تتحرك الولايات المتحدة الأمريكية دائمًا لتنفيذ استراتيجياتها المشتركة مع إسرائيل، خاصة في فلسطين والعدوان على غزة، ومن ضمن هذه الاستراتيجية هي استبعاد أي دور فاعل لمصر، وتفكيك كل صلة مع أبناء فلسطين، وغزة وفق طريقتين، الأولى: مباشرة، تقوم بها إسرائيل عبر اتهام مصر، أو استبعاد أدوارها في الوساطة، أو الإخلال بأي اتفاق توقعه مع مصر بخصوص القضية الفلسطينية حتى ينتهي الأمر بعدم ثقة الفلسطينيين بالدور المصري، وهي استراتيجية إسرائيلية مكشوفة لكل من يتابع مسار الأزمة الفلسطينية مع العدوان الإسرائيلي المستمر، وفي الاتجاه الآخر تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بلعبة خداع، وهي ترويض الموقف المصري عبر مسكنات خادعة حتى لا ينتهي الأمر بصدام عسكري مصري- إسرائيلي، وفي نفس الوقت تنفذ المطالب الإسرائيلية بأكثر مما تبغي إسرائيل.
ووفقًا لـ"رصيف الوهم"، الذي أعلنه بايدن يوم الجمعة الماضي، فإن المساعدات التي كانت تتدفق على مصر باعتبارها المركز الرئيسي، والثقل العربي المجاور لغزة، ستنتقل إلى قبرص بحيث ينتهي تمامًا أي تأثير أو صلة بين مصر وأبناء غزة من ناحية، ومنح إسرائيل الصلاحيات المطلقة في تفتيش وتوزيع المواد الغذائية، وما يستتبعه ذلك من تحويل كل المواد الغذائية إلى يد العدو المجرم، وكأن خطة بايدن المزعومة جاءت لاستبعاد الدور المصري من ناحية، والقضاء على الأصوات العالمية المتصاعدة بضرورة إنقاذ شعب غزة، وإدخال المساعدات بالتدخل الدولي من ناحية أخرى.
وكعادته منذ اللحظة الأولى لقيادة العدوان على غزة، يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يخدع العالم، ويدعى أنه سيقوم بفتح ممر بحري، لتقديم المساعدات الإنسانية لأبناء غزة. وقال بايدن في خطاب "حالة الاتحاد"، الذي ألقاه الجمعة الماضي، إنه أمر الجيش الأمريكي بإنشاء رصيف بحري على شواطئ غزة، لإيصال المساعدات للمنكوبين في القطاع.
والمضحك المبكي في هذه المقولة، أن الرئيس الأمريكي بإدارته لمجالس الحرب التي حضرها في تل أبيب، وبمائة صفقة أسلحة معظمها محرم دوليًا لإسرائيل، وبمنع مجلس الأمن من إدانة إسرائيل هو من قتل الـ 30 ألف مدني، وأصاب أكثر من 70 ألفًا، ولكن لأن العجوز الصهيوني يسخر من أمتنا، ومن تاريخنا ومن عقولنا، فهو الذي قتل وذبح ويعود اليوم، ليقول إنه سيقدم للمرضى والجوعى فتات طعام من ممر بحري، هو في الأصل اختراع إسرائيلي تبناه بايدن، وزعم أنه صاحب الفكرة، وصاحب الرحمة، ورجل الإنسانية، الذي جاء ينقذ شعبنا في غزة من الجوع. ويمكن تلخيص ما جاء في خطاب بايدن بخصوص غزة في الآتي:
• إنه يعمل على التوصل لهدنة في غزة ستستمر 6 أسابيع.
• وصف الوضع الإنساني في غزة بالمفجع وأكد وفاة أكثر من 30 ألف فلسطيني، بما في ذلك آلاف النساء والأطفال.
• طالب قادة إسرائيل بعدم عرقلة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين لأغراض سياسية.
• أعلن عن قيادة الجيش الأمريكي لمهمة طارئة لإنشاء رصيف بحري في غزة لاستقبال المساعدات الإنسانية.
• أكد أنه لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض، وأن الرصيف البحري سيساعد في زيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ووفقًا للصحف الأمريكية، فإن خطة بايدن ستكون في موضع التنفيذ بعد 60 يومًا، وإن إسرائيل هي من ستقوم بالإشراف على المواد الغذائية في ميناء لارانكا بقبرص، وستقوم بتوزيعها أيضًا في غزة، وأن إسرائيل أعلنت موافقتها على الخطة، وكل هذا يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفذ خطط إسرائيل، وتدعي على لسان رئيسها أنها هي من ستقوم بإغاثة الفلسطينيين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل يستغل "داعش" إغلاق وكالة المساعدات الأمريكية؟
يحذر خبراء مكافحة الإرهاب من أن إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد يؤدي إلى تأجيج الإرهاب، حيث سيؤدي قطع المساعدات الأمريكية إلى تضرر مناطق عديدة حول العالم، وهو الأمر الذي سيستغله تنظيم داعش الإرهابي في تجنيد أعضاء جدد، حسب ما أفاد المحرر السياسي شين كراوتشر في مجلة "نيوزويك".
إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية سيؤدي إلى تأجيج المظالم حول العالم
وقال الكاتب في تقرير للمجلة الأمريكية من لندن إن "وزارة كفاءة الحكومة التي يقودها إيلون ماسك نسفت وكالة المساعدات الخارجية الأمريكية، حيث فصلت جميع موظفيها تقريباً وحرمت آخرين من الوصول إلى أصولها".
وكلف الرئيس دونالد ترامب وزارة كفاءة الحكومة الجديدة بمعالجة الهدر والاحتيال في الإنفاق الفيدرالي، وهي الصفات التي رآها ماسك متوطنة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وجاء في ورقة حقائق أصدرها البيت الأبيض عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: "كانت الوكالة غير مسؤولة أمام دافعي الضرائب لعقود من الزمان، حيث كانت تحول مبالغ ضخمة من المال إلى مشاريع سخيفة، وفي كثير من الحالات خبيثة، لصالح بيروقراطيين راسخين، دون أي إشراف يذكر".
كما ذكرت الورقة أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أنفقت "مئات الآلاف من الدولارات لصالح منظمة غير ربحية مرتبطة بمنظمات إرهابية محددة".
It's been 24 hours and @elonmusk has already reduced USAID—among the most suicidally wasteful agencies ever conceived—to a HUSK of its bloated former self. And thanks to the DOJ's @EagleEdMartin, DOGE has the full backing of US Marshals to do its job
READ @DailyCaller ⬇️ pic.twitter.com/VFs8cdxgPp
وتستمر التداعيات المترتبة على محاولة وزارة العدل إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مع وجود عدد من الدعاوى القضائية التي تشق طريقها عبر النظام القضائي. لكن إحدى العواقب المحتملة الأكثر أهمية قد تنعكس في صورة انطلاق الإرهاب. وأرسلت مجلة "نيوزويك" بريداً إلكترونياً إلى المكتب الصحافي للبيت الأبيض للتعليق.
وسألت "نيوزويك" خبراء عن الرابط بين إلغاء مساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وبين جهود مكافحة الإرهاب، وما النتيجة المحتملة لخفض برامج المساعدات في المناطق المضطربة في إفريقيا والشرق الأوسط.
يقول الخبير ريتشارد بيتس، أستاذ في معهد سالتزمان لدراسات الحرب والسلام، إن تخفيض المساعدات في برامج الصحة والغذاء التي ستنتهي إلى فقدان أرواح ستثير حفيظة السكان المتضررين وستستغل ذلك الجماعات المعادية لأمريكا في الدعاية. وأقل تأثير سلبي لذلك الخطر سيتمثل في تعزيز تجنيد المتطوعين من قبل المنظمات الإرهابية.
Could the shuttering of USAID end up fueling terrorism? Experts on counterterrorism say it's possible.
https://t.co/wxVeRfcKGB
من جانبه، قال جيمس فورست، أستاذ ومدير الدراسات الأمنية في كلية علم الجريمة ودراسات العدالة في جامعة ماساتشوستس لويل، إن مكافحة الإرهاب الذي ينشأ في بلدان أجنبية يكون أكثر نجاحاً عندما يكون الناس في تلك البلدان على استعداد لمشاركة المعلومات الاستخباراتية، ومراقبة السلوكيات المشبوهة والإبلاغ عنها للسلطات، ومعالجة الأسباب الجذرية للتطرف العنيف.
وتابع "عندما نغض الطرف عن احتياجات هؤلاء الناس ونرفض الاستثمار في أنواع بناء العلاقات الطويلة الأجل التي تيسرها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بانتظام، فإننا نخاطر بفقدان تعاونهم في جهودنا لمكافحة الإرهاب".
وستستغل الجماعات الموالية لتنظيم "داعش" هذه التداعيات، حيث ستتفشى الأسباب الجذرية للتطرف العنيف، ومنها الفقر والافتقار الواسع النطاق إلى العدالة والمساءلة، خاصة في مناطق الصراع وبين اللاجئين والنازحين داخلياً.
وفي حين قد ترى إدارة ترامب أن زيادة الإرهاب من غرب إفريقيا إلى جنوب شرق آسيا هي مشكلة بعيدة ولا تخصها، فسيكون من الحكمة لفريق مكافحة الإرهاب الذي عيّنه الرئيس أن يذكّره بأن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) كانت من تخطيط مجموعة صغيرة من المتطرفين الذين تمتعوا بملاذ آمن في أفغانستان على الجانب الآخر من العالم.
واختتم الكاتب تقريره بالقول: "في عالم العولمة الذي يتميز بحدود مرنة وترابط عابر للحدود الوطنية، لا يظل أي تهديد محلي مقيداً لفترة طويلة حتى يمتد إلى البلدان الأخرى".