عبدالرزاق الربيعي يكتب: رمضان في اليمن؛ نهارات بلا شمس وروحانيّات وصفاء ونقاء
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
أثير- عبدالرزّاق الربيعي
لكلّ مدينة عربية طقوسها الرمضانية التي تميّزها عن سواها، رغم وجود المشتركات الكثيرة في المدن العربية والإسلاميّة في الشهر الفضيّل خاصّة، لكنّ لرمضان في اليمن نكهة مختلفة، تبدأ بعد منتصف شهر شعبان حيث تبدأ الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان، فيحرص البعض على طلاء جدران البيوت والمساجد بمادة الجبس (النورة) البيضاء، وهي عادة متوارثة منتشرة في المدن والقرى، تحمل العديد من المعاني التي تشير إلى حسن استقبال ضيف عزيز، أما اللون فهو يحمل طابعا روحانيا يشير إلى الصفاء والنقاء، وفي اليوم الأخير من شعبان توزّع الأطعمة في أماكن التجمعات بما في عادة يطلق عليها “ما تشتهيه الأنفس” إشارة إلى قرب الصيام والانقطاع عن تناول الطعام خلال ساعات النهار.
وحين يبدأ رمضان يتبدّل وجه الحياة، فطوال ساعات النهار ترتفع مكبرات الصوت في مآذن المساجد بالأدعية وقراءة القرآن والخطب، وقبل الإفطار يتبادل الجيران أطباق الأطعمة الرمضانيّة الشهيّة، المليئة بالسمبوسة والحلويات، وعند الأذان يكون التمر حاضرا إلى جانب القهوة اليمنية والسمبوسة ولقمة القاضي ثم يذهبون لصلاة المغرب، ولا تخلو مائدة الإفطار اليمنية من الأطعمة التقليدية :الشفوت (خبز اللحوح واللبن) والسحاوق ( صلصة من الفلفل الحار والثوم وبهارات مختلفة) والأرز واللحم والسلتة والفتة وبنت الصحن وشراب الزبيب.
وبعد صلاة التراويح يجتمع الرجال في المقايل يتبادلون الأحاديث، التي تتناول مختلف القضايا الاجتماعية، والثقافيّة، وللأناشيد الدينية مساحة، وخلال ذلك تدور كؤوس الشاي على الحاضرين الذين يمضغون القات، فيما تتعالى دوائر الدخان في مكان تغلق به شبابيك التهوية، وتلقى في وسطه بقايا غصون شجرة القات، ويستمرّ الحال حتى السحور، بعدها يتفرّقون إلى البيوت حيث يتناولون وجبة السحور، ويُمسكون، ثم يؤدون صلاة الفجر في المساجد غالبا، بعدها يخلدون إلى النوم، وخلال ذلك تبقى أبواب المحلّات والأسواق مفتوحة، وكأنها تعمل في ساعات النهار، وترى الحركة مستمرّة فيها، رجالا ونساء، حتى أذان الفجر، أما الفعاليات الثقافية ، فتقام في ساعات متأخرة من الليل، مما يساعد على ذلك أن الحكومة اعتادت أن تبرمج ساعات الدوام في الدوائر الرسمية وفق هذا النظام الاجتماعي، فيبدأ الدوام الرسمي، على أيامنا في التسعينيات في الحادية عشرة وينتهي الدوام في الثانية بعد الظهر، أما المدارس الحكومية، فيبدأ العمل فيها في الساعة التاسعة، وكنت أعمل مدرّسا، وكثيرا ما كنت أواجه مشكلة عندما أخرج بوقت مبكّر، متوجّها إلى مكان عملي البعيد عن محلّ السكن، فيداهمني شعور بالوحشة لخلوّ الشوارع من المارّة، والحافلات، وتكون المحلّات التجارية والأسواق مغلقة، وهذا يفتح المجال واسعا للحيوانات السائبة، فتمارس حرّيتها في الحركة، خلال ساعات النهار الأولى، وكثيرا ما واجهت هجومات متكرّرة من كلاب شرسة.
أمّا الأطفال، فلهم طقوسهم الجميلة التي أبرزها يخرجون حاملين فطورهم في صحون صغيرة ليفطروا عند أبواب المساجد بصورة جماعية، ثم ينطلقون جماعات ليؤدوا التماسي الرمضانية، فيستقبلون رمضان بها :
يا رمضان دندل حبالك
بيت أبي صالح قبالك
والتماسي الرمضانيّة هي أناشيد جماعية يؤديها الأطفال، تشبه (القرنقشوه) في الخليج، و( الماجينا) في العراق، تبدأ في الأسبوع الثاني من رمضان وتستمر حتى نهايته، فيسيرون في الشوارع ويطرقون الأبواب، ويقفون عندها مردّدين:
يامسا أسعد الله المسا
يامسا جدّد الله الكسا
يامسا جيت أمسي عندكم
يامسا زوجونا بنتكم
فيعطونهم الزبيب والنقود، فيشكرونهم، أما إذا لم يحصلوا على بغيتهم، فيذمّون أهل البيت:
جيت أمسّي من رداع
راجمونا بالقراع
جيت أمسي من ذمار
لاحقونا بالحجار
ويواصلون السير إلى بيوت أخرى، وكما في الدول العربية الأخرى تقرع الطبول عند السحور، أما في الأيام العشر الأواخر من رمضان، فيعتكف الكثيرون في المساجد، وتخّف الحركة شيئا، فشيئا، فيتوجّه أغلب سكّان صنعاء إلى قراهم حيث يمضون أيام العيد هناك، وحين يعودون تكون الحياة عادت إلى مسارها السابق قبل حلول رمضان.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: ساعات النهار
إقرأ أيضاً:
كيف يمكن زيادة التركيز للطلاب الصائمين؟
الحفاظ على مستويات التركيز والطاقة خلال ساعات الصيام أحد التحديات التي تواجه الطلاب الصائمين، لكن هناك إجراءات يمكن القيام بها ليتمكنوا من تحصيل واستذكار الدروس.
وتعتبر اختيارات الطعام لوجبة السحور أحد مفاتيح إمداد الجسم بالطاقة لعدة ساعات خلال النهار.
الدهونوينصح خبراء التغذية بأن يحتوي السحور على كل من زيت الزيتون والأفوكادو، ليحصل الجسم على قدر من الدهون الجيدة وهي من المغذيات التي تحتاجها خلايا الدماغ.
كذلك، سيستغرق الجسم وقتاً لامتصاص هذه الدهون والاستفادة منها ما يمدد ساعات حصوله على الطاقة.
ومن المفيد أن تشتمل وجبة السحور أيضاً على الكربوهيدرات المعقدة كالخبز الأسمر أو الشوفان، وكذلك البروتين من الزبادي أو الجبن قليل الدسم.
ويساعد شرب الكثير من الماء خلال ساعات الإفطار على منع الجفاف، الذي يؤثر على التركيز، وقد يسبب الصداع.
وإذا كان الطالب يحب الكافيين، وفي سن يُسمح له بتناوله، يمكن تناول قدر منه أثناء السحور للمساعدة في تحسين اليقظة والتركيز، ولكن تأكد من استهلاك الماء مع الكافيين لمنع الجفاف.
القيلولة القصيرة أثناء النهار من إجراءات إنعاش العقل وتحسين اليقظة، وتساعد بضع دقائق من التمارين كل ساعتين على تجديد الطاقة أيضاً.
ومن المفيد أيضا للطلاب جدولة المهام الصعبة خلال الفترات التي يشعر فيها الطالب بأكبر قدر من النشاط، والاحتفاظ بالمهام السهلة في الأوقات الأقل طاقة، هناك ينبغي أن ينصت الطالب لجسمه، يتعرف على فترات النشاط والخمول لديه.
أما في وجبة الإفطار، فيُنصح بتناول طعام صحي متوازن، وتجنب الإفراط في تناول الطعام لتفادي مشاكل الجهاز الهضمي التي قد تؤثر على التركيز واليقظة.