في ختام اجتماعه مع أربعين من الهاربين في الدولة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية، اعتبر القيادي الكبير في كيانات التحالف الإرهابي المصري بالخارج، أن طلبات الحاضرين نوع من "البجاحة" وانسحب من الاجتماع متمارضًا، ورفض تحديد أي موعد لاجتماع آخر مع المغضوب عليهم المتمردين على قواعد السمع والطاعة، ولم يستمع لأصوات الاستغاثة التي كانت تؤكد أن بعضهم سوف يخرج من الاجتماع ويسقط في قبضة الشرطة ليعود إلى الحبس الذي يبدأ من أربع وعشرين ساعة وقد يمتد حبسه إلى نهاية شهر مارس 2024، وربما يصل إلى ستة أشهر، ثم الترحيل خارج حدود البلاد، لأن جوازات سفرهم المصرية انتهت وأُغلقت أمامهم أبواب الحصول على "الإقامة الإنسانية المؤقتة".

كانت رسائل الإرهابيين المصريين الهاربين تحمل بين سطورها الكثير والكثير من حكايات "أولاد البطة السوداء" أو "الكومبارس" الذين تعلقوا بأوهام جماعة "الإخوان" وحلفائها وتورطوا في جرائم التظاهر وقطع الطرق والقتل وسفك الدماء والتخريب، وظنوا أن "الجماعة الإرهابية" سوف تحفظ لهم "الجميل" بعد عودتها إلى الحكم وصدَّقوا ما كان يُقال لهم عن "الانقلاب الذي يترنح" وكانوا يشاركون في ترويج منشورات التحريض على التظاهر وقطع الطرق تحت شعارات "الحراك الثوري" المزعوم، واستيقظوا بعد عشر سنوات على أصوات إخوانية صادمة تتبرأ منهم وترفض تقديم أي مساعدة لهم وكانوا يسمعون من يقول لهم بكل صراحة ووضوح "إنتم مش تبعنا".

ظهرت الأزمات على السطح بشكل واضح في الأسبوع الأول من فبراير 2019، وارتفعت أصوات الهاربين في الدولة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية وطالبوا باتخاذ إجراءات عاجلة لحمايتهم، حتى لا يتكرر معهم ما حدث لصديقهم الإرهابي الذي تم ترحيله عقب وصوله إلى أرض المطار قادمًا من دولة أخرى، وكشف أحد الهاربين في رسالة بتاريخ 2 فبراير 2019، أن مسؤولًا في دولة الملاذ اﻵمن طلب من قيادات "الإخوان" أسماء المطلوب حمايتهم، فقدموا له قائمة تضم 60 عضوًا في الجماعة، ثم قدموا قائمة أخرى تضم 119 من التابعين، وأكد كاتب الرسالة أن أحد "الإخوان" الذين قدموا أسماءهم سأل قياديا كبيرا عن "اللى مش إخوان وغير منتمين لأي فصيل وعليهم أحكام ومطاردات"، فرد عليه بالحرف الواحد قائلًا: "مالناش علاقه بيهم.. خليك في نفسك".

تكررت أزمات الإرهابيين الهاربين المغضوب عليهم وظهرت رسائل الاستغاثة مجددًا بعد نحو عام وكتب أحد الإرهابيين قائلًا: "إذا كان الوضع مطول بالشكل ده فلازم حل!.. حل للناس اللي مش بيشتغلوا ومش لاقيين ياكلوا ومنهم ناس وصلت للانتحار فعلًا.. لازم حل للناس اللي جوازات سفرهم انتهت.. لازم حل للأطفال اللي أهلهم مش قادرين على تعليمهم.. لازم حلول بعيدًا عن سبوبة المصالح.. سبوبة اللي من الجماعة مننا واللي مش من الجماعة بنساعده لله ومش مجبرين.. وسبوبة قريبي.. وسبوبة ابن القيادة.. وسبوبة العمل الخيري.. وسبوبة رعاية المحبوسين وشئونهم واللي بيرعى المحبوسين عايش في الخارج برنس بفلوس المحبوسين".

بعد اشتعال الصراعات الإخوانية الداخلية وانقسام الجماعة الواحدة إلى أجنحة متناحرة، لجأ العشرات من أعضاء التنظيم الإخواني ومعهم "اللي مش تبعهم" إلى البحث عن حلول فردية فمنهم من لجأ إلى عصابات تهريب "الدواعش" عبر السفن التجارية، ومنهم من تمكن من الوصول إلى دول أوروبية، واختار آخرون الاختفاء داخل القرى النائية في عدد من الدول الإفريقية.

وفي الرابع والعشرين من أكتوبر 2023، كتب أحد الهاربين رسالة يطلب فيها من قيادات "الإخوان" معاملته مثل الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية. وقال: "أطالب الإخوان بمعاملتي معاملة الأسري الإسرائيليين، آكل من أكلهم وأشرب من شربهم و يجيبوا لي دكتور كل ثلاثة أيام يطمئن على حالتي الصحية.. أنا بتكلم جد مش بهزر".

وبعد تكرار وقائع حبس واحتجاز العشرات من الهاربين لمدة ثلاثة أسابيع، فشل "أولاد البطة السوداء" في الوصول إلى أبواب قيادات الأجنحة الإخوانية ولم يتمكنوا من مقابلة أي قيادي في كيانات الحلفاء بدولة الملاذ اﻵمن، وأكد أحدهم في منشور عبر "الفيسبوك" بتاريخ السابع عشر من فبراير 2024، أن الأزمات تتسع رقعتها لتشمل اﻵلاف من الهاربين. وقال: "تخيل معايا إننا آلاف ومش بنعرف نقابل قيادات التيارات والجمعيات والأحزاب في الخارج، يبقى كيف الحال لو أصبحوا مسؤولين عن 130 مليون مصري، مقدروش ينظموا نفسهم في الخارج ويحلوا مشاكلنا، وبيعارضوا"، ولجأ عدد من الهاربين إلى رسائل الانتقام وهددوا بالكشف عن أسماء المتربحين من "بيع الجنسيات الأجنبية والإقامة الإنسانية" في جناح القيادي الإخواني محمود حسين، أو في جبهة "فلول جناح إبراهيم منير".

وأخيرًا وليس آخرًا، يطالب أعضاء في جماعة "الإخوان" بتجميد الخلافات والصراعات الداخلية والالتزام بهدنة مؤقتة خلال شهر رمضان المبارك، والعمل على توصيل المساعدات الإنسانية إلى ضحايا صراعات المكاسب والمغانم في دول الملاذ اﻵمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والبحث عن حلول لبعض الأزمات الفاضحة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: من الهاربین

إقرأ أيضاً:

شاهد.. مأساة صحية في دير الزور وحملة شفاء للإسعاف

دير الزور- يعاني المواطن عمر حسين الخيري من ألم أسفل ظهره "الديسك" منذ أشهر، جاء لطلب الجراحة من فريق طبي يزور دير الزور، ويقول للجزيرة نت إن الوضع في محافظته لا يسمح بإجراء عمليات كهذه بسبب غياب المعدات.

أما المواطن مصطفى الحمد والد الطفلة رهام، فقال للجزيرة نت إن ابنته تعاني من كسر منذ 3 أسابيع، وكان عليه الانتظار لحين قدوم الحملة الطبية، بسبب حالته المادية التي تمنعه من السفر للعلاج خارج المحافظة.

وتعيش محافظة دير الزور، شرقي سوريا، واقعا صحيا متدهورا بعد سنوات من الحرب والحصار، وسط نقص حاد في الكوادر والتجهيزات والمعدات، ما جعلها من أكثر المناطق السورية احتياجا للدعم الصحي النوعي.

وفي خطوة تعد الأولى من نوعها كانت انطلاقة حملة طبية "شفاء"، التي يقودها وفد من نخبة الأطباء السوريين المقيمين في أوروبا والمملكة المتحدة، بهدف تقديم خدمات طبية وجراحية متخصصة في عدد من المحافظات السورية، من بينها دير الزور.

قسم الإسعاف في المستشفى الوطني بدير الزور (الجزيرة) واقع صحي سيئ

يوصف الواقع الصحي في دير الزور بأنه "الأسوأ على مستوى البلاد"، بحسب ما أفاد به مدير الصحة في المحافظة الدكتور يوسف السطام للجزيرة نت، مشيرا إلى أن القطاع الصحي في المحافظة يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية والتجهيزات، حيث لا يعمل من أصل 10 مستشفيات إلا اثنان فقط، في حين يعمل أقل من ثلث مراكز الرعاية الصحية البالغ عددها 106 مراكز.

إعلان

وأضاف السطام أن دير الزور بعيدة جغرافيا عن مركز القرار السياسي والاقتصادي في البلاد، وهذا ساهم في تهميشها، كما أن نسبة الدمار التي لحقت بالمنشآت الصحية كبيرة، والكوادر الطبية نزحت أو غادرت منذ سنوات.

بدوره، وصف الدكتور وائل الديري، مختصة جراحة الأوعية ضمن "حملة شفاء"، الوضع بأنه "مأساوي"، موضحا للجزيرة نت أن الفريق يعمل على تقييم الحالات بأبسط الوسائل المتاحة، فلا توجد تجهيزات كافية حتى لتصنيف الحالات الإسعافية، ويتم الاعتماد حاليا على الخبرة السريرية والحد الأدنى من المعدات.

أما الدكتور فراس المشلب، استشاري أمراض القلب، فقال للجزيرة نت إن الوضع الصحي في دير الزور لا يقل سوءا عن باقي المناطق السورية، لكن نسبة الدمار والإهمال المتعمد جعلت منها حالة خاصة، فلا يوجد مركز قسطرة قلبية ولا معدات لإجراء عمليات فتح الصدر، ما يضطرنا لتحويل الحالات إلى محافظات أخرى.

حملة "شفاء"

ضمن تحرك إنساني نوعي، وصل وفد طبي مكون من 80 إلى 100 طبيب سوري من أوروبا والمملكة المتحدة إلى عدة مناطق سورية، أبرزها دير الزور، ضمن "حملة شفاء"، بإشراف مباشر من وزارة الصحة ومديرياتها.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الدكتور أسامة الصالح، مختص الجراحة العصبية، إن الوفد بدأ عمله في المستشفى الوطني بدير الزور، حيث استقبلنا أعدادا كبيرة من المرضى، وفعّلنا 4 عيادات بالتوازي لتقييم الحالات، وسيُجرى للمرضى المحتاجين تدخلات جراحية مباشرة ضمن برنامج الحملة الممتد حتى 3 أسابيع.

أسامة الصالح أخصائي جراحة عصبية خلال حملة شفاء  بدير الزور  (الجزيرة )

 

وأضاف الصالح أن الوضع الصحي الخاص في دير الزور نتيجة الحصار السابق وبعدها عن المركز جعلنا نشهد تراكما كبيرا في الحالات المرضية، وتم بالتعاون مع مديرية الصحة تجهيز غرفتي عمليات وأسرّة للعناية.

إعلان

وأوضح الصالح أن الفريق يشمل تخصصات الجراحة العصبية والعمود الفقري والجراحة العامة وجراحة الأوعية والداخلية القلبية وسيُستكمل البرنامج لاحقا بفرق إضافية في الجراحة العصبية والعامة.

وأكد الدكتور فراس المشلب أن جزءا من الخطة يشمل تنسيقا مع محافظات أخرى لتحويل الحالات التي تحتاج قسطرة قلبية أو عمليات قلب مفتوح إلى دمشق أو حمص، بسبب غياب التجهيزات اللازمة في دير الزور.

أطباء سوريون مغتربون يساهمون في إسعاف مرضى دير الزور  (الجزيرة) حلول إسعافية

تُعد "حملة شفاء" خطوة إسعافية عاجلة لمواجهة التدهور الصحي الكبير، لكنها أيضا تفتح الباب لنقاش أوسع حول ضرورة تفعيل القطاع الصحي في شرق سوريا، وفق ما أكده الدكتور يوسف السطام للجزيرة نت. وقال إنهم يسعون لتحويل دير الزور إلى مركز خدمات طبية متكاملة يخدم المنطقة الشرقية برمتها من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية وتطوير الكوادر عبر التدريب المستمر وتأمين التجهيزات النوعية.

وأشار السطام إلى أن المحافظة بحاجة ماسة لأجهزة حديثة مثل الرنين المغناطيسي والطبقي المحوري والتصوير الظليل ومعدات جراحية متقدمة ومركز قسطرة قلبية.

 

معدات طبية تالفة تؤشر على تدهور قطاع الصحة بدير الزور (الجزيرة)

كما ناشد الدكتور أسامة الصالح جميع المنظمات الدولية والدول المانحة برفع العقوبات عن سوريا، والسماح بتقديم الدعم للقطاع الصحي، معتبرا أن الكوادر السورية في الخارج قادرة على إحداث فرق إذا تم تهيئة الظروف المناسبة لهم للعمل داخل البلاد.

وفي ظل غياب الحلول الجذرية، تُشكّل "حملة شفاء" نقطة ضوء في نفقٍ طويل من التحديات الصحية والإنسانية التي تعيشها محافظة دير الزور.

وبين أمل الأهالي وتفاني الأطباء العائدين، يبقى الواقع الطبي مرهونا بدعم دولي حقيقي وإرادة فعلية في إعادة الحياة إلى مؤسسات الرعاية الصحية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • وائل لطفي: خطاب جماعة الإخوان يحرم الفن ويعمل على زعزعة ثقة المواطنين في الدولة
  • وائل لطفي: جماعة الإخوان تاجرت بالدين واستخدمته في غير أغراضه
  • بين قَهرَين!! الإخوان والحكومة!
  • نهر المشرح في ميسان.. مأساة جفاف متكررة تضر بـ50 قرية والأهالي يناشدون
  • اقتلاع الكيزان: الوهم والحقيقة (1 مكرراً من 2)
  • المسيلة.. مريض نفسي يقتل والدته ببلدية أولاد سيدي إبراهيم
  • شاهد.. مأساة صحية في دير الزور وحملة شفاء للإسعاف
  • التعطيش .. سلاح إسرائيلي يفاقم مأساة غزة وسط الحصار والقصف
  • حملة اعتقالات بصنعاء بعد قصف أمريكي لمنازل قيادات حوثية
  • انقلاب ملاكي داخل ترعة بالمنشاة في سوهاج.. وإصابة قائدها