أفكار رمضانية.. هل تُطبَّق؟
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
جابر حسين العماني
ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك شهر الخير والبركة والعطاء بلا حدود، وكما قال عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أَنْفَاسُكُمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ، وَنَوْمُكُمْ فِيهِ عِبَادَةٌ، وَعَمَلُكُمْ فِيهِ مَقْبُولٌ، وَدُعَاؤُكُمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ، فَاسْأَلُوا اَللَّهَ رَبَّكُمْ بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ، وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ أَنْ يُوَفِّقَكُمْ لِصِيَامِهِ، وَتِلاَوَةِ كِتَابِهِ).
ما أجمل أن يستغل الإنسان الشهر الفضيل في تقديم الخيرات للفقراء والمساكين، خصوصا أولئك الذين هم بحاجة ماسة لشراء الطعام ودفع فواتير الماء والكهرباء التي أرهقتهم، وغيرها من المستلزمات والاحتياجات، والتقرب بذلك إلى الله تعالى.
هناك الكثير من المبادرات والأفكار والأعمال الخيرية التي من الجيد استغلالها وتفعيلها في شهر رمضان المبارك، لنيل الأجر والثواب، وهي في حد ذاتها نافعة لمساعدة الطبقات الضعيفة في المجتمع، وذلك من باب التكافل الاجتماعي الذي أوصانا به الإسلام الحنيف، والمبادرات والأفكار التي نود ذكرها في مقالنا هذا لا يُحصي أجرها وثوابها إلا الله تعالى، لذا نضع للقراء الكرام بعض من تلكم الأفكار والأعمال والمبادرات النافعة التي نسأل الله تعالى أن نوفق جميعًا لأدائها خصوصاً في شهر رمضان المبارك وهي كالآتي:
الفكرة الأولى: لدينا الكثير من التجار ومُلّاك البنايات والبيوت والعقارات الذين جعلوا من مشاريعهم مشاريع ربحية واستثمارية، وذلك من خلال تأجيرها للناس، وجني الكثير من الأرباح الشهرية من مردودها، ونحن في شهر رمضان المبارك ندعو أولئك التجار الأخيار الكرام لتخفيض مبالغ الإيجار الشهرية إلى النصف، واحتساب النصف المخفض قربة إلى الله تعالى، بحيث يكون التخفيض محصورًا فقط للفقراء والمساكين والمحتاجين في شهر رمضان فقط، وذلك احتراماً للشهر الفضيل، حتى نسهل على الفقراء ضغوطات الحياة، وندخل السرور إلى قلوبهم، فما أجملها من فكرة تسهم في تيسير أمور المستضعفين من الفقراء والمساكين والتخفيف عليهم أعباء الحياة. الفكرة الثانية: وضع صندوق صغير في البيوت والمساجد والصفوف الدراسية والنوادي، وتوعية الأسرة والمجتمع بأهمية الصدقة لمساعدة الفقراء والمساكين، وذلك من خلال التبرع ولو باليسير في كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك، فدرهم على درهم تكون دراهم كثيرة يستطيع من خلالها أبناء المجتمع إدخال الخير والبركة والسرور على بيوت الفقراء والمساكين. الفكرة الثالثة: التبُّرع للفقراء بالبهائم، يستطيعون من خلالها الحصول على مردود مادي ينعشون به وضعهم الاقتصادي، مثل إهدائهم البقر أو الغنم أو الدجاج، ليربونها ويحصلون من خلالها على عوائد مادية، ويستفيدون من لحمها ولبنها، وبذلك يكون المتبرع الكريم قد لبى نداء الباري عز وجل وهو في أفضل الشهور، وقد قال تعالى: "لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" (آل عمران: 92). الفكرة الرابعة: التبرع بالملابس النظيفة واللائقة الزائدة عن الحاجة، وتقديمها للفرق الخيرية، حتى يتم ترتيبها وتوزيعها وتدويرها بحسب حاجة الفقراء والمحتاجين في المجتمع. الفكرة الخامسة: التبرع بجزء من مشتريات شهر رمضان المنزلية وجعلها كسلة رمضانية ثم تقديمها للفقراء والمساكين . الفكرة السادسة: تخصيص إفطار شهي للفقراء، ودعوتهم إليه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبته في استقبال شهر رمضان: (أَيُّهَا اَلنَّاسُ؛ مَنْ فَطَّرَ مِنْكُمْ صَائِمًا مُؤْمِنًا فِي هَذَا اَلشَّهْرِ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اَللَّهِ عِتْقُ نَسَمَةٍ، وَمَغْفِرَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ). قيل: يا رسول الله؛ فليس كلنا يقدر على ذلك. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمرَةٍ). الفكرة السابعة: زيارة الفقراء والمساكين والاطمئنان على صحتهم وأحوالهم، ومن لم يستطع على ذلك فليبادر بالاتصال هاتفيا عليهم. الفكرة الثامنة: البحث عن الأيتام وسؤالهم عن أمنياتهم ومحاولة تحقيقها بقدر الاستطاعة، والتكفل بهم وباحتياجاتهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ كَفَلَ يَتِيمًا وَكَفَلَ نَفَقَتَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي اَلْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ، وقرن بين إصبعه المسبحة والوسطى). الفكرة التاسعة: اهداء الفقراء نسخًا من القرآن الكريم، ثم يطلب منهم الاهتمام بقراءة القرآن العزيز خصوصًا وهم في شهر رمضان المبارك لما له من دور في تهدئة الحالات النفسية والمرضية وبذلك يتم ربطهم بالله تعالى، ومن ارتبط بالله أكرمه الله بخير الدنيا والآخرة، قال تعالى: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد: 28). الفكرة العاشرة: هناك الكثير من الفقراء يعانون من الأمراض المختلفة، وهم بحاجة لشراء الدواء، ولكن لقلة إمكانياتهم المادية لا يستطيعون توفير أدويتهم، لذا من الجيد استغلال شهر رمضان المبارك بتوفير الدواء للمرضى الفقراء والمساكين والمحتاجين، فتلك خدمة عظيمة لا يقوم بها إلا من حظى بحظ عظيم.تلك بعض الأفكار التي من الجيد استغلالها في الشهر الفضيل لنيل أعلى درجات الأجر والثواب، ولتفعيل التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع، وتقوية أواصر المحبة والترابط والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد، وذلك بفعل الخيرات التي من شأنها أن تجعل من المجتمع مجتمعًا فاعلًا مميزًا ناجحًا عارفًا بأهمية الحقوق الاجتماعية والأسرية، والتي ينبغي العمل عليها حتى يحظى الجميع بمجتمع متماسك وقوي.
وأخيرًا.. من لم يستطع إعانة الفقراء والمساكين ماديًا لا يعني أن حقوق الإخوَّة قد سقطت عنه؛ بل يجب أن يستغل شهر رمضان المبارك وغيره من الشهور بالدعاء للفقراء بالخير وتفريج الكربات والهموم وتيسير الأمور، فذاك أقل واجب أخوي ينبغي العمل عليه في شهر رمضان المبارك.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
قاذفة B-2 في مرمى النيران.. أي معادلة فرضها اليمن باعتراض هذه القاذفة؟
يمانيون../
كشف السيد القائد عبدُ الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله تعالى- في خطابه الأخير عن حُزمةٍ من الإنجازات العسكرية التي حقّقتها قواتُنا المسلحة بفضل الله تعالى خلال معركة الإسناد وجولة التصعيد القائمة ضد كيان العدوّ الإسرائيلي والأمريكي،
وفيما يبدو أن من أهمِّ تلك الإنجازات هي العملياتُ الجوية التي نفّذتها وحداتُ الدفاع الجوي لأول مرة بمستوى 11 عملية اعتراض ضد مجموعة من أهم الطائرات الأمريكية على رأسها:
– مقاتلات F-18 الحربية.
– طائرات الشحن والتزوُّد بالوقود.
– طائرات التنصُّت والاستخبارات الاستراتيجية.
– قاذفات القنابل الشبحية B-2.
وحسب طبيعة الموقف العملياتي، فَــإنَّ اعتراضَ قاذفات B-2 تحديدًا في هذا التوقيت وبمنظومة دفاعية محلية الصنع لقواتنا المسلحة، يُعَدُّ عمليةً سابقة من نوعها ونقطةَ تحول لها أبعاد وتداعيات استراتيجية مباشرة، خُصُوصًا على موازين معركة الجو.
فالقيمة الحسَّاسة لقاذفات القنابل B-2 وقدراتها التقنية وبرنامج عملها في منظومة العدوان، لم يطرح فيها خبراء العدوّ الأمريكي فرضيةَ أن يتم اكتشافُ هذه القاذفة من قبل الدفاعات الجوية اليمنية أَو أن تتعرض لعملية اعتراض خطيرة ومباشرة بصاروخ أرض جو محلي الصنع. لذلك، هذا الأمر بالنسبة للعدو الأمريكي واقعٌ كالصاعقة على فرضياته وتقديراته العسكرية.
ما هي قاذفةُ الشبح B-2؟
دخلت القاذفة B-2 الخدمة في سلاح الجو الأمريكي في العام 1997م، وهي قاذفة شبه تقليدية من مختلف النواحي، تُعَدّ من القاذفات الشبحية التي تعمل بتقنيات التخفِّي عالية السرية في العالم. يمكنها حملُ 27 طُنًّا من القنابل والصواريخ التقليدية والنووية، ويمكنها التحليقُ لمسافة 11 ألف كلم دون الحاجة إلى تزوّد بالوقود. صُمِّمت B-2 أَسَاسًا للإفلات من مختلف الأنظمة الدفاعية الحديثة لدى الدول وتنفيذ مهامَّ هجومية في أعماق أية دولة تريدها أمريكا. تم استخدامُها لأول مرة خلال عملية الناتو في يوغوسلافيا، ثم قاتلت لاحقًا في العراق وأفغانستان وليبيا. يمتلكُ سلاحُ الجو الأمريكي نحو 19 قاذفة من هذا النوع؛ باعتبَارها ذاتِ كلفة باهظة فقيمة الوحدة منها تبلغ 700 مليون دولار.
أبعادُ اعتراض B-2:
عسكريًّا، يمكن تقييمُ الأبعاد والتداعيات المترتبة على عملية اعتراض دفاعاتنا الجوية لقاذفة B-2 في التالي:
أولًا- عمليةُ الاعتراض تعني عمليًّا أن الدفاعاتِ الجوية لقواتنا المسلحة تمتلك أنظمةَ كشف متطورة للغاية مكَّنتها -بفضل الله تعالى- من اكتشاف القاذفة وتتبُّعها واعتراضها.
ثانيًا- الميزةُ المهمة في قاذفات B-2 التي تحافِظُ على تفوقها في أية معركة هي تصميمها الهندسي الشبيه بالمثَّلث وتقنية غطاء الشبح الذي يغطِّي هيكلها الخارجي ويمنحُها القدرةَ على تشتيت وامتصاص موجات الرادارات. فإذا سقطت هذه الميزة وتم اكتشافُ القاذفة، ينتهي تفوُّقُها وَتصبح مسألة اعتراضها أسهلَ من اعتراض مقاتلة F-18؛ نظرًا لحجمها الضخم، وضَعف قدرتها على المناورة وسرعتها البطيئة التي لا تتجاوز 1000 كم/ساعة؛ أي أقل من “1 ماخ”. بالتالي، إذَا توافرت ظروف مناسبة في اختيار المكان والزمان والسلاح المناسب، يمكن إسقاطها وتدميرها عمليًّا بعون الله تعالى.
ثالثًا- تعتبر القاذفة B2 درّة سلاح الجو الاستراتيجي الأمريكي، وإحدى الأذرع الرئيسية للثالوث النووي، فأهميتها بالغة خُصُوصًا أنها مصنَّعة بتقنيات متطورة وسرية للغاية، وذات ثمن باهظ يصل إلى 700 مليون دولار للطائرة. لذلك، اعتراضها أَو إسقاطها ستكون ضربة قاصمة لأمريكا ولأمنها القومي ولسُمعة أقوى أسلحتها الجوية، وستكون الشركات الأمريكية أمام مصيبة خسارة تقنيتها السرية، وخسارة فاعليتها وموقعها في الحرب وقيمتها الباهظة.
تقدير عسكري:
القدرة التي فرضتها دفاعاتنا الجوية -بعون الله تعالى- في مجابهة مثل هذه الطائرات الحديثة يُعتبَرُ خرقًا كَبيرًا في موازين معركة الجو، وكسرًا لتفوُّق أخطر التقنيات الأمريكية؛ كون الأمر يحتاج إلى منظومات متطورة موازية لأنظمة “إس 300 أَو إس 400” الروسية ونظيراتها من منظومات الجيل الرابع التي يمكنها التعاملُ مع أنظمة الحرب الإلكترونية وتقنيات التخفي “الشبح”.
ما حقّقته دفاعاتُنا الجويةُ ضد هذه التكنولوجيا يؤكّـد مستوى تطوُّرها الذي بات ينافِسُ أحدثَ المنظومات عالميًّا، ويبشِّرُ بأنه فاتحةٌ لمرحلة يمكن من خلالها -بعون الله تعالى- وضع حَــدٍّ لعربدة طائرات العدوّ الأمريكي في أجواء اليمن، والإطاحة بأهم ركائز القوة الأَسَاسية التي يعتمد عليها في عدوانه وفي عملياته العسكرية.
*زين العابدين عثمان – باحث عسكري