في الوقت الذي وقف فيه العالم ولاسيما المملكة المتحدة، صامتًأ أمام الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، منذ 7 أكتوبر الماضي 2023، انتفضت بريطانيا وأعلنت حالة الاستنفار بسبب دفن 34 جثة بصورة وصفتها بغير اللائقة.
كما قامت الشرطة البريطانية، باستخراج 34 جثة من دار جنازات في شمال إنجلترا، وألقت القبض على رجل وسيدة اليوم الأحد، للاشتباه في قيامهما بالاحتيال ومنع الدفن القانوني واللائق، وذلك بعد خمسة أيام من تحقيق أجرته في ثلاثة فروع لدار جنازات "ليغاسي فيونيرال دايركتورز" في هول وإيست يوركشاير، يأتي ذلك بالتزامن مع استشهاد عشرات الفلسطينين يوميًا، جراء القصف الإسرائيلي إلى جانب المجاعة الناتجة عن الحصار، ومنع وصول الإمدادات والمساعدات الغذائية للمواطنين العزل.

 
مما لا شك فيه أن الجرائم التي ترتكبها قوات الإحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ضد الشعب الفلسطيني، فضحت إزدواجية المعايير، لدى المجتمع الغربي الذي يرفع كذبا شعارات حقوق الإنسان والدفاع المشروع عن الأوطان، وتبنى خطابًا سافرا دعم ودافع من خلاله عن ماكينات الحرب الإسرائيلية التي حرقت الأخضر واليابس، واختلاق قصص وأخبار زائفة عن قتل أطفال وقطع رؤوس وذبح واغتصاب إسرائيليات، من أجل تصوير إسرائيل على أنها ضحية مظلومة، وقعت فريسة سهلة بين أنياب الفلسطينيين، وتجاهلت سقوط مئات الضحايا من الشعب الفلسطيني الأعزل.
موقف الدول الغربية، يتناقض من انحيازهم الواضح مع أوكرانيا إذ وقفت ضد روسيا واتهمتها بممارسة العدوان على دولة ذات سيادة، فضلًا عن اتهامها باحتلال وقصف مرافق البنى التحتية، من مستشفيات ومدارس ومنشآت للطاقة ومراكز حكومية مدنية، وفرض عقوبات قاسية على موسكو، بزعم ارتكاب جرائم حرب مهما بلغت وحشيتها لن ترتقي إلى انتهاكات الكيان الإسرائيلي.
أكبر دليل على كيل الغرب بمكيالين، هو التصريحات المتداولة لـ أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، فوب بدء الحرب الروسية الأوكرانية، في 24 فبراير 2022 ، إذ زارت كييف واتهمت موسكو بقتل الأطفال وتفجير المدارس والمستشفيات والبنى التحتية، ودعت دول العالم إلى مواجهة ما اعتبرته في حينه الإجرام الروسي، بنما ظهرت في الأراضي المحتلة وهي تدعم المعتدي المحتل قائلة: "ندعم إسرائيل بلا شروط من أجل الدفاع عن نفسها"، ما يعد تصريح للكيان الصهيوني بقتل الشعب الفلسطيني.
وبحسب الخبراء، فإن ازدواجية المعايير لدى الغرب هي تعريف لتوفير ما يستدعيه أو يتطلبه المعتدي، وكل ما يحتاجه من تسليح وأدوات قتل وغطاء سياسي وإعلامي مقابل منع وصول الاحتياجات الإنسانية لضحايا عدوانه.
كما أن ازدواجية المعايير تحدث في قطاع غزة، بمنع وصول الاحتياجات الإنسانية لضحايا العدوان، بينما الرأي العام الغربي أظهر ما لم يكن يظهر في السنوات القادمة، وبالتالي أوجد حالة من الصحوة لدى الجمهور الغربي نحو ما يجري في فلسطين، وهو ما يشكل داعمًا حقيقيًا لما قد يتخذ من قرارات في محكمة العدل الدولية.
منذ عام 1948، والمجتمع الغربي أوجد مئات الحجج والمبررات لإسرائيل حتى تتمدد وتتوسع في بناء المستوطنات، ثم اليوم يمنحونها الحق في "الدفاع عن النفس"، ولعل البيان المشترك الذي أصدره كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا منذ أيام ينتقد الشعب الفلسطيني ويطالب حماس فقط بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن لتجنب اتساع رقعة الصراع، في حين طالب على استحياء دولة الاحتلال الإسرائيلي بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين.
كما أدلى أنطوني بلينك، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، بتصريحات كشف فيها انحيازه الفاضح لإسرائيل إذ أكد أنه حضر على وجه السرع إلى تل أبيب ليقف إلى جوارها بصفته يهودي قبل أن يكون وزيرًا لخارجية أقوى دولة في العالم، كما تبنت واشنطن روايات مزعومة لقتل الأطفال، ما وضعها بالمصاف نفسه مع إسرائيل حيال تحمل مسؤولة الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر.
وبحسب خبراء القانون الدولي، فإن العدوان الإسرائيلي في مواجهة غزة يتعارض مع قواعد القانون الدولي بصفة عامة، وقواعد القانون الدولي الإنساني بصفة خاصة، فالقانون الدولي الإنساني هو عبارة عن القواعد القانونية التي تطبق في وقت النزاعات المسلحة.
وطالما أن إسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية، فمن حق الشعب الفلسطيني الدفاع الشرعي عن نفسه وعن أرضه، فالقانون الدولي الإنساني صدر في عام 1949 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبعد أن تعرضت الدول المتحاربة لمشاكل وانتهاكات ووقع العديد من الضحايا في هذا الشأن، فكان لابد أن تقوم الأمم المتحدة بعمل قانون خاص للمنازعات الغير سلمية، ونتج عنها اتفاقيات جنيف الأربعة عام 1949.
كما أضاف أن اتفاقية جنيف الأولى كانت تخص ما يحدث في المناطق البحرية، والثانية لما يحدث المناطق البرية، والثالثة لأسرى الحرب، والرابعة للنازعات المسلحة أو حماية المدنيين تحت الاحتلال، والتي تنص على إذا كان هناك احتلال فلابد من حماية المدنيين في المناطق المحتلة في هذا الوقت، وهذا ما ينطبق على غزة وفلسطين بصفة عامة لأنها تحت الاحتلال والمحتل هو إسرائيل وليس لها الحق في انتهاكات القانون لحماية المدن والأفراد تحت الاحتلال، وأي مخالفة لذلك تعد مخالفة للقانون الدولي.
كما أن القانون الدولي له قواعد قانونية موجودة ولابد أن يطبقها المجتمع ويجب محاسبة من يخالف تلك القواعد وما يترتب عليه من مسؤولية جنائية، ولكن ما يحدث في غزة عملية معقدة للغاية لأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم مخالفات القانون الدولي، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
بينما المحكمة الجنائية الدولية اعتمدت وجود فلسطين، ومن ثم يمكن أن تقدم إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية بسبب ما تفعله الآن من انتهاكات دولية بحق فلسطين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: العدوان الإسرائيلي غزة الوجه القبيح الغرب إسرائيل بريطانيا القانون الدولی الإنسانی الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

«مصر» تطلق صرخة الحق أمام العدل الدولية: لماذا الصمت عن حقوق الشعب الفلسطيني؟

تواصل مصر تكثيف جهودها في دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ومنع عملية الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، سواء بالاتصالات مع مؤسسات المجتمع الدولي والدول الأوروبية والإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل، أو بالوساطة بين إسرائيل وحركة حماس للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، سعيا منها في إدخال المساعدات الإغاثية العاجلة لأهالي غزة الذين يقاتلون في الوقت الحالي الجوع والعطش، بسبب نفاد الغذاء في كافة أماكن القطاع.

واستمرار لذلك، تقدمت مصر بمرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية اليوم 28 أبريل 2025، أطلق فيها الوفد المصري المتمثل في السفير حاتم عبد القادر، مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية الدولية والمعاهدات، و المستشارة الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، تصريحات تعبر عن رسالة مصر للعالم أجمع عنوانها: «لماذا الصمت عن حقوق الشعب الفلسطيني؟»

وشدد الوفد المصري خلال المرافعة على أن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل جزءاً من إجراءات واسعة النطاق وممنهجة وشاملة تهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع وتحقيق ضم فعلي للأراضي الفلسطينية، ولفت الوفد إلى أن هذه السياسة مُثبتة بالتصريحات العلنية الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين وكذلك تشريعات الكنيست، فضلاً عن الإجراءات الإسرائيلية المستمرة لتقويض دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وتجفيف مصادر تمويلها، بهدف عرقلة حق العودة للشعب الفلسطيني، والذي يشكل ركناً أساسياً من حقهم في تقرير المصير المكفول بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأوضح الوفد المصري أن ذلك تزامن مع مواصلة إسرائيل تنفيذ عمليات الإخلاء القسري والتهجير المتكرر تحت ذريعة ما يسمى بـ «أوامر الإخلاء»، مما أدى إلى نقل الفلسطينيين قسراً إلى مناطق لا تتمتع بالمقومات الأساسية للمعيشة، وعرقلة وصول الإمدادات والخدمات الأساسية اللازمة للحياة، وذلك ضمن سياسة ممنهجة لخلق ظروف تهدف إلى جعل غزة غير صالحة للحياة.

مرافعة الوفد المصري أمام محكمة العدل الدولية مرافعة الوفد المصري أمام محكمة العدل الدولية مرافعة الوفد المصري أمام محكمة العدل الدولية مرافعة الوفد المصري أمام محكمة العدل الدولية مرافعة الوفد المصري أمام محكمة العدل الدولية

وأشار الوفد المصري خلال المرافعة إلى أن إسرائيل دأبت منذ أكتوبر 2023 على استخدام سياسة التجويع والحصار الكامل على غزة كسلاح موجه ضد المدنيين بالقطاع، وأمعنت إسرائيل في استخدام ذلك السلاح بإغلاقها كافة المعابر إلى غزة بشكل متعمد وتعسفي، مما حال دون دخول الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود والإمدادات الطبية وغيرها من الاحتياجات الأساسية، ويأتي ذلك في ظل استئناف إسرائيل لعدوانها الوحشي على غزة، والذي أسفر عن مقتل 52، 000 مدني بريء منذ أكتوبر 2023، غالبيتهم من النساء والأطفال، وذلك مع استمرار استهداف إسرائيل للمدنيين والبنية التحتية الضرورية لبقاء السكان الفلسطينيين على قيد الحياة، يُضاف إلى ذلك تكثيف قوات الاحتلال الإسرائيلية لهجماتها ضد العاملين في المجالين الطبي والإنساني، الأمر الذي دفع بغزة إلى كارثة إنسانية.

وركزت المرافعة المصرية على استعراض الدفوع القانونية التي تُثبت وجود التزامات على عاتق إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الاتفاقية الخاصة بامتيازات وحصانات أجهزة الأمم المتحدة، فضلاً عن التزامات إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بضمان وتسهيل توفير الإمدادات والمساعدات العاجلة دون عوائق، وفقاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأكد الوفد المصري أن إسرائيل أخلت بالفعل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي سواء بالسياسة الممنهجة لاستهداف المدنيين وممثلي المنظمات الإغاثية، أو بالإمعان في فرض عقبات قانونية وإدارية تعيق وتقيد وصول المساعدات الإنسانية، وتوجيه هجمات مباشرة على البنية التحتية الإنسانية، بما في ذلك قصف معبر رفح الحدودي بهدف تعطيله عن العمل والاستيلاء على الجانب الفلسطيني من المعبر، وما تبعه تنفيذ إسرائيل هجومها العسكري على مدينة رفح، التي كانت ملاذاً لأكثر من مليون فلسطيني، ومركزاً رئيسياً لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، مما ألحق أضراراً جسيمة بالعمليات الإنسانية وزاد من تفاقم الوضع الإنساني الكارثي، ومع اضطرار الوكالات الإنسانية إلى الانسحاب حفاظاً على سلامة موظفيها، توقف وصول المساعدات الإنسانية من معبر رفح، والذي كان شريان الحياة لقطاع غزة.

واختتم الوفد المصري المرافعة بطلب قيام المحكمة بالإعلان في رأيها الاستشاري أن الاحتلال الإسرائيلي الممتد للأراضي الفلسطينية يمثل انتهاكا مستمرا للقانون الدولي، وأن الالتزامات الإسرائيلية كقوة قائمة بالاحتلال تستمر في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين انتهاء الاحتلال، كذلك إقرار المحكمة بالتزام إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال بجبر الضرر الذي أحدثته وذلك من خلال رفع الحصار المفروض على غزة بشكل فوري وغير مشروط، وضمان وصول الإمدادات الأساسية للمدنيين بقطاع غزة على نطاق واسع وبشكل آمن عبر كافة المعابر المؤدية للقطاع، دون معوقات أو قيود، والتنفيذ الفوري لقرار مجلس الأمن رقم 2735، والتوافق حول خطة إغاثة عاجلة للمدنيين الفلسطينيين، وتيسير تنفيذها بكافة السُبل المتاحة، والامتناع عن إعاقة وجود ونشاطات الأمم المتحدة ووكالاتها، بما في ذلك الأونروا، وكذلك الدول الثالثة التي تقدم المساعدات الإنسانية، وإلغاء القوانين غير المشروعة المتعلقة بالأونروا التي أقرتها إسرائيل، واحترام الامتيازات والحصانات الممنوحة للأونروا وغيرها من وكالات الأمم المتحدة، وضمان حمايتها، فضلاً عن إعلان المحكمة أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير يشمل حقه في السعي لتحقيق تنميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أرضه، بما في ذلك الحق في تلقي مساعدات التنمية من أجل التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وعدم تهجيره أو طرده من أرضه.

اقرأ أيضاًقدم معلومات سرية لمحكمة العدل العليا.. «الشاباك» يفضح نتنياهو

عاجل| محكمة العدل الدولية تستقبل مذكرة قطر ضد إسرائيل «تفاصيل»

ابو الغيط يرحب بالتصويت الكبير في الامم المتحدة لصالح قرار احالة حظر الأونروا الى محكمة العدل الدولية

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يجتمع مع مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة ويؤكد أهمية دعم المجتمع الدولي لجهود الحكومة السورية في تعزيز استقرار البلاد
  • التايمز تكشف عن استثمارات قطرية بـ 100 مليار في بريطانيا
  • رئيس مجلس الشيوخ في منتدى جنوب-جنوب: مصر تؤمن بالتعاون المشترك وتدعم حقوق الشعب الفلسطيني
  • «مصر» تطلق صرخة الحق أمام العدل الدولية: لماذا الصمت عن حقوق الشعب الفلسطيني؟
  • الغرب بدأ ينبذ إسرائيل وإسبانيا تُلغي صفقة أسلحة .. ثلاث دولٍ تُطالِب بمنع الكيان المشاركة بمُسابقة الأغنية الأوروبيّة
  • “يديعوت أحرونوت” تكشف: أزمة غير مسبوقة في الجيش الإسرائيلي بسبب “الأمر 77”.. معنويات الجنود بالحضيض
  • رئيس الوزراء القطري: نرفض تجويع الشعب الفلسطيني وجهود الوساطة مستمرة
  • البلشي عن تصريحات ترامب حول قناة السويس: سابقة خطيرة وتتجاهل القانون الدولي
  • تظاهرة حاشدة في ستوكهولم رفضًا لخطط تهجير الشعب الفلسطيني
  • "فتح": قرار الحرب والسلم يجب أن يكون بيد منظمة التحرير لوقف المقتلة بحق الشعب الفلسطيني