الجزيرة:
2024-11-21@23:50:25 GMT

سوريا ليست آمنة للاجئين المرحلين قسريا من لبنان

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

سوريا ليست آمنة للاجئين المرحلين قسريا من لبنان

قبل موعد آذان الفجر بساعات قليلة في العاشر من شهر رمضان الماضي، دهم الجيش اللبناني مبنى سكنيا يقطنه لاجئون سوريون في مدينة جونيه شمال بيروت.

كان الأمر معتادا، كما يقول اللاجئ السوري وأحد سكان المبنى أبو أحمد (لقب مستعار)، فكثيرا ما يدهم الجيش اللبناني أماكن تجمع اللاجئين السوريين بحثا عمن لا يملكون أوراقا قانونية تتيح لهم الإقامة بلبنان.

لكن تلك المرة، لم يكتف الجيش بوضعهم في أحد السجون، بل تجاوز الأمر ذلك.

"وجدنا أنفسنا فجأة قرب الحدود السورية بعد أن تجاوزت بنا سيارة الجيش اللبناني حدود لبنان وألقتنا بين البلدين دون أن يخبرنا أحد أين نحن"، يتابع الرجل الثلاثيني أبو أحمد قائلا إن مجموعة من نحو 30 شخصا -اثنان منهم بين يبلغان 14 و16 عاما- يحملون جميعهم صفة اللجوء القانونية من مفوضية اللاجئين للأمم المتحدة في لبنان، اضطروا للمشي حتى أول حاجز للجيش السوري الذي اعتقلهم جميعا لتبدأ رحلتهم في الأفرع الأمنية السورية، التي لم تصل نهايتها لبعضهم حتى الآن.

فمنذ أبريل/نيسان الماضي، تشن السلطات اللبنانية حملة أمنية واسعة ضد اللاجئين السوريين، هددت أمن وحياة بعضهم، وتعرضهم للانتهاكات والترحيل القسري.

وفي هذا الإطار، وثق مركز "وصول" لحقوق الإنسان 1080 حالة اعتقال تعسفي نفذتها السلطات اللبنانية ضد اللاجئين السوريين العام الماضي، رحّلت منهم قسريا 763 شخصا إلى سوريا، حيث واجه معظمهم الاعتقال والتعذيب المميت والخطف والتجنيد الإلزامي والاتجار بالبشر.

وبذلك ارتفعت حالات الاعتقال التعسفي ضد اللاجئين السوريين الموثقة في لبنان عمّا كانت عليه عام 2020 بنسبة 4220%، إذ لم يشهد ذلك العام إلا حالتي ترحيل اثنتين فقط، وفق بيانات مركز وصول.

وفي تقرير مركز وصول -المنشور مطلع العام الجاري- أشارت شهادات من رحّلتهم السلطات اللبنانية إلى سوريا لاحتمالية وجود تنسيق بين الدولتين لتسلم اللاجئين المرحلين على الحدود اللبنانية السورية، بين الجيشين اللبناني والسوري، وبين الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري وعصابات التهريب التي كانت تعيد اللاجئين السوريين إلى لبنان مقابل مبلغ مالي بعد أن يخلي سبيلهم النظام السوري.

ويقول أبو أحمد إنه بعد شهرين قضاهما وهو يتعرض لشتى أنواع التعذيب متنقلا بين عدة أفرع أمنية في دمشق بعد أن تلقفته الفرقة الرابعة، كان عليه التواصل مع عصابات التهريب للعودة إلى لبنان، خوفا من أن يعتقله النظام السوري مرة أخرى إذا حاول الخروج قانونيا، ولأنه كان عليه أن يعود لعائلته التي يعيلها وحده.

نازح أو لاجئ؟

يستند الترحيل القسري الذي تمارسه السلطات اللبنانية ضد اللاجئين السوريين إلى غطاء قانوني ابتدعته، يعتبرهم نازحين لا يحظون بالحماية وإمكانية البقاء الطويل في لبنان حتى ولو كانوا مسجلين بصفتهم لاجئين لدى المفوضية الأممية للاجئين في لبنان، وفق ما يشرح المحامي أمين بشير.

وذلك رغم أن الأمم المتحدة تعرّف النازح بأنه -على عكس اللاجئ- لم يعبر حدودا دولية بحثا عن الأمان، ولكنه بقي مهجرا داخل وطنه وفي حماية حكومة بلده، حتى وإن كانت تلك الحكومة سبب نزوحه.

أما اللاجئ -بحسب الأمم المتحدة- فهو كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب الخوف، أن يستظل بحماية بلده، لذلك على البلد الذي يلجأ إليه أن يحميه.

ويوضح بشير أن السلطات اللبنانية تتذرع بأنها ترحل اللاجئين باعتبار أنهم دخلوا لبنان بطريقة غير شرعية، مما ينزع عنهم صفة اللجوء، رغم أن بعض الذين رحّلتهم السلطات اللبنانية كانوا مسجلين أمميا على أنهم لاجئين يحظون بحق البقاء، وينبغي على المفوضية أن تحميهم من العودة القسرية لبلدهم غير الآمن.

من جهته، يؤكد أبو أحمد أنه كان يملك الأوراق التي تثبت تسجيله الرسمي بمفوضية اللاجئين بلبنان عندما رحّله الجيش اللبناني، ويضيف أن المفوضية لم تقدم له الحماية التي يحتاجها حين تواصل معها ليشرح ما حصل معه.

ولم ترد الأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين في لبنان على طلب التعليق وإضافة معلومات بهذا الخصوص حتى لحظة نشر التقرير.

هل انتهى اللجوء؟

ومع حالة الجمود السياسي التي تمر بها القضية السورية دوليا منذ سنوات، فضلا عن استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية في مايو/أيار الماضي، وتطبيع بعض الدول العربية مع النظام السوري، اعتبرت الحكومة اللبنانية -من دون العودة إلى قرار أممي- أن حالة الحرب التي استدعت مغادرة السوريين لبلادهم قد انتهت، بحسب ما يوضح بشير.

وفي هذا الصدد، يقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إن الحكومات لا يمكن لها تقييم وضع اللاجئين وتحديد متى يمكن أن يعودوا إلى بلدانهم التي فروا منها، وإن ذلك لا يمكن أن تقوم به إلا مؤسسات حقوقية أو أممية.

وكانت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان حذرت في فبراير/شباط الماضي من تعرض العديد من السوريين الفارين من الحرب لانتهاكات حقوقهم لدى عودتهم لسوريا، مشددة على ضرورة أن تكون عودتهم طوعية وآمنة.

وأشارت المفوضية إلى أن معظم الانتهاكات التي تواجه العائدين إلى سوريا -وتشمل العنف الجنسي والخطف والاعتقال التعسفي لفترات طويلة- ترتكب من قبل سلطات النظام السوري.

ويشدد عبد الغني على أن وضع اللجوء للسوريين الهاربين من بلدهم لا يزال قائما، لاستمرار الأسباب التي دفعتهم بالمقام الأول للجوء، ويردف أن الجمود السياسي الدولي الذي تمر به القضية السورية لا يمكن أن يؤثر بأي شكل على قانونية حالة اللجوء.

كما يؤكد عبد الغني أن اعتبار سوريا آمنة وإعادة اللاجئين إليها نتيجة ذلك، يعد انتهاكا لحقوقهم، كما يجعلهم يعيشون في حالة من الخوف الدائم.

وتحدد الأمم المتحدة 22 عتبة حماية يجب تحقيقها لإعادة آمنة للاجئين لبلدانهم، منها تخفيض كبير ودائم للأعمال العدائية، وتقديم الحكومة لضمانات ألا يتعرض العائدون للمضايقات، وضمان السلامة المادية والقانونية والجسدية للعائدين.

وكان منتدى أصوات المهجرين السوريين ذكر في بحث أجراه عام 2022، أن أكثر من نصف عتبات الحماية التي حددتها الأمم المتحدة غير محققة في سوريا لعودة اللاجئين.

عراقيل أخرى

حين عاد أبو أحمد إلى لبنان، قرر تجديد إقامته اللبنانية بعد أن فشلت أوراق المفوضية الأممية للاجئين بحمايته، لكن سعيه لم يوفق.

يحتاج نظام الكفالة اللبناني إلى مئات الدولارات (ملايين الليرات اللبنانية) ما بين محام وكفيل لجعل وضع اللاجئين السوريين قانونيا، وفق ما يؤكد أبو أحمد، مضيفا أن عمله اليومي بالبناء لا يوفر له إلا بضع مئات الليرات اللبنانية (عشرات الدولارات) تكفي لدفع تكاليف معيشة أسرته فحسب.

ويؤكد المحامي بشير أن الحكومة اللبنانية تعتمد عرقلة وتأخير إخراج أوراق نظامية لإقامة السوريين -مثل وضعهم في نظام الكفالة أو إقامتهم كتجار ومستثمرين- رغم أنها باتت تعتبر أن السوريين المقيمين في لبنان يحتاجون هذه الأوراق بدلا من التسجيل في مفوضية اللاجئين.

ويضيف أن ذلك يأتي نتيجة عمل أطراف سياسية على تبرير أزمات لبنان الاقتصادية بوجود اللاجئين السوريين، مما أدى لتشكيل رأي عام رافض لوجودهم.

وبحسب التقديرات الحكومية، يعيش في لبنان 1.5 مليون لاجئ سوري، 90% منهم يعيشون في حالة من الفقر المدقع.

في حين يواجه لبنان أسوأ أزمة اجتماعية واقتصادية منذ عقود، ويستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة للفرد الواحد حول العالم، وفق المفوضية الأممية للاجئين.

العودة إلى أين؟

يؤكد أبو أحمد أنه يود لو يستطيع العودة لوطنه، لكنه يتساءل إلى أين يعود مع سوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي تشهدها مختلف المدن السورية.

وفي هذا الإطار، يقول الباحث والمحلل السياسي سامي عقيل إنه قد يبدو أن الحرب في سوريا قد خفت شراستها مع انخفاض وتيرة القصف الذي يستهدف المدنيين، بيد أن ذلك لا يجعل سوريا المقسمة جغرافيا بين عدد من الإدارات آمنة، لاضطراب الوضع وغياب الظروف المعيشية اللائقة بمختلف المناطق.

ويشدد على أن انتهاكات السلطات اللبنانية بحق اللاجئين السوريين يجب أن ترفع للمحاكم الدولية لمحاسبتها وفق القانون الدولي، بعد متابعة الموضوع وتوثيقه محليا.

لكنه يؤكد أن الحل الفعلي لقضايا اللاجئين السوريين في جميع الدول هو تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 الذي يطالب جميع الأطراف في سوريا بوقف هجماتها، وصولا إلى إجراء انتخابات حرة نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة تؤدي إلى التحول السياسي بالقيادة السورية.

لذلك، فإن العائق الأساسي أمام عودة اللاجئين السوريين هو عدم وجود حل سياسي للقضية السورية، وفق ما يقول عقيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السلطات اللبنانیة المفوضیة الأممیة الجیش اللبنانی النظام السوری الأمم المتحدة أبو أحمد فی لبنان بعد أن

إقرأ أيضاً:

د. أحمد محسن قاسم يكتب: قانون اللاجئين خطوة في مسار التنمية البشرية والاقتصادية

في تشكيل حكومة الدكتور مصطفي مدبولي الثانية تبنت الدولة مفهومًا جديدًا على سياسات التعامل مع القضية او الأزمة السكانية وهو إعادة النظر في الثروة الشرية وتحولها من النظرة السلبية باعتبارها عبئا إلى إعتبارها فرصة ومورد يستدعي التنمية من خلال تبني مفهوم التنمية البشرية و تعيين نائباً لمجلس الوزراء لإدارة ذلك الملف أسوة بالدول كثيفة السكان.

ويأتي  قانون تنظيم شئون اللاجئين معبرًا عن إستراتيجية الدولة في التنمية البشرية و ذلك بإدخال هؤلاء الأخوة و الضيوف في النظام الرسمي للدولة ، ليكون ذلك الإدخال و الدمج تحويل وجودهم من عبء الي فرص للتنمية الاقتصادية فضلاً عن التأكيد علي ثقل مصر الإقليمي في ملف اللاجئين ، و ما يستدعيه ذلك من تلقي الدعم من المؤسسات الدولية و الإتحاد الأوروبي . 

ويجيء توقيت مناقشة القانون متزامنًا مع تحركات محلية طاردة للاجئين العرب داخل الدولة تــــــركـــــــيا التي جلبت إستثمارات بلغت في بعض التقديرات 10 مليارات دولار من اللاجئين السوريين فقط منذ عام 2011 حتى الآن. 

وبمطالعة توجهات القانون من حيث تيسيره للإندماج داخل المجتمع للاجئين انه قد أتاح الإلتحاق بالتعليم و في الرعاية الصحية و تأسيس الشركات او الإنضمام للشركات القائمة أسوة بالمواطنين المصريين . 
ولما كان ذلك التقنين من شأنه أن يساهم في الدفع بمعدلات التنمية الاقتصادية و زيادة الدخل المصري من العملة الصعبة سواء من رسوم التقنين او من حصيلة الإستثمارات المباشرة بالقطاعات المختلفة و من تحويلات مواطن اللاجئين من الخارج الي داخل مصر او من خلال المؤهلين تعليمياً او الموهوبين الذين يعملون بأعمال و مجالات التعهيد التي تدر للداخل المصري تحويلات بالعملات الأجنبية ، فضلا عن الدفع بمعدلات ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة . 
لذلك نأمل ان يخرج القانون متدرجاً في الشروط و القيود لتقنين أوضاع اللاجئين في مصر علي حسب تصنيفات و المؤهلات العلمية و الخبرات المهنية و التجارية و الإستثمارية لهم . 
وعلي صعيد آخر يجب أن يضع القانون حوافز مُتمثلة في تحقيق شروط التقنين في خالة شراء عقارات في المُجتمعات العمرانية الجديدة أو المجتمعات الزراعية  أو الصناعية لتسريع  عجلة الإمتداد العمراني في تلك المناطق. 

وأما بالنسبة للجانب الفكري والثقافي للمصريين ، فيجب ان تقوم هيئة شئون اللاجئين التي سينشئها القانون ان يكون من ضمن اختصاصتها العمل على دمج اللاجئين في النسيج المصري من خلال التوعية والتثقيف خصوصا الديني سواء من خلال وزارة الأوقاف او الكنيسة المصرية .
 

أما بالنسبة لمعالجة الجوانب السلبية لمسألة اللاجئين مثل المشكلات الأمنية الداخلية او المرتبطة بمسائل الامن القومي، فنرى انه يجب ان يتضمن القانون حظرا على الإقامة بالمناطق الحدودية على سبيل المثال، وتغليظ العقوبات على إقامة تنظيمات السياسية أو النقابية أو العرقية ، مع استحداث فروعا أمنية يكون من دورها مكافحة أي نشاط تنظيمي سياسي داخلي على أساس الجنسية او العرق. 

وكذلك يجب أن يتضمن القانون على توسيع شروط الترحيل لمن يقوم بأي نشاط إجرامي أو مخل بالأمن الاجتماعي واتخاذ آليات صارمة لضمان حسن التطبيق وعدم إساءة استغلال مزايا هذا القانون، الذي يؤكد على دور مصر التاريخي والرائد في المنطقة العربية والافريقية.

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري: الأزمات التي تحيط بالمنطقة جعلت الدولة تضع قانونا لتنظيم وجود اللاجئين
  • معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالانت في عزلة دبلوماسية؟ ومستعدة لاعتقالهما!
  • وزير الداخلية يكشف عن آخر تحديث لأعداد السوريين في تركيا
  • العدو الصهيوني يقصف مخيما للاجئين بصور ويجدد غاراته على الضاحية في اليوم الـ 60 للعدوان على لبنان
  • ليست خطيرة.. أحمد شوبير يزف بشرى حول مستجدات إصابة وسام أبو علي
  • د. أحمد محسن قاسم يكتب: قانون اللاجئين خطوة في مسار التنمية البشرية والاقتصادية
  • حبس 27 مختفيا قسريا بينهم مسيحي بتهمة الانضمام لجماعة الإخوان
  • حبس 27 مختف قسريا بينهم مسيحي بتهمة الانضمام لجماعة الإخوان
  • إجبار اللاجئين في ألمانيا على العمل.. ما العوامل التي تؤثر في تنفيذ القانون؟
  • مصير اللاجئين.. أحمد موسى يعلن عن فرص عمل كبيرة.. وتامر أمين يحذر الصيدليات