علماء يكتشفون أضدادا تستهدف "الجانب المظلم" لفيروس الإنفلونزا
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
كشف العلماء عن أجسام مضادة تستهدف "الجانب المظلم" لفيروس الإنفلونزا.
تحتوي فيروسات الإنفلونزا على بروتين على شكل فطر يُعرف باسم النيورأمينيداز (NA) يقال عنه أنه يملك "جانبًا مظلمًا" لأن البنية الموجودة تحت غطاء الفطر لم يتم استكشافها إلى حد كبير من قبل العلم.
يمكن أن تساعد الأجسام المضادة التي ترتبط بهذا الجانب المظلم في تكوين أساس للأدوية المضادة للفيروسات واللقاحات التي تعمل ضد العديد من فيروسات الإنفلونزا، وفقًا لما كتبه الباحثون في ورقة بحثية نشرت يوم الجمعة (الأول من مارس) في مجلة Immunity.
حاليًا، يتم تصميم لقاحات الإنفلونزا لاستهداف بنية مختلفة على سطح فيروسات الإنفلونزا: الهيماجلوتينين (HA).
يسمح هذا البروتين على شكل لوليب للفيروسات بالالتصاق بالجانب الخارجي للخلايا البشرية ومن ثم اختراقها.
لكنه يتحور بسرعة، وهذا هو سبب وجوب تحديث لقاح الإنفلونزا كل عام لمطابقة هـيماجلوتينين (HA) للسلالات المنتشرة للإنفلونزا.
وبالمقارنة، فإن الجانب المظلم من النيورأمينيداز (NA) لا يتحور بنفس السرعة تقريبًا ويبدو متشابهًا جدًا في سلالات مختلفة من فيروس الإنفلونزا، وفقًا لبيان من المعاهد الوطنية للصحة (NIH).
يُعتقد أن النيورأمينيداز (NA) يساعد فيروسات الإنفلونزا على الانتقال إلى مستقبلاتها المفضلة على الجهة الخارجية للخلايا المضيفة.
بعد أن يصيب الفيروس الخلية ويتكاثر بداخلها، يساعد النيورأمينيداز (NA) الفيروسات الجديدة على الخروج من الخلية.
تعمل العديد من الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج الإنفلونزا، بما في ذلك تاميفلو (الاسم العلمي أوسيلتاميفير)، عن طريق تثبيط النيورأمينيداز (NA) وبالتالي منع فيروسات الإنفلونزا من الخروج من الخلايا التي أصابت بها.
وبالتالي، يمكن أن تجعل الطفرات التي تعدل بنية النيورأمينيداز (NA) الفيروسات أقل عرضة للإصابة أو مقاومة لمثل هذه الأدوية.
لم يكتشف العلماء سوى عدد قليل من الأجسام المضادة البشرية ضد النيورأمينيداز (NA)، وعادة ما ترتبط هذه الأجسام المضادة أعلى أو جانب غطاء الفطر البروتيني، كما أشار الباحثون في تقريرهم. وأضافوا أن هذه الأجزاء من الفطر أكثر عرضة للتحور بطرق تساعد فيروسات الإنفلونزا على التهرب من آثار الأدوية المضادة للفيروسات.
في دراستهم الجديدة، حلل علماء المعهد الوطني للصحة (NIH) الدم المسحوب من شخصين أصيبا بالفيروس الفرعي A(H3N2) -وهو نوع فرعي من فيروس الإنفلونزا A الذي ينتشر موسميًا ويتحور بسرعة خاصة. في عينات الدم، حدد الفريق ستة أجسام مضادة ترتبط بالجانب المظلم من النيورأمينيداز (NA).
في الاختبارات المعملية، التصقت هذه الأجسام المضادة بعدد من فيروسات H3N2 المختلفة وأبطأت تكرارها، كما تعمل الأجسام المضادة أيضًا ضد نوع مختلف من الإنفلونزا A يسمى H2N2.
في التجارب التي أجريت على الفئران، أنقذت الأجسام المضادة العديد من القوارض من جرعة مميتة من فيروس H3N2، مما يلمح إلى أنها قد تكون مفيدة للوقاية وعلاج الإنفلونزا لدى البشر.
أظهرت الأجسام المضادة حماية قوية سواء عند إعطائها للفئران قبل الإصابة أو بعدها. كما اختبر الفريق مدى فعالية الأجسام المضادة ضد بعض سلالات الإنفلونزا المقاومة للأدوية ووجدوا أنها لا تزال تُظهر نفس الدرجة من الحماية.
ولفهم أفضل لكيفية عمل هذه الأجسام المضادة، استخدم الباحثون المجهر الإلكتروني البرود (cryo-EM)، وهو تقنية مجهرية تستخدم حزمًا من الإلكترون
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فیروسات الإنفلونزا الأجسام المضادة الجانب المظلم
إقرأ أيضاً:
تعطيل الاحتلال الإسرائيلي لصفقة التهدئة وقرع طبول الحرب
مع انتهاء المرحلة الأولى من صفقة التهدئة وتبادل الأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة، نحن أمام سلوك انتهازي إسرائيلي غير مستغرب، ومتكرر في تعامل الكيان الإسرائيلي مع الجانب الفلسطيني والبيئة العربية.
كان الخرق الإسرائيلي لاتفاق التهدئة فاضحا بإغلاق المعابر ومنع دخول البضائع، بالرغم من أن انتهاء المرحلة الأولى يلزم الجانب الإسرائيلي بمتابعة المفاوضات والاستمرار في فتح المعابر، وصولا للترتيبات النهائية للمرحلتين الثانية والثالثة.
هدف نتنياهو من إغلاق المعابر وتعطيل الصفقة إلى:
1- ابتزاز المقاومة الفلسطينية، ووضع مزيد من الضغوط عليها لمحاولة تحقيق مكاسب غير منصوص عليها في الصفقة المتوافق عليها، وخصوصا في أجواء يسعى فيها أبناء قطاع غزة إلى لملمة أنفسهم وتضميد جراحهم، وتوفير الحد الأدنى لمتطلباتهم الحياتية.
2- الحفاظ على تماسك الحكومة الإسرائيلية، وخشية نتنياهو من انهيارها، بسبب تهديد سموتريتش بالانسحاب من الحكومة إذا ما دخلت الحكومة في استحقاقات المرحلة الثانية.
خبرة الجانب الإسرائيلي في التعامل مع السلطة الفلسطينية ومع الجانب العربي، لن تُسعفه كثيرا في تعامله مع المقاومة. فقد أثبتت المقاومة صلابتها خلال 18 عاما من الحصار، وفي خمس حروب على قطاع غزة، وقدمت عشرات الآلاف من الشهداء وفي مقدمتهم قادتها، دون أن تتنازل عن أهدافها. و"الفهلوة" الإسرائيلية لن تجدي نفعا في التعامل مع المقاومة
3- الاستفادة من الغطاء الأمريكي الذي لا يحترم الاتفاقات والمواثيق، والذي بدا متقدما حتى على الجانب الإسرائيلي في طرح أفكار باستملاك قطاع غزة وتهجير أهله؛ وكذلك الاستفادة من الأفكار التي طرحها مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف (Steven Witkoff) بشأن إطلاق سراح الأسرى لدى حماس؛ ومحاولة استثمار ذلك في وضع مزيد من الضغوط على المقاومة.
4- محاولة استعادة زمام المبادرة في الحرب الإعلامية والنفسية مع المقاومة، وتقديم خطاب متشدد للبيئة الداخلية الإسرائيلية، بعد أن كسبت المقاومة الجولات الإعلامية في عمليات تبادل الأسرى، ومحاولة الإيحاء بوجود تطورات وإعادة تموضع وتجهيزات وترتيبات إسرائيلية متعلقة باستئناف الحرب على قطاع غزة، خصوصا في ضوء تولي رئيس الأركان الجديد إيال زامير منصبه، وتغيير عدد من المواقع القيادية، والإعلان عن نتائج بعض التحقيقات في أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023؛ وبالتالي، محاولة الإيحاء بقدرة الجانب الإسرائيلي هذه المرة على حسم المعركة.
* * *
يبدو أن خبرة الجانب الإسرائيلي في التعامل مع السلطة الفلسطينية ومع الجانب العربي، لن تُسعفه كثيرا في تعامله مع المقاومة. فقد أثبتت المقاومة صلابتها خلال 18 عاما من الحصار، وفي خمس حروب على قطاع غزة، وقدمت عشرات الآلاف من الشهداء وفي مقدمتهم قادتها، دون أن تتنازل عن أهدافها. و"الفهلوة" الإسرائيلية لن تجدي نفعا في التعامل مع المقاومة؛ خصوصا أننا أمام صفقة موقّع عليها لها "ضامنون" دوليون؛ وبالتالي فإصرار المقاومة على موقفها له سنده وشرعيته الثابتة.
هل معنى ذلك أن نتنياهو سيلجأ للحرب؟!
ليس بالضرورة، فالمعطيات التي بين يديه ربما تدفعه للابتزاز التكتيكي ولكن ليس في الولوغ في مستنقع الحرب. فبعد تجربة 471 يوما من الحرب الهمجية الوحشية التي استخدم فيها كل ما يمكن تخيُّله من وسائل القتل والدمار، ثم خرج بهذه الصفقة، ليس ثمة ما في الأفق ما يشجعه على حرب مماثلة تؤدي إلى نتائج أفضل. ثم إن المزاج العام للجمهور الإسرائيلي الصهيوني لا يميل للحرب، ويفضل الدخول في المرحلة الثانية من الصفقة.
نعم، ثمة غُصَّة لدى الجانب الإسرائيلي أنه لم يحقق أهدافه من الحرب، وأن حماس استرجعت تموضعها القوي في القطاع، وملأت مباشرة سؤال "اليوم التالي" للحرب؛ ولكن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية كانت تدرك قبل أكثر من سبعة أشهر على نهاية الحرب أنها وصلت إلى أقصى مدى ممكن وأنها استنفذت أدواتها.. وأنها دفعت أثمانا هائلة في "الوقت الضائع" إلى حين وصول القيادة السياسية لقناعة بتوقيع الاتفاق.. ولذلك فإن قرع طبول الحرب يظل في إطار التكتيك.
وصحيح أن ثمة مخاوف لدى نتنياهو من انسحاب سموتريتش من الحكومة ومن انهيار حكومته، ولكن في المقابل فإن الاستحقاق الانتخابي للكنيست لم يتبقَّ عليه أصلا في توقيته الدوري سوى بضعة أشهر (نحو 8 أشهر)؛ وبالتالي فلن يُحدث انسحابه فرقا كبيرا. ثم إن أطرافا من المعارضة مستعدة لإعطاء الحكومة نوعا من شبكة الأمان لإنفاذ المرحلة الثانية من الاتفاقية، بما يمنع سقوط الحكومة.
تهديدات ترامب للمقاومة، فيجب التعامل معها في ضوء معرفة الطبيعة الشخصية لترامب وطريقته في الحكم والإدارة. ويدخل في ذلك تهديداته الأخيرة لحماس بوجوب إطلاق سراح جميع الأسرى فورا، وخروج قيادات حماس من القطاع
أما تهديدات ترامب للمقاومة، فيجب التعامل معها في ضوء معرفة الطبيعة الشخصية لترامب وطريقته في الحكم والإدارة. ويدخل في ذلك تهديداته الأخيرة لحماس بوجوب إطلاق سراح جميع الأسرى فورا، وخروج قيادات حماس من القطاع، وإلا فسيكون الثمن "جحيما".. فترامب نفسه يمارس براجماتية التاجر الانتهازي، بينما ينظر بنرجسية وفوقية للآخرين؛ غير أنه شخصية مُتقلّبة لا يمكن التنبؤ بسلوكها، ثم إن سعيه لسرعة الإنجاز مع عدم ميله لخوض الحروب، يجعله ينتقل من موقف إلى آخر. وقد سبق لترامب أن هدد المقاومة بإطلاق سراح الأسرى في توقيت محدد، ولم تستجب له، وهو من طرفه لم يفعل شيئا.
ثم إن ترامب نفسه تجاوز "المحرمات" الأمريكية على مدى نحو ثلاثين عاما، وعقد محادثات مباشرة مع حماس، بشأن إطلاق سراح الأسرى الأمريكان. وهو نفسه يعمل الشيء ونقيضه في دعمه لمسار التسوية السلمية والتطبيع، بينما يدعم ضمّ أجزاء من الضفة الغربية وتهجير أهل قطاع غزة وتهديد الأمن القومي للبلاد العربية.
* * *
حماس من طرفها، أوضحت أنها غير قابلة للابتزاز، وأنها لا تخشى تهديدات نتنياهو وترامب، وأنها مع إنفاذ الاتفاقية، لكنها لا تخشى من الحرب إن فُرضت عليها، وأن تهديدات ترامب (من ناحية منطقية) يجب أن تُوجَّه إلى من يُعطّل الاتفاق ويرفض تنفيذه (الطرف الإسرائيلي)، وليس إلى من يلتزم به.
وتظل المعضلة الإسرائيلية أن حماس ما تزال تملك ورقة الأسرى، وأن الاحتلال الإسرائيلي الذي فشل في تحرير أي من أسراه طوال هذه الحرب المريرة، لن يحصد إلا الفشل إذا ما أعاد المحاولة.
ولذلك، فقد يتابع الاحتلال الإسرائيلي لعبة الضغوط والابتزاز وتضييع الوقت، لكن يقظة المقاومة وحكمتها وحزمها المعتاد، سيجبر الاحتلال في النهاية على تنفيذ الاتفاق.
x.com/mohsenmsaleh1