بأبهى حلّة.. لبنان يستقبل الشهر الفضيل رغماً عن الحرب والأزمات
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
لم تجر العادة يوماً في لبنان أن تؤثر الأزمات والحروب على احتفال اللبنانيين بالأعياد والمناسبات. وينطبق هذا الأمر هذا العام بالتمام والكمال على شهر رمضان الفضيل، الذي استقبله المواطنون في المناطق كافة بحبّ وسعادة.
فبين الفوانيس والعباءات المزركشة وانهماك السيدات بالتبضع لشراء حاجيات الإفطارات العائلية المبهجة، فتح الشهر الفضيل مع بدايته، باب الأمل بالنسبة لكثيرين، خاصة مع الواقع الأليم التي تشهده على وجه الخصوص المناطق الحدودية الجنوبية إثر الحرب الإسرائيلية على غزة.
إلا أن هذه الحرب لم تمنع صيدا وقراها من استقبال رمضان بالزينة والأضواء، هي التي عرفت على الدوام بـ"المدينة الرمضانية بامتياز". ومن هنا، للجولة في صيدا هذا العام طابع خاص حرصت على تأمنيه البلدية من خلال تزيين ساحة النجمة وجمعية تجار صيدا وضواحيها والأسواق التجارية، بينما تولّت لجان الأحياء وأصحاب المحال التجارية في مناطق عدّة كالست نفيسة، ساحة القدس، شارع محرم عارفي ودلاعة وغسان حمود وناتاشا سعد وسواها تزيينها وإنارتها.
كما نظّمت بعض الجمعيات مسيرة انطلقت من أمام مسجد الروضة حتى السوق التجارية، بعدما أضاءت ساحة ضهر المير التاريخية بالقرب من مركزها في صيدا القديمة، كما تقيم هذه الجمعيات الإفطارات وتوزّع سلّة غذائية على العائلات، فضلاً عن إقامة حفلات الإنشاد الديني والسهرات التراثية.
من الجنوب وصولاً إلى الشمال، وتحديداً في طرابلس التي "العيد فيها غير" نظراً للسحر الذي تحمله هذه المدينة في أعماقها وتجسّده في عاداتها. فقد عززت المبادرات الأهلية خلال الأيام الماضية من تزيين الشوارع وإضاءتها وتنظيم عدد من الأنشطة الشعبية.
واستقبل معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس للسنة الثانية على التوالي، مهرجان إطلاق المناطيد احتفالاً باستقبال شهر رمضان المبارك، وتجمع المئات من الأهالي في الباحة الرئيسة إحياءً للاحتفالية التي على اثرها تلألأت سماء المدينة بعدد كبير من المناطيد.
ولم يقتصر إحياء هذا النوع من المهرجانات في طرابلس، بل امتدّ إلى بلدات أخرى مثل سير الضنية وبخعون.
وعلى الرغم من سوء الوضع الإقتصادي الذي يعيشه لبنان، إلا أن الاستعدادات الشعبية تتمثل بازدحام الأسواق بالزائرين لشراء حاجيات الإفطار والسحور، فضلاً عن شراء الفوانيس والملابس التراثية للكبار والصغار.
أما في قلب العاصمة بيروت، فارتدت الشوارع والأسواق حلّتها وتأهبت لاستقبال الشهر الفضيل. ولهذه الغاية، نظمت شركة "إس إم إس" بالتعاون مع جمعية "أجيالنا" وشركة "سوليدير" مبادرة القرية الرمضانية بعنوان "بيروت العيد"، التي تمتدّ على طول شوارعها الأساسية حتى وسطها.
وتضمّ هذه القرية خيماً رمضانية، مسارح، مطاعم ومقاهٍ، فاتحة أبوابها للجميع من الساعة الخامسة بعد الظهر حتى الثانية فجراً. كما ستشهد سهرات رمضانية غنية من خلال حضور للحكواتي والمسحّراتي ولوحات صوفية ورموز أخرى.
كما يستضيف مركز "فوروم" باحة رمضانية أخرى بعنوان "معرض ليالي زمان"، تذكّر الناس برموز الشهر الفضيل، وتمتد على مساحة 10 آلاف متر مربّع، وهو من تنظيم شركة "إن أكشين إيفنتس"، إلى جانب "سوق الأكل"، يشارك فيه عدد من الحرفيين والباعة والفنانين. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشهر الفضیل
إقرأ أيضاً:
ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.
لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.
بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.
بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.
نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.
في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.
وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.
لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.
لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.
اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.
ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.
وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.
لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.
هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.
ضياء الدين بلال
إنضم لقناة النيلين على واتساب