والقيم الإنسانية وإظهار دَور الفتوى في ذلك، وإبراز الأرضية الأخلاقية المشتركة للتعاون بين مؤسسات الفتوى والمنظمات الدولية، فضلًا عن تقديم الحلول الإفتائية لمواجهة تحديات هذا البناء القائم على الأخلاق القويمة.
وأشار مستشار فضيلة المفتي إلى أنَّ المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء يتضمَّن هذا العام العديدَ من النقاشات المهمة وَفق ثلاثة محاور رئيسية؛ الأول: البناء الأخلاقي في الإسلام ودَور الفتوى في تعزيزه، والمحور الثاني: الفتوى والواقع العالمي.. الأفكار والمبادئ، أما المحور الثالث فهو: الفتوى ومواجهة عقبات وتحديات البناء الأخلاقي لعالمٍ متسارع.
وأوضح د. نجم أن فعاليات المؤتمر كذلك تتضمن ثلاث ورش عمل مهمة لمناقشة موضوعات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في العلوم الشرعية، وصياغة ميثاق أخلاقي إفتائي للتطورات في مجالات العلوم التجريبية والطبيعية والاجتماعية، ورصد وتحليل إشكاليات المحتوى الديني والإفتائي في المنصات الرقمية وأدوات الذكاء الاصطناعي.

وأشار د. إبراهيم نجم إلى أنه سيتم -خلال المؤتمر- إطلاق العديد من المبادرات العالمية المهمة، منها: إصدار الميثاق العالمي للقيادات الإفتائية والدينية في صنع السلام ومكافحة خطاب الكراهية وحل النزاعات، والدليل الإرشادي لمكافحة الإسلاموفوبيا، والدليل الإرشادي للحوار الديني، والدليل الإرشادي للدبلوماسية الرقمية، والدليل الإرشادي لمكافحة الإلحاد، والموسوعة العلمية للتدين الصحيح والتدين المغشوش.
كما يشهد المؤتمر مراسم تسليم جائزة الإمام القرافي للتميز الإفتائي إلى جانب توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين الأمانة العامة والهيئات الإفتائية على هامش المؤتمر.

مقالات مشابهة

  • عمرو دياب وويجز ومحمد منير والقيصر.. نجوم حفلات مهرجان العلمين بدورته الثانية
  • مهرجان العلمين: تخصيص 60% من أرباح الدورة الثانية لدعم فلسطين
  • حروب 2023 تضع الأمن الغذائي العالمي على المحك.. ما علاقة المناخ؟
  • القباج: انطلاق حملة "وعي" بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال
  • إنزو باتشي: حرب إسرائيل هي تطهير عرقي، ونعيش مرحلة تاريخية من الاضطراب العالمي
  • برعاية الرئيس السيسي.. دار الإفتاء تستعدُّ لمؤتمرها العالمي التاسع
  • شرقا وغربا.. المظاهرات المؤيدة لغزة تتواصل في أنحاء العالم
  • عمان في مؤشر السلام العالمي 2024
  • التهديد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.. 56 صراعا دوليا والشرق الأوسط الأكثر سخونة
  • صحيفة سعودية: اشتعال المنطقة وازدياد عدد الضحايا ليس في مصلحة أحد