في رمضان.. معاناة السودانيين تتفاقم مع استمرار الحرب
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
مع قدوم شهر رمضان المبارك تضاعفت أسعار المواد الغذائية للسلع الاستهلاكية مع شح ملحوظ في بعض الأنواع والسلع
التغيير: بورتسودانيعاني المواطنون السودانيون في مناطق الحرب في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة من أوضاع مأساوية في ظل الحرب المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل الماضي.
يجد مواطنو تلك المناطق صعوبة كبيرة في توفير مواد ومستلزمات شهر رمضان الكريم، بل إن بعضهم لا يتوفر لهم ما يكفي حاجاتهم من طعام، وزاد الأمر سوءا انتشار أمراض سوء التغذية والملاريا والحميات وسط المواطنين.
مراكز الإيواءيقدر عدد مراكز إيواء النازحين بـ 970 مركزا، وكانت ولاية الجزيرة وحدها تضم 500 مركز، بينما النيل الأبيض 188 مركزا، والشمالية 115 مركزا، في حين تضم ولاية سنار 38 مركزا والبحر الأحمر أكثر من 90 مركزا.
وتقدر الأمم المتحدة عدد النازحين في السودان بـ7 ملايين شخص، وأشارت تقارير المنظمة الدولية إلى أن الجوع يهدد ملايين السودانيين.
يقدر عدد مراكز إيواء النازحين بـ 970 مركزا تضاعف الأسعارمع قدوم شهر رمضان المبارك تضاعفت أسعار المواد الغذائية للسلع الاستهلاكية. وكشف مواطنون في ولاية الخرطوم في حديث لـ«التغيير» عبر اتصال من أجهزة الاتصال الفضائي (استار لينك) عن ارتفاع الأسعار مع شح في بعض الأنواع والسلع، حيث وصل سعر كيلو السكر 2.300 ألف جنيه وفي بعض المناطق 2.500 ألف، فيما يتراوح سعر الجوال زنة عشرة كيلو 22 و24 ألف جنيه والجوال الكبير ما بين 100 و110 ألف. فيما وصل سعر جوال الدقيق 38 ألف جنيه وكيلو العدس 2500 جنيه وكيلو الرز ما بين 800 – 1000 جنيه.
ويتراوح سعر كيلو اللحوم ما بين 6000 لـ 8000 ألف وجركانة الزيت الكبيرة 38 ألف، وكرتونة البسكويت 14 ألف الكرتونة.
ووصل سعر الدقيق الذرة الربع 7 آلاف من نوعية طابت، والقمح 8 آلاف جنيه، أما الدخن فبلغ سعره 9 آلاف جينه، وربع العدسية والكبكبي ما بين 9 و12 ألف جنيه.
وبلغ سعر ربع الويكة 14 ألف جنيه وربع البصل 6 آلاف جنيه ورطل البن 7 آلف جنيه أما جوال الأرز العادي فتراوح سعره ما بين 17 و22 ألف جنيه، والكبسة 30 ألف جنيه.
وشكا مواطنون من انعدام ملحوظ لسلع السكر والبصل واللحوم البيضاء والحمراء والكثير من أنواع الخضروات.
مع قدوم رمضان تضاعفت أسعار المواد الغذائية للسلع الاستهلاكية تباين الأحوالتتباين أحوال المواطنين حسب طبيعة كل منطقة عن الأخرى، واختلاف الوضع الأمني بينها، ووفقا لمتابعات «التغيير» فإن أكثر المناطق المتضررة تلك التي لا تتوفر فيها شبكة إنترنت، حيث يعتمد السكان على التحويلات الخارجية لتطبيق (بنكك) التابع لبنك الخرطوم، ولكن عدم وجود الإنترنت فاقم من معاناة الأسر في مناطق الحرب، إذ أن أغلب السكان ليس لديهم دخل كاف.
انقطاع التيار الكهربائي والمياه يعتبران أحد أكبر الهواجس التي تواجه مواطني مناطق الحرب في الخرطوم ودارفور والجزيرة، حيث غادر الكثيرون للصيام بالولايات الآمنة فيما حبست الظروف المادية بعض الأسر المتعففة داخل مناطق النزاع.
غرف الطوارئ
غرفة طوارئ ولاية الخرطوم وصفت في بيان صحفي الوضع في العاصمة الخرطوم بالسيء جداً خاصة فيما يلي الغذاء والعلاج. وكشفت عن حالات وفيات بسبب الجوع وانعدام الدواء، وقالت إن90% من المطابخ والتكايا توقفت حيث كانت توفر الطعام للأسر.
وأكدت غرف الطوارئ بالخرطوم أن هناك كميات شحيحة جدًا من المواد التموينية موجودة ولكن وبأسعار مرتفعة فوق قدرة المواطنين، في ظل توقف التحويلات النقدية للأسر من خارج البلاد بسبب انقطاع شبكات الاتصال، التي كانت تعتمد عليها الأسر لتوفير احتياجاتها الأمر الذي يشير إلى أن حوالي 250 ألف أسرة مهددة بالجوع.
90% من المطابخ والتكايا توقفت حيث كانت توفر الطعام للأسر الزكاة والنازحينالأمين العام لديوان الزكاة أحمد إبراهيم عبدالله أكد لـ«التغيير» خلال زيارة للشمالية مؤخرا أن ارتفاع معدلات الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية أمر واضح لا يحتاج لاجتهاد. كاشفا عن تخصيص 18 مليار جنيه للفقراء في رمضان.
وحمل الأمين العام للزكاة قوات الدعم السريع مسؤولية إفقار المواطنين بنهب ممتلكاتهم ومدخراتهم وتعريض حياتهم للخطر بالقتل والخطف.
وأعلن عبد الله عن تخصيص نسبة كبيرة من أموال الزكاة للنازحين بمراكز الإيواء.
وأكد الأمين العام للزكاة إنهم يعملون في ثماني ولايات فقط مشيرا إلى أن منسوبي الديوان في ولايات دارفور أخطروهم برغبتهم في العمل وتوزيع المواد للسكان هناك، مبيناً أنهم لا يمانعون ذلك شريطة ألا تذهب هذه المعينات للدعم السريع.
وكشف عبد الله عن شروع ولاية شمال كردفان المحاصرة من قبل الدعم السريع في توزيع معينات للفقراء والمصارف الأخرى.
شبح المجاعة يهدد (10) ملايين مواطن في مناطق النزاعات مسؤولية المعاناة
وحمل الناشط المجتمعي أيمن عثمان البخيت في حديث لـ«التغيير» طرفي النزاع المسؤولية جراء ما يحدث للمواطنين من معاناة بسبب الحرب. ودعا الطرفين للالتزام بتعهداتهم بتمرير المساعدات الإنسانية من تشاد إلى غرب السودان.
وأكد البخيت أن الوضع يتطلب إيقافا شاملا لإطلاق النار في ظل شبح المجاعة الذي يهدد (10) ملايين مواطن في مناطق النزاعات، مشيرا إلى أن الحرب تعتبر أحد أكبر أسباب الفقر في العالم.
الوسومالجيش السوداني الدعم السريع رمضان في السودان مجاعة السودان
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش السوداني الدعم السريع رمضان في السودان مجاعة السودان
إقرأ أيضاً:
حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية
في مشهد يجسد التناقض الصارخ والازدواجية السياسية، أعلنت حكومة البرهان-الكيزان الانقلابية ابتهاجها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وهو قرار أيده 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما عارضته روسيا فقط. هذا الموقف يسلط الضوء على عقلية سلطة ترى في استمرار الحرب وسيلة للبقاء، وتخشى نهاية الحرب لأنها تعني بداية الحساب.
فرحة بالحرب وخوف من النهاية
قيادات حكومة الأمر الواقع تعيش حالة من الرعب من نهاية الحرب، ليس لأنها تخشى على الوطن أو المواطنين، بل لأنها تعلم أن أي نهاية للصراع ستفتح الباب أمام القصاص والمحاسبة. استمرار الحرب يعني بقاء السلطة والانفلات من العدالة، بينما توقفها يهدد بانهيار غطاء الشرعية الزائف الذي يتدثرون به.
الاستقواء بروسيا ومعاداة العالم
في موقف يشكك في التزام حكومة البرهان بسيادة السودان وكرامته، قدمت شكرها لروسيا على استخدام "الفيتو" ضد قرار حماية المدنيين. هذا الدعم الروسي يمثل تأييداً ضمنياً لمزيد من المذابح، الجوع، والتشريد. أما بقية العالم، بما في ذلك ممثلو القارة الإفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، فقد أيدوا القرار، مما يجعل حكومة السودان في عزلة سياسية وأخلاقية حتى أمام أقرب جيرانها.
روسيا، التي تزعم دعم دول الجنوب وإفريقيا، تجاهلت صوت القارة الإفريقية في هذا القرار، واختارت أن تدعم استمرار الصراع. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية روسيا كحليف لدول العالم الثالث ونياتها الحقيقية في المنطقة.
الترويج للأكاذيب واستثمار الحرب
تحاول حكومة البرهان تصوير معارضة القرار الدولي على أنها "حفاظ على سيادة السودان"، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. إن تذرعها بحجج كالوطنية واحترام القانون الدولي هو تضليل يهدف إلى تغطية سياساتها القمعية وتجاهلها للأرواح التي تُزهق يومياً.
الحرب بالنسبة لهذه الحكومة ليست مأساة بل فرصة، إذ توفر لها الذريعة للاستمرار في السلطة تحت غطاء "حالة الطوارئ"، بينما تستغل دعم حلفائها الدوليين مثل روسيا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب السوداني.
مناصرة الإسلاميين: خداع للوصول إلى السلطة
دعم حكومة البرهان للإسلاميين ليس إلا وسيلة لتأمين بقائها. هذا الدعم ليس دليلاً على التزام أيديولوجي، بل هو تحالف مؤقت لتحقيق مآرب السلطة، واستغلال لشعارات الإسلاميين لحشد تأييد داخلي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لن تكون مستدامة؛ لأن كل تحالف يقوم على المصالح الذاتية لا على المبادئ، سينهار مع أول اختبار حقيقي.
من يدفع الثمن؟
بينما تنشغل حكومة البرهان بحساباتها السياسية وتحالفاتها المشبوهة، يدفع المواطن السوداني الثمن الباهظ من دمائه ومعاناته. استمرار الحرب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسياسات قيادة لا ترى في الشعب إلا وسيلة لتحقيق أهدافها.
المستقبل لن يكون رحيمًا بمن يصر على معاداة إرادة الشعب والعالم. الحرب ستنتهي، وحينها لن تنفع الأكاذيب، ولن يكون هناك مهرب من المحاسبة.
zuhair.osman@aol.com