سودانايل:
2024-11-09@01:39:36 GMT

شهر رمضان ووقف القتال في السودان

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

د. الشفيع خضر سعيد
يوم الجمعة الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2724 الداعي إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية في السودان خلال شهر رمضان، ومناشدة طرفي الصراع إلى التوصل لحل عبر الحوار، وإلى ضمان إزالة أي عراقيل أمام تدفق المساعدات الإنسانية، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط التماس، والامتثال لالتزاماتهما بحماية المدنيين والأعيان المدنية بموجب القانون الدولي، وبموجب «إعلان جدة» لحماية المدنيين في السودان.


وقبل ذلك بتسعة شهور، في 11 مايو/أيار 2023، وقع الطرفان في جدة التزاما بحماية المدنيين في السودان، تضمن سبعة بنود ركزت على تسهيل إيصال المساعدات الانسانية للمدنيين وحمايتهم، والتزام الطرفين بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. وحسب بيان وزارة الخارجية السعودية عقب التوقيع على هذا الالتزام، فإن الطرفين الموقعين اتفقا على انسحاب القوات العسكرية من المستشفيات والعيادات الطبية، والسماح بدفن الموتى باحترام. كما أشار البيان إلى أنه عقب التوقيع، ستركز محادثات جدة على التوصل إلى اتفاق بشأن وقف فعال لإطلاق النار لمدة تصل إلى قرابة عشرة أيام، وذلك لتسهيل هذه الأنشطة، وهو ما لم يحدث.
وبعد ذلك، في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، اختتمت الجولة الأخيرة من محادثات جدة بين الطرفين بدون توقيع أي اتفاق جديد بينهما، في حين المتوقع كان أن تتقدم المحادثات، ولو خطوة واحدة، تجاه وقف إطلاق نار لفترة طويلة، أو قصيرة، لتنفيذ اتفاق 11 مايو/أيار. ولكن أُكتفي بصدور بيان من وزارة الخارجية السعودية أشار إلى التزام الطرفين بتسهيل وتيسير مرور المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين بنيران القتال، واتفاقهما على الانخراط في آلية مشتركة للتواصل بينهما بقيادة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لمعالجة معوقات توصيل المساعدات الإغاثية. ويومها قال الناس، مثلما لم يتم الالتزام باتفاق جدة الموقع من طرفي القتال بتاريخ 11 مايو/إيار 2023، فليس هناك ما يشير إلى نية تقيدهما بهذا الالتزام غير الموقع، والذي لم ترد الإشارة إليه إلا في بيان وزارة الخارجية السعودية فقط.
صحيح أن قرار مجلس الأمن الدولي يرسل رسالة قوية للطرفين بضرورة الوقف فوري للأعمال القتالية خلال شهر رمضان. وصحيح عند تبنيه لهذا القرار، ربما رأى المجلس أن طرفي القتال سيأخذان بعين الاعتبار الرمزية الدينية لشهر رمضان المبارك، وخاصة أن شعارهما المشترك في المعارك وعندما يهم كل منهما بقتل الآخر هو «الله أكبر»!. ولكن صحيح أيضا أن القتال بدأ أساسا في شهر رمضان الماضي، وليس هناك ما يوحي باهتمام أي من الطرفين بالرمزية الدينية لهذا الشهر المبارك، أو غيره من الرمزيات الدينية.

عندما تم التوقيع على اتفاق جدة المعني بالقضايا الإنسانية وحماية المدنيين في 11 مايو/أيار 2023، لم تكن الحرب قد أكملت شهرها الأول، ولم تكن كارثة السودان، من حيث موت المدنيين جوعا وبسبب انعدام الدواء أو نيران القتال، ومن حيث التدمير الشامل لبنية البلاد التحتية ومرافقها الحيوية، لم تكن الكارثة تحتل موقعها الحالي ضمن أكبر الكوارث الإنسانية في زمننا المعاصر. ويومها قلنا إن الاتفاق سيظل مجرد حبر على ورق في ظل غياب الآليات المعروفة دوليا لخلق ممرات آمنة ومحمية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، تلبية لاحتياجاتهم وإنقاذا لحياتهم. وشددنا على أنه بدون توفير هذه الآليات، سيظل أي التزام حول معالجة معوقات توصيل العون الإنساني مجرد جمل وفقرات صماء في دفاتر الوسطاء. وأكثر ما نخشاه اليوم أن يظل قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الداعي إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية في السودان خلال شهر رمضان، مجرد نص ورقي أو إلكتروني في وثائق الأمم المتحدة دون أي ترجمة على أرض الواقع. فمن الواضح أن طرفي القتال لن يردعهما أي قرار أممي أو إقليمي عن مواصلة القتال ما لم يرتبط هذا القرار بتفعيل الآليات المجربة، وفق الشرعية الدولية، للضغط عليهما وفرض وقف إطلاق النار، والتي تشمل منع تدفق الأسلحة والذخيرة من الخارج، تجميد الأرصدة والحسابات في البنوك العالمية والإقليمية، فرض إعادة تموضع القوات المتحاربة وإرسال بعثة لمراقبة الإلتزام بالقرار. وبالطبع، فإن إقرار وتنفيذ هذه الآليات، يتطلب مشاركة دولية وإقليمية، خاصة من دول الجوار، كمصر والسعودية، ومن الدول ذات العلاقة المباشرة بطرفي القتال.
نعم، كل التقدير والإمتنان لمجهودات مجلس الأمن الدولي ومنبر جدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد لوقف الحرب في السودان، ولكن، من الواضح أن الفشل يتهدد هذه المجهودات مادامت لا تصاحبها آليات عملية تنفذها. صحيح أن المسؤولية الكبرى في هذا الفشل، يتحملها بالدرجة الأولى الطرفان المنخرطان في حرب مدمرة سعيا وراء انتصار عسكري حاسم لن يحدث. وتتحملها بالدرجة الثانية القوى المدنية السودانية التي تلكأت وتقاعست كثيرا عن تحقيق المنبر الموحد، وعن التوافق حول رؤية موحدة لكيفية وقف الحرب وما يرتبط بذلك من عملية سياسية. ويتحملها بالدرجة الثالثة، المجتمع الدولي والإقليمي العاجز، حتى الآن، عن إحداث إختراق حقيقي يوقف القتال، ويتصدى للكارثة الإنسانية المستفحلة في البلاد.
إن حل قضية شعب السودان لن تأتي من خارجه أو بالإنابة عنه. لذلك، ظللنا ندعو إلى وجوب انتظام كل الكتل والمجموعات والشخصيات الرافضة للحرب، داخل السودان وخارجه، في جسم تنسيقي موحد، بعيدا عن ممارسات ما قبل الحرب، وبمشاركة الجميع ودون إقصاء، إلا الفلول ودعاة استمرار الحرب، يتصدى للنشاط العملي في المجالات السياسية والإنسانية، وينسق مع الجهود الدولية والإقليمية المبذولة حول آليات الضغط الممكنة على الطرفين لوقف دائم للقتال. هذا الجسم، لا يمكن اختصاره في «تقدم» وحدها، ولكنها قطعا مكون أساسي فيه.
أن يُترك شعب السودان ليواجه مصيره وحيدا وسط هذا الكم الهائل من الدمار والتقتيل، فإنها لجريمة كبرى لن تمحى أبدا من ذاكرة التاريخ، وستستمر تداعياتها لأجيال وأجيال.
نقلا عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مجلس الأمن الدولی طرفی القتال فی السودان شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن الدولي يعقد مشاورات مغلقة حول الوضع في جنوب السودان

من المتوقع أن يركز الاجتماع على القرار الذي اتخذه الموقعون على اتفاق 13 سبتمبر بشأن حل النزاع في جمهورية جنوب السودان بتمديد الفترة الانتقالية لمدة 24 شهرا.

التغيير: وكالات

يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس، جلسة إحاطة مفتوحة بشأن بعثة الأمم المتحدة في دولة جنوب السودان، متبوعة بمشاورات مغلقة بشأن مستجدات الوضع في هذا البلد.

وسيقدم الممثل الخاص للأمين العام لجنوب السودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان نيكولاس هايسوم، إحاطة بشأن أحدث تقرير للأمين العام، والذي نشر في 25 أكتوبر الماضي ويغطي التطورات من 16 يوليو إلى 15 أكتوبر الماضيين.

ومن المتوقع أن يركز الاجتماع على القرار الذي اتخذه الموقعون على اتفاق 13 سبتمبر بشأن حل النزاع في جمهورية جنوب السودان بتمديد الفترة الانتقالية لمدة 24 شهرا.

وكان من المقرر أن تنتهي الفترة الانتقالية الأصلية المنصوص عليها في الاتفاق، في فبراير 2023، إلا أنه تم تمديدها حتى فبراير 2025، من خلال خارطة طريق تم تبنيها في أغسطس 2022.

وقد أدى هذا التمديد إلى تأجيل أول انتخابات بعد استقلال البلاد عن السودان، والتي كانت مقررة في الفترة بين ديسمبر 2024 وديسمبر 2026.

وينتظر أن يحث رئيس بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان نيكولاس هايسوم، وعدد من أعضاء مجلس الأمن جميع الفاعلين على الانخراط في عملية بناءة لتنفيذ المهام المتبقية في تنفيذ اتفاق السلام على وجه السرعة.

كما ينتظر أن يدعو الأعضاء إلى الاستمرار في المشاركة مع الأطراف غير الموقعة على اتفاقية السلام الشامل لبناء إجماع أوسع، وضمان التكامل مع اتفاقية السلام الشامل.

وتشكل الظروف الصعبة التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني وتزايد انعدام الأمن الغذائي في البلاد مصدر قلق آخر لأعضاء المجلس، حيث تفاقمت الأوضاع من جراء الفيضانات التي أثرت على نحو 1.4 مليون شخص في 43 مقاطعة، وتسببت في إغلاق 15 طريقا رئيسيا للإمدادات، مما أدى إلى تقييد الوصول إلى المناطق المتضررة بشكل كبير.

كما أدت الأزمة الاقتصادية، الناجمة عن انخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار السلع الأساسية، إلى تفاقم الوضع العام.

الوسومجمهورية جنوب السودان حكومة جنوب السودان دولة جنوب السودان مجلس الأمن الدولي

مقالات مشابهة

  • ما جدوى مقترح تقدم بإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين بالسودان؟
  • حمدوك يحذر من انهيار الدولة وظواهر تعدد الجيوش ويطالب بفرض حظر طيران على كل السودان من أجل حماية المدنيين العزل
  • محادثات أمريكية فرنسية للتوصل لحل دبلوماسي في لبنان ووقف حرب غزة
  • مجلس الأمن الدولي يعقد مشاورات مغلقة حول الوضع في جنوب السودان
  • شبكة أطباء السودان: نطالب بالتدخل العاجل لإنقاذ المدنيين
  • منتدى الإعلام السوداني يطلق حملة ( الصمت يقتل … الوضع في السودان لا يحتمل التأخير) للفت انظار العالم للانتهاكات ووقف العنف ضد المدنيين
  • الجامعة العربية تثمن جهود الحكومة السودانية في تسهيل دخول المساعدات الإنسانية للمواطنين
  • ميقاتي: الإعتداءات الإسرائيلية المستمرة والمتصاعدة ضد لبنان تحولت لجرائم ضد الإنسانية
  • ياسر العطا يكشف تفاصيل عن مخطط حميدتي لحكم السودان وحجم قواته والانقلاب على البشير وينقل بشريات بشأن القتال
  • دعوة ميقاتي إلى قمة التضامن.. ووقف الحرب على لبنان على جدول الأعمال