المسلة:
2025-02-08@18:09:16 GMT

انعكاسات حرب غزة وانتخابات ايران

تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT

انعكاسات حرب غزة وانتخابات ايران

11 مارس، 2024

بغداد/المسلة الحدث:

ابراهيم العبادي

لن تمر حرب الابادة الاسرائيلية على فلسطينيي غزة دون انعكاسات وتأثيرات فكرية وسياسية على شعوب المنطقة ،ستأتي هذه التأثيرات مباشرة وغير مباشرة على وعي الذات والاخر ،الذات العربية -الاسلامية ،والاخر ،سيكون الغرب والانظمة السياسية المحلية التي تقيم مع دوله علاقات تحالف.

للاحداث الكبرى في العالم انعكاساتها الايديولوجية والفكرية والسياسية على الشعوب ،يندر ان تندلع حروبا وازمات وثورات ومتغيرات ذات مغزى سياسي واخلاقي من دون ان تسري قيمها ودروسها ومايتمخض عنها من افكار ،الى الشعوب القريبة والبعيدة ،ومثلما الهمت حروب التحرير ودعوات الاستقلال فكرة التحرر من التبعية والاستعمار المباشر وغير المباشر ، شعوب العالمين القديم والجديد للمناداة بالحرية وحق تقرير المصير وتحقيق السيادة ،كذلك تسببت الحروب الكبرى والثورات الشعبية في تغيير التحالفات وتطوير الانظمة وتحسين انماط الدفاع والامن وولادة تيارات ايديولوجية واحزاب ومنظمات ذات توجهات جديدة وشعارات حديثة لم تكن مألوفة فيما سبق.

شهدت منطقتنا العربية اتجاهات فكرية وسياسية حفزتها احداث كبرى بعضها محلي النشأة داخل المنطقة نفسها وبعضها الاخر خارجي الولادة لكنها سرعان ماوجدت لها اصداء عنيفة في اوساطنا الشعبية ولدى النخب والاوساط السياسية ،كان لهزيمة الانظمة السياسية العربية وجيوشها في عام 1967 ، مقدمة لضمور ايديولوجية القومية العربية والاحزاب والمنظمات المنادية بأسمها ،لينفسح المجال لصعود ايديولوجية الحل الاسلامي وولادة تيارات ومنظمات لاترضى بغير النموذج الاسلامي المتخيل بديلا للانظمة السياسية والدولة الوطنية مابعد الاستعمار ،بقيام الثورة الاسلامية في ايران 1979 ،انفتح العالم الاسلامي على متغيرات ايديولوجية جديدة ،وانقسامات طائفية عززتها الحرب الايرانية العراقية ليأتي سقوط الاتحاد السوفييتي وكتلته الاشتراكية عام 1991 ليكرس وثوقية الاسلاميين من فكرتهم الاثيرة بفشل الايديولوجيات الارضية وعلوية الايديولوجيات السماوية ،غير ان حربي افغانستان والعراق وصعود منظمات التكفير والتشدد الاسلامي (القاعدة وداعش ) احدثتا صدمة فكرية ونفسية وسياسية سرعان ماأعادت الوعي الى قطاع واسع من المسلمين الذين يسكنهم نموذج دولة الخلافة المتخيل.

يخشى الان من عودة التطرف من جديد وصعود القوى المتشددة على وقع الصراع الفلسطيني -الصهيوني ،سيما بعد انهيار الممانعات الرسمية امام موجة التطبيع والقبول النفسي والسياسي بوجود الدولة العبرية .حرب غزة التي زادت من الانقسام في الشارعين العربي والاسلامي ، ستحيي الجدل والنقاش من جديد عن ذاتنا وذاتهم ، عن سبب الازدواج الاخلاقي والقيمي في الخطاب الرسمي الغربي حينما يتعلق الامر بالقضايا التي تخص العرب والمسلمين ،لماذا غطى الغرب الرسمي حرب الكيان الصهيوني على غزة بدعوى حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها ،ولماذا وقف ضد ايقاف حرب الابادة على المدنيين ،؟وفيما خرج غربيون كثر يتظاهرون ضد مواقف حكوماتهم واعترضت جماهير على النفاق الاخلاقي ،فان الجمهور العربي والاسلامي سيعيش قلقا هو الاخر بين توجهين ،التوجه الذي يرفض الانجرار لحروب وصراعات محسومة النتائج لصالح اسرائيل والتوجه الذي يصر على المضي بشوط المقاومة والرفض الى نهايته مهما كانت الكلف والتضحيات ،غير ان الامر لايتوقف على هذين التوجهين ،بل ان الموقف من الحكومات والانظمة التي لم تستطع فعل شيء لوقف المذبحة ،سيكون تحديا كبيرا ،بين موافق ومماليء وبين طاعن ورافض قد يقود الى انشقاقات داخلية وصراعات وانقسامات ايديولوجية.

في العراق ستنعكس حرب غزة وصعود المتشددين في الانتخابات التشريعية الاخيرة في ايران لصالح القوى المؤدلجة الساعية الى القطيعة مع امريكا وبريطانيا ودول الغرب التي انحازت الى اسرائيل ،سيتجه الخطاب السياسي والاعلامي لهذه القوى لشن هجوم شامل ضد جميع القوى المعتدلة التي تنادي بعدم الانجرار الى المواقف الاحادية ،اما مع الغرب بالاجمال او ضده بالاجمال ،وسيتجه هذا الخطاب الى منطق التخوين والجبن والتخاذل واعتماد لغة دينية صارمة تربط مايحدث من تطورات بالخطاب المهدوي ،وان هذه الاحداث ليست سوى مقدمات لظهور المخلص الكبير.

من الانعكاسات السياسية لذلك سيكون التعبئة النفسية لاداء هذا الواجب الديني والاستعداد للانتظار بمزيد من الحزم والمفاصلة ضد الغرب وضد القوى التي تؤمن بالحوار معه وحل الاشكاليات السياسية والامنية بالحوار وليس بالسلاح ،من يؤمن بمنطق القوة والسلاح سيسعى الى تحشيد الشارع لخدمة مشروعه العقائدي -السياسي ،بما يهدد الدول والانظمة الهشة سياسيا وامنيا.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

فورين بوليسي: هكذا حطمت غزة أساطير الغرب

إبادة إسرائيل لغزة، بتمويل من الديمقراطيات الغربية، فرضت محنة نفسية لعدة أشهر على ملايين البشر، ليصبحوا شهودا مكرهين على عمل من أعمال الشر السياسي، ويدركوا بصدمة، وهم يسمعون صراخ أم تشاهد ابنتها تحترق حتى الموت في مدرسة قصفتها إسرائيل، أن كل شيء ممكن، وأن تذكر الفظائع الماضية لا يضمن عدم تكرارها في الحاضر، وأن أسس القانون الدولي والأخلاق ليست آمنة على الإطلاق.

في هذه الجمل يتلخص المقال الذي اقتبسته مجلة فورين بوليسي -كما تقول- من كاتب "العالم بعد غزة" للروائي والكاتب الهندي بانكاج ميشرا، الذي انطلق فيه من ذكرى محرقة وارسو عام 1943، عندما حمل بضع مئات من الشباب اليهود في حي وارسو كل الأسلحة التي تمكنوا من العثور عليها وردوا على مضطهديهم النازيين، في ما لم يكن سوى سعي لإنقاذ بعض الكرامة واختيار طريقة الموت، كما يقول قائدهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايمز: ما المعتقد الديني لترامب؟ هكذا غيّر الاقتراب من الموت شيئا في إيمانهlist 2 of 2موقع إيطالي: ما الذي تخفيه المفاوضات حول مستقبل القواعد الروسية بسوريا؟end of list

وأشار الكاتب، بعد التذكير بندوب المحرقة وولادة دولة إسرائيل وحروبها مع العرب، بأن السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان سببا جديدا في إحياء الخوف من محرقة أخرى، لن تتردد القيادة الإسرائيلية الأكثر تعصبا في التاريخ في استغلاله.

وبالفعل ادعى زعماء إسرائيل الحق في الدفاع عن النفس ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ولكن كما اعترف عمير بارتوف، المؤرخ الرئيسي للمحرقة، فإنهم سعوا منذ البداية إلى "جعل قطاع غزة بأكمله غير صالح للسكن، وإضعاف سكانه إلى الحد الذي يجعلهم إما ينقرضون أو يبحثون عن كل الخيارات الممكنة للفرار من المنطقة".

إعلان

الغرب لم يفعل شيئا

وهكذا شهد المليارات من البشر هجوما غير عادي على غزة، كان ضحاياه -كما قالت بلين ني غرالاي، المحامية الأيرلندية التي رافعت نيابة عن جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية في لاهاي- "يبثون تدميرهم في الوقت الحقيقي على أمل يائس وعبثي في أن يفعل العالم شيئا"، ولكن العالم، أو الغرب على وجه التحديد، لم يفعل شيئا.

ورغم أن الضحايا في غزة يتنبؤون بموتهم على وسائل الإعلام الرقمية قبل ساعات من إعدامهم، وأن قتلتهم بثوا أفعالهم على تيك توك، فقد عتمت أدوات الهيمنة العسكرية والثقافية الغربية على تصفية غزة، من زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا الذين هاجموا المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إلى محرري صحيفة نيويورك تايمز الذين أصدروا تعليمات لموظفيهم بتجنب مصطلحات "مخيمات اللاجئين" و"الأراضي المحتلة" و"التطهير العرقي".

كان الوعي بأن مئات من الناس يُقتلون أو يجبرون على مشاهدة قتل أطفالهم -ونحن نواصل حياتنا- يسمم حياة الملايين، وكانت مناشدات أهل غزة، وتحذيراتهم من أنهم وأحبائهم يوشكون أن يقتلوا، تليها أنباء عن قتلهم، تزيد من الإذلال والشعور بالعجز الجسدي والسياسي.

ستتراجع الحرب في النهاية إلى الماضي -كما يذكر المقال- وقد يسوي الزمن كومة الرعب الشاهقة، لكن علامات الكارثة ستبقى في غزة لعقود، في الأجساد المصابة والأطفال الأيتام وأنقاض المدن والمشردين والوعي بالحزن الجماعي، وحتى الذين شاهدوا عن بعد قتل وتشويه عشرات الآلاف على شريط ساحلي ضيق، ورأوا تصفيق أو عدم اكتراث الأقوياء، سوف يعيشون بجرح داخلي وصدمة لن تزول لسنوات.

أما النزاع في كيفية وصف عنف إسرائيل بأنه الدفاع المشروع عن النفس أو الحرب العادلة في ظروف حضرية صعبة أو التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية، فلن يُحَل أبدا، ولكن ليس من الصعب أن نرى علامات الفظاعة النهائية والمخالفات الأخلاقية والقانونية الإسرائيلية، في القرارات الصريحة والروتينية من جانب القادة الإسرائيليين بالقضاء على غزة.

إعلان

كما لن يكون من الصعب أن نراها في موافقة الجمهور الضمنية، وفي نعت الضحايا بأنهم شر مع أن معظمهم كانوا أبرياء تماما، وفي حجم الدمار الذي كان أكبر مما أحدثته الحلفاء بألمانيا، وفي كون وتيرة عمليات القتل وملء المقابر الجماعية في جميع أنحاء غزة وأساليبها التي تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وفي حرمان الناس من الوصول إلى الغذاء والدواء، وفي تعذيب السجناء العراة، وفي تدمير المدارس والجامعات والمتاحف والكنائس والمساجد وحتى المقابر، وفي صبيانية الشر المتمثلة في رقص الجنود الإسرائيليين في ملابس الفلسطينيات القتلى أو الهاربات، وفي شعبية مثل هذا النوع من الترفيه على تيك توك في إسرائيل، وفي الإعدام الدقيق للصحفيين الذين يوثقون إبادة شعبهم في غزة.

لا توجد كارثة تقارن بغزة

حدث الكثير في السنوات الأخيرة من الكوارث الطبيعية والمالية والسياسية، ولكن لا توجد كارثة تقارن بغزة، وما تركته من الحزن الهائل والحيرة والضمير الميت، ولم يسفر أي شيء عن مثل هذا القدر من الأدلة المخزية على افتقارنا إلى الحماس والسخط وضيق الأفق وضعف الفكر، مما دفع جيلا كاملا من الشباب في الغرب إلى مرحلة الرشد الأخلاقي بسبب أقوال وأفعال وتقاعس شيوخهم في السياسة والصحافة.

وكان الحقد العنيد والقسوة التي أبداها الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه الفلسطينيين -حسب الكاتب- من بين الألغاز المروعة التي طرحها الساسة والصحفيون الغربيون، إذ كان من السهل عليهم حجب الدعم غير المشروط للنظام المتطرف في إسرائيل مع الاعتراف بضرورة ملاحقة وتقديم المذنبين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، للعدالة.

وتساءل الكاتب لماذا ادعى بايدن أنه شاهد مقاطع فيديو فظائع لا وجود لها، ولماذا زعم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن إسرائيل "لها الحق" في حجب الطاقة والمياه عن الفلسطينيين، ولماذا قفز يورجين هابرماس للدفاع عن مرتكبي التظهير العرقي المعلنين؟ وما الذي دفع مجلة أتلانتيك إلى نشر مقال يزعم أن "قتل الأطفال أمر ممكن قانونيا"؟

إعلان

وتساءل الكاتب عن تفسير بناء وسائل الإعلام الغربية كل أفعال إسرائيل للمجهول، ولماذا ساعد مليارديرات الولايات المتحدة في حملات القمع القاسية ضد المتظاهرين في الحرم الجامعي؟ ولماذا فصل الأكاديميون والصحافيون، وحظر الفنانون والمفكرون من العمل، ومنع الشباب من العمل لمجرد أنهم يتحدون الإجماع المؤيد لإسرائيل؟ ولماذا استبعد الغرب الفلسطينيين من مجتمع الالتزام والمسؤولية الإنسانية، في حين دافع عن الأوكرانيين وحماهم؟

وخلص الكاتب إلى أن بغض النظر عن كيفية تعاملنا مع هذه الأسئلة، فإنها تجبرنا على النظر بشكل مباشر إلى الظاهرة التي نواجهها، الكارثة التي تسببت فيها الديمقراطيات الغربية بشكل مشترك، والتي دمرت الوهم الضروري الذي نشأ بعد هزيمة الفاشية في عام 1945 حول إنسانية مشتركة يدعمها احترام حقوق الإنسان والحد الأدنى من المعايير القانونية والسياسية.

مقالات مشابهة

  • فورين بوليسي: هكذا حطمت غزة أساطير الغرب
  • البرهان يخاطب ختام مشاورات القوى السياسية الوطنية والمجتمعية “حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة”
  • ايران: فرض أمريكا عقوبات على المحكمة الجنائية إساءة لاستخدام السلطة
  • فهم لخطاب حي على الفلاح
  • ايران عن العقوبات الأمريكية: نحمل الولايات المتحدة عواقب الإجراءات المتغطرسة
  • الحرس الثوري الإيراني يدشن حاملة بحرية للطائرات المسيرة (شاهد)
  • خلافات بشأن مسودة حكومة سلام تثير الانقسامات بين القوى السياسية في لبنان
  • نيجيرفان بارزاني يهنئ الاتحاد الاسلامي الكوردستاني بمناسبة ذكرى تأسيسه
  • ايران ترحب بقرار ترامب إيقاف المساعدات الدولية وتنتظر التفاوض حول ملفها النووي
  • انعكاسات السياسات التجارية العالمية على الاقتصاد العُماني