وكالة الصحافة المستقلة:
2025-01-27@17:00:41 GMT

أنا وابن خلدون واختلاف في الرأي!

تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT

مارس 10, 2024آخر تحديث: مارس 10, 2024

عبدالله جعفر كوفلي

باحث أكاديمي

 

مما لا شك فيه أن العلامة ابن خلدون يعد مؤرخاً وعالماً اجتماعياً وفقيهاً معروفاً، واشتهر بكتابه المقدمة، لما في أفكاره من بعد النظر ومحاولاته لدراسة المجتمع الإنساني من جميع جوانبه، ويعد مؤسس علم الاجتماع.

فكرت ملياً ولساعات بل لأيام وبعد قراءة متمنعة في عدد من البحوث الأكاديمية التي تناولت المواضيع التي ذكرها العالم ابن خلدون في كتابه وخاصة المتعلقة بأسباب انهيار الدول والحضارات وبيّن ان لكل منها أجلّ محتوم ولابد لها أن تزول وهذا من سنن الله تعالى في الحياة وانه أشار الى عدد من الاسباب التي إن انتشرت وتفشت في أي مجتمع فإنها تعجل من الانهيار لأنها تضرب العمود الفقري لتلك الدول وتقف حائلا دون النهوض وتفقدها عوامل البقاء أطول.

إن أهم ما أشار إليه العالم الجليل هو نبذ الدين وانتشار الفواحش والمعاصي والظلم وتقليد الغالب والانهزام الفكريّ والاخلاقي والغنى الفاحش وزيادة الضرائب واكل أموال الناس بالباطل وانشغال الحكام بأعمال التجارة وغيرها من الأمور.

تحدثت في نفسي وناقشت هذه الاسباب وحاولت مقارنتها بالواقع وأيقنت انها صحيحة تماماً وبها انهارت الدول ولكني اختلف مع هذا العالم القدير في مسألة (مع جل احترامي وتقديري له وما بذله من جهود ونحن لا نرتقي إلى ادنى ما قدمه) وهي ان الاسباب التي ذكرها إن كانت تصلح لزمان أو مكان معينين فإنها ليست بذات التأثير لكل زمان ومكان، لأن الحياة في تطور مستمر وتغير من حال الى حال.

مناقشتي مع ابن خلدون على الاسباب دون المساس به كعالم جليل واعتقد انه من حقي وحق كل انسان ان يدلي برأيه ويقول ما في جعبته، بكل أدب واحترام لان الاختلاف في المسائل محمود والخلاف منبوذ.

من خلال قراءتي المتواضعة استنتجت إلى وجود دول كثيرة في عالمنا اليوم باقية ورصينة وتحكم العالم مع وجود الاسباب التي ذكرها ابن خلدون فيها ان الاسباب التي سأذكرها كانت وراء انهيار العديد من الدول والإمبراطوريات وزوال الحضارات وانهاء حكم الأمراء والملوك والحكام، منها:

– فقدان الشعوب، الشعوب باختلاف أنواعها ومكوناتها وألوانها هم اساس بناء الدول والحضارات والمغزى من وجود الحكومات، فالدولة التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع شعبها وتكسب حبهم و ودهّم وتحميهم من كل أنواع الظلم والفساد والفقر وتجعل منهم كتلة واحدة وتتعامل معهم بسواسية اي على قدم المساواة والعدالة الاجتماعية وتحاول تضييق الفجوة والفروقات بينهم.

إن الدولة التي تفقد ثقة شعبها ولا تستطيع ان تزرع في قلوبهم حب الوطن والكرامة والحرية والعدالة واحترام الذات والمقدسات والانسانية والانتماء الوطني، تكون اقرب الى الانهيار وتقف على حافة الهاوية.

الشعب المخلص هو الذي يقاتل من أجل وطنه ويضحي بكل شيء في سبيل بقائه شامخاً ولنا في التاريخ أمثلة كثيرة لشعوب وقفوا وناضلوا حتى النصر ورفعوا وطنهم تاجاً على رؤوسهم خاصةً في اوقات الحروب والأزمات والكوارث ومنعوا الانهيار ان يقترب منهم.

– الخيانة: داء بل ومن اكثرها تأثيرا وشراسةً عندما تصيب ابناء دولة او حضارة، وهي باختصار مساعدة الاعداء وتزويدهم بالمعلومات اللازمة وما يحتاجونه للدخول الى بلادهم والسيطرة عليها، من المعلوم ان للخيانة اسباب وطرق مختلفة لا مجال لذكرها.

فكم من دولةٍ وحضارةٍ كانت ضحية لخيانة أحد أبناءها والمسك بيد اعدائها الذين مسحوها من الوجود مهما بلغت قوتها، واحتلال الصين لثلاث مرات على الرغم من بناء سورها العظيم لخيانة الحراس خير مثال.

إذاً بناء الإنسان على قيّم الإخلاص وحب الوطن والدفاع عنه والوفاء للتاريخ والتضحيات والتمسك بالأرض والمقدسات والعَلَم خير سند لديمومة الدول واستقرارها من الاهتزازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعددة.

– تغيير الأهداف: الحياة صراع من أجل البقاء وما بناء الجيوش والترسانات العسكرية والأجهزة الأمنية والبنية التحتية الاقتصادية والمجتمع السليم من الارهاب والعنف والعنصرية إلا أدوات من أجل البقاء وتحقيق المزيد من الاستقرار والازدهار.

الشعوب والدول التي تحمل في نفسها أهدافاً كبيرة وطموحات أكبر تضع برامج ومخططات بمستوى اهدافها، فالدولة التّي لديها افكارا ً توسعية وتحلم ببناء الإمبراطورية تكون قادرة على البقاء اطول ومواجهة التحديات الكبرى بصلابة وقوة، أما الدولة التي لا تحمّل أهدافا كبيرة تبقى رهينة للغير يفعل بها ما يشاء.

فكم من شعب غيّر من أهدافه من اهدافٍ كانت تبلغ عنان السماء إلى الرضا بالقليل ولقمة العيش، فكان نصيبه الزوال والنهاية.

الصراع لا يرحم وبين الأقوياء يكون أشد وأشد ويصنّع الكبار والقادة القادرين على التغيير والتغلب ويميزهم عن الصغار الذين لا همّ لهم سوى الاتباع والتقليد الاعمى.

هذا باختصار شديد رأيي المتواضع الذي اختلف به عن رأي العالم القدير ابن خلدون الذي كان صائباً وصادقاً في بيان أسباب انهيار الدول لفترات وأعتقد أنه لو عاش في زماننا لغير بعض الشيء عن رأيه، لأننا في زمانٍ ليس كزمانه مع كل الاحترام له وقدم لنا الكثير والكثير.

اتمنى أن أكون قد وفقت وتمكنت من إيصال الرسالة الى كل من يعنيه الموضوع ويستفيد منها وأن يكون محركاً هادئاً للأفكار والرؤى لنرتقي بمجتمعاتنا نحو الأفضل والمستقبل المشرق.

ليبقى وطننا آمناً ومزدهراً ونجماً لامعاً في سماء الدنيا، لأننا أصحاب تاريخ وحضارة عظيمة..

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الاسباب التی ابن خلدون

إقرأ أيضاً:

ما تداعيات تعليق أمريكا مساعداتها الخارجية عالميا؟

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية وقف المساعدات الخارجية القائمة والجديدة لكافة الدول باستثناء مصر، الأمر الذي سيهدد بقطع مليارات الدولارات من الإغاثات الحيوية حول العالم، حيث تعد الولايات المتحدة أكبر مانح منفرد للمساعدات عالميًا، وقدمت في العام المالي 2022-2023 ما قيمته 72 مليار دولار.

أستاذ علوم سياسية واقتصادية: نسبة المساعدات التي تقدمها أمريكا للدول لا تتجاوز 1% من موازنتها

من جانبه، يقول الدكتور إحسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية والاقتصادية من كنتاكي الأمريكية، إن نسبة المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة إلى الدول كافة لا تتجاوز 1% من الميزانية العامة للدولة، مشيرا إلى أن الشعب الأمريكي يشعر بأن أمريكا تعطي أكثر من 1%، خاصة وأن الناخب الجمهوري لديه انطباع بأن المال الأمريكي يرسل لخارج أمريكا ولا يعود على الدولة بالفائدة.

وأضاف «الخطيب» في تصريح خاص لـ«الوطن»، أن الولايات المتحدة تلعب دور كبير حول العالم، وقرارها بتعليق مساعداتها الخارجية عالميا ستكون خسارة كبرى للدولة، ذلك لأن ما يجرى صرفه على المساعدات أقل كثيرا مما يتم صرفه على ميزانية السلاح والدفاع.

الخطيب: التجميد سيكون صدمة للقطاعات الغير ربحية عالميا

وأوضح أن التجميد سيكون له صدمة في القطاعات الغير ربحية على مستوى العالم، وأغلب هؤلاء ليسوا جمهوريين، لكن أغلبهم من الديمقراطيين والليبرالين، لافتا إلى أن قرار وقف المساعدات التنموية الخارجية جاء لمدة 90 يوما، من أجل تقييم الأمر.

وأشار إلى أن برامج المساعدات الخارجية ليست سهلة في الحصول عليها من قبل الدول، لكن هناك عجز ودين عام هائل يقترب من 35 تريليون دولار، ودائما ما تواجه الموازنة الأمريكية عجزا مستمرا، والصرف السلبي أكبر كثيرا من الدخل، كما يوجد في أمريكا مشكلات تتعلق بالتأمين الاجتماعي والتأمين الصحي للمتقاعدين، وهو ما يعد كارثة مالية كبيرة.

مقالات مشابهة

  • جينيفر لوبيز تحتفل باللحظة التي كانت تنتظرها طوال حياتها
  • علي زين: مواجهة الرأس الأخضر كانت صعبة.. والفوز كان الأهم
  • محمد بن زايد: حريصون على بناء شراكات مثمرة مع الدول الصديقة
  • ما تداعيات تعليق أمريكا مساعداتها الخارجية عالميا؟
  • "لهذة الاسباب" زيارة مفاجئة لمحافظ أسيوط لمركز خدمة عملاء هندستي غرب والأربعين
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (1)
  • خبير تنمية عقارية: الدور المصري رائد في عمليات إعادة إعمار غزة
  • ترامب.. والعودة إلى سدة الحكم
  • إيران من بين الدول العشرة الأولى في إنتاج الصلب في العالم
  • لأول مرة بالعالم.. جراحة بجامعة المنصورة لإعادة بناء صمامات الأورطى والرئوي من أنسجة ذاتية