خبير آثار يرصد حكاية الفانوس من إياحة إلى تحت الربع
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية أن فانوس رمضان وهو المصباح الذى يحمل فى الليل للاستضاءة بنوره أو يُعلّق ويكون مُحاطًا بالزُّجاج ظهر بشكله الحالى منذ 150 عامًا وأصبح جزء من التراث الشعبى يتم تطوير صناعته وله ورش خاصة بمنطقة تحت الربع ولكن حكاية الفانوس تبدأ مثل كل الحكايات المصرية من مصر القديمة
القبض على متهم بالتنقيب عن الآثار في المطرية خبير آثار يرصد أهمية الآثار الإسلامية برشيد على ضوء افتتاح مسجد المحلي
وينوه الدكتور ريحان إلى أن البداية كانت (عيد المصابيح) فى مصر القديمة وكان في شهر (ﻛﻴﻬﻚ) بالتقويم القبطى ﻭﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ( ﻛﺎ – ﻫﺎ – ﻛﺎ) بالتقويم المصرى القديمم ﻣﻦ 10 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ ﺇﻟﻰ 8 ﻳﻨﺎﻳﺮ وأطلق عليه هذا الاسم حيث توقد (المصابيح – المسارج – الفوانيس .
وفي العصر البطلمي انتقل عيد المصابيح الي مدينة إسنا ونقش بمعبد إسنا ثم امتد إلى كل المدن المصرية، وأن احتفال الأطفال فى رمضان بحمل الفوانيس مرددين عبارة "وحوى يا وحوى اياحه" وهم يحملون مصابيح مضاءة ليلًا من الأصل المصرى القديم، فكلمة (إياحة) هى دمجًا لكلمتين وهم (إعح – حا ) والأولى بمعني قمر مثل كلمة أحمس و تنطق (إعح – مس) بمعني وليد القمر
ويشير الدكتور ريحان بأن أصول الفانوس المصرية تقدم تفسيرًا علميًا لارتباط الفانوس بأغنية "وحوى يا وحوي إياحة" و أصلها ( واح اي – واح اي) وكلمة واح معناها يهنأ أو يطمئن و(اي) ضمير مقطع مضاف ليكون المعني كاملًا ( إطمئن إطمئن القمر يمشي) لأنهم كانوا ينظرون الي القمر وهو المصباح الأكبر ليلًا حاملين المصابيح الصغيرة فيلاحظون مسيره في السماء، فأصبحت الغنية من أغانى الاحتفاء بالقمر والليالى القمرية وكان القمر فى مصر القديمة يطلق عليه اسم "إحع"، وبعد دخول الفاطميين إلى مصر وانتشار ظاهرة الفوانيس أصبحت الأغنية مرتبطة بشهر رمضان فقط بعد أن ظلت أزمنة مديدة مرتبطة بكل الشهور القمرية
ويتابع الدكتور ريحان أن الفانوس استخدم فى صدر الإسلام للإضاءة ليلًا للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب وقد عرف المصريون فانوس رمضان منذ يوم 15 رمضان 362 هـ /972 م حين وصول الخليفة المُعزّ لدين الله الفاطمى إلى مشارف القاهرة ليتخذها عاصمة لدولته وخرج أهلها لاستقباله عند صحراء الجيزة فاستقبلوه بالمشاعل والفوانيس وهتافات الترحيب وقد وافق هذا اليوم دخول المعز لدين الله الفاطمى القاهرة ليلًا ومن يومها صارت الفوانيس من مظاهر الاحتفال برمضان، وقد تحول الفانوس من وظيفته الأصلية فى الإضاءة ليلًا إلى وظيفة أخرى ترفيهية إبان الدولة الفاطمية حيث راح الأطفال يطوفون الشوارع والأزقة حاملين الفوانيس ويطالبون بالهدايا من أنواع الحلوى التى ابتدعها الفاطميون
ويشير الدكتور على أحمد أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة إلى حكاية أخرى عن فانوس رمضان حدثت فى عهد الحاكم بأمر الله الفاطمى وقد كان مُحرَّمًا على نساء القاهرة الخروج ليلًا، فإذا جاء رمضان سُمِحَ لهن بالخروج بشرط أن يتقدّم السيدة أو الفتاة صبى صغير يحمل فى يده فانوسًا مضاءً ليعلم المارة فى الطرقات أنّ إحدى النساء تسير فيُفسحوا لها الطريق وبعد ذلك اعتاد الأولاد حمل هذه الفوانيس فى رمضان وقيل أن ظهور فانوس رمضان ارتبط بالمسحراتى ولم يكن يُقاد فى المنازل بل كان يعلَّق فى منارة الجامع إعلانًا لحلول وقت السحور فصاحب هؤلاء الأطفال بفوانيسهم المسحراتى ليلًا لتسحير الناس حتى أصبح الفانوس مرتبطًا بشهر رمضان وألعاب الأطفال وأغانيهم الشهيرة فى هذا الشهر ومنها وحوي يا وحوي، ويقول ابن بطوطة في وصف الاحتفال برمضان في الحرم المكي كانوا يعلِّقون قِنديلين للسحور ليراهما مَن لم يسمع الأذان ليتسحرَ
ويتابع الدكتور ريحان أن الفانوس ظل رمزًا خاصًا بشهر رمضان خاصةً فى مصر ومن أشهر محلات صناعته منطقة تحت الربع المتفرع من ميدان باب الخلق بالقاهرة وانتقلت فكرة الفانوس المصري إلى أغلب الدول العربية وأصبح جزًا من تقاليد شهر رمضان لاسيما في دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها
ويرتبط تاريخ شارع تحت الربع بإنشاء القاهرة على يد جوهر الصقلى وقد جعل سكنى عساكر البربر والسودان خارج أبواب القاهرة، عند باب زويلة، ويقع شارع تحت الربع فى المنطقة التى تقع خارج باب زويلة من اليمين حتى باب الخرق "باب الخلق حاليًا"، وكان يطلق عليه قبل ذلك حارة السودان.
ولم يطلق على الشارع هذا الاسم سوى فى العصر المملوكى حسب ما ذكر المقريزى فى خططه، حيث كان يطلق عليه قبل ذلك حارة السودان، وحينما تولى الظاهر بيبرس الحكم قام بتطوير الربع وتقسيم المساحة المحيطة به وأنشأ ربعًا آخر لم يبقَ منه شيء حاليًا، حيث شب فيه حريق عام 721هـ - 1221م. وكان يقع بين باب زويلة وباب الفرج وعرف بخط تحت الربع وكان ربعًا كبيرًا يشتمل على 120 مسكنًا، وتباع الفوانيس بكل أحياء مصر حاليًا وتشتهر فى حى السيدة زينب
ويطالب الدكتور ريحان وزارة الثقافة بإعداد ملف لتسجيل الموروثات الشعبية المرتبطة بشهر رمضان تراث لامادى باليونسكو مثل الفانوس والاحتفالات المرتبطة برمضان والأكلات الخاصة مثل الكنافة والقطايف وأم على والقراصيا وكل مظاهر الاحتفال بشهر رمضان على أن يبدأ توثيقها من بداية الشهر الكريم هذا العام
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار رئيس حملة الدفاع الحضارة المصرية الدکتور ریحان فانوس رمضان بشهر رمضان تحت الربع فانوس ا حالی ا
إقرأ أيضاً:
باحث يرصد ميلاد السيد المسيح في الفن القبطي
فى دراسة جديدة رصد الدكتور نادر ألفي ذكري أستاذ الآثار والفنون القبطية بكلية السياحة والفنادق جامعة مدينة السادات تصاوير ميلاد السيد المسيح علي الرسوم الجدارية والايقونات والمعادن والعاج والخشب والمخطوطات منذ الفترات المبكرة للفنون المسيحية الشرقية بصفة عامة والفن القبطي بصفة خاصة
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن مشاهد ميلاد السيد المسيح في الفن القبطي تعكس بأسلوب مميز الهوية الدينية والثقافية للمجتمع القبطي المجسّد فى البساطة والروحانية، وفي العديد من اللوحات القبطية تم تصوير المسيح الطفل داخل المذود في إسطبل وهو رمز للفقر والتواضع ويظهر العذراء مريم وهي تجلس أو واقفة بالقرب منه في حال من الهدوء والسكينة.
وغالباً ما تظهر الملائكة وهي تحيط بالمسيح الطفل وهي تهتف له وهذا يعكس مشهد تسبيح السماء بالميلاد، كما يظهر الرعاة الذين يتوجهون إلى المذود حاملين الهدايا رمزاً للإيمان البسيط والاتضاع.
ورمز الميلاد يمثل السيد المسيح مع العائلة المقدسة (العذراء مريم، يوسف النجار، يسوع الطفل) والنجم هو الذى دل المجوس على مكان ميلاد يسوع، والمهد يرمز إلى مكان الميلاد
ويضيف الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن التصوير الرمزي في العديد من اللوحات القبطية يُصور ميلاد المسيح أكثر من كونه تصويرًا واقعيًا فقد يظهر المسيح الرضيع محاطًا بالرموز التي تمثل النور والقداسة وأحيانًا يظهر محاطًا بالقديسين أو الملائكة، والنور هو عنصر بارز في الفن القبطي عند تصوير ميلاد المسيح حيث يتم تصوير الطفل يسوع داخل هالة مضيئة وغالبًا ما يظهر في المشهد والدة المسيح السيدة العذراء وهي جالسة أو راكعة بجانب الطفل يسوع مع حضور القديس يوسف
وفي بعض الأعمال يتم تصوير مشهد الميلاد داخل مغارة أو كهف وهو ما يعكس الرواية التقليدية لميلاد المسيح في مكان فقير وبسيط مما يعكس تواضع المخلص ويمزج الفن القبطي بين التأريخ الحدثي الديني والمفهوم الروحي وكل هذه العناصر تسهم في تشكيل ملامح فنية فريدة تعكس إيمان وحياة المسيحيين الأقباط وتجسّد المعنى الروحي فى الرعاة ويمثلون الفقراء والبسطاء الذين جاءوا إلى المسيح بعد سماعهم بتبشير الملائكة إشارة إلى أن المسيح جاء لخلاص الجميع أمّا بخصوص النجمة وهي عنصر شائع في تصوير الميلاد وغالبًا ما تُصوَّر في السماء فوق المغارة أو الكهف وتمثل النجم الذي أضاء السماء وأرشد المجوس إلى مكان ميلاد المسيح هي أيضًا رمزًا للهداية
وهناك أمثلة عديدة لهذه الرسومات فى كنيسة أبو سرجة وكنيسة المعلقة بمصر القديمة والمتحف القبطى، وجدارية دير الأنبا ابوللو بباويط وجدارية دير السريان بوادى النطرون