أثير- عبدالرزّاق الربيعي

لكلّ مدينة عربية طقوسها الرمضانية التي تميّزها عن سواها، رغم وجود المشتركات الكثيرة في المدن العربية والإسلاميّة في الشهر الفضيّل خاصّة، لكنّ لرمضان في اليمن نكهة مختلفة، تبدأ بعد منتصف شهر شعبان حيث تبدأ الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان، فيحرص البعض على طلاء جدران البيوت والمساجد بمادة الجبس (النورة) البيضاء، وهي عادة متوارثة منتشرة في المدن والقرى، تحمل العديد من المعاني التي تشير إلى حسن استقبال ضيف عزيز، أما اللون فهو يحمل طابعا روحانيا يشير إلى الصفاء والنقاء، وفي اليوم الأخير من شعبان توزّع الأطعمة في أماكن التجمعات بما في عادة يطلق عليها “ما تشتهيه الأنفس” إشارة إلى قرب الصيام والانقطاع عن تناول الطعام خلال ساعات النهار.


وحين يبدأ رمضان يتبدّل وجه الحياة، فطوال ساعات النهار ترتفع مكبرات الصوت في مآذن المساجد بالأدعية وقراءة القرآن والخطب، وقبل الإفطار يتبادل الجيران أطباق الأطعمة الرمضانيّة الشهيّة، المليئة بالسمبوسة والحلويات، وعند الأذان يكون التمر حاضرا إلى جانب القهوة اليمنية والسمبوسة ولقمة القاضي ثم يذهبون لصلاة المغرب، ولا تخلو مائدة الإفطار اليمنية من الأطعمة التقليدية :الشفوت (خبز اللحوح واللبن) والسحاوق ( صلصة من الفلفل الحار والثوم وبهارات مختلفة) والأرز واللحم والسلتة والفتة وبنت الصحن وشراب الزبيب.
وبعد صلاة التراويح يجتمع الرجال في المقايل يتبادلون الأحاديث، التي تتناول مختلف القضايا الاجتماعية، والثقافيّة، وللأناشيد الدينية مساحة، وخلال ذلك تدور كؤوس الشاي على الحاضرين الذين يمضغون القات، فيما تتعالى دوائر الدخان في مكان تغلق به شبابيك التهوية، وتلقى في وسطه بقايا غصون شجرة القات، ويستمرّ الحال حتى السحور، بعدها يتفرّقون إلى البيوت حيث يتناولون وجبة السحور، ويُمسكون، ثم يؤدون صلاة الفجر في المساجد غالبا، بعدها يخلدون إلى النوم، وخلال ذلك تبقى أبواب المحلّات والأسواق مفتوحة، وكأنها تعمل في ساعات النهار، وترى الحركة مستمرّة فيها، رجالا ونساء، حتى أذان الفجر، أما الفعاليات الثقافية ، فتقام في ساعات متأخرة من الليل، مما يساعد على ذلك أن الحكومة اعتادت أن تبرمج ساعات الدوام في الدوائر الرسمية وفق هذا النظام الاجتماعي، فيبدأ الدوام الرسمي، على أيامنا في التسعينيات في الحادية عشرة وينتهي الدوام في الثانية بعد الظهر، أما المدارس الحكومية، فيبدأ العمل فيها في الساعة التاسعة، وكنت أعمل مدرّسا، وكثيرا ما كنت أواجه مشكلة عندما أخرج بوقت مبكّر، متوجّها إلى مكان عملي البعيد عن محلّ السكن، فيداهمني شعور بالوحشة لخلوّ الشوارع من المارّة، والحافلات، وتكون المحلّات التجارية والأسواق مغلقة، وهذا يفتح المجال واسعا للحيوانات السائبة، فتمارس حرّيتها في الحركة، خلال ساعات النهار الأولى، وكثيرا ما واجهت هجومات متكرّرة من كلاب شرسة.
أمّا الأطفال، فلهم طقوسهم الجميلة التي أبرزها يخرجون حاملين فطورهم في صحون صغيرة ليفطروا عند أبواب المساجد بصورة جماعية، ثم ينطلقون جماعات ليؤدوا التماسي الرمضانية، فيستقبلون رمضان بها :
يا رمضان دندل حبالك
بيت أبي صالح قبالك
والتماسي الرمضانيّة هي أناشيد جماعية يؤديها الأطفال، تشبه (القرنقشوه) في الخليج، و( الماجينا) في العراق، تبدأ في الأسبوع الثاني من رمضان وتستمر حتى نهايته، فيسيرون في الشوارع ويطرقون الأبواب، ويقفون عندها مردّدين:
يامسا أسعد الله المسا
يامسا جدّد الله الكسا
يامسا جيت أمسي عندكم
يامسا زوجونا بنتكم
فيعطونهم الزبيب والنقود، فيشكرونهم، أما إذا لم يحصلوا على بغيتهم، فيذمّون أهل البيت:
جيت أمسّي من رداع
راجمونا بالقراع
جيت أمسي من ذمار
لاحقونا بالحجار
ويواصلون السير إلى بيوت أخرى، وكما في الدول العربية الأخرى تقرع الطبول عند السحور، أما في الأيام العشر الأواخر من رمضان، فيعتكف الكثيرون في المساجد، وتخّف الحركة شيئا، فشيئا، فيتوجّه أغلب سكّان صنعاء إلى قراهم حيث يمضون أيام العيد هناك، وحين يعودون تكون الحياة عادت إلى مسارها السابق قبل حلول رمضان.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: ساعات النهار

إقرأ أيضاً:

«وعي ولادنا هيزيد» | أولياء أمور مصر: نرحّب بدعوة الرئيس لاستخدام المساجد في التعليم

أشادت داليا الحزاوي، مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية إلى ضرورة استخدام المساجد في تقديم الخدمات التعليمية للطلاب، إلى جانب كونها أماكن للعبادة  لتكون منارة للعلم وغرس القيم في نفوس الشباب، مؤكدة أن هذا يعكس مدى اهتمام الرئيس السيسي ببناء الإنسان المصري على القيم والأخلاق و الانتماء.


وتابعت مُؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر: أن تفعيل دور المسجد سوف يساهم في زيادة الوعي الديني لدى الشباب وتشجيعهم  على التحلي بالأخلاق الكريمة، خاصةً أن هناك للأسف تدني في الأخلاق وانتشار للسلوكيات غير المنضبطة من عنف وتنمر وخلافه. 

وشدّدت مؤسس ائتلاف أولياء امور مصر  ، على أهمية تنشئة الأجيال على الفهم الصحيح للدين وتصحيح المعلومات المغلوطة لتحصينهم ضد التطرف الديني .
 

وقالت مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر: إن دور العبادة بيئة آمنة يمكننا أن نترك أولادنا بداخلها بدون خوف وقلق ليتعلموا أمور دينهم ودنياهم. 
 

وكانت قد تشرفت وزارة الأوقاف أمس بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية - القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفل تخريج دورة الأئمة الثانية (دورة الإمام محمد عبده) عقب تأهيلهم لدى الأكاديمية العسكرية المصرية على مدار ستة أشهر، وذلك بمركز المنارة في التجمع الخامس. 

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال حفل تخرج الدورة التدريبية الثانية لوزارة الأوقاف بالأكاديمية العسكرية: "احنا عندنا مساجد كتيرة جدا وعندنا في نفس الوقت حجم قليل من المدارس، وكان أيام النبي صلى الله عليه وسلم، تستخدم في كل شؤون الدنيا"، مردفا: "النهاردة ليه ما بنستفدش من المساجد الموجودة، ونعلم فيها ولادنا ، نعمل مدرسة ونعمل جامع، وممكن أعمل الجامع ويبقى جواه المدرسة".

الرئيس السيسي في حفل تأهيل أئمة وزارة الأوقاف: خليكم حماة الحريةالرئيس السيسي: وجهت الأوقاف بوضع برنامج تدريبي لثقل مهارات الأئمة علميا وثقافيا وسلوكيا

كما وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كلمة مهمة للأئمة في احتفال الأكاديمية والوزارة الأوقاف بتخريج الدفعة، وفي ما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

أبنائي الخريجين من الأئمة الكرام،
السيدات والسادة الحضور…

نحتفل اليوم بتخريج كوكبة جديدة من الأئمة الذين سوف يحملون على عاتقهم أمانة الكلمة، ونشر نور الهداية، وترسيخ قيم الرحمة والتسامح والوعي.

وكنت قد وجهتُ وزارة الأوقاف، بالتعاون مع مؤسسات الدولة الوطنية، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، بوضع برنامج تدريبي متكامل يُعنى بصقل مهارات الأئمة علميًا وثقافيًا وسلوكيًا، بهدف الارتقاء بمستوى الأداء الدعوي، وتعزيز أدوات التواصل مع المجتمع، ليكون الإمام نبراساً للوعي، متمكناً من البيان، بارعاً في الإقناع، أمينًا في النقل، حاضرًا بوعيٍ نافذ وإدراكٍ عميق لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة.

وها نحن اليوم أمام ثمار هذا التعاون البناء، نرى فيه هذه النخبة المشرقة من الأئمة الذين تلقَّوا إعدادًا نوعيًا يمزج بين أصول علوم الدين الراسخة وأدوات التواصل الحديثة، متسلحين برؤية وطنية خالصة، وولاءٍ لله ثم للوطن، وإدراكٍ واعٍ لتحديات العصر ومتغيراته، مع المحافظة على الثوابت. 
     
السادة الحضور … أبنائي الأئمة

في زمن تتعاظم فيه الحاجة إلى خطاب ديني مستنير، وفكرٍ رشيد، وكلمة مسئولة، تتجلّى مكانتكم بوصفكم حَمَلة لواء هذا النهج القويم.


وقد أدركنا منذ اللحظة الأولى أن تجديد الخطاب الديني لا يكون إلا على أيدي دعاة مستنيرين، أغنياء بالعلم، واسعي الأفق، مدركين للتحديات، أمناء على الدين والوطن، قادرين على تقديم حلول عمليةٍ للناس، تداوي مشكلاتهم وتتصدى لتحدياتهم، بما يُحقق مقاصد الدين ويحفظ ثوابته العريقة.

ولا تنحصر مهمة تجديد الخطاب الديني في تصحيح المفاهيم المغلوطة فحسب؛ بل تمتد لتقديم الصورة المشرقة الحقيقية للدين الحنيف، كما تجلّت في حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكما نقلها الصحابة الكرام، وكما أرسى معالمها أئمة الهُدى عبر العصور.

واليوم وأنتم تتخرجون، وتخطون أولى خطواتكم في هذا الدرب النبيل، فإن أعظم ما نعول عليه منكم هو أن تحفظوا العهد مع الله، ثم مع وطنكم بأن تكونوا دعاة إلى الخير، ناشرين للرحمة، وسفراء سلام للعالم بأسره. 


وإن مصر، بتاريخها العريق وعلمائها الأجلاء ومؤسساتها الراسخة، كانت وستظل منارةً للإسلام الوسطي المستنير، الذي يُعلي قيمة الإنسان، ويُكرّم العقل، ويحترم التنوع، ويرسي معاني العدل والرحمة.

وما نشهده اليوم يؤكد مضيَّ الدولة المصرية بثباتٍ وعزمٍ في مشروعها الوطني لبناء الإنسان المصري بناءً متكاملًا، يُراعي العقل والوجدان، ويجعل من الدين ركيزةً للنهوض والتقدم، في ظل قيم الانتماء والوسطية والرشد.

ختامًا… أُحيي كل عقلٍ وفكرٍ ويدٍ أسهمت في إنجاز هذا العمل الجليل، من وزارة الأوقاف، ومن الأكاديمية العسكرية المصرية، ومن كل مؤسسة وطنية، آمنت بأن بناء الإنسان هو بناء للوطن، وتحصين لجيلٍ قادم، وتمهيدٌ لمستقبل أكثر إشراقًا.

وفقكم الله جميعًا، وبارك في جهودكم، وجعلنا دائمًا في خدمة الحق والخير والإنسانية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد انتهاء الرئيس من كلمته المكتوبة، وجه عدة رسائل تحمل رؤية الدولة في إعداد إنسان متوازن ومسئول، قادر على الإسهام الإيجابي في المجتمع، مشيرًا إلى أهمية الاقتداء بالإمام السيوطي كنموذج يحتذى به، إذ حاز علومًا متعددة وأتقنا فأنتج ١١٦٤ كتابًا في حياته التي لم تزد عن ٦٢ عامًا.

وأكد الرئيس أن الكلمات وحدها لا تكفي لإحداث تأثير في المجتمع؛ بل يجب أن تُترجم إلى أفعال إيجابية وفعالة تُشكل مسارًا يُتبع ويُنفذ، وضرب مثالًا على ذلك بحسن استغلال المساجد والارتقاء برسالتها، وترسيخ القيم التي تحض على محاسن الأخلاق كحُسن معاملة الجيران، والاهتمام بتربية الأبناء، ومواكبة التطور دون المساس بالثوابت.

واختتم الرئيس حديثه بتأكيد أهمية الحفاظ على اللغة العربية، ودور الدعاة في أن يكونوا حماة للحرية، بما يعكس رؤية شاملة للتنمية المجتمعية، مؤكدًا سيادته أن الدورة التي حصل عليها الأئمة بالأكاديمية العسكرية المصرية عكف على إعدادها علماء متخصصون في علم النفس والاجتماع والإعلام وكل المجالات ذات الصلة؛ إلى جانب الدراسات الدينية والعربية التخصصية التي تولت وزارة الأوقاف اختيار محتوياتها وأساتذتها.

وعقب انتهاء الكلمة، تقدم الرئيس بخالص التعازي لوفاة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان؛ مؤكدًا أن الانسانية قد خسرت بوفاته قامة كبيرة.

مقالات مشابهة

  • يَسرق صناديق التبرّعات من داخل المساجد والجمعيّات.. وهذا ما حلّ به (صورة)
  • بعد حديث السيسي عن المساجد.. هل تتخذ الأوقاف قرارات جديدة..المتحدث الرسمي يوضح
  • «وعي ولادنا هيزيد» | أولياء أمور مصر: نرحّب بدعوة الرئيس لاستخدام المساجد في التعليم
  • أظنه مات مبتسماً رغم الألم
  • المتحدث باسم وزارة الأوقاف: المساجد لها دور كبير في خدمة المجتمع
  • الرئيس السيسي للأئمة: ربنا يوفقكم .. ولسه فيه دور يستكمل بيكم
  • هكذا علقت إسرائيل على الغارات الأميركية التي تشنها على اليمن 
  • ما الأماكن التي استهدفتها الغارات الأميركية في اليمن؟
  • مليونا درهم لفرش 40 مسجداً بدبي
  • آخر ظهور لبابا الفاتيكان فرانسيس وهذا ما قاله عن اليمن وغزة قبل ساعات من وفاته ''صورة''