تمكين المرأة شرط أساسي لتعافي أفغانستان
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
دينا محمود (لندن)
أخبار ذات صلة تحذيرات أممية من أي هجوم بري إسرائيلي على رفح الأمم المتحدة: عمليات الاستيطان وصلت إلى «مستويات صادمة»بعد أقل من أسبوع على تجديد الأمم المتحدة دعوتها لاحترام حقوق الإنسان في أفغانستان ووضع حد لأي ممارسات تمييزية تعاني منها النساء والأقليات، شدد متابعون للشأن الأفغاني على أن استعادة المرأة لحقوقها تشكل خطوة لا غنى عنها، من أجل وضع هذا البلد على طريق التعافي، بعد عقود من الاضطرابات.
وأكد هؤلاء الخبراء أن نجاح أي مساعٍ تُبذل من أجل مساعدة أفغانستان على الانتقال من حالة البلد المنكوب بالحروب والصراعات إلى وضع يسوده السلام والاستقرار يتوقف على مدى فاعلية الجهود المبذولة بشكل مشترك من جانب السلطات الحاكمة في كابول والمجتمع الدولي، لتمكين المرأة الأفغانية.
وأشاروا في هذا الإطار إلى ما أبرزه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير حديث له، من أن هذا التمكين يمثل أحد الجوانب بالغة الأهمية للمضي على طريق إنعاش الاقتصاد الأفغاني، على ضوء أن المرأة تشكل عنصراً محورياً في عملية إعادة البناء الاقتصادي لأفغانستان. وأكد البرنامج، الذي يمثل شبكة معنية بالتنمية العالمية تابعة للأمم المتحدة، أن جهوده لدعم أي مبادرات مطروحة على هذا الصعيد لا تهدف للتعامل مع ما يواجهه الأفغان من تحديات اقتصادية آنية فحسب بل ترمي أيضاً إلى توفير بيئة شاملة، يُمكن للمرأة الأفغانية الإسهام في ظلها في عملية النمو الاقتصادي والاستفادة من ثمار ذلك الأمر أيضاً.
كما تستهدف هذه الجهود تفعيل استراتيجيات التنمية في أفغانستان على المدييْن القصير والطويل، وذلك في وقت يقف فيه هذا البلد، حسبما قال محللون في تصريحات نشرتها منصة «بي إن إن بريكينج» الإلكترونية، أمام مرحلة حاسمة من تاريخه وعلى مفترق طرق بين التحركات الرامية لإحلال السلام فيه والإرث الثقيل للصراعات التي عصفت بأراضيه، منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي.
واعتبر المحللون أن دعم العالم للأفغان في هذه المرحلة ضروري، لتمهيد الطريق نحو تحقيق تنمية شاملة في وطنهم، وتبديد أي مخاوف تكتنف أوضاعهم حالياً ومستقبلاً، مشددين على أن التزام المجتمع الدولي بالاضطلاع بدور مُساند للمرأة الأفغانية، يكتسي أهمية قصوى، لضمان أن تصبح أفغانستان دولة مزدهرة ومسالمة.
وسبق أن حذر مسؤولون أمميون من أن فرض السلطات الحاكمة في كابول قيوداً على قدرة المرأة على ممارسة حقوقها في العمل والدراسة يمثل سبباً رئيساً في تفاقم المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها أفغانستان، مؤكدين أنه سيتعذر تحقيق النمو والحد من الفقر من دون تمكين النساء ورفع القيود التي تكبل حركتهن.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أفغانستان الأمم المتحدة تمكين المرأة
إقرأ أيضاً:
الطريق إلى الأمام في سوريا
ترك انهيار نظام الأسد في سوريا - حيث لم يخبر الرئيس بَـشّار الأسد حتى أقرب مساعديه قبل فراره إلى موسكو - القوى الإقليمية والدولية تتدافع لتثبيت الاستقرار في البلاد.
بطبيعة الحال، بُـذِلَـت محاولات عديدة لاستعادة الاستقرار في سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، بعد أن قمع الأسد بوحشية مظاهرات الربيع العربي السلمية. وعلى الرغم من الإخفاقات العديدة، يظل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي اعتُـمِد بالإجماع في ديسمبر 2015، يشكل حجر الزاوية في الجهود الدبلوماسية الدولية الرامية إلى حل الصراع السوري. فهو يوفر خريطة طريق واضحة للانتقال السياسي بقيادة سورية في ظل دستور جديد، مع انتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة وتدابير لضمان الحكم الشامل. الواقع أننا لم نشهد بَـعد سوى أقل القليل من التقدم على أي من هذه الجبهات. ذلك أن اللجنة الدستورية، وهي الهيئة المكلفة بتنفيذ القرار 2254، تجسد الإمكانات والقيود التي تحكم عملية الأمم المتحدة، وتضم ممثلين عن نظام الأسد، والمعارضة، ومنظمات المجتمع المدني، كان من المفترض أن تقوم بصياغة دستور جديد يصلح كأساس لتسوية سياسية، لكن اللجنة لم تحقق شيئا جوهريا يُـذكَـر بعد جولات عديدة من الاجتماعات في جنيف، بسبب العراقيل التي يضعها الوفد التابع للنظام. لم يواجه النظام أية عواقب نتيجة لعرقلة العملية، لأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذاته كان منقسما بشدة. فقد تمكنت روسيا باعتبارها عضوا دائما يتمتع بحق النقض من حماية الأسد من أي عمل دولي أكثر قوة، وكان تدخلها العسكري في عام 2015 سببا في إنقاذ نظام الأسد وتغيير توازن القوى على الأرض جوهريا. وفي حين حاول مبعوث الأمم المتحدة الخاص جير بيدرسن كسر الجمود من خلال إغراء النظام باحتمال تخفيف العقوبات، فلم يكن لمثل هذه المقترحات أي أثر. الآن، وعلى نحو مفاجئ، أصبح كل شيء مختلفا. وفي حين كان رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين أول مسؤول رفيع أجنبي يسافر إلى دمشق بعد سقوط النظام، كان الثاني (وفقا لما بلغنا من عِـلم) بيدرسن. علاوة على ذلك، تقول حكومات عديدة إنها على اتصال مع جماعة هيئة تحرير الشام، وحكومتها المؤقتة. ولم تمثل حقيقة أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى لا تزال تصنف هيئة تحرير الشام رسميا على أنها منظمة إرهابية أي مشكلة. برغم أن أمورا عديدة تظل غير مؤكدة، فإن خريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة في عام 2015 تظل الخيار الأفضل لضمان الحكم الشامل، وهو شرط أساسي للاستقرار في سوريا. لكن السؤال هو ما إذا كانت كل القوى المحلية والإقليمية لتوافق على هذه العملية.
لم تتردد إسرائيل في الدفع بقواتها إلى ما وراء مرتفعات الجولان، لتتخلص بذلك من الترتيب الذي ساد منذ حرب أكتوبر 1973 (عندما أشعلت حتى المكاسب الضئيلة التي حققتها في المنطقة المشاعر في مختلف أنحاء العالم العربي). كما نفذت ضربات جوية استباقية ضد ما تبقى من المعدات العسكرية ومرافق الأسلحة في سوريا.
من منظور تركيا، يتلخص السؤال الأكبر في ما إذا كانت تستطيع قبول إطار الحكم السوري الذي يشمل الأكراد. تتمثل أولوية الحكومة التركية في تهميش أي عناصر مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره جماعة إرهابية (كما تفعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي). من الناحية المثالية، قد تساعد تسوية جديدة في سوريا حتى في نزع فتيل القضية الكردية في تركيا ذاتها. يكمن أحد المخاطر الواضحة في إقدام بقايا تنظيم (داعش) على استغلال حالة انعدام اليقين الجديدة لتعزيز موقفها. لكن كلا من هيئة تحرير الشام والجماعات الكردية المختلفة حاربت داعش لسنوات، وسوف تكون الآن أكثر تصميما على مقاومتها. يتمثل أحد مواطن القوة الرئيسية في عملية الأمم المتحدة في غياب أي بدائل مواتية؛ فإذا انهارت، ستكون النتيجة كارثية لجميع الأطراف المعنية. ويُـظـهِـر تركيز المتمردين المنتصرين على بناء وصيانة مؤسسات الدولة أنهم يدركون المخاطر حق الإدراك. لكي تنجح هذه العملية، يجب أن يتولاها السوريون من أجل السوريين، ولكن بمساعدة خارجية. الواقع أن الوضع الإنساني مروع ويتطلب اهتماما فوريا. وينبغي للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن يوضحا لكل القوى الفاعلة ذات الصلة أنهما على استعداد لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا دعما للانتقال السياسي. المخاطر مرتفعة بشكل خاص بالنسبة لأوروبا، التي لا تزال أزمة اللاجئين من عام 2015 تطارد سياساتها. وتكرار تلك الحال سيكون كابوسا. وتركيا، بطبيعة الحال، لديها مصلحة حيوية في الاستقرار على حدودها. فقد استضافت لفترة طويلة ملايين اللاجئين السوريين الذين ترغب في إعادتهم إلى ديارهم، والآن يُـعـرِب كثيرون منهم عن استعدادهم للرحيل. الواقع أن العملية التي تنتظرنا ستكون طويلة ومعقدة. فلم يكن حكم سوريا مسألة بسيطة قط. وإذا بدأت أي من القوى الرئيسية ملاحقة أجندتها الخاصة من جانب واحد، فقد تتدهور الظروف بسرعة. مع ذلك، تمثل عملية الأمم المتحدة أفضل طريق إلى الأمام، وهذا يمنح المنظمة الفرصة لكي تثبت للعالم أنها تظل تشكل عنصرا لا غنى عنه في مثل هذه المواقف.
كارل بيلت هو رئيس وزراء ووزير خارجية السويد السابق.
خدمة بروجيكت سنديكيت