ما يزال منصب رئيس البرلمان في العراق خاليا، بعد الإطاحة برئيسه السابق محمد الحلبوسي بقرار من المحكمة الاتحادية العليا في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وسط انقسام حاد داخل البيت السياسي السني، حيال الشخصية البديلة التي تتولى رئاسة السلطة التشريعية.

ووفقا للعرف السياسي السائد في العراق بعد الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003، فإن منصب رئيس البرلمان ينحصر بشخصية من المكون السني، فيما تذهب رئاسة الحكومة إلى القوى الشيعية حصرا، بينما يتولى الأكراد رئاسة الجمهورية.



في 13 كانون الثاني/ يناير الماضي، أخفق البرلمان في انتخابات رئيس جديد بعدما لم يحصل أي مرشح على الأغلبية، إذ حقق النائب عن حزب "تقدم" شعلان الكريم، 152 صوتا مقابل 97 صوتا لمنافسه النائب عن "السيادة" سالم العيساوي، فيما أرجأت الجولة الثانية لاعتراضات شيعية على الأول.


فشل الوساطة
وكشفت وسائل إعلام محلية، السبت، أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، عقد اجتماعا مشتركا لقادة القوى السنية الرئيسة في البلاد (تقدم، السيادة، العزم)، من أجل اختيار شخصية واحدة لرئاسة البرلمان، لكنهم أخفقوا في ذلك ولم يتوصلوا إلى نتيجة.

وبينما يصر محمد الحلبوسي على أن يكون المنصب من حصة حزبه "تقدم"، فإن الخنجر زعيم "السيادة" رفض التنازل عن ترشيح النائب سالم العيساوي، فيما رهن مثنى السامرائي رئيس تحالف "العزم"، حسم المسألة بتوافق الأغلبية السنية، باتفاق مع الإطار التنسيقي، وفقا للإعلام المحلي.

وبعد فشل الاجتماع الذي رعاه رئيس الحكومة في التوصل إلى مرشح واحد، أعلنت ثلاثة كتل سُنية "السيادة، العزم، والحسم الوطني"، السبت، أنها قررت  ترشيح النائب الحالي، سالم مطر العيساوي، إلى منصب رئيس البرلمان خلفا للحلبوسي.

وأعلنت هذه القوى الثلاثة مقاطعة جلسات البرلمان، لحين حسم انتخاب رئيس جديد للسلطة التشريعية، فيما جمعت كتلة "تقدم" في البرلمان تواقيع 91 نائبا لمطالبة المجلس بإضافة مادة للنظام الداخلي تتيح فتح باب الترشيح للمنصب في حال لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة.

 لكن في المقابل، يصرّح نواب عن قوى الإطار التنسيقي الشيعي، بأنهم لن يحققوا النصاب في البرلمان لاختيار رئيس جديد، حتى تشارك القوى السنية في جلسة للتصويت على قانون لإخراج القوات الأميركية من البلاد، والذي تخلف عنها النواب السنة والأكراد وغالبية الشيعة، وبالتالي لم تنعقد الجلسة.

وقال النائب عن "الإطار" فالح الخزعلي، في تدوينة على منصة "إكس"، السبت، إن "أي شخص يطرح نفسه لرئاسة البرلمان إذا لم يتفق معنا لتشريع قانون إخراج القوات الأمريكية، فإننا سنرفضه. للعلم قرار المحكمة الاتحادية الزم محسن المندلاوي (رئيس البرلمان بالإنابة) بإدارة المجلس".

في 10 تشرين الأول/ فبراير الماضي، غرّد النائب نفسه، قائلا: "المندلاوي سيبقى رئيسا للبرلمان حتى نهاية هذه الدورة (أكتوبر 2025) وعلى القوى السنية التي تخلفت عن المضي بتشريع قانون إخراج القوات الأمريكية من العراق ألا يفكروا في الرئاسة. مثلما كسروا النصاب سنكسر رئاسة المجلس".


قرار شيعي
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، جبار المشهداني، إن "اختيار رئيس البرلمان قرار شيعي خالص، ولا علاقة له بالرغبة السنية أو عدد النواب كتلهم في ترشح شخص تولى الرئاسة، لأن هذا المنصب يمثل أهمية لإيران والمنظومة السياسية الشيعية بالبلد، كما هو الأمر في لبنان".

وأوضح المشهداني لـ"عربي21" أن "اختيار رئيس برلمان عراقي يؤثر في توازنات شيعية – شيعية، لذلك فإن الإطار التنسيقي الشيعي هو من يحدد من يتولى هذا المنصب، وذلك بالتشاور مع الجانب الإيراني، وكل ما عدا ذلك يُعد طبخ للحصى لا أكثر".

وتابع: "كل اجتماعات القادة السنة لا تقدم ولا تؤثر في اختيار شخصية تتولى رئاسة البرلمان العراقي، لذلك فإن الإطار التنسيقي الشيعي إذا قرر أن يكون فلان رئيسا، فسيحصل هذا الأمر مباشرة".

ولفت إلى أن "القوى الشيعية فرضت إرادتها السياسية على البلد بالكامل منذ عام 2003، سواء بوجود رئيس برلمان قوي أو ضعيف، موالٍ لها أو معارض، ودليل ذلك أنهم عندما يريدون التصويت على قانون معين فهم ليسوا بحاجة إلى السنة والأكراد، وهذا حصل مع إقرار قانون الحشد الشعبي في 2016".

وأكد المشهداني أن "الشيعة في البرلمان لديهم الأغلبية، ولا يؤثر عليهم وجود رئيس للمجلس من السنة أو الأكراد، لذلك فإن من يريد من هذين المكونين التصويت على قانون يخرج القوات الأمريكية مقابل انتخاب رئيس، عليه هو أن يمرر هذا القانون كونه يمتلك أغلبية".

رغم إعلان قوى الإطار التنسيقي الشيعي قبل يومين من موعد انعقاد جلسة إقرار قانون يخرج القوات الأميركية في 10 فبراير الماضي، أنهم جمعوا تواقيع أكثر من 100 نائب من أجل تشريع قانون، لكنه لم يحضر منهم إلى الجلسة سوى 77 نائبا، من أصل 183 نائبا.

ومع تغيّب غالبية نوابهم عن الحضور إلى البرلمان، لكن ذلك لم يمنع قوى  "الإطار التنسيقي" الشيعي من مهاجمة القوى الكردية والسنية، وتعليق فشل انعقاد الجلسة عليهم، فضلا عن توعدهم بعدم بتسمية رئيس جديد للبرلمان خلفا للحلبوسي جرّاء عدم تمرير قانون إخراج القوات الأمريكية.


مآرب إطارية
وفي المقابل، استبعد الكاتب والمحلل السياسي العراقي، عقيل عباس، وجود إرادة سياسية شيعية تسعى إلى تأجيل اختيار رئيس جديد للبرلمان إلى مرحلة الانتخابات المقبلة، وإنما هناك رغبة لدى الإطار التنسيقي في تصنيع طبقة سياسية سنية مطيعة لها تماما.

وأوضح عباس لـ"عربي21" أن "الحلبوسي كان طائعا للإطار التنسيقي، لكن ليس تماما، لأنه بدأ في تطوير حس مستقل منهم بشكل تدريجي، قادر على التحدي في سياق معين، ونتج عن ذلك دخوله في التحالف الثلاثي السابق مع التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني".

وأردف: "فضلا عن أن لدى الإطار التنسيقي شعور بأن المجاميع الكبرى تفككت باستثناء السنة، بمعنى أن الأكراد متصارعين، والشيعية أيضا منقسمين إلى إطاريين وصدريين، لكن سياسيي المكوّن السني كانوا تحت زعيم واحد وهو الحلبوسي قبل الإطاحة به".

ورأى عباس أن "الإطار التنسيقي يريد حاليا صناعة طبقة سياسية سنية لا تستطيع أن تعترض جديا على ما يريده، لذلك فإنهم يريدون أن تنتج هذه الطاعة شخصية سنية من الفرقاء السنة أنفسهم، بمعنى يكون قبول سني عام أنهم تابعين- ليس بشكل علني-، وأن تتقبل الزعامة السنية الجديدة هذه الفرضية".

وفسّر الخبير العراقي، ذلك بالقول: "أي ينتج زعيم سني من الإرادة السنية- حتى لا يقال إنه فرض من خارجها- لكنه هذه الإرادة تكون طائعة للإطار التنسيقي، لأن الأخير بعدما أزاح الصدريين من المشهد سيطر بشكل كامل على إدارة الدولة وموارد البلاد".

وخلص عباس إلى أن "تحالف إدارة الدولة الذي تشكّل من القوى الشيعية والسنية والكردية الفائز في الانتخابات البرلمانية عام 2021، وتبنى بعدها تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، باعتقادي لا قيمة له، وإنما من يدير البلد حاليا هو الإطار التنسيقي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية البرلمان العراق الحلبوسي رئيس جديد العراق البرلمان رئيس جديد الحلبوسي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإطار التنسیقی الشیعی القوات الأمریکیة رئیس البرلمان اختیار رئیس رئیس جدید لذلک فإن

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض: انقطاع التمويل الحكومي قد يعيق انتقال السلطة إلى ترامب

البيت الأبيض: انقطاع التمويل الحكومي قد يعيق انتقال السلطة إلى ترامب

مقالات مشابهة

  • تعديل قانون الانتخابات.. خيار 2021 أبرز المقترحات على طاولة البرلمان العراقي
  • وزراء باقون رغم الأداء المتراجع.. من يدفع ثمن الجمود السياسي؟
  • طارق الشناوى يعلق على اختيار منصب رئيس الرقابة على المصنفات الفنية الجديد
  • حكومة الإطار ترسل للبرلمان التعديل الرابع لقانون الانتخابات لتكريس الحكم الإيراني في العراق
  • البيت الأبيض: انقطاع التمويل الحكومي قد يعيق انتقال السلطة إلى ترامب
  • البرلمان يعتزم مفاتحة السوداني.. هل يفتح باب التطوع بصفوف الجيش العراقي؟
  • البرلمان يوافق على إنشاء قاعدة بيانات للمستفيدين من الضمان الاجتماعي (تفاصيل)
  • جلسة مرتقبة في درنة: البرلمان يناقش مقترحات قوانين هامة
  • البرلمان العراقي يلغي قراراً لوزارة التعليم بشأن الكورد في جامعة كركوك
  • المحاولات بدأت منذ 10 أعوام.. الإطار التنسيقي: حل الحشد سيقودنا لمنزلقات خطيرة