في 12 شباط الماضي بدأ المسيحيون الذين يتبعون التقويم الغربي صومهم الكبير.
اليوم في 11 الشهر الجاري يبدأ المسلمون السنّة في لبنان والعالم العربي والإسلامي صيامهم الرمضاني، وغدًا يصوم المسلمون الشيعة.
في 18 الجاري يبدأ المسيحيون الذين يتبعون التقويم الشرقي الصيام الارثوذكسي.
فما يجمعه الصوم والصيام، مشفوعين بالصلاة والابتهالات والدعاءات وأعمال الخير والبرّ والرحمة، بين اللبنانيين لم يستطع أن يفعله "الأرضيون"، وإن كان ما بين هؤلاء اللبنانيين، أفقيًا، وحدة حال أكبر بكثير مما يباعد بينهم.
لبنان، الذي سيحتفل فيه "المسيحيون الغربيون" بعيد القيامة المجيد، ومن بعدهم المسلمون بعيد الفطر السعيد، ومن بعدهم "المسيحيون الشرقيون" بـ "العيد الكبير"، سيكون محكومًا بالتشارك بالصلاة لرب السموات والأرض، سواء في الكنائس أو الجوامع أو الحسينيات أو الخلوات، وستكون صلاتهم مسموعة لدى رب العالمين، وستثمر شاء من شاء وأبى من أبى وحدة صادقة لا لبس فيها، وسينتج عنها تضافر للجهود الساعية أولًا إلى تقليل الضرر الذي يمكن أن يلحق بهم وبوطنهم في "ساعة تخّل"، ومن ثم الانصراف إلى تمتين أواصر الدولة عبر انتخاب رئيس للجمهورية يكون بالفعل وليس بالنص الدستوري فقط رمزًا لوحدة الشعب والأرض والمؤسسات، وأن يتمكّن من جمعهم جميعًا تحت سقف القانون والحق والعدالة والمشاركة الحقيقية في الحقوق والواجبات.
فإذا انتهى صوم المسيحيين وصيام المسلمين من دون وصولهم جميعًا إلى قاسم مشترك واحد، وهو انقاذ دولتهم من الانهيار المحتم، يذهب صومهم وصلاتهم هباء، إذ لا يُعقل أن يحب أحد الاله الذي لا يراه وهو يكره أخاه، الذي يراه كل يوم، ولا يريد له الخير الذي يريده لنفسه.
فأي صوم وأي صلاة لا يؤدّيان مبتغاهما في الأرض كما في السماء لا يكونان مقبولين لا في الأرض ولا في السماء. وأي دعاء للعلي أن لم يمرّ عبر الآخر، أيًّا كان هذا الآخر، يكون دعاء لا يُرجى منه خير. فمحبة الله تبدأ بمحبة القريب والبعيد، ومحبة القريب والبعيد لا تكتمل إن لم تُقرن بالأفعال، ولن تكون هذه الأفعال مجدية إن لم تكن مجمعة على بذل المستطاع للحؤول دون انهيار هيكل الدولة على رؤوس الجميع. ومتى انهار الهيكل لن يسلم منه أحد، مسلمًا كان أم مسيحيًا.
لبنان يصّلي، ولكي تكون هذه الصلاة نافعة يجب أن تكون جامعة، ولكي تكون جامعة يجب أن تُترجم على أرض الواقع من خلال التكاتف والتعاضد ونبذ الأحقاد وشلّ قدرات التعطيل والالتفاف حول مشروع انقاذي واحد يجمع ولا يفرّق.
فمتى اقتنع اللبنانيون، مسلمين ومسيحيين، أنهم بصلاتهم الجامعة قادرون على اجتراح الاعاجيب يتحقّق الخلاص بعد طول انتظار، ويكون الإنقاذ حتميًا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً: