رسائل الفشل الإخواني في مأساة "أولاد البطة السوداء"
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
في ختام اجتماعه مع أربعين من الهاربين في الدولة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية، اعتبر القيادي الكبير في كيانات التحالف الإرهابي المصري بالخارج، أن طلبات الحاضرين نوع من "البجاحة" وانسحب من الاجتماع متمارضًا، ورفض تحديد أي موعد لاجتماع آخر مع المغضوب عليهم المتمردين على قواعد السمع والطاعة، ولم يستمع لأصوات الاستغاثة التي كانت تؤكد أن بعضهم سوف يخرج من الاجتماع ويسقط في قبضة الشرطة ليعود إلى الحبس الذي يبدأ من أربع وعشرين ساعة وقد يمتد حبسه إلى نهاية شهر مارس 2024، وربما يصل إلى ستة أشهر، ثم الترحيل خارج حدود البلاد، لأن جوازات سفرهم المصرية انتهت وأُغلقت أمامهم أبواب الحصول على "الإقامة الإنسانية المؤقتة".
كانت رسائل الإرهابيين المصريين الهاربين تحمل بين سطورها الكثير والكثير من حكايات "أولاد البطة السوداء" أو "الكومبارس" الذين تعلقوا بأوهام جماعة "الإخوان" وحلفائها وتورطوا في جرائم التظاهر وقطع الطرق والقتل وسفك الدماء والتخريب، وظنوا أن "الجماعة الإرهابية" سوف تحفظ لهم "الجميل" بعد عودتها إلى الحكم وصدَّقوا ما كان يُقال لهم عن "الانقلاب الذي يترنح" وكانوا يشاركون في ترويج منشورات التحريض على التظاهر وقطع الطرق تحت شعارات "الحراك الثوري" المزعوم، واستيقظوا بعد عشر سنوات على أصوات إخوانية صادمة تتبرأ منهم وترفض تقديم أي مساعدة لهم وكانوا يسمعون من يقول لهم بكل صراحة ووضوح "إنتم مش تبعنا".
ظهرت الأزمات على السطح بشكل واضح في الأسبوع الأول من فبراير 2019، وارتفعت أصوات الهاربين في الدولة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية وطالبوا باتخاذ إجراءات عاجلة لحمايتهم، حتى لا يتكرر معهم ما حدث لصديقهم الإرهابي الذي تم ترحيله عقب وصوله إلى أرض المطار قادمًا من دولة أخرى، وكشف أحد الهاربين في رسالة بتاريخ 2 فبراير 2019، أن مسؤولًا في دولة الملاذ اﻵمن طلب من قيادات "الإخوان" أسماء المطلوب حمايتهم، فقدموا له قائمة تضم 60 عضوًا في الجماعة، ثم قدموا قائمة أخرى تضم 119 من التابعين، وأكد كاتب الرسالة أن أحد "الإخوان" الذين قدموا أسماءهم سأل قياديا كبيرا عن "اللى مش إخوان وغير منتمين لأي فصيل وعليهم أحكام ومطاردات"، فرد عليه بالحرف الواحد قائلًا: "مالناش علاقه بيهم.. خليك في نفسك".
تكررت أزمات الإرهابيين الهاربين المغضوب عليهم وظهرت رسائل الاستغاثة مجددًا بعد نحو عام وكتب أحد الإرهابيين قائلًا: "إذا كان الوضع مطول بالشكل ده فلازم حل!.. حل للناس اللي مش بيشتغلوا ومش لاقيين ياكلوا ومنهم ناس وصلت للانتحار فعلًا.. لازم حل للناس اللي جوازات سفرهم انتهت.. لازم حل للأطفال اللي أهلهم مش قادرين على تعليمهم.. لازم حلول بعيدًا عن سبوبة المصالح.. سبوبة اللي من الجماعة مننا واللي مش من الجماعة بنساعده لله ومش مجبرين.. وسبوبة قريبي.. وسبوبة ابن القيادة.. وسبوبة العمل الخيري.. وسبوبة رعاية المحبوسين وشئونهم واللي بيرعى المحبوسين عايش في الخارج برنس بفلوس المحبوسين".
بعد اشتعال الصراعات الإخوانية الداخلية وانقسام الجماعة الواحدة إلى أجنحة متناحرة، لجأ العشرات من أعضاء التنظيم الإخواني ومعهم "اللي مش تبعهم" إلى البحث عن حلول فردية فمنهم من لجأ إلى عصابات تهريب "الدواعش" عبر السفن التجارية، ومنهم من تمكن من الوصول إلى دول أوروبية، واختار آخرون الاختفاء داخل القرى النائية في عدد من الدول الإفريقية.
وفي الرابع والعشرين من أكتوبر 2023، كتب أحد الهاربين رسالة يطلب فيها من قيادات "الإخوان" معاملته مثل الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية. وقال: "أطالب الإخوان بمعاملتي معاملة الأسري الإسرائيليين، آكل من أكلهم وأشرب من شربهم و يجيبوا لي دكتور كل ثلاثة أيام يطمئن على حالتي الصحية.. أنا بتكلم جد مش بهزر".
وبعد تكرار وقائع حبس واحتجاز العشرات من الهاربين لمدة ثلاثة أسابيع، فشل "أولاد البطة السوداء" في الوصول إلى أبواب قيادات الأجنحة الإخوانية ولم يتمكنوا من مقابلة أي قيادي في كيانات الحلفاء بدولة الملاذ اﻵمن، وأكد أحدهم في منشور عبر "الفيسبوك" بتاريخ السابع عشر من فبراير 2024، أن الأزمات تتسع رقعتها لتشمل اﻵلاف من الهاربين. وقال: "تخيل معايا إننا آلاف ومش بنعرف نقابل قيادات التيارات والجمعيات والأحزاب في الخارج، يبقى كيف الحال لو أصبحوا مسؤولين عن 130 مليون مصري، مقدروش ينظموا نفسهم في الخارج ويحلوا مشاكلنا، وبيعارضوا"، ولجأ عدد من الهاربين إلى رسائل الانتقام وهددوا بالكشف عن أسماء المتربحين من "بيع الجنسيات الأجنبية والإقامة الإنسانية" في جناح القيادي الإخواني محمود حسين، أو في جبهة "فلول جناح إبراهيم منير".
وأخيرًا وليس آخرًا، يطالب أعضاء في جماعة "الإخوان" بتجميد الخلافات والصراعات الداخلية والالتزام بهدنة مؤقتة خلال شهر رمضان المبارك، والعمل على توصيل المساعدات الإنسانية إلى ضحايا صراعات المكاسب والمغانم في دول الملاذ اﻵمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والبحث عن حلول لبعض الأزمات الفاضحة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: من الهاربین
إقرأ أيضاً: