شكّل ألمان من أصل تركي تحالفا لخوض انتخابات البرلمان الأوروبي بغرض إيصال صوت جاليتهم التي تعد من كبرى الجاليات في البلاد، لكن مبادرتهم تثير مخاوف في برلين، وسط شكوك بارتباطها بأنقرة.

وتأسس "التحالف الديمقراطي من أجل التنوع والتجديد" -الذي يعرف اختصارا باسم (DAVA) أو "دعوة"- أواخر عام 2023.

ورغم أنه لم يصبح بعد رسميا حزبا سياسيا، فإنه يمكن لتحالف "دعوة" أن يخوض -باعتباره جمعية- الانتخابات الأوروبية المقررة في التاسع من يونيو/حزيران المقبل.

ويؤكد فاتح زينغال أحد أعضائه المؤسسين أن برنامج الحزب يركز على الاندماج، ويرغب حصرا في ملء "فراغ سياسي" للألمان من أصول أجنبية "الذين لا يشعرون براحة لممارسة السياسة، خصوصا في صفوف الأحزاب التقليدية".

وتعليقا على الشكوك المثارة بشأن صلات هذا التحالف بالحزب الحاكم في تركيا، قال زينغال (44 عاما) الذي يعمل محاميا: "لسنا فرعا لحزب العدالة والتنمية، ولسنا ذراعا عسكرية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

وشغل زينغال -الذي سيكون على رأس قائمة مرشحي التحالف في الانتخابات الأوروبية- لفترة طويلة منصب المتحدث باسم اتحاد الديمقراطيين الدوليين. ويؤكد أنه لم يعد يتولاه حاليا.

ويعتقد زينغال أن الحزب الناشئ قادر على الفوز بمقعد واحد على الأقل من المقاعد الـ96 لألمانيا في الانتخابات.

ومن المرشحين الآخرين للتحالف الطبيب علي إحسان أونلو الذي تولى لأعوام رئاسة الفرع الإقليمي بولاية ساكسونيا السفلى للاتحاد التركي الإسلامي (ديتيب)، وهو أكبر منظمة إسلامية في ألمانيا يتم تأهيل أئمتها من قبل المؤسسة الدينية في أنقرة.

مخاوف وتطمينات

وباتت الصحافة الألمانية تطلق تسمية "حزب أردوغان" على التحالف الناشئ الذي تنظر إليه أحزاب أخرى بريبة. وقال ماكس لوكس، النائب عن حزب الخضر المنضوي في الائتلاف الحكومي الألماني، إن كل الكوادر القيادية لتحالف "دعوة" مرتبطة حاليا أو سبق لها الارتباط "بمنظمات تابعة لحزب العدالة والتنمية، بشكل مباشر أو غير مباشر".

ورأى لوكس أن تحالف دعوة هو "ذئب متنكر بجلد حمل. بالنسبة إليه، لا هدف للتنوع ومناهضة العنصرية سوى في هذا الاتجاه"، واصفا إياه بـ"النسخة التركية من (حزب البديل من أجل ألمانيا)"، في إشارة إلى الحزب اليميني المتطرف.

وفي هذا الإطار، أبدى المحافظون في ائتلاف المستشار أولاف شولتس معارضتهم تعديلا قانونيا أتاح ازدواج الجنسية للمتحدرين من دول مثل تركيا، مما يسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأوروبية في ألمانيا.

واتهم النائب في الاتحاد المسيحي الديمقراطي ثورستن فراي التحالف التركي بأنه "بوابة دخول جديدة للنفوذ الخارجي إلى السياسة الألمانية".

ويؤكد فاتح زينغال أنه انتمى سابقا إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه المستشار الحالي أولاف شولتس. ويقول "في الماضي، خصوصا عندما كنت طفلا، سمعت غالبا أن على أبناء المهاجرين أن ينخرطوا بشكل أكبر في الحياة السياسية… وها قد قمنا بتأسيس مجموعتنا".

من جهته، يدعو رئيس الجالية التركية في ألمانيا غوكان سوف أوغلو إلى التروي في مقاربة المسألة. ويقول إن تيارات أخرى قامت بمحاولات مماثلة "لكنها لم تنجح، ودعوة لن تنجح كذلك".

لكنه يرى أن الاهتمام الذي أثاره التحالف يظهر أن العديد من الألمان المتحدرين من أصول أجنبية "لا يشعرون بأن الأحزاب التقليدية تمثلهم".

وتقيم في ألمانيا -القوة الاقتصادية الكبرى في الاتحاد الأوروبي– أكبر جالية لذوي الأصول التركية في العالم، ويقدر عددهم بنحو 2.8 مليون نسمة.

ويتحدر غالبية هؤلاء من العمال الذين قدموا إلى ألمانيا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي لتعويض النقص في اليد العاملة. ويحمل نحو نصفهم جوازات سفر تركية فقط، بينما يحمل الباقون الجنسية الألمانية حصرا. ويحظى أردوغان بشعبية واسعة في صفوف الجالية في ألمانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الانتخابات الأوروبیة فی الانتخابات فی ألمانیا

إقرأ أيضاً:

السلطان أردوغان في السودان

رجب طيب أردوغان قائد تركي تاريخي من الوزن الثقيل. نجح الرجل في إخراج تركيا من قبضة حكم العسكر المباشر أو غير المباشر مرة والي الأبد ووضع المؤسسة العسكرية التركية الأبوية الناتوية في علبها. وهنا تكون الديمقراطية التركية مدينة للسلطان إردوغان الإخواني بخطوة جبارة للأمام رغم إنها ككل الديمقراطيات تظل غير مكتملة.

ولو أثبت التاريخ في المستقبل أن إردوغان وضع لبنة في صرح صالح بين الإسلام السياسي ونوع من الديمقراطية فسيكون ذلك إسهاما تاريخيا بكل المقاييس يستحق جائزة نوبل للسلام ست مرات. ولكن هذه قضية سيحسمها تطور المسار السياسي في المستقبل. حاليا نلاحظ أن تركيا – تحت السلطان الأخواني – دولة ديمقراطية في أمس قريب ولت البنك المركزي، أهم مؤسسات الدولة، لشابة مليحة جات من أمريكا ويستطيع المسلم أن يحتسي بيرة تركية، نسيت إسمها، في أزقة إسطنبول لكن بصراحة نبيذ الخطوط الجوية التركية تافه.
أيضا شهد عهد السلطان إردوغان تحرر القرار الوطني التركي من التبعية لأي جهة مثل أمريكا والغرب وروسيا. وصار ديدن السلطان أن يتخذ القرار الذي يري فيه مصلحة تركيا (أو مصلحته) وليشرب بوتين وبايدن وشرودر البحر.

ومن بركات السلطان إردوغان إنه فرض علي المنظمات الدولية والإعلام العالمي إستعمال اسم دولته “تركيا” وليس “تيركى” كما يسميها الفرنجة وتيركى هو ديك الروم الشين ولكن هذه قضية جانبية.

وبلغت الجرأة بالسلطان أن طلب الإنضمام لمجموعة البريكس مع أن تركيا عضو شديد الأهمية الأستراتيجية في حلف الناتو الغربي. كيف سيزن بوتين وتشي جينبينغ طلب السلطان للإنضمام للمجموعة سيكون من ملفات العام الجيوسياسية التي تستحق المتابعة. ما يصعب من مهمة بوتين وتشي جينبينغ التقييمية بالذات ان السلطان حليف غير موثوق به دائما يلعب صالح ورقه ومستعد لبيع جميع الحلفاء أسفل النهر مثل ما باع بوتين وأسقط حليفه بشار الأسد بالضربة الداعشية القاضية.

في الملف السوداني، شغلت مبادرة السلطان إردوغان للصلح بين حكومتي الأمارات والسودان حيزا إعلاميا واسعا وتترت الفتاوي وتراوحت بين أقطاب المعقول واللا-معقول إياها.
من جانبي، بدت لي مبادرة إردوغان كبعد من أبعاد الصراع في المسرح السوري تم الزج بالسودان فيه ككرت ضغط لا أكثر ولا أقل.

رغم إن السيد إردوغان ابن حركة الإخوان المسلمين وزعيمها الأممي الأقوي شكيمة إلا إنه في الأساس قومي تركي يعلي إلتزامه التركي علي عطفه الطبيعي علي حكومة البرهان المستهدفة من أعداء الأخوان في الداخل والخارج.

شكلت عملية إسقاط نظام البعث الأسدي في سوريا بتحالف يقوده إسلاميون تابعون لإردوغان بلا شك إنتصارا هاما لحركة الإسلام السياسي الأقرب لايديلوجيا الأخوان. ولكن التحالف المنتصر ضم أيضا أكراد حلفاء لأمريكا وضباط علمانيين يعملون لصالح القوي الأقليمية المعادية للإخوان عن حق أحيانا وكسىتار لمحاربة الديمقراطية في أحيان أكثر تواترا.

لذلك كان من المتوقع بروز خلاف إستراتيجي حول ترتيب البيت السوري في مرحلة ما بعد الأسد. إذ يلقي السلطان كامل وزنه لصالح جماعة أبو محمد الجولاني بينما تسعي دولة الأمارات لترجيح كفة الكمبرادور العلمانيين البائعين خدماتهم لأعداء الأخوان.

تفسيري لمبادرة السلطان إردوغان للصلح بين حكومتي السودان والامارات إنها لا علاقة لها بالسودان إذ أتت كضربة تحت الحزام لتحذير الأمارات من معاكسة تركيا في المشهد السوري. إذ أن روح المبادرة تقول أن الحرب في السودان هي حرب الأمارات وبالتالي فإنها مسؤولة عن كل الخراب الذي يحدث في السودان بسببها. وفي هذا تحذير من السلطان للأمارات بان تركيا بإمكانها إستخدام الملف السوداني لكشف حال الأمارات وتشويه سمعتها إن هي عاكستها في سوريا لذلك فمن الأفضل أن “تخليها مستورة” كما قال الألماني علي الحاج.

وهذا يعني أنه إذا إرعوت الأمارات في سوريا لصالح الدولة التركية فان مبادرة صلح السودان سيطويها النسيان لكن أي شنكبة عنكبة لدينا ملف سوداني تعلمونه جيدا.

وهذا لا ينفي ميل إردوغان الطبيعي للإخوان واحبابهم في السودان ولكنه يظل أولا وفي الأساس قوميا تركيا يمارس السياسة بفقه الصفقة “الشي بالشي ذي ما قال حميدتى للإتحاد الأوروبي في ملف صيده للمهاجرين الأفارقة عبر الصحراء “. وهذا يعني أن السلطان عادة ما يتخذ مواقف صديقة للأخوان ولكن لو تعارضت الأخونة مع المصلحة القومية لتركيا كما يراها السلطان فان الأخونة تذهب لمكب زبالة خرسيس أدب سيس.

وهذا يعني أن صانع السياسة الحصيف في السودان أو أي مكان لا يستطيع تجاهل السلطان الشكيم، فهذا ترف تجنبه بوتين وبايدن، ولكنه في نفس الوقت لا يستطيع أن يثق في سلطان دائما راقد ليهو فوق راي ومستعد للبيع بالسعر المناسب.
والله أعلم.

معتصم أقرع
معتصم اقرع إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • اضطرابات في حركة الطيران بألمانيا لسوء الأحوال الجوية
  • هل ثمة أمل يلوح في العام الجديد؟
  • الحزب الديمقراطي الحر يريد الحكم مع المحافظين في ألمانيا
  • السلطان أردوغان في السودان
  • هو ياوبانغ.. الرجل الذي أراد تحويل الصين لديمقراطية على النمط الغربي
  • ما الذي يخطط له حزب الله؟
  • أردوغان يكشف عن أرقام اقتصادية تذهل العالم بخصوص الصادرات التركية خلال 2024
  • زعيم المعارضة التركية يهدد باسقاط حكم أردوغان
  • التهديد بإغلاق الأونروا يلوح في الأفق مع اقتراب نفاذ القانون الإسرائيلي الجديد ضدها
  • لحج: دعوة لبدء انتفاضة شعبية ضد التحالف وحكومة بن مبارك