بعد فشله في خيارات القصف وسياسة الأرض المحروقة: الكيان الصهيوني يواصل الإبادة الجماعية عبر بوابة التجويع
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
فتات الطعام الذي ألقته أمريكا جواً يثير الانتقادات والرفض الشعبي الفلسطيني حجم المساعدات التي أُسقطت من الجو على القطاع لا يعادل حمولة شاحنتين ويعرض المواطنين للإذلال ولا جدوى منه
الثورة/ أحمد السعيدي
في عالمنا يلهث الأغلبية بإرادتهم وراء نظام ريجيم لإنقاص الوزن، للتخلص من الدهون والتمتع بجسم مثالي وقوام رشيق يكون محل إعجاب الناس.
لم تكتف إسرائيل بقصف البيوت والمنازل للسكان المدنيين شمال غزة لقتل من رفض النزوح من أرضه، لكنها لجأت إلى سلاح جديد وهو العقاب الجماعي بفرض “التجويع” و”التعطيش” على كافة السكان في غزة، وذلك بمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى هذه المنطقة.
فيما أشلاء الضحايا الفلسطينيين تنتشر في كافة مدن شمال غزة ولا يسمح بدفنها من قبل الجيش الإسرائيلي، حتى باتت هذه الجثامين وجبات يومية للكلاب الضالة، يتعمد الإسرائيلي رفض إيصال أي مساعدات لشمال غزة، بقصد القتل بسلاح التجويع.
تقصف البحرية الإسرائيلية التي تسيطر على المياه قبالة قطاع غزة ما أمكن لقوافل المساعدات الغذائية من الدخول، وتواصل السلطات إغلاق المعابر تاركة اثنين مليون و(400) ألف نسمة يواجهون خطر الموت جوعاً.
أطفال يموتون جوعاً
مصادر صحية في قطاع غزة أكدت ارتفاع عدد الأطفال المتوفين بسبب سوء التغذية وعدم توفر العلاج والوقود في مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة إلى 16 شهيدا حتى يومنا هذا، حيث يواجه الأطفال الجفاف الشديد وسوء التغذية، في ظل خروج المستشفى من الخدمة، وهذا الحال يمتد خارج مستشفى كمال عدوان إلى كافة أطفال غزة ممن باتوا في مهب المجاعة بعد الإصابة بسوء التغذية، وهم الفئة الأكثر تتضررا من هذا النقص الحاد في الغذاء، لم تعد تتوفر لهم الوجبات الثلاث، وصارت أوزانهم تقل 5 كيلو جرام عن التقدير الطبيعي، نتيجة سوء التغذية ونقص الغذاء الحاد… وبعد الخطورة العالية على حياة الأطفال والرضع نتيجة سوء التغذية، تأتى الحوامل وكبار السن، والمرضعات بشكل خاص فالمرضعة لا تجد الطعام كي تستمر في الرضاعة الطبيعية لطفلها، ما جعل انقطاع اللبن لدى المرضعات أمراً شائعاً في غزة، ومن أضرار سوء التغذية على الصحة والجسم أنها سبب في الكثير من الأمراض الصحية الخطيرة كإصابة الطفل أو الرضيع بـ«لين العظام»، والهزال العام والوهن، فضلا عن تضرر حالة المناعة، فقر الدم الشديد، اضطرابات حادة في النمو، تأثر الحالة العقلية بالسلب، والتغيرات الهرمونية الناتجة عن سوء التغذية، وقد أكد أحدث تقرير لـ«يونيسيف» أن جميع الأطفال دون سن الخامسة في قطاع غزة – 335 ألف طفل – معرضون بشدة لخطر سوء التغذية الحاد والوفاة التي يمكن الوقاية منها، مع استمرار تزايد خطر المجاعة. وتقدر اليونيسف أنه في الأسابيع المقبلة، سيعاني ما لا يقل عن 10 ألاف طفل فلسطيني دون سن الخامسة من أكثر أشكال سوء التغذية التي تهدد حياتهم، والمعروفة باسم الهزال الشديد، وسيحتاجون إلى أغذية علاجية.
أعراض المجاعة
في قطاع غزة تبدأ أعراض المجاعة بالظهور تدريجياً من الأطفال ثم المسنين حتى تصل للشباب حيث يبدأ الجسم في الانهيار أمام الشعور بالجوع، فيبدأ الوزن ينقص رويدا، والنمو يتوقف ونلاحظ في الأطفال بعمر الـ6 شهور وحتى عمر السنة زيادة زهيدة جدا لا تكمل الـ500 جرام شهريا إن وجدت، وكذلك فقدان حاد في الوزن في كبار السن والشباب والسيدات وكذلك الرجل لأكثر من 15 كيلوجراماً في أقل من شهر، وهى نسبة خطيرة وقاتلة، الرضع أقل من 6 شهور الأكثر عرضة للوفاة ولا يمكن للأطباء إسعافهم من أعراض المجاعة، لأن أعراض الجفاف تظهر على الطفل بوتيرة سريعة وتتطور للأسوأ خلال وقت قصير، ضعف حاد في البنية الجسمانية، يليهم الأطفال الأكبر سنا حتى عمر الخمس سنوات.
الإبادة عبر التجويع
تشير الأرقام أن 5 % فقط من سكان غزة يتناولون ثلاث وجبات بشكل يومي، وأن ما يقارب 20 % من سكان غزة يتناولون وجبتين، فيما يتناول 75 % من سكان غزة وجبة واحدة، وأشارت الأرقام إلى رصد الفرق الطبية الفلسطينية لأكثر من 600 ألف حالة تعاني من أعراض في الجهاز الهضمي، أمراض وبائية شديدة نتيجة نقص الغذاء، من أهمها أعراض الإسهال وارتفاع درجة الحرارة، مع التسمم وغيرها، المرصد الأورو متوسطى أعتبر أزمة التجويع في غزة أزمة غير إنسانية ورصد بالفعل حالات وفيات نتيجة الجوع، وأضاف أن طحن العلف الحيواني وتناوله أحد أخطر وأهم الظواهر التي نبتت مع المجاعة»، فضلا عن النقص الحاد في لبن الأطفال الرضع الذي يفاقم الأزمة بشكل كبير، وحذّر المرصد الأورومتوسطي من مخاطر تصاعد ضحايا نهج التجويع الإسرائيلي لسكان غزة، لاسيما في صفوف الأطفال والمسنين، وذلك في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضدهم منذ السابع من أكتوبر الماضي، مؤكدا تنامي خطر المجاعة بين 2.4 مليون نسمة في غزة بالتزامن مع تدهور شديد الخطورة في الصحة والتغذية والأمن الغذائي، وتزايد حالة الوفيات بفعل تفشي الأمراض المعدية والنقص الشديد في خدمات الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة، مشيرا لتوثيقهم حالات وفاة جوعا لعدد من المسنين في مناطق متفرقة من غزة بفعل تداعيات معاناتهم من الجوع والجفاف، منهم سميرة أبو بربر، (59 عامًا)، وعصام النجار، (63 عامًا) وجودة زيدان شاكر الآغا، (81 عامًا)،.
وجدّد المرصد التأكيد على أن الجانب الإسرائيلي أفرغ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2720 الذي صدر مؤخرا، بشأن توسيع المساعدات الإنسانية إلى غزة، من مضمونه وما تزال تستخدم التجويع سلاحًا ضد المدنيين الفلسطينيين.
مجزرة الباحثين عن الطعام
لم يكتف العدو الصهيوني بحصار أهل غزة ومنعهم من الغذاء، بل أن القوات الصهيونية ارتكبت مجزرة مروعة راح ضحيتها 113 شهيداً و760 جريحاً جراء استهداف قواته لفلسطينيين كانوا ينتظرون شاحنات مساعدات في غرب مدينة غزة، إذ قام الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يتمركزون قرب دوار «النابلسي» في غرب غزة، بفتح النار على الحشد الذي اندفع نحو الشاحنات لدى وصولها إلى الدوار، وكان تدافع المواطنين نتيجة الوضع الإنساني القائم فمئات آلاف الأشخاص في شمال قطاع غزة يعانون من الجوع ولا يجدون ما يأكلونه، والمساعدات التي تدخل القطاع المحاصر شحيحة أصلاً، ولا يصل منها إلا ما هو نادر جداً إلى الشمال المدمّر على نطاق واسع وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، شاحنات تحمل العديد من الجثث. وتحققت «رويترز» من موقع مقطع مصور في دوار النابلسي يظهر شاحنات محملة بالعديد من الجثث، بالإضافة إلى جرحى.
إلقاء القنابل والمساعدات لا يجتمعان
الولايات المتحدة الأمريكية الداعم المستمر للكيان الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية على غزة منذ 5 أشهر، وتقديمها مختلف أنواع الأسلحة والذخائر الفتاكة٬ انضمت إلى دول أخرى في إنزال المساعدات لقطاع غزة جواً، في مشهد متناقض وصف بـ»المسرحية» من قِبل منظمات دولية٬ خصوصاً أن هذه الإنزالات لا تسمن أو تغني من جوع، حيث وصف المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، يوم الأحد 3 مارس/آذار 2024، الإنزالات بأنها «غير مجدية٬ وأن حجم المساعدات التي أُسقطت من الجو على القطاع لا يعادل حمولة شاحنتين٬ وهو أمر أشبه بنقطة في بحر بالنسبة لنحو 700 ألف فلسطيني محاصرين ويقتلون بالتجويع في شمال قطاع غزة، نوع المساعدات لا يلبي حاجة المواطنين في غزة، حيث تلقي الطائرات الأمريكية وجبات جاهزة مفعولها ينتهي في ساعات.
مشاركة أمريكا التي تقتل الفلسطينيين وتلقي عليهم بعض الفتات من الطعام أثارت العديد من الانتقادات والرفض الشعبي الفلسطيني٬ لأن الولايات المتحدة تشارك بعملية قتل الفلسطينيين في غزة٬ ولا تزال تمد إسرائيل بمختلف أنواع التسليح والمال والحصانة الدبلوماسية في حربها على القطاع التي قتل بها الاحتلال أكثر من 30 ألف فلسطيني وأصاب عشرات آلاف الجرحى٬ ودمر 80 ٪ من البنية التحية ومساكن القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: سوء التغذیة قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
كاتب فرنسي: كنت أشكك في الإبادة الجماعية بغزة أما الآن فلا
كنت من الذين رفضوا استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" لوصف الحرب في غزة، ولكن التطورات الأخيرة على الأرض لا تترك مجالا للشك حول الطبيعة الحقيقية للنوايا والأفعال التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية.
هذا ما لخص به الكاتب الصحفي ورئيس التحرير السابق للمجلة الشهرية "البدائل الاقتصادية"، غيوم دوفال، موقفه الجديد مما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، وذلك في مقال رأي له بمجلة لوبس الفرنسية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مخاوف روسية من مواجهة عسكرية وشيكة بين أميركا وإيرانlist 2 of 2صحيفة روسية: هل تستعد واشنطن لعملية برية في اليمن؟end of listولفت، في البداية، إلى أنه ظل، على الرغم من حقيقة أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين أعربوا مرارا وتكرارا عن نوايا إبادة جماعية واضحة في هذا الصدد، يرى أن مصطلحي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كانا كافيين لوصف مثل هذه الأفعال، وكان يعتقد أن من المهم عدم المخاطرة بإساءة استخدام كلمة "الإبادة الجماعية".
لقد انتهكت الحكومة الإسرائيلية من جانب واحد الهدنة التي تم توقيعها برعاية الرئيس جو بايدن وقامت باستئناف الحرب والقصف، معرضة حياة الرهائن المتبقين للخطر ومتسببة، مرة أخرى، في مقتل الآلاف من المدنيين الإضافيين، بما في ذلك الكثير من الأطفال.
وأبرز دوفال أن إسرائيل لم تتوقف عند هذا الحد، بل فرضت حصارا كاملا على القطاع منذ أكثر من شهر، ومنعت دخول أي مواد غذائية أو وقود أو مياه أو كهرباء أو أدوية إلى غزة، مما يعني أن المجاعة لم تعد منتشرة في جميع أنحاء القطاع فحسب، بل هناك أيضا نقص في مياه الشرب والقدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.
إعلانوذكر بأن المادة 2 من الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها تعرف هذه الجريمة بأنها "أي من الأفعال التالية المرتكبة بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه، كليا أو جزئيا:
(أ) قتل أعضاء مجموعة معينة.
(ب) إلحاق ضرر جسيم بالسلامة البدنية أو العقلية لأعضاء المجموعة.
(ج) فرض ظروف معيشية متعمدة على تلك المجموعة من شأنها أن تؤدي إلى تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
(د) فرض تدابير تفضي إلى منع الولادات داخل المجموعة.
(هـ) النقل القسري للأطفال من المجموعة إلى مجموعة أخرى".
وكما هي الحال منذ عام ونصف العام، فمن المستحيل تقديم تقارير دقيقة عن الوضع في غزة، لأن الحكومة الإسرائيلية تمنع أيضا وصول الصحفيين لهذه المنطقة، ولكن هذه التطورات الأخيرة لا تترك للأسف مجالا للشك حول الطبيعة الحقيقية للنوايا والأفعال التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، وحتى لو كان الأمر متروكا بطبيعة الحال لقضاة المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ القرار في نهاية المطاف، فقد أصبح من المستحيل لأي شخص عاقل أن يرفض فكرة أننا نتعامل الآن بالفعل مع إبادة جماعية بموجب الحالات الثلاث الأولى المنصوص عليها في الاتفاقية، وفقا للكاتب.
وأردف دوفال قائلا: "أمام هذه القفزة النوعية الكبرى في فظاعة السياسة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، بمباركة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن استمرار تقاعس الاتحاد الأوروبي يصبح، بما في الكلمة من معنى، عملا إجراميا. ولكن على النقيض من هذا الوعي، اعتبرت كايا كالاس، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، أنه من الضروري تعزيز علاقات الاتحاد الأوروبي مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، في حين انتقدت الموقف الذي كان سلفها جوزيب بوريل قد اتخذه إزاء نتنياهو".
إعلانوانتقد دوفال، الذي تولى كذلك كتابة خطابات الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية جوزيب بوريل دول الاتحاد الأوروبي، قائلا إن "سلبية الزعماء الأوروبيين في مواجهة تصرفات حكومة نتنياهو لا يمكن أن توصف بأي شيء آخر غير التواطؤ النشط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".