في الفترة التي نوثّق فيها حكيَها، نقلت لنا (عايدة، ب) شهادتها مضمنة كل مرة بتسجيلات صوتية عن صوت صافرات الإنذار وكثافة القَصف الصّاروخي الذي يخترق سماء “أوديسا” المدينة السّاحلية المطلة على البحر الأسود.

عايدة، 25 سنة، مغربية تعيش في أوكرانيا وتقطن في أوديسا. فضلت، بسبب ارتباطها الوجداني بالمدينة، أن تبقى هناك رغم دمار الحرب.

اختارت خيار البقاء رغم القصف الصاروخي الذي يستهدف المدينة لأزيد من 500 يوم.

قصف فوق الرؤوس

“حين أسمع صوت الصواريخ، أقول: هي نهايتي. أشعر في تلك اللحظة أني صغيرة أمام هذا الكون، أحس وأنا أنتظر في ركن من المنزل بضعفي البشري”، تقول عايدة بدارجتها المغربية التي تخترقها اللكنة الأوكرانية.

هكذت وصفت المتحدثة المشهد الذي تعيشه، فحين تسمع لدمار أو تساقط شظايا حديدية لقنبلة، فإنها لا تستطيع أن تقوم بأي شيء إلا “الاختباء وانتظار ساعتي النهائية، ففي كل الحالات أنا في خطر. إن بقيت سيدمر المنزل على رأسي، وإن خرجت ممكن أن تردني شظايا القنبلة قتيلة”.

هذا الوضع يجعل على الدوام “عايدة” في خطر محدق وهي تعيش لحظة صعبة، تحكيها لنا في “اليوم 24” بكل سلاسة ومَلكَة كبيرة في التفصيل وتصوير المشهد. تحكي بغزارة المشاعر التي تتملّكها وتجعلها بين احساسين متناقضين: احساس الخوف والألم، واحساس اليقين والأمَل.

بريق الأمَل وسط الألَم

لم تخف “عايدة” أن هذا الوضع الذي صورته، ليس عاما ودائما، بل هو لحظات تنتهي لتعيد التكرار في مناسبات معينة، حيث يتم اخبارهم من طرف القوات الأوكرانية من خلال مراسلات عبر “تلغرام” ومن خلال صافرات الإنذار بقرب القصف الجوي.

لكن على العموم، تقول المتحدثة ذاتها، فالوضع مقارنة بالسنة الأولى للحرب مختلف “هذا الصيف استيقضت اوكرانيا واوديسا، وبدأت الساكنة تتأقلم مع الوضع الحالي”.

وتابعت:”الآن بدأنا نحس بالأمان النفسي الجماعي رغم كل شيء. أكيد أنه من الصعب فهمه، إنه احساس مرتبك ومركب في ذات الآن؛ لكن هو أمان جماعي بضرورة التعاضد والتعاون والتأقلم مع الأمر الواقع”.

وأكدت أنه مقارنة مع السنة الماضية، التي تميزت بالاضطراب العام، فقد رجعت الأمور تدريجيا الى الاستقرار النسبي، فيمكن أن تخرج بشكل عادي إلى المؤسسات وتقضي أغراضك من الأبناك والادرات والمستشفيات، كما عادت أجواء الترفيه من اصطياف ومسابح وغيرها.

قيمة التعاون والتعاضد

إن أهم ما جعل عايدة مصرة على البقاء هو ما وجدته في المجتمع الأوكراني من مؤانسة وتعاون وتعاضد، فأوديسا “مدينة حاضنة لهذا الهم بصدر مليء بمشاعر التآخي”، مشيرة إلى تعاون الأسر في هذه المدينة مع القادمين من مدن أكثر تضررا، “يستبقلونهم في بيوتهم وتوفر لهم الجمعيات كل المستلزمات من مأكل ومشرب”.

وجددت “عايدة” تأكيدها على أنها أحبت هذا المجتمع لما فيه من “قيم واستنا في هذه الظروف، وكانت الحضن”، مسترسلة:” تصور معي أن رجلا كلف من تلقاء نفسه بتوفير كل شئ داخل المخبأ الذي خصص للجوء أثناء القصف”.

وتابعت بالقول:” رغم أن الرجل بسيط إلا أنه يقوم بمهمة من تلقاء نفسه ليوفر هذه الخدمة حيث نجد كل المستلزمات من ماء ومأكولات وغيرها في ذلك المخبأ، إنه يفعل ذلك بدون مقابل”.

https://alyaoum24.com/content/uploads/2023/07/WhatsApp-Video-2023-07-20-at-20.43.43.mp4

الضّربة التي لا تقتلك تقويك

وأكدت عايدة أن اللحظة صعبة، ولكن جميلة في نفس الوقت فيها عبر حقيقية، فحين تعيش في هذه الظروف وتفقد مثلا خدمة الكهرباء والماء وغيرها من الأمور التي تعتبرها ذات وقت بديهيات العيش، فإنك “تتعلم أن تقدر ما لديك تقدر قيمتها وتحافظ عليها”.

ولفتت المتحدثة ذاتها، إلى أن أهم شيء يقع في هذه اللحظات هو أن تفكير الناس يتغير تماما يتغيرون في سلوكياتهم، في عاداتهم ويظهر تعاونهم وتماسكهم، حيث “لم تعد تفكر فقط لنفسك بل تفكر للجماعة وللآخرين”.

وأوضحت أن التفكير ينتقل من تفكير شخصي أناني نوع ما إلى تفكير جماعي والاحساس بوحدة الهم والمصير، نعم هناك حرب، قصف، ودمار وموتى، تقول عايدة، لكن “هناك أيضا حياة تجارة وعمل وترفيه، والأهم أن هناك مجتمع حاضن بالدعم والمساندة”.

هذه التجربة، تؤكد المتحدثة، وإن كانت صعبة فهي “تقويك وتعطيك مناعة لمقاومة الصعاب الأخرى التي ستصادفك في الحياة، فإن كان البعض يتحدث عن مقاومته لظروف صعبة في حياته من قبيل بعد المدرسة وغيرها، فأنا سأعيد مستقبلا لأبنائي قصة هذه الحرب باعتبارها مقاومة من أجل مستقبل أفضل”.

يقين بمستقبل أفضل

ورغم القصف الصاروخي، تقول عايدة، إنها أمل أن تتحسن الأمور، مؤكدة بالقول:”نعم كانت لدي فرصة للعودة للمغرب، وكانت عائلتي تطلب مني الرجوع، لكن قراري كان البقاء، فأنا أحب هذا البلد في حالتي القوة والضعف وأنا دائما أمل أني سأعود يوما ما”.

وذكرت المتحدثة ذاتها، قصة شاب مغربي فقد شقته التي اشتراها أخيرا بسبب القصف الروسي، ولكن رغم ذلك لم يترك المدينة، مشددة على أن الرسالة هي أننا “نحب أوكرانيا في كلا الحالتين في السراء والضراء، فليس فقط في ظروف الرخاء، بل أيضا في مثل هذه الظروف الصعبة”.

https://alyaoum24.com/content/uploads/2023/07/WhatsApp-Video-2023-07-21-at-22.31.26.mp4

وختمت عايدة كلامها بالقول:”أعرف أن الحرب ستنتهي واوكرانيا ستربح وسنعود كما كنا، وسأخصص رحلة إلى بلدي الذي اشتقت له، وسأرى عائلتي وأحتضنها”.

وتابعت بالقول:”نعم رغم الألم، فهناك أمل دائم، فالأهم أن نعرف أن نعيش في كل الظروف ونتأقلم معها، وأكيد بالصبر سنتجاوزها وتكون كل هذه الأوضاع ذكرى وقصة تُروى وتُحكى”.

كلمات دلالية الحرب الاوكرنية اوديسا مغربية بأكرانيا

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: اوديسا فی هذه

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تكشف تفاصيل الهجوم على مقر الجيش في لبنان عام 82

أعلنت إسرائيل مساء اليوم الاربعاء 3 تموز 2024 ،  أن الانفجار الذي وقع قبل 42 عاما في مقر قيادة الجيش آنذاك في صور بلبنان وأسفر عن مقتل 76 جنديا وضابطا، كان ناجما عن "هجوم انتحاري مفخخ" وليس انفجار أسطوانات غاز كما كان يُعتقد.

جاء ذلك وفق ما حدده فريق تحقيق مشترك من الشاباك (جهاز الأمن العام) والجيش الإسرائيلي والشرطة، قدم نتائج تحقيقاته لعائلات القتلى ووسائل الإعلام الأربعاء، وفق صحيفة "هآرتس" العبرية.

الحادث الذي يسمى إعلاميا في إسرائيل "كارثة صور الأولى" وقع صباح 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 1982 في نهاية حرب لبنان الأولى (بدأت في يونيو/ حزيران من العام نفسه باجتياح الجيش الإسرائيلي لجنوب لبنان)، حيث انهار مبنى الحكم العسكري الإسرائيلي في صور ما أسفر مقتل 91 شخصا.

وبين القتلى الإسرائيليين 34 شرطيا من حرس الحدود و33 جنديا و9 من عناصر "الشاباك" و15 معتقلًا لبنانيًا.

ويُعد الحادث من أعنف الكوارث في تاريخ إسرائيل، وفق "هآرتس".

ووقتها، قالت لجنة تحقيق تابعة للجيش الإسرائيلي إن الانفجار نجم عن تسرب غاز من أسطوانات داخل المبنى.

لكن اللجنة الجديدة التي كشفت نتائجها الأربعاء، قالت إن عنصرا من "حزب الله" أو من حركة "أمل" اللبنانية فجّر نفسه بسيارة مفخخة ما تسبب في انهيار المبنى المكون من عدة طوابق.

وادعت نتائج التحقيق، أنه تم تنفيذ الهجوم بدعم إيراني وبتخطيط الرجل الثاني في "حزب الله" عماد مغنية (كان عضوا بحركة "أمل" قبل انتقاله لحزب الله) الذي قتل في انفجار سيارته عام 2008، في عملية اغتيال مشتركة نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة، وفق تقارير مختلفة.

وخلال العقود التي مرت منذ ذلك الحين، تراكمت الكثير من الأدلة التي تناقض استنتاجات اللجنة العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك التحقيق الأول الذي نشره الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان في ملحق "هآرتس" عام 1998، والذي ذكر أن الحديث يدور عن هجوم، وأن "لجنة التحقيق تجاهلت الأدلة وأخفى الجيش والشاباك المعلومات عن العائلات الثكلى والجمهور لاعتبارات معنوية وسياسية".

لكن، فقط في عام 2022، وبعد ضغوط من عائلات القتلى، قرر رئيس جهاز الشاباك رونين بار إعادة فحص النتائج، في الذكرى الأربعين للحادث.

وقرر فريق التحقيق الذي أنشأه بار في ذلك العام أن "الشك في أن الحديث يدور عن هجوم يزداد قوة"، ونتيجة لذلك، تم تشكيل فريق التحقيق المشترك، الذي نُشرت نتائجه اليوم، وفق "هآرتس".

وتشكل فريق التحقيق الإسرائيلي من عشرات الأشخاص، بما في ذلك أعضاء بالشاباك والجيش والشرطة والصناعات الدفاعية والأوساط الأكاديمية، وترأسه اللواء (احتياط) أمير أبو العافية.

وبين أمور أخرى، اكتشف فريق التحقيق تفاصيل لم تكن معروفة من قبل، من بينها العثور على جثة منفذ الهجوم ومحرك السيارة المفخخة التي فجرها في مكان الحادث.

وقام الفريق بإجراء تحليل للمبنى المنهار وفحص النتائج التي توصل إليها تشريح الجثث في معهد الطب الشرعي بإسرائيل.

إلى جانب ذلك، اعتمد الفريق أيضًا على شهادات جنود الجيش الإسرائيلي والمواطنين اللبنانيين التي نُشرت في تحقيق "هآرتس" عام 1998، وكذلك على المعلومات العلنية التي نشرها "حزب الله".

ويقول "حزب الله" إن منفذ العملية بمدينة صور جنوبي لبنان هو "أحمد قصير" (17 عاما)، الذي يعتبره "أول شهيد" للحزب بعد إعلان تأسيسه عام 1982.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام التالي 1983، أدى انفجار سيارة مفخخة قرب بوابة مدخل مقر قيادة الجيش الإسرائيلي وحرس الحدود في صور إلى مقتل 59 شخصًا، بينهم 16 عنصرا إسرائيليا من شرطة حرس الحدود و9 جنود الجيش و3 من أفراد الشاباك، بجانب 31 معتقلاً لبنانياً، فيما اصطلح إعلاميا داخل إسرائيل على تسميتها "كارثة صور الثانية".

المصدر : وكالة سوا - الاناضول

مقالات مشابهة

  • الدولي رياض محرز يصدم الجزائريين في حفل زفافه بالتعاقد مع مصممة مغربية للقفطان واللباس التقليدي المغربي
  • بن غفير يطالب بالاطلاع على تفاصيل صفقة تبادل المحتجزين المطروحة
  • قصف إسرائيلي بقذائف فوسفورية على مناطق بجنوب لبنان
  • إسرائيل تعتبر رفض حزب الله للمقترح الأمريكي إشارة لشن حرب على لبنان.. تفاصيل
  • القوات الروسية تقضي على 18 مرتزقاً أجنبياً في أوديسا
  • معسكر عائشة.. قلعة داعش التي يتمنى استعادتها وبوابة جحيم 3 محافظات
  • معسكر عائشة.. قلعة داعش التي يتمنى استعادتها وبوابة جحيم 3 محافظات - عاجل
  • جحيم طائرات الحزب.. تقرير يشكف ما أحدثته في إسرائيل
  • لقجع : مدن مغربية ستحتضن مباريات المونديال وأخرى ستستقبل المنتخبات والوفود
  • إسرائيل تكشف تفاصيل الهجوم على مقر الجيش في لبنان عام 82