حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

ها هو شهر رمضان المبارك يعود كالمعتاد، إلا أنَّ هذا العام له طعم آخر لأنَّ إخوتنا في غزة الفلسطينية الصامدة يكابدون مرارة الحرب، التي تُسقط يوميًا شهداء ومصابين من أبناء هذا الشعب الباسل؛ سواء أولئك الذين يُستشهدون بنيران وأسلحة الاحتلال الإسرائيلي البغيض الممزوج بسياسات وأسلحة أمريكية وأوروبية صهيونية، أو بفعل المجاعة التي يفرضها الصهاينة على أبناء غزة، لزيادة عدد الوفيات منهم وتهجيرهم بشتى الطرق، في الوقت الذي بلغ فيه عدد الشهداء 31 ألف شهيد منذ بدء العدوان على القطاع.

وفي الوقت الذي يُعاني فيه أبناء فلسطين في غزة من قتل وتدمير ونيران وأجواء باردة بجانب المجاعة والعطش التي يُسببها لهم الاحتلال وبمساعدة الفيتو الأمريكي وخذلان دول التطبيع لهم، نجد أنَّ مبادرات جديدة تطرح من قبل أمريكا لاستكمال مخططها لتهجير أبناء فلسطين من أراضيهم إلى دول محيطة حولها من خلال بحر غزة.

وكالات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تستطع حتى الآن أن تلبي 5% من احتياجات أبناء غزة، فيما نرى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرهما يصدرون قرارات بقيمة الحبر الذي تستخدمه في هذا الشأن، وهم يعلمون علم اليقين بأن أبناء فلسطين في حاجة كبيرة إلى توصيل الأدوية اللازمة ومختلف احتياجاتهم من الأكل والشرب والإيواء. وها هو منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارتن غريفيث يحذر من أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة على شفا المجاعة، وأن الأطفال يموتون جوعًا، فيما تدخل الأعمال العدائية في قطاع غزة شهرها السادس دون أن تتوقف هذه الحرب الشرسة. فالمسؤول الأممي ذكر في رسالته في وسائل التواصل الاجتماعي بأن "مجتمع العمل الإنساني على دراية بما يتعين عمله لإنقاذ الأرواح في غزة ولكننا بحاجة إلى الظروف والضمانات المناسبة من أجل وقف إطلاق النار والامتثال التام لقواعد الحرب، وتوفير نقاط دخول إضافية إلى القطاع ومزيد من طرق الإمداد وسعة التخزين في غزة وتحسين حماية قوافل الإغاثة".

أمر جميل بأن يتحدث بعض هؤلاء المسؤولين الأجانب عن معاناة إخوتنا في غزة، في الوقت الذي تقف فيه الدول العربية المحيطة بفلسطين عاجزة في تقديم العون والمساعدات الانسانية اللازمة للمحتاجين وتوفير الإمدادات الإنسانية لهم، في ظل ما يدخل القطاع من مساعدات محدودة بسبب هيمنة إسرائيل على هذا الأمر.

يهلّ علينا شهر رمضان الفضيل من أجل أن نشعر بجوع الضعفاء لساعات معينة، إلّا أننا نرى أن أبناء وأطفال غزة وقد مضى عليهم ستة أشهر وهم يصومون لساعات؛ بل أيام، دون أن يحصلوا على أكل نظيف ومياه صالحة للشرب. إذن.. كيف نستطيع أن نهنأ بالأكل في مثل هذه الظروف التي تمر عليهم؟ في الوقت الذي نقوم فيه بهدر كميات كبيرة من الأغذية والأطعمة في سلة المهملات في هذا الشهر الفضيل بسبب التبذير والإسراف في الأكل والشرب، دون أن نشعر بحاجة أطفال غزة إلى الغذاء والشرب. علينا الإدراك بأن تخصيص مبالغ صغيرة لمساعدة الضعفاء في فلسطين له أجر عظيم وخاصة في شهر رمضان الفضيل. وعليه فإن الاقتصار قليلا في الأكل والشرب من أجل تحويل هذه المبالغ إلى أبناء غزة الصامدين والمجاهدين المدافعين عن الأقصى وعن فلسطين عامة لهو من الأعمال النبيلة.

إن المبادرات التي تُطرح في شأن مكافحة المجاعة عديدة وآخرها مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي كان أول القادمين إلى عاصمة دولة الاحتلال للوقوف معها بعد السابع من أكتوبر 2023 بسبب طوفان الأقصى، إذ يرغب الآن في أن يقوم الجيش الأمريكي ببناء ميناء مؤقت على ساحل قطاع غزة على البحر المتوسط لإيصال المساعدات الإنسانية عن طريق البحر. وكأن المعابر البرية لدول الاحتلال والدول المحيطة بها لا يمكن لها أن تقوم بهذا العمل، في الوقت الذي تصل فيه المساعدات القتالية والهجومية الأمريكية لدولة الاحتلال يوميًا للاستمرار في هذه الحرب الشرسة على أبناء غزة البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة. ويرى الكثير من المراقبين أن هذه المحاولات الأمريكية ليست من أجل احتواء خطر المجاعة في غزة؛ بل لتسهيل تهجير أبنائها إلى خارج الحدود الفلسطينية على مراحل مُعينة، في الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة من أن غزة تواجه خطرًا كبيرًا ومجاعة بسبب العقبات التي تضعها دولة الاحتلال أمام إيصال إمدادات الإغاثة وتوزيعها في أنحاء القطاع.

إن محاولات الإنزال الجوي الأخيرة أثبتت أنها غير فعّالة في توفير الكميات المطلوبة من الاكل والشرب وهي قليلة، والحل الأمثل يكمن في إدخالها عبر البر في الشاحنات المتوقفة في مدينة رفح المصرية بسبب غطرسة السلطات الإسرائيلية وضعف الدول العربية في مواجهة هذه المعضلة. وحتى حدوث أي انفراجة في هذا الشأن، ستأتي إلينا الأخبار بوفاة مزيد من أطفال غزة من سوء التغذية والمجاعة بسبب الحصار عليهم من القريب والبعيد.

إنَّ مخطط الميناء ربما يعالج الجانب الإنساني، إلّا أن الجانب الآخر له بدخول ومرافقة القوات الأمريكية للحملات البحرية نخشى أن ترتبط بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعًا إلى أوروبا وهذا ما طرحته إسرائيل ضمن العديد من أهدافها على غزة الصامدة لإنهاء أي سيادة للفلسطينيين على الأرض العربية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الجنيد يفتتح معرضاً تشكيلياً حول دعم الشعب الفلسطيني

 

الثورة /

افتتح نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال لشؤون الرؤية الوطنية محمود الجنيد، ونائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور علي شرف الدين أمس، معرض الفن التشكيلي «نقطة» لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني.
يحتوي المعرض الذي تنظمه على مدى خمسة أيام جامعة آزال للتنمية البشرية، على 500 لوحة فنية من إبداعات طلاب وطالبات الجامعة، تعبر عن مواقف اليمن قيادة وحكومة وشعباً في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني وتعكس حجم معاناة أبناء غزة جراء العدوان الصهيوني في ظل التخاذل العربي والصمت الدولي، بالإضافة إلى لوحات وصور معبرة عن الطبيعة والتراث وفن العمارة اليمنية. وأشاد نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال بجهود الطلبة المشاركين في المعرض الذي يعكس مستوى الوعي المجتمعي حول أهمية الانتصار للقضية الفلسطينية.
وأشار إلى أهمية فضح جرائم العدوان الأمريكي الصهيوني بحق أبناء غزة وتوضيح حقيقة الصراع العربي مع العدو الصهيوني، وإبراز دور فصائل ومحور المقاومة في مواجهة الكيان الغاصب.

مقالات مشابهة

  • تطورات مثيرة بشأن إيقاف رمضان صبحي بسبب المنشطات
  • برصاصة في الرأس.. بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين
  • مجاعة غزة وحصار شعب أبي طالب
  • مستشفى العودة مهددة بالتوقف الكامل بسبب نقص الوقود
  • رمضان صبحي في ورطة بسبب أزمة المنشطات.. تطور مفاجئ
  • أعراض إدمان الالعاب الالكترونية.. تعرف عليها
  • الجنيد يفتتح معرضاً تشكيلياً حول دعم الشعب الفلسطيني
  • بسبب والدة ملك المغرب.. إلغاء حفل محمد رمضان في مهرجان موازين
  • كن لطيفًا.. نصائح ذهبية للتعامل مع مريض الزهايمر والخرف
  • هل رحل عن ريال مدريد بسبب مبابي وإندريك؟.. خوسيلو يوضح