الجزيرة:
2024-12-25@03:21:36 GMT

اللغة وتشكيل الذات.. كيف تصوغ رؤانا لأنفسنا؟

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

اللغة وتشكيل الذات.. كيف تصوغ رؤانا لأنفسنا؟

"إن اللغات بتفاعلها وتناميها، وصحتها ومرضها، وحضورها وغيابها، وارتقائها وهبوطها، هي أشبه ما تكون بالكائن الحي المتنامي، بكل صفاته وخصائصه وأطواره وتطوره، هي تمثل الروح الممتدة، المحركة للإنسان، المجددة لنفسه، والمنمية لعقله وتفكيره، الصائغة لعلاقاته، الموسعة لخبراته وقدراته. فاللغة هي دينامية الإنسان، أو هي الإنسان، هي عقله، وعلمه، وثقافته، وهويته، ومفتاحه في الدخول إلى بوابة الكون الكبير، واستكناه آياته في الأنفس والآفاق".

هكذا عبر المفكر الإسلامي عمر عبيد حسنة عن أثر اللغة في صياغة الذات في مقدمة كتابه المشترك مع عدد من المؤلفين "اللغة وبناء الذات"، فاللغة كما يراها وسيلة الحركة الإنسانية كلها، في المجالات العلمية والسياسية والثقافية والإعلامية والاجتماعية والتربوية، وهي وعاء ذلك كله ووسيلته، وإذا تراجعت اللغة، أو تعطلت توقفت الحركة الإنسانية وانقطع الاتصال والتواصل والتفاهم، ذلك أن اللغة من أهم وأدق طرق إنشاء الارتباط والتواصل بين الناس وبين الأجيال المتعاقبة، وهي أوعية المعلومات يتحقق بواسطتها النقل الثقافي والتراكم المعرفي وحفظ المخزون التراثي، وهي جسر التبادل العلمي المعرفي.

إن اللغة هي محرض التفكير، ومحرك الاجتهاد والتجديد، ووسيلة التفاهم والإقناع، ومفتاح الإقلاع الحضاري، هي الثقافة، وهي الحضارة، وهي العلم، والتنمية، والتفكير، والتعبير، وهي الشخصية بكل قسماتها وسماتها وذاكرتها وفلسفتها ورؤاها.

كيف تحدد اللغة صورنا الذهنية لدى الآخر؟ وكيف تؤطره وتصوغه لدينا؟

إن اختزال اللغة بوصفها أداة للتواصل كما يتوهم كثيرون مجحف بحقها وبحق الهويات البشرية، لأنها ليست محض لسان للتعبير عن الحاجات. فاللغة تعكس أسلوب المرء وعقله وتفكيره، وتعكس طريقة معاشه أيضا، فالإنسان يفكر بينه وبين نفسه بلغته الأم، وأسلوب معالجته للأفكار لا بد أن يكون متسقا مع آلية تفكيره ونظرته للحياة ورؤاه للواقع وتوقعاته منه، فباللغة يعبر المرء عن نفسه، ويرسم صورته الذهنية لدى الآخرين، وبها أيضا يحدث نفسه في تقييمه للآخرين ولغاتهم وأحاديثهم وسلوكياتهم، ولا نشط إذا ما وصفنا لغة المرء بعصب التفكير لديه، فمخرجاته اللغوية تظهر منطقه، وتراكيبه، وتفضيله لتعابير لغوية على أخرى ونظمها بشكل معين وانتقائه لها دونا عن غيره يعكس أهدافه ومراميه، ويسهم في خلق صورته عند الآخرين، ويمكن له أن يعمد إلى تجميلها أو تقبيحها.

ومن هنا جاءت مقولة "حدثني حتى أراك"، هذه المقولة التي نسبت إلى سقراط وإلى غيره من الناس، والمغزى منها أن لغة المرء وطريقة تفكيره الواضحة في أسلوب حديثه تعكس مزايا شخصيته، وترسم صورته الذهنية لدى الآخرين، فيختصر المرء في محيطه بكلمة وحديث، لا بشكل وهيئة. وقد أثر عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال "الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام". فالكلام يحدد هوية المرء الذاتية ويعبر عنه.

وفي سياق هذا الحديث أذكر ما قاله الخليفة الأموي الشهير عبد الملك بن مروان، حين سئل عن كثرة الشيب الذي غزا رأسه بعد أن صار خليفة، فأجاب إنني "أعرض عليكم عقلي في الشهر 4 مرات" يقصد خطبة الجمعة التي كان يلقيها بنفسه كل يوم جمعة، فكيف لا يغزو الشيب رأسي!

ويعبر شيخ الإسلام ابن تيمية عن تأثير اللغة في صياغة الذات، ورسم صورتها عند أنفسنا وعند الآخر بقوله في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم"، "اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية، التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن، حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله، أو لأهل الدار، أو للرجل مع صاحبه، أو لأهل السوق، أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه، فإنه من التشبه بالأعاجم، ولا ريب أنه مكروه، ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر، وكانت لغة أهلهما رومية، ولما سكنوا أرض العراق وخراسان وكانت لغة أهلهما فارسية، وكذلك المغرب وكانت لغة أهلها بربرية، عودوا أهل هذه البلاد التحدث بالعربية، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار، مسلمهم وكافرهم، وهكذا كانت خراسان قديما.

ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة، واعتادوا الخطاب بالفارسية، حتى غلبت عليهم، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم، ولا ريب أن هذا مكروه، إنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية، حتى يتلقنها الصغار في المكاتب وفي الدور، فيظهر شعار الإسلام وأهله، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف، بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه صعب". وعن تأثير اللغة في فكر الإنسان ومنطقه قال "واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل، والخلق، والدين تأثيرا قويا بينا، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق".

ما العلاقة بين نظم الجمل في اللغة العربية وتشكيل الذات؟

إن ترتيب الكلم في الجمل في اللغة العربية يخضع لقواعد النحو العربي، لكنه ينتظم في الوقت نفسه بقالب بلاغي يعكس أسلوب الكاتب وطريقة تفكيره ورسائله المباشرة وغير المباشرة التي يريد إيصالها إلى القارئ علانية أو خفية.

إن ولاءنا نحن -العرب المسلمين- للغة العربية مضاعف، فهي مكون أساسي من مكونات هويتنا الوطنية والقومية وعنصر جوهري من عناصر انتمائنا الديني، لذلك يبدو اهتمامنا بها مبالغا للغرب في بعض الأحيان، ويروق لبعض الناس عربا ومسلمين وغير عرب وغير مسلمين أن يعزو عنايتنا بها وولاءنا لها إلى محض كوننا مسلمين، ويقصدون بذلك تأطير اللغة والحد من حجمها الحقيقي بجعلها مرتبطة بالدين فحسب. والحقيقة أنها كيان لغوي مستقل يزدان بعبقرية خالصة، وتتميز بأنها القالب البديع الذي حوى معجزة الدهر، وحملها لتتوارثها الأجيال إلى أن تقوم الساعة، فهي اللغة التي اختارها الله تعالى لتكون لغة القرآن الكريم آخر الكتب السماوية، فهي لغة خطاب السماء للعالمين على اختلاف أعراقهم وأجناسهم ومشاربهم وألسنتهم.

وإذا ما تساءلنا: لماذا اختار الله اللغة العربية لتكون اللغة الخالدة، لغة القرآن الكريم؟ فإننا لن نصل إلى جواب جازم يقنع جميع الخلق، لكننا -المسلمين- نؤمن أن وراء اختيار الله حكمة بالغة، ونجتهد في تبيين ذلك وإيضاحه، فتركيب الكلم في الجملة العربية يتسلسل بمنطق النظر إلى الحدث ونقله، فالجملة الفعلية على سبيل المثال تبدأ بالفعل فالفاعل فالمفعول به، ثم تأتي الظروف لاستكمال بناء الصورة الذهنية عن الحدث المنقول لدى المخاطب، وهذا موافق تماما لآلية المنطق العربي، فالحدث الممثل بالفعل هو الأهم، ثم يأتي من قام بالفعل في الدرجة الثانية من الأهمية، ثم يليه من وقع عليه الفعل، وتبقى الظروف مكملات للحدث، غير أن ذلك لا ينطبق على اللغات الأخرى، فكل لغة تعكس منطق القوم الذين يتحدثون بها بوصفها لغتهم الأم.

وماذا عن الجملة الاسمية في اللغة العربية؟ لا يبعد الحديث عنها عن الجملة الفعلية كثيرا، فعمادا الجملة الاسمية هما المبتدأ والخبر، وبعبارة أخرى هما المسند والمسند إليه، وكلا نوعي الجمل في العربية منطقيا يدوران حول فكرة الإسناد، إسناد الخبر إلى المبتدأ للحصول على معنى مفيد وصريح ومباشر، وإسناد الفعل إلى الفاعل لتحقيق المعنى المراد وإيصاله.

وسيسأل سائل: ماذا عن التقديم والتأخير في نظام الجمل العربية، وكيف نفسره؟

بالنظر إلى مباحث البلاغة العربية، وبالتحديد إلى مباحث علم المعاني كالتقديم والتأخير والتعريف والتنكير والفصل والوصل وغيرها، فإننا ندرك جيدا أن أي تقديم أو تأخير في نظام الجملة العربية ليس عبثيا، بل يخدم أهداف المتحدث ويؤدي مقاصده، فتقديم الفاعل أو المفعول على الفعل مثلا دليل على أهميته في الجملة نفسها، أو في نفس المتكلم، ويكون أحيانا للفت النظر إليه أكثر من الحدث نفسه، وتقديم المفعول به على الفعل كذلك يكون لأغراض بلاغية معنوية، ففي سورة الفاتحة في قوله تعالى: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ تقدم المفعول على الفعل لجلالته وعظمته وأهميته، وللدلالة على معنى الحصر، فلا نعبد إلا الله تعالى ولا نستعين إلا به، ولم لم يحدث التقديم والتأخير لما وقع معنى الحصر في قلب السامع الفاهم ونفسه.

ومحصلة الكلام تقودني إلى القول إن منطق اللغة العربية بوصفها لغة القرآن الكريم هو الشكل الأمثل والأفضل لتشكيل منطق الإنسان ورؤاه تجاه الكون والحياة، ومعالجته للأحداث التي تدور من حوله.

ولست أبالغ إن قلت إن "الذي يضيع لغته يضيع إنسانيته ويفقد ذاته، ويعرض وجوده للتهديد والخطر، فبغير بناء اللغة العربية لا يمكن أن يتعرف العرب على مستوى الفرد والمجموع إلى ذواتهم، وبغيابها يفقدون بناءهم النفسي المنهجي، ويغيبون عقولهم ويجعلون جذورهم بادية على سطح الأرض، فيسهل اجتثاثهم واقتلاعهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان حريات اللغة العربیة لغة القرآن

إقرأ أيضاً:

جلسة حوارية تناقش اللغة العربية والذكاء الاصطناعي في النادي الثقافي

أقيمت أمس بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية جلسة حوارية بعنوان "اللغة العربية والذكاء الاصطناعي: تعزيز الابتكار مع الحفاظ على التراث الثقافي"، شارك فيها الدكتور حميد الحجري من جامعة الشرقية، وسالم المنظري من شركة إبانة، وروان ناصر المعثم من مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية. الجلسة التي نظمتها سفارة المملكة العربية السعودية في مسقط، أقيمت بالتعاون مع النادي الثقافي، وتناولت عالم التقنية وعلاقتها باللغة العربية، وكيفية تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم اللغة العربية والحفاظ على هويتها الثقافية. كما تمت مناقشة أهمية التوازن بين الابتكار التقني وصون التراث الثقافي، مع تسليط الضوء على تجارب عملية واستراتيجيات مستقبلية لتطوير اللغة العربية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وأدارتها شيخة المحروقية.

وفي الجلسة ألقى سعادة إبراهيم بن سعد بن بشار، سفير المملكة العربية السعودية لدى سلطنة عمان، كلمةً افتتح فيها الجلسة، أوضح فيها أن اليوم العالمي للغة العربية، الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في 18 ديسمبر من كل عام، يعد اعترافًا عالميًا بمكانة اللغة العربية ودورها الثقافي والعلمي عبر العصور. وهو اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية الست المعتمدة في الأمم المتحدة.

مؤكدا "سعادته"على ضرورة تشجيع الحفاظ على التراث بالاحتفال باللغة العربية بتعزيز حضورها في ميادين العلم والمعرفة واستخدامها بفخر بكافة تعاملاتنا اليومية لمواجهة تحديات العولمة التي تعزز سرعة انتشار الذكاء الاصطناعي وتقنياته في عصر المعلومات من خلال التحليل اللغوي والترجمة الآلية الفورية وتطوير أدوات ذكية لفهم وتحليل النصوص والمخطوطات القديمة. كما سلط سعادة سفير المملكة العربية السعودية الضوء على جهود المملكة العربية السعودية في الحفاظ على اللغة العربية ونشرها، ومنها مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ودوره في المساهمة في تعزيز دور اللغة العربية إقليميا وعالميا وإبراز قيمتها المعبرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية، بالإضافة إلى أهم المبادرات في المملكة كجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ورؤية المملكة 2030 التي أكدت على ضرورة اللغة العربية بوصفها جزءا أساسيا من مكونات الهوية الوطنية السعودية.

وبدات الجلسة مع الدكتور حميد الحجري أستاذ مساعد في الأدب والنقد بجامعة الشرقية ومتخصص باللغة العربية واللسانيات والصوتيات الذي أوضح بأن التحدي الذي يواجه اللغة العربية في خضوعها للمعالجة الآلية لا يختلف عن التحدي الذي تواجهه أي لغة أخرى، فلكل لغة طبيعتها الخاصة فيها وخصوصيتها الحضارية والتاريخية التركيبية. مشرا إلى تحديات الذكاء الاصطناعي الذي حاول أن يتغلب على هذه الخصوصيات على مستوى المعالجة البصرية والسمعية، وعلى مستوى معالجة النطق وتحليل النصوص وفهمها واستخراج دلالاته بالتحليل النحوي والصرفي. مضيفا بأن اللغة العربية شأنها شأن كل اللغات الطبيعية ذات سمات وخصائص متشابهة، وقد تمكن المبرمجون والعلماء من فك شفرات اللغات الطبيعية وأصبحوا يدخلون في تفاصيلها ويخضعونها لخوارزمياتهم. وانتقل بعدها إلى عالم الذكاء الاصطناعي الذي جاء لينقذ اللغات من إهمال أبنائها فأصبحت الآلة تحلل تجيب عن الأسئلة وتنجز المشاريع بدلا منهم لأن الذكاء الاصطناعي هو يستجيب للغة أفضل منا ولديه ملكات هائلة.

من جانبه أشار سالم المنظري بأن مفهوم اللسانيات الحاسوبية من زاوية بحثية هي محاولة استخدام التقنيات الجديدة التقنيات الحديثة مثل تقنيات أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي في استخدام اللغة بشكل عام، وهذا يندرج تحته عدد كبير من التطبيقات من تطبيقات الاستخدام مثلا الترجمة الآلية، وتحليل الصوت، مشيرا بأمثلة كتحويل الكلام المنطوق إلى كلام مكتوب في التفريغ الكتابي، أو تحويل الكلام المكتوب إلى قراءة آلية للكلام المنطوق، وتحليل المشاعر الموجودة في وسائل التواصل الاجتماعي، وتمييز المشاعر الإيجابية من السلبية من المحايدة. مبينا أنه كفكرة بسيطة هو عبارة عن آلة أو نظام أو جهاز فيه مستشعرات استقبال ومستشعرات لمعالجة معينة عميقة لدرجة الإدراك والفهم. موضحا بأن اللغات أمر معقد لأن اللغات لها مستويات لغوية متعددة، ابتداء من المستوى المعجمي فالمفردات أو المستوى الصوتي والنحوي وصولا إلى المستوى الدلالي تتعثر الكثير من الأنظمة عن فهم اللغة البشرية.

ويبين "المنظري" بأن التحديات تختاج إلى مقارنة مجموعة تطبيقات من الذكاء الاصطناعي أو مجموعة نماذج لغوي، مما يشير إليه البحث العلمي في هذا الجانب في تحديات اللغة العربية تحديدا، ومن مواقع التجارب الآن بسبب كثرة اهتمام الناس باستخدام الذكاء الاصطناعي، فإن التحدي اللهجي يعتبر تحديا كبيرا جدا لأن الذكاء الاصطناعي قد لا يفهم كلمات اللهجة المستخدمة، كما أن غزارة المفردات يمكن أن تكون تحديا إذا كانت الآلة لا تفهم المرادفات لبعض الكلمات، ولكن لو كانت الآلة تفهم سيكون استخدام اللغة العربية فالذكاء الاصطناعي أفضل وأدق في وصف السياقات الواقعية من اللغة الإنجليزية.

من جهتها أشارت روان ناصر المعثم من مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بأن الأمم المتحدة أقرت عنوانا لليوم العالمي للغة العربية وهو اللغة العربية والذكاء الاصطناعي تعزيز الابتكار مع الحفاظ على التراث الثقافي، مبينة أن وحقيقة هذا العنوان يجعلنا نعيد النظر ونشحذ الهمم في أمر التعامل مع اللغة العربية وحضورها العالمي، لأن الذكاء الإصطناعي هو نتيجة حتمية للإبداع المعرفي، والإبداع لا يتحقق إلا بآلة اللغة التي تعبر عن نظرياته وإنجازاته، موضحة بأن ما نراه اليوم من غياب شبه كامل للغة العربية في المحافل العلمية والتجريبية يرجعنا خطوة إلى الوراء، ويجب أن ندرك بأن الآلة أصبحت ضرورة تستفيد منها في إنتاج ثروة إبداعية في مجال الأدب، شعرا ونثرا فليس ببعيد أن تمتلك جهازا بين يديك يكون شاعرا أو قاصا أو فيلسوفا، أو حتى كاتب نشرة أخبار. فاللغة العربية كانت حاضرة بحضور هذه الأمة المعرفي والعلمي، والطب الذي قدمه العرب في فترة النور استقى مصطلحاته من هذه اللغة الغنية بالمفردات، مشرة إلى معجم الحاوي في الطب للرازي الذي يمثل الانطلاقة الحقيقية لمناهج الطب الأكاديمية، وعلوم الرياضيات والجبر والخوارزميات التي تمثل النواة الأولى لعلوم الحاسوب الحديثة، ولم تقف هذه اللغة عند حدود التعبير الظاهر فقد تجاوزت بالعلوم مستوى آخر فلا توجد لغة نظمت بها علوم الفلك والبحار وغيرها شعرا إلا اللغة العربية، كمنظومات الملاح العماني أحمد ابن ماجد وأرجوزاته السفارية والمعلقة وغيرها.

مقالات مشابهة

  • مراجعة اللغة العربية للصف الثاني الثانوي الترم الأول 2025
  • مفتي الجمهورية: اللغة العربية تعاني من جناية أهلها عليها
  • اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي.. ندوة بمكتبة الإسكندرية
  • اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي" في ندوة بمكتبة الإسكندرية
  • جلسة حوارية تناقش اللغة العربية والذكاء الاصطناعي في النادي الثقافي
  • احتفالية بالقاهرة تبرز إسهام العمانيين في خدمة اللغة العربية
  • "اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي".. ندوة بمكتبة الإسكندرية
  • سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة تحتفي باليوم العالمي للغة العربية
  • اللغة العربية هوية
  • جامعة الفيوم تحتفل باليوم العالمي للغة العربية.. صور