رمضان.. ضيفٌ كريمٌ نرتجيه جميعًا
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
حمد الحضرمي **
الصيام فريضة إسلامية وعبادة من العبادات المقررة في جميع الأديان القديمة، وهو الإمساك عن شهوات الجسد وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مدة شهر رمضان، تقربًا إلى الله تعالى وطلب لمرضاته؛ يقول الله تعالى "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" (البقرة: 158) وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان".
وفي الصيام حكم وأسرار؛ منها ما هو صحي، ومنها ما هو نفسي، ومنها ما هو خلقي، ومنها ما هو اجتماعي، والصيام وقاية من أمراض كثيرة، والله قد فرض الصيام على هذه الأمة ليعد النفوس ويهيئها لكل خير وبر، والصيام يقوي الإرادة ويعودها الصبر والاحتمال، فيستطيع الإنسان مواجهة الحياة ومكافحتها بشجاعة، فلا تلينه صعابها ولا تتغلب عليه أحداثها، فشهر رمضان أيامه قليلة، وهو دواء لداء الذنوب وبه تحيا القلوب، وأن صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن اعراض الناس، وأن تقضي أيام وليالي شهر رمضان بالأعمال الصالحة والجد والاجتهاد والكرم والعطاء والوفاء والإحسان.
إن شهر رمضان خير الشهور على مدى الأزمان، تصفد فيه الشياطين وتفتح فيه الجنان، لياليه نسائم فعلينا اغتنامها بالذكر والتسبيح والقرآن، وهجر الذنوب التي تعمي القلوب، ونكون متسامحين ونغفر عن كل شخص أخطأ في حقنا، ونبسط أيدينا إلى الفقراء والمساكين والمحتاجين بالجود والكرم والسخاء، وأن نبتعد عن الغيبة والنميمة والحقد والحسد، ونغض أعيننا وأسماعنا عن الحرمات، وعلينا بالتسامح والمحبة لأنها روح القلوب والعقول النيرة، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بشهر رمضان، الضيف الحبيب الكريم الذي نرتجيه جميعنا.
الصوم لجامُ المتقين وجنة المحاربين ورياضة الأبرار والمقربين، وطهرة للنفس ووقاية للبدن، ويهذب الطباع ويكبح جماع النفس، وصمام أمن من الوقوع في المحرمات، وفيه حرب على الشيطان ووسوسته، وفيه إحساس بألم الفقير والمريض الممنوع من الطعام، والصائم يترك محبوبات النفس وتلذذاتها؛ إيثارًا لمحبة الله ومرضاته، والصوم سر بين العبد وربه، وله تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحمايتها من المواد الفاسدة، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى، قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" ( البقرة: 183).
وللصوم ثلاث مراتب، أولًا: صوم العموم: وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة. ثانيًا: صوم الخصوص: وهو كف اللسان واليد والرجل والنظر والسمع وسائر الجوارح عن الآثام. ثالثًا: صوم خصوص الخصوص: هو صوم القلب عن الهمم الدنيئة والأفكار المبعدة عن الله تعالى. وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم، وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه احتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
والأمة الإسلامية لها أيام خوالد وذكريات شواهد حدثت في عمق شهر رمضان شهر الانتصارات الإسلامية، التي غيرت وجهة التاريخ بدء من غزوة بدر الكبرى وفتح مكة مرورًا بفتح الأندلس ومعركة بلاط الشهداء وفتح عمورية وحطين وعين جالوت ونهاية بحرب أكتوبر العظيمة، فرمضان لا تضيق جدرانه في أن تكون معتاد المساجد ومقيم الموائد وتالي القرآن ومصلي التراويح؛ بل تتسع دائرته إلى عمق التاريخ المجيد إذ كسر المسلمون شوكة الهوان وصنعوا من التعب والصعب أمجاد عريقة وانتصارات عظيمة شهد لها التاريخ وكتبها بأحرف من نور.
لا يفوتني ونحن في شهر رمضان لعام 1445 هجرية، ذكر وبيان ما يقدمه إخواننا وأهلنا في غزة وفلسطين من تضحيات بأرواحهم ونفوسهم الطاهرة فداء لمقدساتهم ووطنهم وشعبهم، ولن ينسى العرب الأحرار والمسلمين الأخيار بطولة وشجاعة وكفاح ونضال المجاهدين الأحرار في غزة وفلسطين وشهدائهم الأبرار وسيخلدهم التاريخ في صفحات المجد بكل احترام وإجلال، لأنهم ضحوا بأرواحهم لاسترجاع وطنهم ومقدساتهم وكرامتهم المسلوبة من الصهاينة المعتدين الأنذال. قال الشاعر:
الله أكبر ما ارتقى الشهداءُ // صوب الجنانِ فهم بها أحياءُ
وسيكون النصر والتمكين بإذن الله حليفهم. اللهم إنا نستودعك غزة وفلسطين وأهلها وأمنها وأمانها وليلها ونهار ورجالها ونسائها وشبابها وأطفالها، فالودائع يا رب عندك لا تضيع، اللهم انصرهم وارفع عنهم الظلم والاضطهاد، وتقبل شهدائهم واشفي جرحاهم وأنزل السكينة والطمأنينة عليهم واربط على قلوبهم، وانصرهم على عدوهم نصرًا مبينًا.
وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أن هناك بعض الأزمنة كالأيام والليالي والشهور تتنزل فيها الخيرات، وتقبل فيها الدعوات، وترفع فيها الدرجات، وينبغي للمسلم اغتنامها بفعل الطاعات والدعاء لنفسه ولغيره بالخيرات، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم".
وبمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك يسرني أن أتقدم إليكم جميعًا بالتهنئة الخالصة والدعاء الصادق بأن يتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال. وكل عامٍ وأنتم بألفِ خيرٍ وفي سرورٍ وسلامٍ.
** محامٍ ومستشار قانوني
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
10 أمور لو واظبت عليها كل يوم حياتك هتتغير 180 درجة
ترتبط السعادة برضا الله -سبحانه- والقرب منه، فقد جعل الله -تعالى- الارتباط وثيقًا بين العبودية له – سبحانه- ومدى التقرب إليه و شعور العبد بالسكينة والطمأنينة و الرضا في حياته، ولقد ذكر الله -تعالى- توثيقًا لهذه الرابطة في كتابه العزيز مرارًا حتى يظل الإنسان يذكرها في حياته؛ فقال- تعالى-: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، فينبغي لكل مسلم أن يسعى إلى التقرب من الله -عز وجل- واتباع أوامره، واجتناب نواهيه؛ فالتقرب من الله – سبحانه وتعالى- يجعلنا نفوز بجنات النعيم ورضوان الله وتوفيقه في الدنيا والآخرة.
عبادات تقربك لله
1. الفروض الـ 5 في وقتها وسنن الصلاة.
2. ورد قراءة القرآن على الاقل 10 صفح في اليوم، كدا هتختم الجزء في اليومين ولو الورد زاد يبقي جميل.
3. قيام الليل وسورة الملك وآخر آيتين من سورة البقرة، وتنام على وضوء عشان في ملك هيفضل يدعيلك.
4. صلاة الضحى عشان تاخد ثواب 360 صدقة
5. الصلاة على النبي مش أقل من 200 مرة
6. لا حول ولا قوة إلا بالله مش أقل من 100 مرة.
7. الباقيات الصالحات، سبحان الله، الحمدلله، لا إله إلا الله، الله أكبر، مش أقل من 100 مرة.
8. ورد استغفار يومي مش أقل من 1000 مرة.
9. سورة الإخلاص 3 مرات عشان تأخذ ثواب القرآن
10. أذكار الصباح والمساء، وأذكار بعد كل صلاة.
كيف أفتح صفحة جديدة مع الله
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فتح لنا أبواب العمل الصالح على مصرعيه.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في تحديده كيف أفتح صفحة جديدة مع الله سبحانه وتعالى؟، أنه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر من قوله : «جددوا إيمانكم» كيف يا رسول الله؟ قولوا: «لا إله إلا الله» ، ابدأوا من جديد ، منوهًا بأن لا إله إلا الله عندما تذكرها من قلبك وفي وعيك ، فهذا هو الوعي الذي يبدأ قبل السعي، تبدأ حياةً جديدةً مع الله عز وجل.
ونبه إلى أن الصلاة من مكفرات الذنوب ؛من الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ } فالصلاة لها وظيفتان : وظيفة سلبية -تسلب الضد- تكفيرية تمحو الخطايا ، ووظيفة إيجابية وقائية تمنع الإنسان من الخطايا، فقال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}.
وأضاف أن ذكر الله نوع من أنواع الصلاة {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}، فاصنعوا التوبة والرجوع (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) والتوابون صيغة مبالغة يعني بالغ في التوبة وكررها لو كررت الذنب ولا تيأس من روح الله (يا ابن آدم لو جئتني بقراب الأرض ذنوبا ثم جئتني تائبًا لغفرت لك) فإن الله يغفر لمن يشاء ولا يبالي لأنه واسع ولأنه صاحب السماوات والأرض لا رب سواه.
وأشار إلى أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- جعل التبسم في وجه أخيك صدقة، وجعل الوضوء تنزل المعاصي من أعضاء الوضوء فتخرج بعده طاهرًا تبدأ حياةً جديدة مع ربك.