السودان.. معارك عنيفة قبل يوم من “الهدنة المنتظرة”
تاريخ النشر: 10th, March 2024 GMT
الفاشر - سكاي نيوز عرببة
تجددت، الأحد، الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الفاشر عاصمة إقليم دارفور بغرب البلاد، وحول مدينة سنار في الوسط، وذلك قبل يوم واحد من الموعد المحدد للهدنة التي دعا لها مجلس الأمن الدولي الجمعة بمناسبة شهر رمضان، والتي تتزايد الشكوك حول إمكانية تنفيذها في ظل الشروط التي وضعها الجيش السوداني.
وأفادت مصادر طبية بمقتل وإصابة أكثر من 30 شخصا في أحدث سلسلة من المعارك في الفاشر، التي تعتبر إحدى المدن القليلة في إقليم دارفور، التي لا يزال للجيش وجود فيها.
وتخضع نحو 90 في المئة من مناطق إقليم دارفور لسيطرة قوات الدعم السريع، في حين يحتفظ الجيش بوجود نسبي في الفاشر عاصمة الإقليم، الذي تبلغ مساحته 493 ألف كيلومتر مربع ويقطنه نحو 6 ملايين نسمة، ويربط حدود السودان بكل من ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى.
وتشير تقارير إلى ارتفاع عدد القتلى في مختلف مناطق الإقليم إلى أكثر من 7 آلاف منذ اندلاع الحرب في أبريل، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، ونزوح أكثر من 4 ملايين شخص إلى دولة تشاد المجاورة وعدد من المناطق الداخلية في الإقليم.
ويتعقد الموقف العملياتي في دارفور بشكل كبير في ظل انتشار أكثر من 87 حركة ونشوب خلافات حادة حول الموقف من الحرب الحالية، حيث ترفض الحركات المنضوية تحت مظلة الجبهة الثورية الموقعة على اتفاق السلام، ما أعلنته حركات أخرى مثل حركتي جبريل إبراهيم وزير المالية الحالي ومني أركي مناوي حاكم إقليم دارفور بالاصطفاف إلى جانب الجيش.
وتحمل الجبهة الثورية الحركات التي تخلت عن الحياد مسؤولية تعقيد الأزمة الحالية في دارفور.
وقال رئيس الجبهة الهادي ادريس لموقع "سكاي نيوز عربية" إن تخلي بعض الحركات عن موقف الحياد واصطفافها إلى جانب أحد طرفي النزاع أدى إلى تعقيد أزمة الإقليم.
وفي وسط البلاد، دارت معارك قوية أيضا حول عدد من القرى والمناطق المحيطة بسنار، التي تبعد نحو 110 كيلومترات إلى الجنوب من مدينة مدني، مما أدى إلى سقوط 6 قتلى وعدد من الجرحى، وسط تقارير عن موجة نزوح كبيرة من المناطق التي تتعرض لقصف جوي متواصل لليوم الرابع على التوالي.
شكوك حول الهدنة
تأتي هذه التطورات الميدانية في ظل تزايد المخاوف من فشل الهدنة التي دعا لها مجلس الأمن الدولي والتي يفترض ان تبدأ الإثنين تزامنا مع بدء شهر رمضان.
وأكد ياسر العطا مساعد قائد الجيش على الشروط التي وضعتها وزارة الخارجية السودانية، حيث طالب قوات الدعم السريع بالخروج من جميع المناطق التي تسيطر عليها في العاصمة الخرطوم وإقليمي دارفور وكردفان إضافة إلى ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض في وسط البلاد.
دور "إيغاد" في الأزمة السودانية يعود مجددا إلى الواجهة
وكثفت صفحات إعلامية موالية للجيش من الرسائل الداعية لعدم الالتزام بدعوة وقف إطلاق النار، فيما قالت قوات الدعم السريع إنها ترحب بالدعوة، معبرة عن أملها في أن تسهم في تخفيف معاناة السودانيين من خلال إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل حركة المدنيين فضلا عن استغلالها في بدء مشاورات جادة نحو بدء العملية السياسية، التي تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
تحركات أميركية
وقالت الخارجية الأميركية إن المبعوث الخاص الجديد إلى السودان توم بيريللو سيبدأ الثلاثاء جولة للالتقاء بشركاء الولايات المتحدة في إفريقيا والشرق الأوسط، من أجل بحث توحيد الجهود الرامية لإنهاء الحرب السودانية، التي تتفاقم تداعياتها بشكل كبير، حيث أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص وتشريد نحو 10 ملايين وهددت الأمن الغذائي لأكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة.
ومن المتوقع أن تشمل جولة المبعوث الأميركي كل من أوغندا وإثيوبيا، وجيبوتي وكينيا ومصر والسعودية ودولة الإمارات. وسيلتقي بيريللو خلال الجولة مع عدد من ممثلي المجتمع المدني ولجان المقاومة والطوارئ ومجموعات نسوية وشبابية.
وطالبت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي بفعل المزيد من أجل إنهاء معاناة السودانيين. وقالت ممثلة الولايات المتحدة السفيرة ليندا توماس غرينفيلد: "لقد دعوت مجلس الأمن مرارا وتكرارا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الصراع الوحشي في السودان، ومن المهم أن يتحدث المجلس لإدانة أعمال العنف، والمطالبة بوقف إطلاق النار، ودعوة الأطراف إلى ضمان توفير المساعدات الإنسانية الضرورية".
///////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: إقلیم دارفور مجلس الأمن أکثر من عدد من
إقرأ أيضاً:
عبد العزيز عشر: عودة الظهور وأبعاد سياسية في مشهد الصراع السوداني
زهير عثمان
عبد العزيز عشر، كأحد القادة العسكريين البارزين في حركة العدل والمساواة ومن أبناء دارفور، يعود اسمه للظهور الإعلامي حاليًا لعدة أسباب قد ترتبط بالظروف السياسية الراهنة والأهداف الاستراتيجية لبعض الأطراف، والتي قد تسعى إما لتغيير أو إعادة ترتيب المواقف والتحالفات السياسية في السودان. إليك بعض العوامل التي قد تفسر هذا الظهور الإعلامي المتجدد:
الصراع الحالي والتوازنات السياسية السودان يمر بمرحلة معقدة من الصراع العسكري والسياسي، خاصة مع تفاقم النزاع بين الجيش والدعم السريع. في مثل هذه الأوضاع، تظهر الحاجة إلى استقطاب قادة مؤثرين من الأطراف المختلفة، سواء لدور الوساطة، أو لتكوين جبهات سياسية وعسكرية جديدة. وكون عبد العزيز عشر من القادة العسكريين المؤثرين في دارفور، فإن ظهوره قد يكون جزءًا من جهود إعادة ترتيب التوازنات في دارفور بشكل يخدم أجندات معينة.
التحشيد الشعبي والسيطرة على الرأي العام و من المحتمل أن هناك محاولات لاستمالة دعم أبناء دارفور الذين شهدوا معاناة من الحروب والصراعات، وعبد العزيز عشر كرمز يعرفه كثيرون في الإقليم، ربما يتم إبرازه للتأكيد على تمثيل أبناء دارفور أو لإبراز رسائل توحي بوجود دعم واسع النطاق لأي من الأطراف.
إعادة كتابة السرديات و بعد تهميش تاريخي واتهامات بارتكاب انتهاكات خلال النزاعات السابقة، قد يكون جزء من هذا الظهور محاولة لتقديم القادة السابقين بصورة جديدة تتناسب مع الوضع الحالي، أو ربما للتخفيف من انتقادات الجمهور عبر إبرازهم كأبطال لمظالم تاريخية يتعاطف معها الرأي العام.
إظهار المصالحة أو تقديم بدائل للقوى الحالية: ظهوره الآن يمكن أن يكون جزءًا من جهود تقديم عبد العزيز عشر كشخصية "واقعية" تبحث عن الحلول، وهذا قد يشير إلى تحركات من أطراف ترغب في تقديم بدائل للقوى الحالية، ربما لخلق جبهة جديدة أو تحالفات تسعى لإحلاله بديلاً عن بعض القيادات الموجودة على الأرض.
حملة إعلامية موجهة: قد تكون هناك حملة إعلامية مقصودة لإعادة إحياء رموز بعينها لتوجيه رسائل سياسية معينة، سواء كانت بهدف تخويف الأطراف المتصارعة أو لإيصال رسائل توحي بوجود قوة جاهزة لاستعادة السيطرة في حال عدم استقرار الأوضاع. في ظل غياب الإعلام المحايد، من المحتمل أن وسائل الإعلام تُستخدم كأداة للترويج والدعاية لكسب الدعم الشعبي أو لتحذير قوى معينة.
هذه هي بعض الأسباب التي قد تفسر لماذا يعود عبد العزيز عشر للواجهة في الإعلام الآن، فالأوضاع المعقدة في السودان تجذب باستمرار رموزاً سياسية وعسكرية قديمة وحديثة، مما يجعل هذا الظهور الإعلامي جزءاً من لعبة سياسية أكبر وأهداف قد تتجاوز الساحة السودانية المحلية.
هناك عدد من القبائل الدارفورية التي دفعت بتهم لجرائم حرب وإبادة جماعية ورفعت دعاوى لدى المحكمة الجنائية الدولية ضد قادة بعض الفصائل المسلحة، وعبد العزيز عشر قد يكون معنيًا بهذا الملف تحديدًا نظرًا لتورطه أو اتهامه في جرائم معينة أثناء النزاع في دارفور.
مع وجود هذه التهم، قد يسعى عبد العزيز عشر لاستغلال موارده المالية والسياسية للتأثير على مجريات هذه القضايا أو للتوصل إلى تسويات مع زعماء القبائل المعنية للحد من المطالبات القانونية أو لتخفيف الضغط عليه وعلى حركته السابقة. يُعتقد أن هذا الجهد قد يكون جزءًا من محاولاته للتأثير على الدعاوى عبر تقديم الدعم المالي للمتضررين أو عبر قنوات سياسية في إطار السعي لطي هذه الصفحة القانونية التي تهدد مكانته.
يظهر عبد العزيز عشر كجزء من تحولات سياسية عميقة في السودان، حيث يسعى لفرض نفسه كرمز يتمتع بنفوذ قديم وجديد، وهو ما قد يشير إلى إعادة تشكيل مشهد دارفور في مواجهة قوى سياسية وعسكرية متجددة
تزايد حضور عبد العزيز عشر في المشهد الإعلامي يبدو كاستراتيجية من بعض الأطراف لتعزيز شخصيات قديمة تحظى بقبول جزئي في مواجهة القيادات الحالية، التي تعاني من تراكمات عديدة تشمل سجل الفساد ومشكلات مستمرة مع المكونات القبلية في دارفور وشرق السودان. بالإضافة إلى انحيازها إلى الانقلاب العسكري ومشاركتها في السلطة، ما تسبب في اهتزاز الثقة الشعبية بقدرتها على القيادة الوطنية.
إن الظهور الإعلامي المتجدد له في هذا السياق قد يعكس جهوده لإعادة تشكيل صورته أمام المجتمع الدارفوري المحلي وكذلك في الأوساط الدولية، مما قد يسهم في تحسين موقفه ضمن أي مفاوضات تتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية.
zuhair.osman@aol.com