يبلغ عدد الموقوفين في السجون اللبنانية 8180 سجينا يتوزع 3564 منهم في السجن المركزي في رومية، وبزيادة ثلاثة أضعاف عن قدرته الاستيعابية التي تقدّر بـ1200 سجين، فيما يوجد 2633 سجينا في السجون الأخرى في المحافظات وعددها 25 سجناً كما يوجد 1983 سجيناً في النظارات الإقليمية وقصور العدل.
ما تقدم من أرقام كشفت النقاب عنه نقابة المحامين في بيروت في تقريرها الأخير في نهاية العام الماضي 2023، ما دفع نقيب المحامين في بيروت فادي المصري الى زيارة سجن رومية، ترافقه امينة السر مايا شهاب، ومفوض قصر العدل مايا زغريني، رئيس لجنة السجون جوزف عيد، حيث تم تفقد قاعة المحاكمات، وتطرق البحث الى إمكانية العمل فيها للحد من الاكتظاظ الهائل داخل السجون وتسريع سير العملية القضائية ومعالجة مشاكل سوق الموقوفين والنقص في عديد قوى الأمن، بالاضافة الى الصعوبات التي يواجهها المحامون والقضاة في انتقالهم الى المحكمة، والتي حالت دون متابعة العمل فيها في الفترة الأخيرة.



هذه الارقام دفعت نقابة  المحامين الى التحرك، وأعادت ملف سجن رومية الى الواجهة، لا سيما في ظل الأزمات الكبيرة التي تعصف به، ومشكلة الاكتظاظ الكبيرة داخله والتي بات من الصعب ايجاد حل لها.

هذا التحرك، جاء بحسب نقيب المحامين فادي المصري، بعد سلسلة لقاءات عقدت مع جمعيات انسانية، واحزاب تعنى بموضوع السجون، حيث تم تأكيد اهمية ايجاد حل لمشكلة الاكتظاظ في السجون، والذي يشكل عبئاً مالياً واقتصاديا وأمنياً على السجون، مشيراً الى ان نقابة المحامين تتشارك في تحمل مسوؤلية الوضع مع القضاة ووزارة الداخلية، ومن هنا جاء تحركها بالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى والوزارات المعنية لايجاد حل لهذه المعضلة.
ولفت في حديث عبر "لبنان 24" الى ان زيارة النقابة لسجن رومية جاءت بمثابة خطوة اولية في مسار البحث عن الحلول التي تخفف من هذا الاكتظاظ.
ومن هذه النقطة ينطلق رئيس لجنة السجون في نقابة المحامين المحامي جوزف عيد، ليؤكد ان هذه الخطوة التي تزمع نقابة المحامين القيام بها تعد خطوة مهمة لتخفيف ما بين 10 الى 15% من نسبة الاكتظاظ في سجن رومية، واليوم البحث يجري على اكثر من صعيد للوصول الى النتائج المرجوة من هذه الخطوة، سواء مع القوى الأمنية لناحية العمل على تسهيل عمل المحامين ووصولهم الى قاعة المحاكمات في سجن رومية، او لناحية العمل مع القضاة لتسريع المحاكمات، خصوصاً وان 83% من الموقوفين ما زالوا من دون محاكمة، اضافة الى ان بينهم  العديد ممن انهوا مدة محكوميتهم، واصفاً ما تقوم به نقابة المحامين بالخطة القضائية الطارئة للحد من ازمة الاكتظاظ في سجن رومية.
ولفت في حديث عبر "لبنان 24"، الى ان المشكلة تقع على عاتق 3 جهات على حد سواء، هم القضاة والمحامون والقوى الأمنية. وفي ما يتعلق بعمل القضاة، فان المطلوب اليوم واضح جداً، وهو التعاون الكامل والسريع مع نقابة المحامين لبت ملفات اخلاء السبيل او اصدار القرارات القضائية المتعلقة بكل قضية.

أما في ما يتعلق بالقوى الأمنية، فما تم بحثه هو العمل على تسهيل دخول المحامين  الى سجن رومية والتخفيف من الاجراءات التي كانت تتخذ بحقهم، لناحية التفتيش اليدوي، ومنع إدخال الهاتف، وخلع الحذاء، وغيرها، وقد ابدوا تعاوناً كبيراً في هذا الاطار، في حين تبدي نقابة المحامين كامل استعدادها لتسهيل العمليات.
وأشار عيد الى ان نقابة  المحامين وضعت خطة واضحة، بدأ العمل على تنفيذها بهدف تسريع المحاكمات داخل سجن رومية، لأن عملية نقل السجناء باتت صعبة اليوم، ريثما يتم اصدار عفو عن بعض القضايا والاحكام، بعد انتخاب رئيس للجمهورية وانتخاب مجلس نيابي جديد، إضافة الى اسراع القضاء في بت طلبات اخلاءات السبيل والتي تعالج مشاكل نحو اكثر من 1000 موقوف.
وشدد على ان المطلوب اليوم هو العمل مع الجهات المانحة على بناء 4 سجون اضافية، والعمل على نقل صلاحيات السجون من وزارة الداخلية الى وزارة العدل، والعمل على انشاء جهاز أمني متخصص في ادارة السجون، لأن المطلوب اليوم، بحسب عيد، العمل على تأهيل السجناء وليس فقط معاقبتهم، وهذا الأمر لا يمكن ان يتم من دون تأهيل، رامياً الكرة في ملعب الحكومة للاسراع في بت ملف فتح سجون جديدة تخفف بنسبة عالية من الاكتظاظ في السجن المركزي.
اذا، هي قصة ابريق الزيت مجدداً في سجن رومية، والمطلوب اليوم الاسراع في المحاكمات واخلاءات السبيل، على المدى القصير، وبناء سجون أخرى على المدى الطويل.
والى حينه اعان الله السجناء في رومية. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: نقابة المحامین الاکتظاظ فی العمل على الى ان

إقرأ أيضاً:

لا حدود لمملكة الشرّ.. اغتصاب الكلاب في سجون الذئاب! (قصة قصيرة من وحي السجون)

كلّما تعرّضت مع إخواني في السجون لتنكيل من لون جديد، كان يدور في خلدي أنّه سيأتي يوم ويُفرج عنّي وأكتب للناس عن هذا التنكيل، حيث أزعم أنّي أملك قلما يستطيع بقدراته الأدبيّة المتواضعة أن يصوّر المشهد.. الناس في الخارج يسارع أحدهم إلى هاتفه الذكيّ ذي الكاميرات المتطوّرة، يمتشقه ويصوّبه تجاه المشهد ليكون التصوير صوتا وصورة وبأبعاده الثلاثية والرباعية جاهزا للبثّ خلال ثوان معدودة، لكن في السجن لا أملك سوى كاميرا القلم لتصوّر المشهد ما استطعت لذلك سبيلا.

ولكنّي وجدت نفسي أمام مشهد ارتعبت له كاميرا هذا القلم، أحجمتْ ورجعت للخلف بدل أن تُقدم كعادتها، تلكّأتْ وتلعثمت، بل ولّت هاربة دون أن تعقّب، قلت لها:

- أقبلي ولا تخافي، لم أعهدك جبانة ولا عاجزة ولا خوّارة.

- قالت: لست خائفة ولا جبانة، إنه الحياء والخشية من المساس بحرمة بواسل هذا الشعب والذين دوما يشكّلون عنفوانه وروحه العالية وطلائعه العظيمة الرائدة.

قلت لها مشجّعا:

- لقد صوّرت أيتها الكاميرا الفذّة لهذا القلم المتواضع الجميل كثيرا من الصور، برعت في مواطن كثيرة وعلى أوقات مديدة من عمر هذه الفترة الشديدة القاسية، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر (حيث فتح المحتلّ على الشعب الفلسطيني كلّ الجبهات وكان أشدها جبهتين: جبهة غزّة وجبهة السجون) وأنت تصوّرين من فظائع ما يجري في سجونهم السوداء.

لقد صوّرت أيتها الكاميرا ذات الرأس المدبّب المزروع في مقدّمة قلم الرصاص الأسرى وهم يُسامون سوء العذاب:

- صوّرت وكائنات القمع المتوحّشة تقتحم أسرابها القسم بحقد أسود وروح انتقامية لم يعرف البشر لها مثيلا، ذئاب بشرية مفترسة تتقدّمها كلاب متوحّشة، تبدأ الحفلة بموسيقى صاخبة مثل ما تفعل القبائل المتوحّشة من آكلي لحوم البشر فيضربون الطبل لتنتشي رؤوسهم وتثمل برائحة دماء الضحيّة، يصبّون جام غضب جرار الغاز لتملأ الزنازين بسحب الموت، ثم يطلقون الرصاص المطّاطي على أجساد أنهكها الغاز، ثم يكبّلون ويسحلون ثم يُفعّلون شتى أنواع العصيّ: الحديدية والكهربائية، لتجعل من أجساد الاسرى مساحة للسحق والطحن والتكسير المريع.

- صوّرت أيتها الكاميرا الرصاصية الصغيرة وهم يضربون ثائر أبو عصب بعصيّهم السوداء الغليظة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة نفسا نفسا، ومع كلّ نفس ترسل عيناه الجميلتان عشقا وأملا وقُبلة لكل أحبابه الذين ينتظرون حريّته على أحرّ من الجمر، التقطت عيون الكاميرا بريق عينيه ولسانه يعزف لحن الشهادة ويطلق لها العنان.

- صوّرت أيتها الكاميرا لحظات عمر ضراغمة الأخيرة وروحه تتفلّت من بين جنبيه، وعيون الممرّض الشامت يمنع عنه دواءه، قُتل عمدا مع سبق الإصرار ولم يعد مجرّد إهمال طبيّ، بل هو أن يتجرّع المريض كأس الموت الزؤام قطرة قطرة دون أن يرفّ لسجّانه اللئيم أيّ جفن.

- صوّرت الأسير المفكّر وليد دقّة في لحظاته الأخيرة بعد أن نهش السجن والسرطان والحقد وروح الانتقام الشريرة لأسوأ البشر؛ جسده المنهك وبعد أن وصلت عنصريتهم أبعد مدى لها على مدار ثمان وثلاثين سنة من السجن، وأبت أن يختم حياته بملامسة أنامل طفلته أو أن يطبع على جبينها قبلة. نجحت أيتها الكاميرا بالتقاط بارقة أمل سريعة تسع الدنيا والمستقبل المشرق لهذه القضية التي قضى نحبه خادما أمينا لها.

- وصوّرت الكاميرا الأسيرات وذهبت إلى أبعد نقطة لا تتخيّلها عقول صانعة أفلام الرعب والإجرام، ومع هذا لم تستطع بعد تصوير آلام أمّ حذيفة جرّار التي قطعت قدميها وهي في بوسطة الاعتقال وما رأت من حجم الألم لهذه المرأة في غرفة عمليّاتهم؛ تُبتر القدمان بينما اليدان مكبّلتان بسرير العمليّات الجراحيّة وأسلحة السجّان مصوّبة على رأسها، يخافون منها ويغلقون منافذ الهرب رغم أنّهم أمام امرأة أضحت بسببهم بلا قدمين.

- وتجرأت هذه الكاميرا على التقاط مشهد الاغتصاب لأسيرتين، تردّدتْ كثيرا ولكنّها حسمت الأمر على تصوير المشهد بعيدا عن تفاصيله التي لا تطيقها قلوب الأحياء من البشر، نعم الأحياء لأن هناك بشرا ماتت قلوبهم ويمرّون على مثل هذه الصور مرور اللئام، دون أيّ اعتبار أو كلام لأنّ هذه المغتصبة من وطن اغتصبه شرّ خلق الله.

ولكنّك أيتها الكاميرا الصغيرة تحجمين هذه المرّة ولا تطلقين لحريّتك العنان، رغم أنّك حرّة لقلم حرّ، ما لك وما الذي جرى لهمّتك العالية وإرادتك الصّادقة؟

قالت الكاميرا بحزن وألم:

- أرجو أن تعفيني فالأمر صعب ومآلاته مريعة وعواقبه وخيمة، أنا أمام مشهد ترتجف له الكاميرا وتكلّ عن إرسال ضوئها وترجع البصر مرّات كثيرة، أتُفصح عمّا رأت وفي ذلك ضرر وصاعقة وقنبلة، كي لا تخدش حياء خير من عرفهم البشر. ولكن في المقابل، هذا المجرم الذي أوصله خياله المريض المتوحّش الذي سيطرت عليه كلّ مشاعر الشّذوذ التي عرفها ولم يعرفها البشر، أيجوز أن نتستّر على جرائمه بحجة أن لا نسيء إلى الضحيّة؟ وهل هذا بالفعل يسيء إليها أم أنّها هي الشاهدة والشهيدة، وهي الحجة الدامغة على من أعادوا الهولوكوست من جديد وأخرجوا للناس نسخة متطوّرة؟ لا عليكِ أيتها الكاميرا، صوّري وافضحي هذا القاع الانحطاطي الذي لم يصل إليه أحد.

- حسنا، إذا فإليكِ هذه الصورة بكل دقّة وبعيدا عن أيّ خيال لن يصل اليه كاتب لأن خيالهم الاجرامي لا يصل إليه أحد وسترى وتحكم.

نعقت سمّاعة القسم وزعقت بتشفّ مقيت وسخرية عالية:

- يا حيوانات، يا مساجين، يا حشرات يا صراصير، لقد قرّرت فرقة "كتر" أن تدعوكم لحضور فيلم ممتع وفي غاية الروعة، انظروا إلى الساحة، لقد بدأ الفيلم.. فُتح باب الساحة التي تحتضن اثنتي عشرة زنزانة على طابقين، كل ست منها في طابق. تجمهر الأسرى على البوّابات والنافذة التي تقف على يسار الباب، دفعت مجموعة من تلك الذئاب المسلّحة بكلّ أدوات القمع، كانوا قرابة العشرين يدفعون أمامهم أسيرا عاريا من كلّ شيء سوى عصبة تشدّ وثاقها على عينيه، وقيد يربط بين معصمي يديه وثان في قدمي رجليه، وثالث يربط ما بين القيدين. عرفه الأسرى وتهامسوا باسمه، كان من الأسرى القدامى الذين تجاوزا الثلاثين سنة في سجنهم والستين من عمرهم. بدا عليه الإنهاك وأخذ الألم كلّ صوره فرسم على وجهه أسوأ صورة للبؤس والشقاء لا يمكن أن يتخيّلها من يتقنون فنّ الخيال، سوى بريق في عينيه ساطع خارق واضح من معين تاريخ كان فيه بطلا أوجع عدوّه كثيرا وهو في ميدان فروسيّة الرجال، بينما هم هنا في ميدان الأسر يظهرون فروسيّتهم الشوهاء الجبانة على أسير مقيّد في ساحة أسر لا في ساحة الفرسان.

تقدّم أحدهم ففكّ العصبة عن عينيه، ثم تقدّم آخر مع كلب ضخم من كلابهم المدرّبة على شذوذهم الأفّاك، أطلق الحبل ليهجم الكلب بدوره في مسرحية تبادلت أدوارها ذئاب بشرية شاذة وكلاب مدرّبة على هذا الشذوذ، قفز الكلب على جسد الأسير المكبّل ليمارس ساديّة أسياده وليصنعوا مشهدا هوليوديّا جنسيّا تعجز عنه هذه الهوليود لو أرادت إخراج هذا المشهد الفظيع الشاذّ. حاول فارسنا دفع هذا الكلب الهائج بكل ما لديه من قوّة، رفع الأسرى عقيرتهم بكلّ قوة، ارتعد لها المكان بصيحات الله أكبر. يعرفون من سابق ما جرى ثمن هذا التكبير، أسوأ أشكال التنكيل والتكسير بانتظارهم ومع هذا علت صيحات التكبير.

وبدأت الحفلة الجماعية على موسيقى الرخّ النازية بنكهة صهيونية عتيدة، كالمعتاد هذه الأيام: هجمت عليهم عشرات الذئاب، تبدأ بضخ الغاز القاتل لتملأ بسحبها السوداء الزنازين ثم تكبيل الأسرى من تحت ركام سحب الغاز وسحلهم إلى الساحة، ثم تلعب العصيّ الحديدية على رؤوسهم وعظامهم ثم ّتطوف عليهم الكلاب بوجوهها التي تلبس الشبك الحديدي ومخالبها القاتلة، ثم يعادون إلى زنازينهم وهم على شفا الموت، لا يفصل بين موتهم وحياتهم إلا خيط رفيع يكاد أن يقطع في أية لحظة ولا يحسبون لذلك أيّ حساب. يخرجون من الحفلة وقد ضُربت كل مساحات الألم في نفوسهم وأجسادهم سوى بريق عيون تسكنها الإرادة الحرّة والأمل بالتحرير والخلاص من أسوأ شرذمة عرفتها البشريّة.

وتساءل القلم بعد أن رسم ما رسم:

- هل هناك كاميرا قد تصل إلى حدود مملكة الشرّ في هذه الصهيونازيّة العتيدة؟!

مقالات مشابهة

  • كل ما تريد معرفته عن المناظرة بين بايدن وترامب.. مواجهة مشتعلة
  • كل ما تريد معرفته عن المناظرة بين بايدن ترامب.. مواجهة مشتعلة
  • الكشف عن تفاصيل تعذيب الأسير بدر دحلان.. كيف حاله الآن؟
  • لا حدود لمملكة الشرّ.. اغتصاب الكلاب في سجون الذئاب! (قصة قصيرة من وحي السجون)
  • حكاية زينب ايرا.. حتى على الموت لا أخلو من الحسد!
  • المحامين تعلن ضوابط القيد بجدول النقابة
  • مجلس نقابة المحامين يعلن الضوابط الجديدة لقيد الأعضاء
  • حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
  • مجلس نقابة المحامين يعلن ضوابط جديدة للقيد بجدولها
  • "العقوبات البديلة" تغادر البرلمان على أمل المساعدة في تقليص الاكتظاظ في السجون