تؤكد شركتا «غوغل» و«مايكروسوفت» وغيرهما، أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ستجعل تجربة البحث على الإنترنت، أفضل من أي وقت مضى. إلا أنه هذا التصور مصحوب أيضاً بمخاوف من تدمير صناعة تحسين محركات البحث «إس إي إو»، التي تبلغ قيمتها 68 مليار دولار، وكان «غوغل» سبباً في إنشائها قبل ربع قرن، بحسب موقع «فورتشن».

هذا بخلاف الخوف من تعتيم الذكاء الاصطناعي التوليدي على مصادر المعلومات، أو الانحياز، أو الحصول على مجرد «هلوسات».

طوال الـ 25 عاماً الماضية تقريباً، استخدمت المواقع والمدونات باختلاف أنواعها، أدوات واستراتيجيات ووسائل تحسين محركات البحث، لبلوغ قمة صفحة نتائج البحث، أو على الأقل، الظهور في النتائج العشر الأولى. وبالنسبة لكثيرين، هذا الترتيب يعني كثيراً من الأموال، خاصة إن كنت تبيع سلعة ما، أو حريصاً على جذب الجمهور. على سبيل المثال، قد يوظف موقع إخباري مستشاراً لمساعدته في اختيار الكلمات المفتاحية الأفضل للعناوين الرئيسة والبيانات الوصفية، بحيث يقوم «غوغل» و«بينج» بوضع الموقع الإخباري في قمة النتائج، عندما يبحث مستخدم عن أحدث المعلومات حول كارثة طبيعية أو أزمة سياسية.

ولأن محركات البحث تجذب مليارات المستخدمين إلى مواقعها، وتحتاج إلى كسب ولائهم، فقد عملت باستمرار على تحسين خوارزمياتها لتحسين جودة النتائج. إلا أن الصفائح التكتونية للإنترنت تتحرك الآن، فالاستخدام المتزايد لأدوات مثل «تشات جي بي تي» أو «كو بايلوت» أو «جيمناي»، ربما يجعل استخدام مواقع البحث شيئاً من الماضي. فبدلاً من التفكير في جملة بحث والحصول على روابط عضوية أو مدفوعة، سيعطيك الذكاء الاصطناعي التوليدي ببساطة إجابة بسرعة كبيرة.

وبمرور الوقت، ومع تحسن إجابات الذكاء الاصطناعي، لن يكون لدى المستخدمين حافز لتصفح نتائج البحث. ويمكنهم توفير الوقت والجهد بقراءة ردود الذكاء الاصطناعي. بمعنى آخر، سيتجاوز المستخدم كل تلك الروابط المدفوعة، والجهود التي تبذلها مواقع الويب لتحسين نتائج محركات البحث الخاصة بها، ويجعلها عديمة الفائدة. وعندما يبدأ المستخدمون في تجاهل قوائم البحث، سيكون لذلك تأثير سلبي في إيرادات مستشاري تحسين نتائج محركات البحث، ومستشاري التسويق على محركات البحث، وفي النهاية، محركات البحث نفسها.

وبالطبع لا يمكن تجاهل الأثر المالي لهذا، فقد حققت صناعة تحسين محركات البحث 68.1 مليار دولار على مستوى العالم في 2022. وكان من المتوقع أن تصل إلى 129.6 مليار دولار بحلول 2030. إلا أن هذه التوقعات كانت قبل ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي. أما بالنسبة لمحركات البحث، فإن دخلها من البحث هو مصدر رئيس لإيراداتها. فهم يحصلون على جزء من الأموال التي تنفقها المواقع لتحسين ظهورها عبر نتائج البحث، أو من خلال الإعلانات والتسويق عبر محركات البحث.

على سبيل المثال، جاء نحو 58 % من إيرادات غوغل عام 2022، أو 162.5 مليار دولار، من إعلانات «غوغل» التي تقدم بعض هذه الخدمات. ورغم أن ذلك ربما يضر بمحركات البحث وإيراداتها، إلا أنها سارعت بتبني التقنية الجديدة. والقائمة تتضمن، على سبيل المثال «غوغل» و«بينج» و«بايدو» و«دك دك جو»، إضافة إلى محركات جديدة قامت على الذكاء الاصطناعي من البداية.

وبسؤال أحد أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي عن رأيه في ما إذا كان تطوره سيؤدي إلى تدمير هذه الصناعة، قال «أنا لا أتوقع أن تتلاشى صناعة تحسين محركات البحث على الفور. فلا تزال محركات بحث الذكاء الاصطناعي التوليدية في مهدها، وستواجه بعض التحديات قبل أن تهيمن على عمليات البحث»، ثم وجه إليه السؤال نفسه بعد بضعة أيام، فقال «لا أتوقع ذلك، لأن الخبرة البشرية تظل أمراً بالغ الأهمية»، فتمت مواجهته بتصريحاته السابقة فلم ينكرها.

وقال إن التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي التوليدي حالياً هي «الفهم العميق، فلا يزال الذكاء الاصطناعي التوليدي يفتقر إلى الفهم العميق للنصوص والسياق مثل البشر. وهذا يعني أن نتائج البحث قد لا تكون دقيقة أو ذات صلة دائماً. ثم إن صناعة تحسين محركات البحث تعتمد على الإبداع والابتكار. وبينما يمكن أن تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي في إنشاء محتوى، إلا أنها لا تزال تفتقر إلى القدرة على الإبداع والتفكير خارج الصندوق. وأخيراً، الأخلاقيات والموضوعية، فهناك مخاوف تتعلق بإمكانية التحكم في نتائج البحث والتلاعب بها. ومن المهم ضمان الموضوعية والحيادية للحفاظ على ثقة المستخدمين».

وأضاف أن «الخبرة البشرية تظل أمراً بالغ الأهمية، فلا يزال فهم نية المستخدم، وإنشاء محتوى جذاب، وبناء العلاقات مع مواقع الويب الأخرى، من المهارات التي لا يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها حالياً بشكل كامل، فهذا يتطلب إبداعاً بشرياً وتفكيراً نقدياً وتخطيطاً استراتيجياً».

وأشار إلى أن المستقبل يكمن في «التعاون بين الخبرة البشرية وأدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تقوم محركات البحث بتحديث خوارزمياتها باستمرار، ما يتطلب من محترفي تحسين محركات البحث البقاء على اطلاع وتكييف استراتيجياتهم، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في هذه العملية. كما سيستفيد المختصون في هذه الصناعة من كفاءة الذكاء الاصطناعي وتحليلاته، مع التركيز على اتخاذ القرار الاستراتيجي، وحل المشكلات بشكل إبداعي. لذلك، من المرجح أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تحويل صناعة تحسين محركات البحث، وليس القضاء عليها».

صحيفة البيان

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی التولیدی أدوات الذکاء الاصطناعی ملیار دولار نتائج البحث إلا أن

إقرأ أيضاً:

كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد العالم تحولًا جذريًا في شكل بيئة العمل خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد جائحة كورونا التي دفعت العديد من المؤسسات لتبني نمط العمل عن بُعد.

 ومع هذا التغيير، أصبح من الضروري الاستعانة بأدوات تقنية تدعم استمرارية الأداء، وكان الذكاء الاصطناعي من أبرز هذه الأدوات.

الذكاء الاصطناعي، بمفهومه الواسع، هو استخدام تقنيات تتيح للأنظمة فهم البيانات والتعلم منها، بل واتخاذ قرارات تشبه تلك التي يتخذها الإنسان، ولكن بكفاءة وسرعة أعلى. وقد أوجد هذا المجال مساحات واسعة للاستفادة، خصوصًا لمن يعملون من منازلهم.

نمو الذكاء الاصطناعي في عام 2023

في عام 2023، لم يكن الذكاء الاصطناعي مجرد توجه مستقبلي، بل أصبح واقعًا محوريًا في قطاعات متعددة. من تطوير المنتجات إلى تحليل البيانات، كان الاعتماد عليه في تزايد مطرد.

 وقد سعت الشركات إلى دمج هذه التكنولوجيا في عملياتها لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف.

كما شهد المجال نفسه تطورات هائلة في البحث والتطوير، مما أتاح الفرصة لابتكار أدوات جديدة وتوسيع التطبيقات القائمة. 

وبالتزامن، ارتفعت الحاجة إلى الكفاءات البشرية المتخصصة في هذا المجال، وبدأت الشركات في تخصيص برامج تدريب لموظفيها لتأهيلهم للتعامل مع هذه التقنية المتقدمة.

كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في العمل عن بُعد؟

مع توسع نطاق العمل من المنزل، بدأت العديد من الشركات في دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب العمل اليومي. إليك بعض أبرز المجالات التي يتم فيها توظيف هذه التقنية لتعزيز الكفاءة:
1. المساعدات الذكية
الأنظمة مثل Siri وGoogle Assistant أصبحت أدوات مساعدة للموظفين عن بعد، حيث تساهم في تنظيم المهام اليومية، جدولة الاجتماعات، وتذكيرهم بالمواعيد، مما يسهل إدارة الوقت ويزيد من الإنتاجية.
2. أنظمة الدردشة التفاعلية
برمجيات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبحت بديلًا فعالًا للدعم الفني وخدمة العملاء، حيث يمكنها الرد الفوري على الاستفسارات دون الحاجة لتدخل بشري دائم.
3. تحليل البيانات
مع الكم الهائل من البيانات التي تُنتج يوميًا، تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا جوهريًا في استخراج المعلومات المهمة منها، سواء لتحسين الأداء الداخلي أو فهم سلوك العملاء.
4. تعزيز الأمن الرقمي
العمل عن بُعد يرافقه دائمًا مخاطر أمنية، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في رصد أي نشاط غير طبيعي والتنبيه بشأنه بشكل لحظي، مما يساهم في الوقاية من الهجمات الإلكترونية.
5. إدارة المشروعات
أدوات الذكاء الاصطناعي تساعد في تتبع تقدم المهام، تحليل أسباب التأخير، وتقديم اقتراحات لتحسين سير العمل، مما يدعم مديري المشاريع في اتخاذ قرارات دقيقة.
6. الترجمة اللحظية
في بيئات العمل التي تجمع أفرادًا من دول وثقافات مختلفة، توفر أدوات الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وسيلة فعالة لكسر حاجز اللغة وتعزيز التواصل بين الزملاء.
7. التخصيص والتطوير المهني
يمكن لهذه الأنظمة اقتراح محتوى تدريبي أو مهام تتناسب مع احتياجات كل موظف بناءً على تحليل أدائه واهتماماته، مما يعزز تجربته المهنية بشكل عام.

المستقبل الرقمي للعمل

من الواضح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية إضافية، بل أصبح عنصرًا أساسيًا في بيئة العمل الحديثة، خاصة في سياق العمل عن بُعد. 

وبينما يستمر التطور في هذا المجال، ستزداد أهمية دمج هذه التقنيات في العمليات اليومية لضمان الاستمرارية، الأمان، والتفوق في الأداء.

مقالات مشابهة

  • أدوبي تطلق تطبيق Firefly الجديد وتحدث نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي
  • الرئيس الصيني يحذر من مخاطر مرتبطة بالذكاء الاصطناعي
  • الرئيس الصيني: الذكاء الاصطناعي سيغير أسلوب الحياة البشرية بشكل جذري
  • يوتيوب تدعم ميزة البحث بالذكاء الاصطناعي
  • لطافتك تكلف الذكاء الاصطناعي الملايين!
  • بريطانيا تخاطر بفقدان 265 مليار دولار بسبب بطء تبني الذكاء الاصطناعي في العمل
  • جهاز ذكي يساعد المكفوفين على التنقل باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
  • يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
  • السعودية وجهة استثمارات الذكاء الاصطناعي